المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنصرون واليهود


نسر الشام
04-14-2018, 01:20 AM
المنصرون واليهود


"وليم بيل روبنسون" يناهز الخمسين عامًا، افتتح مركزًا لرعاية الأطفال المعوقين فكريًّا بقرية راشيا الفخار في منطقة "الحزام الأمني" منذ عام 1404هـ/ 1984م في جنوب لبنان.

هذا العمل يُعَدُّ عند البعض من الأعمال "الإنسانية" التي يقوم بها أفراد قد يكونون أجانب على المنطقة التي يقومون فيها بإنشاء مراكز الرعاية، والرجل أمريكي عاش في لبنان فترة غير وجيزة، وكان يعمل قبل ذلك في مشاة البحرية الأمريكية.

روبنسون كان منصرًا، استغل - مثل غيره - الحرب الأهلية الطاحنة في لبنان، وقيام المشكلة في جنوب لبنان لينفذ رسالة أخذها على عاتقه، وهي محاولة تنصير أبناء المنطقة من غير النصارى، وهذا أسلوب قائم ومستمر ومنتشر في كثير من البلاد، ولا غرابة في هذا؛فقد تعود عليه الأهلون، وتعودوا على المراكز التي تقدم أطيب الخدمات التعليمية والتدريبية والعلاجية والصحية والفلاحية وخدمات الإغاثة، وهذه من الوسائل المعتمدة في التنصير الذي يسميه البعض بالتنصير المختفي.

والغرابة هنا عند بعض الناس أن يعمِد "روبنسون" المنصر إلى القيام بمشروع توطين لليهود في جنوب لبنان، وهو متهم بمحاولة الاستيلاء على غابة من الصنوبر ليقيم عليها مائتي بيت لليهود، وفي جنوب لبنان، حيث لا يجرؤ اليهود على هذا خارج "الحدود" الواضحة لهم، والغرابة هي أن هذا الأسلوب من "روبنسون" يؤيد ما يذهب إليه بعض المتابعين لأهداف حملات التنصير من أن أهدافهم الرئيسية تأييد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين العربية المسلمة.

النزاع القديم:
والغرابة ناتجة من النزاع المختلف بين النصرانية واليهودية منذ الزعم بصلب المسيح عليه السلام، وأنه صلب بأيد يهودية، وقد برأت الكنيسة الكاثوليكية اليهود من صلب المسيح عليه السلام هذا الصلب المزعوم في مفهومنا نحن المسلمين، ومع هذا التبرئة إلا أن جزءًا غير يسير من النصارى اليوم لا يزالون يظنون أن المسيح قد صلب، وأن اليهود هم الذين ضيقوا عليه عليه السلام حتى صلبوه، ويصعب على هذه الفئة من النصارى أن تبرئ اليهود من هذا، وأقرب شاهد على هذا موقف النصارى العرب في الشام عمومًا، وعدم موافقتهم لقرار الكنيسة الكاثوليكية في هذا الشأن، خصوصًا أن معظم النصارى العرب في الشام من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية التي لا تتفق مع الكاثوليكية في أصول الديانة النصرانية، ناهيك عن فروعها، وعليه - ودون سابق علم - لا أستغرب أن يكون لبعض النصارى العرب أثر فعال فيما حصل للمنصر "وليم بيل روبنسون"، حيث قتل يوم الثلاثاء - ليلة الأربعاء الماضي 1/ 9/ 1410هـ الموافق 27/ 3/ 1990م بعد تحذيرات وتنبيهات لخطر هذا المنصر الذي تجاوز حد التنصير المعتاد في المنطقة إلى إقامة مستوطنة لليهود في جنوب لبنان، خصوصًا أن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية أعلنت أن وحدة "لولا عبود" هي التي باشرت عملية إعدام المنصر "روبنسون"، ويوحي الخبر بأن الرجل قد حكم عليه بالإعدام؛ ولذا لم يقل: إن الوحدة باشرت عملية الاغتيال.

