أبو علياء
07-31-2018, 07:06 PM
مفاتيح تدبر القرآن
القرآن الكريم خزانة علوم الدنيا والآخرة، من علِمه عَلِم عِلْمَ الأولين والآخرين، وزاد عليهم ما لم يعلموه مما أودعه الله إياه ولم يكشفه لهم.
وعلى كثرة ما مرت بآيات القرآن العقول والأذهان، وتأملته العيون والأبصار، وأنصتت إليه في اهتمام القلوب والأسماع لا يزال غضًّا طريًّا، بكرًا لم تفتش معانيه، ولم تستخرج جميع كنوزه ولآلئه.
وبقدر ما يعطي المرء القرآن من وقته وجهده واهتمامه يعطيه القرآن كنوزًا ومعارف وعلومًا، والناس في ذلك مقل ومكثر.
ودعوة القرآن الناس لتدبر آياته والإقبال على استنكاهها وإصابة ما وراء ألفاظه من عظيم المعاني ومخبأ المعارف دعوة جهيرة صريحة متكررة.
﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].
﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [المؤمنون: 68].
ولما كان تدبّر القرآن العظيم بهذه المنزلة الكريمة وجبت العناية به والتعرّف إلى طرقه واستعمالها للوصول إلى تلك المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة، تنفيذًا لأمر الله بتدبر القرآن وأملًا في الوصول إلى غايته وهي الاطلاع على معارفه والانتفاع بعلومه.
قال ابن تيمية رفع الله درجته: "ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى، وشفاء القلوب، والبركة، والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا نظماً ولا نثراً".
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله: "تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير، وتستخرج منه جميع العلوم".
فتدبر القرآن إن رُمتَ الهدى ♦♦♦ فالعلم تحت تدبر القرآن
ولا زلت مهتمًّا بتسجيل المفاتيح التي بها يتوصل إلى باب هذه المنزلة والدرجة حتى أحصيت منها خمسًا وعشرين مفتاحًا، وأنا بعد في طلب المزيد، فرأيت أن لا أحتبسها عن إخواني المسلمين وطلاب العلم والهدى في القرآن الكريم عسى الله أن يرزقني بسببها حسنة تنفعني أو دعوة ترفعني أو أن تكون وسيلة لأن يمنّ الله عليّ بأمثالها.
وهل هي المفاتيح الخمسة وعشرون أذكرها على ما اتفق دون قصد ترتيب في تقديم أو تأخير:
1- وهو من أعظم وسائل تدبّر القرآن: استشعار عظمة منزله، وتحمّل الكلام كأنك مخاطَبه.
هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ♦♦♦ كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
2- تخيّل أنك تقرؤه على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
"لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرًا"
3- استشعار حضور الملائكة مجلسك واستماعهم لقراءتك.
4- اجعل لك وردين في القرءان:
ورد تلاوة.
وورد تدبر.
وليكن الأول حريم الثاني.
فاجعله بين يديه كالنافلة بين يدي الفريضة.
5- اطلب أثناء القراءة تربية نفسك، واستبانة طريقك، وتقويم علاقاتك، وعلاج مشكلاتك.
6- فتّش في القرآن عن أدلّة وشواهد أو قواعد تخصُّصك الشرعي أو العام.
7- اقرأ القرآن بقلب الموقن بفضله، وعقل الواثق بخبره، وجارحة الخاضع لأمره ونهيه.
8- أن تُلقّنه لفظًا، وتتلوه تعبدًا، وتتباحثه تعلّمًا، وتتبعه عملًا.
9- الاستغفار من السيئات، والاستكثار من الحسنات، والمداومة على عمل الصالحات.
10- لا تجعل همّك آخر السورة؛ تأنّ في قراءتك فلا تهذرم، وتأمّل الألفاظ لا تتخطّاها عجلة، واجعل همّك ما يرسخ في القلب ويستوعبه العقل لا ما ينطق به اللسان وتتكلّم به الشفاه، حصّل الكيف لا الكمّ.
