طلال
06-30-2018, 03:19 PM
السؤال : اقترن نفي الولد وتوحيد الله في القرآن بالرحمن في آيات كثيرة ، كسورة الزخرف/45 ، والأنبياء /26 ، ومريم/ 88،91،92 ، ويس /23 ، والزخرف/81 . فما الحكمة في هذا ؟ ولماذا لم يتم استخدام مثل لفظ جبار أو القوي ؛ ليخيف الكفار ، أرجو الإجابة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولًا:
أما آيات سورة مريم، فإن الاسم الكريم "الرحمن" ذكر في السورة الكريمة، في عدة مواضع، منها:
1- قال تعالى: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) [مريم: 88، 89].
يخبر تعالى عن زعم المشركين ، العظيم البطلان: أنه اتخذ من عباده ولدًا!!
وهم بهذه المقالة الشنيعة جاءوا منكراً عظيمًا ؛ فناسب أن يذكر هنا اسم (الرحمن) دون سواه من الأسماء الحسنى ؛ إغاظة لهم بذكر اسمٍ جحدوه.
قال ابن عاشور: " وذكر ( الرَّحْمَنُ ) [مريم: 88] هنا حكاية لقولهم بالمعنى، وهم لا يذكرون اسم الرحمن ، ولا يقرون به، وقد أنكروه كما حكى الله عنهم ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ ) [الفرقان: من الآية60].
فهم إنما يقولون: ( اتخذ الله ولدا ) ، كما حكي عنهم في آيات كثيرة منها آية سورة الكهف.
فذكرُ ( الرَّحْمَنُ ) هنا : وضع للمرادف ، في موضع مرادفه. فذكر اسم ( الرَّحْمَنُ ) لقصد إغاظتهم بذكر اسم أنكروه.
وفيه أيضا إيماء إلى اختلال قولهم ، لمنافاة وصف الرحمن ، اتخاذَ الولد ، كما سيأتي في قوله: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92] " التحرير والتنوير (16/ 84).
2- قال تعالى: ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 90 - 92].
يعني: تقرب السماوات أن تتشقق، والأرض أن تتصدع، والجبال أن تسقط سقوطًا عظيمًا من فظاعة هذه المقالة الزاعمة اتخاذَ الله ولداً تعالى الله .
وهنا أيضا لطيفة أخرى ، ذكرها بعض المفسرين ، وهي ما فيه من التنبيه على سعة رحمة الله في إمهال المشركين إذ لم يعاجلهم بالعقوبة على هذه الفرية، بل حلم عليهم.
قال النيسابوري:" من فوائد ذكر اسم الرحمن ههنا: أن الرحمانية أمهلتهم ، حتى قالوا ما قالوا، وإلا فالألوهية مقتضية لإعدامهم في الحال" تفسير النيسابوري (5/ 260).
وقال أبو السعود: " والمعنى: أن هول تلك الشنعاء وعِظَمها ، بحيث لو تصورت بصورة محسوسة : لم تطق بها هاتيك الأجرام العظام وتفتت من شدتها .
أو أن فظاعتها ، في استجلاب الغضب واستيجاب السخط : بحيث ، لولا حلمه تعالى ، لخرب العالم ، وبددت قوائمه؛ غضبًا على من تفوه بها " تفسير أبي السعود (5/ 282)، وينظر: البحر المديد (4/ 367).
3- قال تعالى: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92].
ومعنى هذا: لا يصح لله تعالى أن يتخذ لنفسه ولداً؛ لكمال غناه وحمده سبحانه وتعالى، وقد أفرد الرحمن بالذكر في هذه القضية ، لكون رحمته تأبى ما نسبوه إليه؛ لعدم حاجته، ولتنزهه عن النقص، وللعدل بين عباده كلهم.
قال أبو السعود: " ووضع الرحمن موضع الضمير : للإشعار بعِلَّة الحكم ، بالتنبيه على أن كل ما سواه تعالى ، إما نعمة ، أو منعم عليه، فكيف يتسنَّى أن يجانس من هو مبدأ النعم ، ومُولِي أصولها وفروعها ، حتى يتوهم أن يتخذه ولدا؟!" تفسير أبي السعود (5/ 283)، وينظر: روح المعاني (16/ 142).