ونحن ندرك الصراع التقليدي بين النصرانية واليهودية، والقرآن الكريم يؤكد على هذا في سورة البقرة، حيث تقول الآية (113): ï´؟ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ï´¾ [البقرة: 113].

تنصير اليهود:
وما دام هذا الموقف قائمًا بين اليهود والنصارى، فكيف يمكن أن يقال: إن من أهداف التنصير في المنطقة العربية والإسلامية ترسيخ قيام وطن قومي لليهود في فلسطين؟! والإجابة على هذا السؤال تعيدنا إلى ما قبل سنة 67م، عندما تدخل "بولس" القديس في الديانة النصرانية وكتب رسائله في العهد الجديد، وهو من مواليد طرسوس، واسمه الأصلي "شاؤل"! درس في القدس، ونشأ نشأة يهودية متحمسًا لوطنه! وكلف من قبل رئيس الكنيسة بالذهاب إلى دمشق لمقاومة النصرانية سنة 35م، وكان من أبرز من اضطهدوا النصارى في عصره، وزعم أنه رأى نورًا ساطعًا يناديه باسمه "شاؤل" ويسأله عن سبب اضطهاده، فسأل "شاؤل" الصوت: من أنت؟ فأجابه الصوت: أنا يسوع الذي تضطهده! فانصرف إلى دمشق ونزل مع النصارى وانخرط في سلكهم، وأصبح أنشط المنصرين في القرون الأولى، وسمى نفسه "بولس"، فثار اليهود ضده وقبضوا عليه في القدس سنة 57م، ثم قبض عليه بعد تبرئته، وسيق إلى روما حيث أعدم صلبًا.

"بولس القديس" هو الانطلاقة - ومن خلال رسائله - لترسيخ النصرانية في اليهودية، فالظاهرة التي استمر عليها"وليم بيل روبنسون" ليست فقط وليدة قيام دولة لليهود في فلسطين المحتلة منذ سنة 1369هـ/ 1984م، ولكنها تعود إلى قبل هذا التاريخ بتسعة عشر قرنًا من الزمان أو تزيد.

وفي سبيل تحقيق هذا التلاحم يلجأ اليهود إلى التنصر قصدًا إلى إدخال الخلل - أو مزيد من الخلل - في العقيدة النصرانية، مع وجود القابلية لهذا الخلل، ليس فقط لترسيخ العلاقة، وإنما لطمس معالم النصرانية الحقة قصدًا في النهاية إلى السيطرة اليهودية على العقيدة النصرانية، بحيث تصبح النصرانية صورة شائهة لليهود، وليس بالضرورة أن يعود النصارى إلى اليهود؛ لأن اليهودية لا تقبل من أحدٍ أن "يتهود" ما لم تكن أمه يهودية الأصل، ولكن اليهودية تقبل أن يتبنى أفكارها الآخرون، وإن بقوا على خلفيتهم الدينية المذهبية، بل هي تسعى إلى هذا سعيًا واضحًا من خلال رفضها لليهود المتهودين، كما يحصل الآن ليهود "الفلاشا" الذي جيء بهم ليكونوا لحمًا للمدافع على الحدود مع البلاد العربية.