11- اجعل تقسيرَك الأثير بارزًا لك ظاهرًا، قريبًا منك دانيًا، فكلّما عنّت لك لفظة لا تفهمها أو كلمة لا تعرفها أسرعتَ إليه فأسعفك بمعناها وجلّى لك فحواها.
12- العناية بالقرآن على الدوام، والانشغال به في كل حال، والتفكر في ألفاظه ومعانيه في جميع الأوقات.
13- اختيار الأوقات المناسبة لتدبره والأجمع على تفكره وتفهمه والبعد عن الشواغل والملهيات والصوارف عن ذلك.
14- تقوية الرغبة في تحصيل مزايا تدبّر القرآن وتعظيم الرهبة من الاتصاف بمساوئ هجره.
15- كثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يفهمك كتابه ويعلمك تأويله.
16- سماع القرآن من متقن مؤثّر محبّر.
17- تكرار آيات القرآن حتى يستوعبها القلب ويفهمها العقل وتتشرّب معناها النفس.
18- إثارة التساؤلات، وعقد المقارنات، حول الكلمات والآيات والقصص والسور.
19- القراءة في الكتب التي تعين على التدبّر، ومنها كتب:
• بيان معاني الكلمات.
• تفسير القرآن.
• مقاصد السور وأهدافها.
• معاني أسماء سور القرآن.
• أسباب نزول القرآن.
• علوم القرآن.
• تراجم قراء القرآن.
وغيرها.
20- التدرّج حتى التعوّد، وذلك في:
• تدبّر قصار السور قبل طوالها.
• تدبّر مبادي المعاني قبل عميقها.
• تدبّر القليل من الآيات قبل الكثير منها.
• تدبّر لمدة قليلة حتى يتعوّد ثم يزيد فيها شيئًا فشيئًا حتى يطولها.
وهكذا، فمن أخذ نفسه بتدبر القرآن شيئًا فشيئًا يوشك أن يصل إن شاء الله.
21- إذا أقبلت على القرآن تقرؤه فافتح صفحة قلبك قبل أن تفتح صفحة المصحف، وهيء قلبك لاستقبال كلام ملك الملوك؛ تجد للقرآن شكلًا آخر غير ما ألفته، ولكلماته وقعًا غير الذي اعتدته.
22- إزالة الموانع ورفع الصوارف، ومنها:
• الهوى
• الكبر
• الذنوب
• طلب الباطل به من غلبة أو شبهة أو دنيا أو جاه.
وغير ذلك.
23- حفظه.
فالحفظ يتضمّن التدقيق والتكرار.
ويحفّز على المقارنة والاستيصار.
وهو باب التدبر لمن عقل
ونافذة الفهم التي تزيد عن مجرد التلاوة بدرجات.
24- التمرّن على طرائق الاستخراج ومآخذ الاستنباط ومنابع الاستلهام.
وأصل إثارته: القراءة في كتب التدبر والتعرف على طريقة أهله في انتزاعه ومحاكاتها حتى تصير له في ذلك ملكة.
وبعد أخي الكريم!
أوصيك: زِد في تدبّر القرآن يُزَد لك في عقلك، ويوسّع لك في وقتك، ويبسط لك في رزقك، وينسأ لك في أجلك.
وتدبّر القرآن يُذهب قسوةَ القلب:
وواظب على درس القران فإنه ♦♦♦ يلين قلبًا قاسيًا مثل جلمد.
ولكي يؤتي هذا التدبّر ثمرته فله شرط، وشرط تدبّر القرآن طلب الهدى منه، لا الجدل والمراء به، ولا اتباع متشابهه، قال شيخ الإسلام: "من تدبّر القرآن طالبًا الهدى منه؛ تبين له طريق الحق".
وبالجملة: لا يفرط في تدبّر القرآن إلا محروم.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض علينا من تدبر آياته ما يهدي قلوبنا ويبصر عيوننا وأسماعنا، إنه وهاب كريم.