4- قال تعالى: ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [مريم: 93].
والمراد: أن كل من في السماوات ومن في الأرض سيلاقي الله تعالى يوم القيامة عبداً ذليلاً ، ليس بينه وبين الله تعالى قرابة، فكلهم لديه سواء في العبودية له.
وناسب هنا الإتيان باسم (الرحمن) ؛ لكون البعث مظهراً من مظاهر رحمته، وأن رحمته اقتضت أن يحشروا إليه عبيداً خاضعين، ليس بينه وبينهم نسب ولا سبب.
ينظر : " زهرة التفاسير" ، لمحمد أبو زهرة (ص: 4692).
قال ابن عاشور رحمه الله : "وتكرير اسم ( الرَّحْمَنِ ) [مريم: 93] في هذه الآية أربع مرات إيماء إلى أن وصف الرحمن الثابت لله، والذي لا ينكر المشركون ثبوت حقيقته لله ، وإن أنكروا لفظه = ينافي ادعاء الولد له؛ لأن الرحمن وصف يدل على عموم الرحمة ، وتكثرها . ومعنى ذلك : أنها شاملة لكل موجود ، فذلك يقتضي أن كل موجود مفتقر إلى رحمة الله تعالى .
ولا يتقوم ذلك إلا بتحقيق العبودية فيه؛ لأنه لو كان بعض الموجودات ابنًا لله تعالى ، لاستغنى عن رحمته؛ لأنه يكون بالبنوة مساويًا له في الإلهية ، المقتضية الغنى المطلق .
ولأن اتخاذ الابن يتطلب به متخذه بر الابن به ورحمته له، وذلك ينافي كون الله مفيض كل رحمة.
فذكر هذا الوصف عند قوله: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) [مريم: 88] وقوله: ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) [مريم: 91] : تسجيل لغباوتهم.
وذكره عند قوله: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92] : إيماء إلى دليل عدم لياقة اتخاذ الابن بالله.
وذكره عند قوله: ( إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [مريم: 93] : استدلال على احتياج جميع الموجودات إليه ، وإقرارها له بملكه إياها" التحرير والتنوير (16/ 173).
أما الموضع الأخير من سورة الزخرف، وهو: قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)} [الزخرف: 45] ، فيقول الدكتور الخطيب :
" كثر في هذه السورة ذكر الاسم الكريم «الرَّحْمنِ» الذي تكرر في سبعة مواضع من السورة ..
ولذكر «الرَّحْمنِ» موقعه في الآية التي ذكر فيها، كما له حكمته التي تلتمس من هذا الذكر في هذا الموضع..
فحيث ذكر «الرحمن» جلّ وعلا، كانت تجليات الرحمة، ورحمات الرحمن، مبسوطة لكل طالب، طالبة لكل معرض ، فمن فاته حظه من رحمة الله في هذا المقام فهو الشقي المحروم من كل خير..
ولكن الذي نريد أن نقف بين يديه موقف النظر والاعتبار، هو هذا الإكثار من ذكر هذا الاسم الكريم في تلك السورة..
وبادئ ذي بدء، فإن تكرار هذا الذكر للاسم الكريم «الرَّحْمنِ» : هو تأكيد لتلك الدعوة التي يدعو إليها الرحمن عباده، ويبسط بها يده تبارك وتعالى إليهم بالرحمة، يلقاهم بها على كل طريق من طرق الغواية والضلال التي يركبونها..
فهذا الذكر نداءات متتابعة، إلى موارد هذه الرحمة الواسعة..
وهذا التكرار في ذاته، هو رحمة من رحمة الله..
ثم إنه- من جهة أخرى- كانت السورة كلها معرضا لمواجهة المشركين بعبادتهم الملائكة، على أنهم أبناء الله، وأنهم كانوا يعرفون الله تعالى، ويعترفون بأنه خالق السموات والأرض- كما أنه كان من أكثر أسماء الله عندهم هو اسم «الرَّحْمنِ» ، ولهذا كان الحديث إليهم عن الله باسم (الرحمن) : إشارة إلى أنه هو الإله لذى يدعون إلى عبادته، وأن اسمه «الرَّحْمنِ» ، وأنه ليس له ولد..
والله اعلم
الجواب :
الحمد لله
أولًا:
أما آيات سورة مريم، فإن الاسم الكريم "الرحمن" ذكر في السورة الكريمة، في عدة مواضع، منها:
1- قال تعالى: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) [مريم: 88، 89].
يخبر تعالى عن زعم المشركين ، العظيم البطلان: أنه اتخذ من عباده ولدًا!!
وهم بهذه المقالة الشنيعة جاءوا منكراً عظيمًا ؛ فناسب أن يذكر هنا اسم (الرحمن) دون سواه من الأسماء الحسنى ؛ إغاظة لهم بذكر اسمٍ جحدوه.
قال ابن عاشور: " وذكر ( الرَّحْمَنُ ) [مريم: 88] هنا حكاية لقولهم بالمعنى، وهم لا يذكرون اسم الرحمن ، ولا يقرون به، وقد أنكروه كما حكى الله عنهم ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ ) [الفرقان: من الآية60].
فهم إنما يقولون: ( اتخذ الله ولدا ) ، كما حكي عنهم في آيات كثيرة منها آية سورة الكهف.
فذكرُ ( الرَّحْمَنُ ) هنا : وضع للمرادف ، في موضع مرادفه. فذكر اسم ( الرَّحْمَنُ ) لقصد إغاظتهم بذكر اسم أنكروه.
وفيه أيضا إيماء إلى اختلال قولهم ، لمنافاة وصف الرحمن ، اتخاذَ الولد ، كما سيأتي في قوله: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92] " التحرير والتنوير (16/ 84).
2- قال تعالى: ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 90 - 92].
يعني: تقرب السماوات أن تتشقق، والأرض أن تتصدع، والجبال أن تسقط سقوطًا عظيمًا من فظاعة هذه المقالة الزاعمة اتخاذَ الله ولداً تعالى الله .
وهنا أيضا لطيفة أخرى ، ذكرها بعض المفسرين ، وهي ما فيه من التنبيه على سعة رحمة الله في إمهال المشركين إذ لم يعاجلهم بالعقوبة على هذه الفرية، بل حلم عليهم.
قال النيسابوري:" من فوائد ذكر اسم الرحمن ههنا: أن الرحمانية أمهلتهم ، حتى قالوا ما قالوا، وإلا فالألوهية مقتضية لإعدامهم في الحال" تفسير النيسابوري (5/ 260).
وقال أبو السعود: " والمعنى: أن هول تلك الشنعاء وعِظَمها ، بحيث لو تصورت بصورة محسوسة : لم تطق بها هاتيك الأجرام العظام وتفتت من شدتها .
أو أن فظاعتها ، في استجلاب الغضب واستيجاب السخط : بحيث ، لولا حلمه تعالى ، لخرب العالم ، وبددت قوائمه؛ غضبًا على من تفوه بها " تفسير أبي السعود (5/ 282)، وينظر: البحر المديد (4/ 367).
3- قال تعالى: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92].
ومعنى هذا: لا يصح لله تعالى أن يتخذ لنفسه ولداً؛ لكمال غناه وحمده سبحانه وتعالى، وقد أفرد الرحمن بالذكر في هذه القضية ، لكون رحمته تأبى ما نسبوه إليه؛ لعدم حاجته، ولتنزهه عن النقص، وللعدل بين عباده كلهم.
قال أبو السعود: " ووضع الرحمن موضع الضمير : للإشعار بعِلَّة الحكم ، بالتنبيه على أن كل ما سواه تعالى ، إما نعمة ، أو منعم عليه، فكيف يتسنَّى أن يجانس من هو مبدأ النعم ، ومُولِي أصولها وفروعها ، حتى يتوهم أن يتخذه ولدا؟!" تفسير أبي السعود (5/ 283)، وينظر: روح المعاني (16/ 142).
4- قال تعالى: ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [مريم: 93].
والمراد: أن كل من في السماوات ومن في الأرض سيلاقي الله تعالى يوم القيامة عبداً ذليلاً ، ليس بينه وبين الله تعالى قرابة، فكلهم لديه سواء في العبودية له.
وناسب هنا الإتيان باسم (الرحمن) ؛ لكون البعث مظهراً من مظاهر رحمته، وأن رحمته اقتضت أن يحشروا إليه عبيداً خاضعين، ليس بينه وبينهم نسب ولا سبب.
ينظر : " زهرة التفاسير" ، لمحمد أبو زهرة (ص: 4692).
قال ابن عاشور رحمه الله : "وتكرير اسم ( الرَّحْمَنِ ) [مريم: 93] في هذه الآية أربع مرات إيماء إلى أن وصف الرحمن الثابت لله، والذي لا ينكر المشركون ثبوت حقيقته لله ، وإن أنكروا لفظه = ينافي ادعاء الولد له؛ لأن الرحمن وصف يدل على عموم الرحمة ، وتكثرها . ومعنى ذلك : أنها شاملة لكل موجود ، فذلك يقتضي أن كل موجود مفتقر إلى رحمة الله تعالى .
ولا يتقوم ذلك إلا بتحقيق العبودية فيه؛ لأنه لو كان بعض الموجودات ابنًا لله تعالى ، لاستغنى عن رحمته؛ لأنه يكون بالبنوة مساويًا له في الإلهية ، المقتضية الغنى المطلق .
ولأن اتخاذ الابن يتطلب به متخذه بر الابن به ورحمته له، وذلك ينافي كون الله مفيض كل رحمة.
فذكر هذا الوصف عند قوله: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) [مريم: 88] وقوله: ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) [مريم: 91] : تسجيل لغباوتهم.
وذكره عند قوله: ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ) [مريم: 92] : إيماء إلى دليل عدم لياقة اتخاذ الابن بالله.
وذكره عند قوله: ( إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [مريم: 93] : استدلال على احتياج جميع الموجودات إليه ، وإقرارها له بملكه إياها" التحرير والتنوير (16/ 173).
أما الموضع الأخير من سورة الزخرف، وهو: قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)} [الزخرف: 45] ، فيقول الدكتور الخطيب :
" كثر في هذه السورة ذكر الاسم الكريم «الرَّحْمنِ» الذي تكرر في سبعة مواضع من السورة ..
ولذكر «الرَّحْمنِ» موقعه في الآية التي ذكر فيها، كما له حكمته التي تلتمس من هذا الذكر في هذا الموضع..
فحيث ذكر «الرحمن» جلّ وعلا، كانت تجليات الرحمة، ورحمات الرحمن، مبسوطة لكل طالب، طالبة لكل معرض ، فمن فاته حظه من رحمة الله في هذا المقام فهو الشقي المحروم من كل خير..
ولكن الذي نريد أن نقف بين يديه موقف النظر والاعتبار، هو هذا الإكثار من ذكر هذا الاسم الكريم في تلك السورة..
وبادئ ذي بدء، فإن تكرار هذا الذكر للاسم الكريم «الرَّحْمنِ» : هو تأكيد لتلك الدعوة التي يدعو إليها الرحمن عباده، ويبسط بها يده تبارك وتعالى إليهم بالرحمة، يلقاهم بها على كل طريق من طرق الغواية والضلال التي يركبونها..
فهذا الذكر نداءات متتابعة، إلى موارد هذه الرحمة الواسعة..
وهذا التكرار في ذاته، هو رحمة من رحمة الله..
ثم إنه- من جهة أخرى- كانت السورة كلها معرضا لمواجهة المشركين بعبادتهم الملائكة، على أنهم أبناء الله، وأنهم كانوا يعرفون الله تعالى، ويعترفون بأنه خالق السموات والأرض- كما أنه كان من أكثر أسماء الله عندهم هو اسم «الرَّحْمنِ» ، ولهذا كان الحديث إليهم عن الله باسم (الرحمن) : إشارة إلى أنه هو الإله لذى يدعون إلى عبادته، وأن اسمه «الرَّحْمنِ» ، وأنه ليس له ولد..
والله اعلم