ولعل هذه العودة تبرر قيام هذا المنصر "روبنسون" بالأخذ على عاتقه إقامة مستوطنة لليهود في جنوب لبنان، الأمر الذي لا يتمكن منه اليهود أنفسهم، ولعل هذه العودة تبرر الرأي القائل أيضًا: إن حملات التنصير تنطلق من "تل أبيب" إلى إفريقيا وآسيا، وإن هناك في مدن فلسطين المحتلة مراكز للتنصير لا تعمل داخل فلسطين المحتلة بقدر ما هي مراكز تموين وتمويل للحركات والحملات التنصيرية خارج فلسطين، كما احتضنت دولة اليهود الفرق الأخرى؛ كالبهائية والبابية والقاديانية وغيرها، مما يساعد على محاولة تحقيق أهداف التنصير في العالم الإسلامي، التي تركزت منذ مؤتمر القدس التنصيري سنة 1356هـ/ 1935م في إخراج المسلمين عن الإسلام، وبذر الاضطراب العقدي بين المسلمين الذين يصرون على التمسك بدينهم، وكان هذا منطق كبير المنصرين في المنطقة "صاموئيل (السمؤءل) زويمر" الذي يعود هو نفسه إلى أصل يهودي، حيث يذكر "عبدالله التل" في (جذور البلاء) أنه عندما كان يحتضر سنة 1373هـ/ 1952م استدعى حاخامًا يهوديًّا لعله أراد منه أن يلقنه صلوات يهودية قبل أن يموت (ص228)، ويذكر "عبدالله التل" في الكتاب نفسه قوله عندما ذكر خلفية المنصر "زويمر": "وقد أخبرني راهب من أصدقائي أيام معركة القدس أن الكنيسة تحتفظ بهذا السر المذهل، ولا تبوح به، حتى لا تنكشف حيل اليهود الذين يتظاهرون باعتناق النصرانية، وحتى لا يظهر إخفاق جمعيات (التبشير) التي تبذل الملايين عبثًا، وتنخدع بمكر اليهود وخططهم الخبيثة لبث الفتن والبغضاء بين الإسلام والمسيحية"، جاء هذا على لسان راهب يوجه كلامه إلى مفكر مسلم في محاولة للتقريب بين النصرانية والإسلام.

دافع للتنصير:
وهذا النقاش لا يسعى إلى تبرئة النصارى من محاولات التنصير بين المسلمين، فالقوم يعملون هذا لدوافع، منها الدافع الإيماني لديهم الذي يملي عليهم أن ما هم عليه حق، وما عليه الآخرون من الباطل، ولكن النقاش سعى إلى توضيح الادعاء الذي انطلق منه، وهو أن هناك تلاحمًا بين النصرانية واليهودية في المجتمع المسلم، وأن هذا التلاحم مقصور على المجتمع المسلم، وليس وليد العقود الوسطى من القرن العشرين الميلادي أو القرن الذي سبقه.

وإذا ثبتت هذه العلاقة القديمة فهل يؤثر هذا على نظرة المسلمين للتنصير؟!ليس هذا بالضرورة، فالمسلمون يرفضون التنصير مبدأ ومنطلقًا، ولكن ثبوت العلاقة قد يدعو المسلمين إلى السعي الجاد نحو تبيان العلاقة لأولئك الذين ينخرطون في حملات التنصير بدوافع إيمانية وهم لا يدركون كنه العلاقة، وعندما يدركونها على أيدي المسلمين فلا شك أن هذا سيكون خطوة أولى نحو تحول هذه الفئة من المنصرين إلى الإسلام، ولدي نموذج حي يؤيد ما أذهب إليه.
فقد أسلم منصر وأصبح داعية للإسلام عندما تبين له الحق.

مدى الوعي:
والتركيز على ثبوت العلاقة سوف يكشف للمنصرين واليهود على حد سواء مدى الوعي الذي وصل إليه المسلمون في التعامل مع الحملات التنصيرية ذات الوسائل المختفية، وإذا صحب هذا الوعي حملات دعوة إلى الله صريحة تحمل معها الكساء والغذاء والقلم والكتاب والدواء والمنجل أمكن عندها مواصلة التهديد الإسلامي لحملات التنصير في إفريقيا وآسيا وأوروبا، وهذا ما أعلن عنه بعض المنصرين في إفريقيا حينما دعوا إلى تكثيف الحملات قصدًا إلى التغلب على الجهود المحدودة للإغاثة والدعوة، وما دام المسلمون يملكون الحق - كتابهم - في أيمانهم، ويملكون الوسائل الأخرى في شمائلهم، فلِمَ لا ينطلقون بها يشعون النور في عالم من الظلمات؟! فيبينون بطلان الوسائل الأخرى ويحاولون القضاء على هذا التلاحم اليهودي التنصيري الذي بات يتحول إلى تحقيق أطماع اليهود في العالم قبل أن يحقق أطماع النصرانية التي لم يعد لها مع هذا التلاحم أطماع ذاتية.