القرآن الكريم خزانة علوم الدنيا والآخرة، من علِمه عَلِم عِلْمَ الأولين والآخرين، وزاد عليهم ما لم يعلموه مما أودعه الله إياه ولم يكشفه لهم.
وعلى كثرة ما مرت بآيات القرآن العقول والأذهان، وتأملته العيون والأبصار، وأنصتت إليه في اهتمام القلوب والأسماع لا يزال غضًّا طريًّا، بكرًا لم تفتش معانيه، ولم تستخرج جميع كنوزه ولآلئه.
وبقدر ما يعطي المرء القرآن من وقته وجهده واهتمامه يعطيه القرآن كنوزًا ومعارف وعلومًا، والناس في ذلك مقل ومكثر.
ودعوة القرآن الناس لتدبر آياته والإقبال على استنكاهها وإصابة ما وراء ألفاظه من عظيم المعاني ومخبأ المعارف دعوة جهيرة صريحة متكررة.
﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].
﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [المؤمنون: 68].
ولما كان تدبّر القرآن العظيم بهذه المنزلة الكريمة وجبت العناية به والتعرّف إلى طرقه واستعمالها للوصول إلى تلك المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة، تنفيذًا لأمر الله بتدبر القرآن وأملًا في الوصول إلى غايته وهي الاطلاع على معارفه والانتفاع بعلومه.
قال ابن تيمية رفع الله درجته: "ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى، وشفاء القلوب، والبركة، والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام لا نظماً ولا نثراً".
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله: "تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير، وتستخرج منه جميع العلوم".
فتدبر القرآن إن رُمتَ الهدى ♦♦♦ فالعلم تحت تدبر القرآن
ولا زلت مهتمًّا بتسجيل المفاتيح التي بها يتوصل إلى باب هذه المنزلة والدرجة حتى أحصيت منها خمسًا وعشرين مفتاحًا، وأنا بعد في طلب المزيد، فرأيت أن لا أحتبسها عن إخواني المسلمين وطلاب العلم والهدى في القرآن الكريم عسى الله أن يرزقني بسببها حسنة تنفعني أو دعوة ترفعني أو أن تكون وسيلة لأن يمنّ الله عليّ بأمثالها.
وهل هي المفاتيح الخمسة وعشرون أذكرها على ما اتفق دون قصد ترتيب في تقديم أو تأخير:
1- وهو من أعظم وسائل تدبّر القرآن: استشعار عظمة منزله، وتحمّل الكلام كأنك مخاطَبه.
هو الكتاب الذي من قام يقرؤه ♦♦♦ كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
2- تخيّل أنك تقرؤه على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
"لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرًا"
3- استشعار حضور الملائكة مجلسك واستماعهم لقراءتك.
4- اجعل لك وردين في القرءان:
ورد تلاوة.
وورد تدبر.
وليكن الأول حريم الثاني.
فاجعله بين يديه كالنافلة بين يدي الفريضة.
5- اطلب أثناء القراءة تربية نفسك، واستبانة طريقك، وتقويم علاقاتك، وعلاج مشكلاتك.
6- فتّش في القرآن عن أدلّة وشواهد أو قواعد تخصُّصك الشرعي أو العام.
7- اقرأ القرآن بقلب الموقن بفضله، وعقل الواثق بخبره، وجارحة الخاضع لأمره ونهيه.
8- أن تُلقّنه لفظًا، وتتلوه تعبدًا، وتتباحثه تعلّمًا، وتتبعه عملًا.
9- الاستغفار من السيئات، والاستكثار من الحسنات، والمداومة على عمل الصالحات.
10- لا تجعل همّك آخر السورة؛ تأنّ في قراءتك فلا تهذرم، وتأمّل الألفاظ لا تتخطّاها عجلة، واجعل همّك ما يرسخ في القلب ويستوعبه العقل لا ما ينطق به اللسان وتتكلّم به الشفاه، حصّل الكيف لا الكمّ.
11- اجعل تقسيرَك الأثير بارزًا لك ظاهرًا، قريبًا منك دانيًا، فكلّما عنّت لك لفظة لا تفهمها أو كلمة لا تعرفها أسرعتَ إليه فأسعفك بمعناها وجلّى لك فحواها.
12- العناية بالقرآن على الدوام، والانشغال به في كل حال، والتفكر في ألفاظه ومعانيه في جميع الأوقات.
13- اختيار الأوقات المناسبة لتدبره والأجمع على تفكره وتفهمه والبعد عن الشواغل والملهيات والصوارف عن ذلك.
14- تقوية الرغبة في تحصيل مزايا تدبّر القرآن وتعظيم الرهبة من الاتصاف بمساوئ هجره.
15- كثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يفهمك كتابه ويعلمك تأويله.
16- سماع القرآن من متقن مؤثّر محبّر.
17- تكرار آيات القرآن حتى يستوعبها القلب ويفهمها العقل وتتشرّب معناها النفس.
18- إثارة التساؤلات، وعقد المقارنات، حول الكلمات والآيات والقصص والسور.
19- القراءة في الكتب التي تعين على التدبّر، ومنها كتب:
• بيان معاني الكلمات.
• تفسير القرآن.
• مقاصد السور وأهدافها.
• معاني أسماء سور القرآن.
• أسباب نزول القرآن.
• علوم القرآن.
• تراجم قراء القرآن.
وغيرها.
20- التدرّج حتى التعوّد، وذلك في:
• تدبّر قصار السور قبل طوالها.
• تدبّر مبادي المعاني قبل عميقها.
• تدبّر القليل من الآيات قبل الكثير منها.
• تدبّر لمدة قليلة حتى يتعوّد ثم يزيد فيها شيئًا فشيئًا حتى يطولها.
وهكذا، فمن أخذ نفسه بتدبر القرآن شيئًا فشيئًا يوشك أن يصل إن شاء الله.
21- إذا أقبلت على القرآن تقرؤه فافتح صفحة قلبك قبل أن تفتح صفحة المصحف، وهيء قلبك لاستقبال كلام ملك الملوك؛ تجد للقرآن شكلًا آخر غير ما ألفته، ولكلماته وقعًا غير الذي اعتدته.
22- إزالة الموانع ورفع الصوارف، ومنها:
• الهوى
• الكبر
• الذنوب
• طلب الباطل به من غلبة أو شبهة أو دنيا أو جاه.
وغير ذلك.
23- حفظه.
فالحفظ يتضمّن التدقيق والتكرار.
ويحفّز على المقارنة والاستيصار.
وهو باب التدبر لمن عقل
ونافذة الفهم التي تزيد عن مجرد التلاوة بدرجات.
24- التمرّن على طرائق الاستخراج ومآخذ الاستنباط ومنابع الاستلهام.
وأصل إثارته: القراءة في كتب التدبر والتعرف على طريقة أهله في انتزاعه ومحاكاتها حتى تصير له في ذلك ملكة.
وبعد أخي الكريم!
أوصيك: زِد في تدبّر القرآن يُزَد لك في عقلك، ويوسّع لك في وقتك، ويبسط لك في رزقك، وينسأ لك في أجلك.
وتدبّر القرآن يُذهب قسوةَ القلب:
وواظب على درس القران فإنه ♦♦♦ يلين قلبًا قاسيًا مثل جلمد.
ولكي يؤتي هذا التدبّر ثمرته فله شرط، وشرط تدبّر القرآن طلب الهدى منه، لا الجدل والمراء به، ولا اتباع متشابهه، قال شيخ الإسلام: "من تدبّر القرآن طالبًا الهدى منه؛ تبين له طريق الحق".
وبالجملة: لا يفرط في تدبّر القرآن إلا محروم.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض علينا من تدبر آياته ما يهدي قلوبنا ويبصر عيوننا وأسماعنا، إنه وهاب كريم.