نسر الشام
04-19-2018, 08:02 AM
بناء فعل الأمر
فعل الأمر مبني دائمًا، وهو إما أن يُبنى على: حذف النون، حذف حرف العلة، الفتح، السكون.
أولًا: بناء الفعل الأمر على حذف النون:
يُبنى الفعل الأمر على حذف النون إذا اتصل به واحد من ضمائر ثلاثة؛ هي:
1- ألف الاثنين؛ نحو الفعلين: (اذهبا، وقولا) في قوله تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ [طه: 43، 44]، فإن هذين الفعلين فِعلا أمرٍ، وقد اتصل بهما ألف الاثنين؛ ولذلك بُنِيَا على حذف النون؛ لأن أصلهما: اذهبان، وقُولان، بثبوت النون، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بألف الاثنين، وألفُ الاثنين ضمير مبني على السكون، في محل رفع، فاعل.
2- واو الجماعة؛ نحو الفعلين: (ارجعوا، قولوا) في قوله عز وجل: ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ﴾ [يوسف: 81]، فإن كلًّا من الفعلين (ارجعوا، وقولوا) قد اتصل به واو الجماعة، وهما فعلا أمرٍ؛ ولذلك بُنِيَا على حذف النون؛ لأن أصلهما: (ارجعون، قُولون)، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بواو الجماعة، وواوُ الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع فاعل.
3- ياء المخاطبة المؤنثة؛ نحو الأفعال: (اقنُتي، اسجدي، اركعي) في قوله سبحانه: ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]، فإن هذه الأفعال الثلاثة أفعال أمرٍ، وقد اتصل بها ياء المخاطبة المؤنَّثة؛ ولذلك فهي مبنيَّةٌ على حذف النون؛ لأن أصلها: (اقنتين، اسجدين، اركعين)، ويقال في إعرابها: فعل أمر، مبني على حذف النون؛ لاتصاله بياء المخاطبة المؤنثة، والياء: ضمير مبني على السكون، في محل رفع، فاعل.
ثانيًا: بناء الفعل الأمر على حذف حرف العلة:
يُبنَى الفعل الأمر على حذف حرف العلة، إذا كان آخره حرف علة؛ سواء كان هذا الحرف:
الألف؛ نحو الفعل (انهَ) في قوله تعالى: ﴿ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [لقمان: 17]، والفعل (ارضَ) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((وارضَ بما قسَم الله لك تكُنْ أغنى الناس))، فإن الفعلين (انهَ، ارضَ) كل منهما فعل أمر، وهما مبنيانِ على حذف حرف العلة (الألف)؛ لأن أصلهما: (انهى، وارضى)، بالألف، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الألف)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أم الواو؛ نحو الفعل (اعفُ) في قوله سبحانه: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13]، والفعل (ادعُ) في قوله عز وجل: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125]، فإن كلًّا من الفعلين: (اعفُ، وادعُ) فعل أمر، وهما مبنيان على حذف حرف العلة (الواو)؛ لأن أصلهما: (فاعفو، ادعو)، بالواو، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الواو)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أم الياء؛ نحو الفعل (فأوفِ) في قوله عز وجل: ﴿ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ﴾ [يوسف: 88]، والفعل (فأَسْرِ) في قوله سبحانه: ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هود: 81]، فإن كلًّا من هذين الفعلين فعل أمر، وهما مبنيان على حذف حرف العلة (الياء)؛ لأن أصلهما: (فأوفي، فأسري)، بالياء، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الياء)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
ثالثًا: بناء الفعل الأمر على الفتح:
يُبنى الفعل الأمر على الفتح إذا اتصل به نون التوكيد، سواء في ذلك:
نون التوكيد الخفيفة؛ نحو: اضربَنْ.
أم نون التوكيد الثقيلة؛ نحو: اضربَنَّ.
وإعراب هذين الفعلين يكون هكذا: فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: (أنت)، ونون التوكيد: حرف مبني على السكون، أو الفتح (حسب نوع النون)، لا محل له من الإعراب.
رابعًا: بناء الفعل الأمر على السكون:
يُبنى الفعل الأمر على السكون، إذا كان:
صحيح الآخر، ولم يتصل بآخره شيء؛ نحو الفعلين: (خذ، واضرب) في قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾ [ص: 44]، فإن كلًّا من الفعلين (اضرب، وخذ) فِعلَا أمر، وهما صحيحَا الآخر، ولم يتصل بآخرهما شي؛، ولذلك بُنيا على السكون، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على السكون؛ لأنه صحيح الآخر ولم يتصل بآخره شيء، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أو اتصلت به نون النسوة؛ نحو الأفعال: (أقِمن، آتين، أطِعن) في قوله تعالى: ﴿ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]، فإن هذه الأفعال أفعال أمر، وهي مبنية على السكون؛ لاتصالها بنون النسوة، ويقال في إعرابها: فعل أمر مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة ضمير مبني على الفتح، في محل رفع، فاعل.
فهذه أحوال أربعة لبناء الفعل الأمر، وبها ينتهي الكلام على بناء الفعل الأمر، وذاكم هي بعض الفوائد التي تتعلق ببنائه:
الفائدة الأولى: يلاحظ مما سبق أن فاعل الفعل الأمر إما أن يكون:
ضميرًا بارزًا، وذلك إذا اتصل بالفعل الأمر: ألف الاثنين، ياء المخاطبة المؤنثة، واو الجماعة.
وتعرب هذه الثلاثة هكذا: ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل.
نون النسوة، وتعرب هكذا: ضمير مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
ضميرًا مستترًا وجوبًا، تقديره أنت، وذلك إذا لم يتصل بالفعل الأمر ضمير رفع من هذه الضمائر الأربعة السابقة؛ نحو: (اضرِب - ادعُ - اضربَنَّ)، فالفاعل هنا: ضمير مستتر وجوبًا، تقديره أنت.
الفائدة الثانية: ذكرنا عند الكلام على بِناء الفعل الأمر الصحيح الآخر على السكون:
أنه يشترط فيه ألا يتصل بآخره شيء، فما المراد بكلمة (شيء) هنا؟ هل المراد أن يُجرَّد عن الاتصال بكل شيء، أم المراد أشياء مخصوصة؟ الجواب: هو الثاني، فالشرط في الفعل الأمر الصحيح الآخر حتى يُبنَى على السكون ألا يتصل بأشياء مخصوصة، وهذه الأشياء المخصوصة هي:
1- ما يوجب بناءه على حذف النون، وهو الضمائر: ألف الاثنين، واو الجماعة، ياء المخاطبة المؤنثة، وقد تقدمت الأمثلة على ذلك.
2- ما يوجب بناءه على الفتح، وهو: نون التوكيد بنوعَيْها: الخفيفة والثقيلة، وقد تقدمت أيضًا الأمثلة على ذلك.
والدليل على صحة هذا، وعلى أنه ليس المراد كل شيء، وإنما المراد ما ذكرناه فقط، أن الفعل الأمر في كتاب الله عز وجل اتصل بغيرِ هذه الأربعة المذكورة (ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة المؤنثة، ونون التوكيد بنوعيها: الخفيفة والثقيلة)، وكان صحيح الآخر، ومع ذلك بُنِي على السكون.
ومثال ذلك: الفعل (اكتُبْنا) في قوله تعالى: ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]، والفعل: (شاوِرْهم) في قوله سبحانه: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، فهنا الفعلانِ (اكتبنا، وشاورهم) هما فعلَا أمرٍ صحيحَا الآخر، ولم يتصلا بواحد من الأربعة المذكورة، واتصل الفعل (اكتب) بالضمير (نا)، والفعل (شاور) بالضمير الهاء، ومع ذلك بُنِيَا على السكون.
فعل الأمر مبني دائمًا، وهو إما أن يُبنى على: حذف النون، حذف حرف العلة، الفتح، السكون.
أولًا: بناء الفعل الأمر على حذف النون:
يُبنى الفعل الأمر على حذف النون إذا اتصل به واحد من ضمائر ثلاثة؛ هي:
1- ألف الاثنين؛ نحو الفعلين: (اذهبا، وقولا) في قوله تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ [طه: 43، 44]، فإن هذين الفعلين فِعلا أمرٍ، وقد اتصل بهما ألف الاثنين؛ ولذلك بُنِيَا على حذف النون؛ لأن أصلهما: اذهبان، وقُولان، بثبوت النون، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بألف الاثنين، وألفُ الاثنين ضمير مبني على السكون، في محل رفع، فاعل.
2- واو الجماعة؛ نحو الفعلين: (ارجعوا، قولوا) في قوله عز وجل: ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ﴾ [يوسف: 81]، فإن كلًّا من الفعلين (ارجعوا، وقولوا) قد اتصل به واو الجماعة، وهما فعلا أمرٍ؛ ولذلك بُنِيَا على حذف النون؛ لأن أصلهما: (ارجعون، قُولون)، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بواو الجماعة، وواوُ الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع فاعل.
3- ياء المخاطبة المؤنثة؛ نحو الأفعال: (اقنُتي، اسجدي، اركعي) في قوله سبحانه: ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43]، فإن هذه الأفعال الثلاثة أفعال أمرٍ، وقد اتصل بها ياء المخاطبة المؤنَّثة؛ ولذلك فهي مبنيَّةٌ على حذف النون؛ لأن أصلها: (اقنتين، اسجدين، اركعين)، ويقال في إعرابها: فعل أمر، مبني على حذف النون؛ لاتصاله بياء المخاطبة المؤنثة، والياء: ضمير مبني على السكون، في محل رفع، فاعل.
ثانيًا: بناء الفعل الأمر على حذف حرف العلة:
يُبنَى الفعل الأمر على حذف حرف العلة، إذا كان آخره حرف علة؛ سواء كان هذا الحرف:
الألف؛ نحو الفعل (انهَ) في قوله تعالى: ﴿ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [لقمان: 17]، والفعل (ارضَ) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((وارضَ بما قسَم الله لك تكُنْ أغنى الناس))، فإن الفعلين (انهَ، ارضَ) كل منهما فعل أمر، وهما مبنيانِ على حذف حرف العلة (الألف)؛ لأن أصلهما: (انهى، وارضى)، بالألف، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الألف)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أم الواو؛ نحو الفعل (اعفُ) في قوله سبحانه: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المائدة: 13]، والفعل (ادعُ) في قوله عز وجل: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125]، فإن كلًّا من الفعلين: (اعفُ، وادعُ) فعل أمر، وهما مبنيان على حذف حرف العلة (الواو)؛ لأن أصلهما: (فاعفو، ادعو)، بالواو، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الواو)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أم الياء؛ نحو الفعل (فأوفِ) في قوله عز وجل: ﴿ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ﴾ [يوسف: 88]، والفعل (فأَسْرِ) في قوله سبحانه: ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هود: 81]، فإن كلًّا من هذين الفعلين فعل أمر، وهما مبنيان على حذف حرف العلة (الياء)؛ لأن أصلهما: (فأوفي، فأسري)، بالياء، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة (الياء)، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
ثالثًا: بناء الفعل الأمر على الفتح:
يُبنى الفعل الأمر على الفتح إذا اتصل به نون التوكيد، سواء في ذلك:
نون التوكيد الخفيفة؛ نحو: اضربَنْ.
أم نون التوكيد الثقيلة؛ نحو: اضربَنَّ.
وإعراب هذين الفعلين يكون هكذا: فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: (أنت)، ونون التوكيد: حرف مبني على السكون، أو الفتح (حسب نوع النون)، لا محل له من الإعراب.
رابعًا: بناء الفعل الأمر على السكون:
يُبنى الفعل الأمر على السكون، إذا كان:
صحيح الآخر، ولم يتصل بآخره شيء؛ نحو الفعلين: (خذ، واضرب) في قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾ [ص: 44]، فإن كلًّا من الفعلين (اضرب، وخذ) فِعلَا أمر، وهما صحيحَا الآخر، ولم يتصل بآخرهما شي؛، ولذلك بُنيا على السكون، ويقال في إعرابهما: فعل أمر مبني على السكون؛ لأنه صحيح الآخر ولم يتصل بآخره شيء، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره: أنت.
أو اتصلت به نون النسوة؛ نحو الأفعال: (أقِمن، آتين، أطِعن) في قوله تعالى: ﴿ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]، فإن هذه الأفعال أفعال أمر، وهي مبنية على السكون؛ لاتصالها بنون النسوة، ويقال في إعرابها: فعل أمر مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة ضمير مبني على الفتح، في محل رفع، فاعل.
فهذه أحوال أربعة لبناء الفعل الأمر، وبها ينتهي الكلام على بناء الفعل الأمر، وذاكم هي بعض الفوائد التي تتعلق ببنائه:
الفائدة الأولى: يلاحظ مما سبق أن فاعل الفعل الأمر إما أن يكون:
ضميرًا بارزًا، وذلك إذا اتصل بالفعل الأمر: ألف الاثنين، ياء المخاطبة المؤنثة، واو الجماعة.
وتعرب هذه الثلاثة هكذا: ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل.
نون النسوة، وتعرب هكذا: ضمير مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
ضميرًا مستترًا وجوبًا، تقديره أنت، وذلك إذا لم يتصل بالفعل الأمر ضمير رفع من هذه الضمائر الأربعة السابقة؛ نحو: (اضرِب - ادعُ - اضربَنَّ)، فالفاعل هنا: ضمير مستتر وجوبًا، تقديره أنت.
الفائدة الثانية: ذكرنا عند الكلام على بِناء الفعل الأمر الصحيح الآخر على السكون:
أنه يشترط فيه ألا يتصل بآخره شيء، فما المراد بكلمة (شيء) هنا؟ هل المراد أن يُجرَّد عن الاتصال بكل شيء، أم المراد أشياء مخصوصة؟ الجواب: هو الثاني، فالشرط في الفعل الأمر الصحيح الآخر حتى يُبنَى على السكون ألا يتصل بأشياء مخصوصة، وهذه الأشياء المخصوصة هي:
1- ما يوجب بناءه على حذف النون، وهو الضمائر: ألف الاثنين، واو الجماعة، ياء المخاطبة المؤنثة، وقد تقدمت الأمثلة على ذلك.
2- ما يوجب بناءه على الفتح، وهو: نون التوكيد بنوعَيْها: الخفيفة والثقيلة، وقد تقدمت أيضًا الأمثلة على ذلك.
والدليل على صحة هذا، وعلى أنه ليس المراد كل شيء، وإنما المراد ما ذكرناه فقط، أن الفعل الأمر في كتاب الله عز وجل اتصل بغيرِ هذه الأربعة المذكورة (ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة المؤنثة، ونون التوكيد بنوعيها: الخفيفة والثقيلة)، وكان صحيح الآخر، ومع ذلك بُنِي على السكون.
ومثال ذلك: الفعل (اكتُبْنا) في قوله تعالى: ﴿ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]، والفعل: (شاوِرْهم) في قوله سبحانه: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، فهنا الفعلانِ (اكتبنا، وشاورهم) هما فعلَا أمرٍ صحيحَا الآخر، ولم يتصلا بواحد من الأربعة المذكورة، واتصل الفعل (اكتب) بالضمير (نا)، والفعل (شاور) بالضمير الهاء، ومع ذلك بُنِيَا على السكون.