ولعله في الأخير لا يفهم من هذا النقاش الموافقة على مضمون الخبر الذي أثار هذه الوقفة، فالاغتيال ليس في شريعتنا، والدعوة إلى الله بوضوح أفضل وسيلة نصل بها إلى أنفسنا لنصل بعدها إلى الآخرين، لا نريد من وراء هذا كله مطمعًا ماديًّا، أو زيادة في مساحة الأرض، ولكننا نسعى إلى أن نلقى الله وهو عنا راضٍ، فمرحى لمن جعلوا هذه الغاية هي الموجهة لمنطلقاتهم، ومرحى لمن يقفون وراءهم يتغلبون معهم على العقبات التي تواجههم ويرعونهم، وكان الله في عون الجميع.

Bana almeshal
04-14-2018, 01:22 AM
مقتطف جميل
تسلم أيدك ع الطرح المميز
لاعدمنـآك ,...
جوريه تعانق قلبك
,

*,
:239:

غـُـلايےّ
04-14-2018, 02:05 AM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

ترف
04-14-2018, 02:11 AM
تسلم الأيادي على الطرح ’
تحية عطرة لِـ روحك النقية
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
لك أشهى الود و أجزلْ الشكرْ.,

محمود
04-14-2018, 02:30 AM
سَلِمتْ أكُفَ السَخاء
التيِ سَكَبتْ الـإبَداع
متصفح موشوم بالجمال
انتقاء اكثر من رائع
الله يعطيك العافيه

عشـق
04-14-2018, 02:52 AM
أختيار جميل جدا
سَلمت على هذهِ الأطروحه الأنيقه
دوام التالق والابداع
تحياتي لك

تمرد
04-14-2018, 03:15 AM
سّلِمتِ يًدِآكْ
عّلِى جميًلِ طرٍحكْ وَحسّن ذآئقتِكْ
يًعّطيًكْ رٍبيً ألِف عّآفيًه
بإنتِظآرٍ جدِيًدِكْ بكْلِ شوَق
لِكْ منيً جزيًلِ آلِشكْرٍ وَآلِتِقدِيًرٍ
موَدِتِيً

ساعي البريد
04-22-2018, 11:43 AM
.
.
.







أشكرك على طرحّك ,
يعطيك الف عافيه علىْ مجهودك ..و عسـآك عالقوة يـارب ,
تحيّتي لـكhttp://www.7ophamsa.com/vb/images/smilies/n2016/er-12.png

❞ ضَيٍ آلقُمَر ✦•
04-23-2018, 04:31 AM
_
انتقاء رائع ومتفّرد
وعطاء بآذخ لامس سماء الابدآع
دمتِ ي طٌهر .،:20::31:

صاحبة السمو
04-23-2018, 11:33 AM
طرح رائع
ومفعم بالجمال والرقي
يعطيك العافيه على هذا الطرح
وسلمت اناملك المتألقه لروعة ما جادت به
تقديري لك
دمت بسعادة :34:

لذة مطر ..!
06-26-2018, 02:43 PM
سلمت يديك ع انتقائك ..
يعطيك العافيه ..:34:

أبو علياء
06-26-2018, 04:36 PM
يعطيكم العافية لروعة ما طرحتم ،،
تولد الابتسامه بكم عند دفئ حضوركم المميز
تعطرت زوايا المنتدى بكل ما تقدموه
من جديد ومفيد ... تقدير يليق بكم
ودي وعبق وردي

دلوعة عشق
06-23-2019, 05:21 PM
يعطيك العافيه على ما جدت به
وتسلم الايادي على روعة الطرح
دمت متألق ودآم الإبداع منهجا لك
لاحرمنا روعة عطاك
لروحك أطيب التحايا

Şøķåŕą
07-08-2022, 08:25 AM
سلمت الايادي
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

AJFAN
09-24-2023, 09:32 PM
شكرى وإمتنانى لروعه طرحك

Şøķåŕą
09-27-2023, 07:20 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير