المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات في قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء


نسر الشام
06-17-2018, 09:18 PM
تأملات في قوله تعالى

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد:
قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم * وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ﴾ [التوبة: 71-72].

قوله: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ ﴾. قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السِّعدي رحمه الله: «أي: ذكورهم، وإناثهم بعضهم أولياء بعض في المحبة، والموالاة، والانتماء والنصرة، ﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، وهو اسم جامع لكل ما عرف حسنه من العقائد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم، ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾، وهو كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرذيلة.

قوله: ﴿ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي: لا يزالون ملازمين لطاعة الله، ورسوله على الدوام.

قوله تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ ﴾ أي: يدخلهم في رحمته ويشملهم بإحسانه ﴿ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم ﴾ أي: قوي قاهر مع قوته، فهو حكيم، يضع كل شيء موضعه اللائق به، الذي يُحمد على ما خلقه وأمر به، ثم ذكر ما أعد الله لهم من الثواب.

فقال: ﴿ وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ وهذه الجنة جامعة لكل نعيم وفرح، خالية من كل أذى وترح، تجري من تحت قصورها ودورها وأشجارها الأنهار الغزيرة، المروية للبساتين الأنيقة التي لا يعلم ما فيها من الخيرات والبركات إلا الله تعالى، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾ قد زخرفت، وحسنت، وأعدت لعباد الله المتقين، قد طاب مرآها، وطاب منزلها ومقيلها، وجمعت من آلات المساكن العالية، ما لا يتمنى فوقه المتمنون، حتى إن الله تعالى قد أعد لهم غرفاً في غاية الصفاء والحُسن يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فهذه المساكن الأنيقة التي حقيق بأن تسكن إليها النفوس، وتنزع إليها القلوب، وتشتاق لها الأرواح لأنها في جنات عدن، أي إقامة لا يظعنون عنها ولا يتحولون منها، ورضوان من الله يُحِلُّهُ على أهل الجنة أكبر مما هم فيه من النعيم، فإن نعيمهم لم يطب إلا برؤية ربهم ورضوانه عليهم، وهذا هو الفوز العظيم حيث حصلوا على كل مطلوب، وانتفى عنهم كل محذور - جعلنا الله معهم -».

ومن فوائد الآيتين الكريمتين:
أولاً: أن من صفات المؤمنين أنهم متناصرون، ومتعاضدون فيما بينهم، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».

ثانياً: أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾ [آل عمران: 110]. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ».

ثالثاً:عظم شأن الصلاة، والزكاة ومكانتهما العظيمة في الإسلام، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي اللهُ عنهما أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

رابعاً: أن طاعة الله ورسوله سبب لرحمة الله عزَّ وجلَّ، والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون ﴾ [النور: 52].

خامساً: أن هذه المساكن الطيبة في جنات عدن حسنة البناء، طيبة القرار، وهي درجات، ففي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَينَ القَوْمِ وَبَينَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ».

وروى ابن ماجه في سننه وأصله في الصحيح من حديث معاذ بن جبل رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، كُلُّ دَرَجَةٍ مِنْهَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّ أَعْلَاهَا الْفِرْدَوْسُ، وَإِنَّ أَوْسَطَهَا الْفِرْدَوْسُ، وَإِنَّ الْعَرْشَ عَلَى الْفِرْدَوْسِ، مِنْهَا تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، فَإِذَا مَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ». ورواه أحمد في مسنده من حديث عبادة بن الصامت بلفظ: «الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَينِ مَسِيرَةُ مِائَةُ عَامٍ».

سادساً: أن رضا الله عزَّ وجلَّ عنهم أكبر، وأجلُّ وأعظم مما هم فيه من النعيم، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ! فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا».

سابعاً: أن دخول المؤمنين الجنة، وخلودهم فيها، ورضا الله عزَّ وجلَّ عنهم هو الفوز العظيم، لا ما يعده الناس فوزاً من حظوظ الدنيا، فإنه سرعان ما يزول، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِير ﴾ [البروج: 11].

روى البخاري في صحيحه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه يَقُولُ: «لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، وَكَانَ خَالَهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا: فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»، وفي رواية في الصحيحين قال أنس رضي اللهُ عنه: «أَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا، أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ».

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبو علياء
06-17-2018, 10:52 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
على الموضوع الرائع والمميز
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

غـُـلايےّ
06-18-2018, 08:48 AM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

حلوة الروح
06-18-2018, 09:07 AM
تعلمت ان كلماتكِ عذبه بآآح بها قلبكِ قبل قلمكِ
مررت من هنا فزرعت احرفي دليل شكر وأنحناء لرقي اسلووبك ِوتألق عطركِ المعطاء
(( عزيزتي ))
جميل دائمآ حرفك يحاكي النجوم في السماء
بارقة هي حرووفك تتلألأ كالنور في الظلام
لك باقآآآت من الشكر تنحني لحرفكِ الرائع !!

وووردي قبل رررردي ..


الآنـہہُــوثَـِہــهہً ♥

حلوة الروح
06-18-2018, 09:08 AM
تعلمت ان كلماتكِ عذبه بآآح بها قلبكِ قبل قلمكِ
مررت من هنا فزرعت احرفي دليل شكر وأنحناء لرقي اسلووبك ِوتألق عطركِ المعطاء
(( عزيزتي ))
جميل دائمآ حرفك يحاكي النجوم في السماء
بارقة هي حرووفك تتلألأ كالنور في الظلام
لك باقآآآت من الشكر تنحني لحرفكِ الرائع !!

وووردي قبل رررردي ..


الآنـہہُــوثَـِہــهہً ♥

لذة مطر ..!
06-18-2018, 05:44 PM
جزاك الله خير ونفع بك .. :34:

نبُض جآمح ❥
06-22-2018, 03:13 AM
جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

s α м α н
06-24-2018, 02:26 AM
جزاك الله خير ع طرحك القيم
جعله في موازين حسنآتك
دمت بحفظ الرحمن

ѕнмонк
06-29-2018, 09:13 PM
جزاكَ الله خيراً
طرح قيم ومميز وأكثر من نااااافع
كل الشكر والتقدير والإحترآم لسموك
بإنتظار القادم بكل شوق وترقب
دمت بحفظ الله ورعايته

جرعة جنون
07-01-2018, 01:34 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..

شيخة رواية
09-28-2018, 11:43 AM
بارك الله تعالى فيك اخي الكريم…….وثقل ميزانك بما تفعله من
مجهود في الدعوة لدين الله تعالى
تقبل مني مرورا متواضعا
وأسأل الله تعالى أن يجازيك علي عملك هذا خير الجزاء..
لك جل تقديري واحترامي

دره العشق
06-26-2019, 07:48 PM
موضوووووع راااااااائع
بارك الله فيك وجزاك خير جزاء
تقبلي مرووووووري المتوااااااااضع تحياتي

Şøķåŕą
03-10-2023, 02:02 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

روحي تبيك
05-28-2023, 06:29 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

Şøķåŕą
09-08-2023, 04:04 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

كلي وهم
03-14-2024, 09:49 PM
أبدآعٌك رَبيعٌ فاتِنْ ..
أروتني معرفتٌك حد الإكتفاء
لقلبك بياض لا ينتهي ~