صاحبة السمو
04-06-2019, 05:06 PM
الزواج الافتراضي..!
السلام عليكم
اسعد الله أوقاتكم بكل خير
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.pngإن ما تتحمله الدول العربية الآن، من مشكلات العنوسة ومشكلات الطلاق، جعلها تذهب إلى عمل إحصاءات ونسب وأبحاث ومسببات ونتائج، في عمل وهَمّ مستمرين، يرهقان عقول الدول قبل الأسر، وهي نسب حقاً مخيفة ومؤرقة لكل من هذه الدول وتلك المجتمعات..
[/INDENT]لم يكن أحد منا ليتخيل أن يتحول رباط الزواج المقدس إلى "أبلكيشن" على فضاء افتراضي مستتر يتسم بالغياب والحضور في الثقافة الجديدة وفيما بعد الحداثة؛ وكيف أن الرجال والنساء - فتيات وشباناً وحتى شيوخاً في بعض الأحوال - يملؤون جداول الطلبات، وهناك من هو مستجيب، وهناك من هو منتظر، ليحقق من خلال ذلك وظيفة رخيصة، تحط من قيمة المرأة العربية قبل الرجل ومن عاداتهم وموروثاتهم وعراقتهم ونقاء أنسابهم. سئل أحد الشباب عن ذلك في إحدى القنوات العربية: هل تستعمل "الأبلكيشن" فيجيب: أهلي أيضاً يستخدمون "الأبلكيشن"! وهذا يقودنا إلى تجلي هذا الأمر حتى يوشك أن يصبح ظاهرة، وهو أمر جد خطير، ليس في قيمة التناول والتعامل معها فحسب، وإنما في اختراق الأسر والمجتمعات من جهات قد تكون داخلية أو خارجية، هذا بالإضافة إلى محو القيمة المتوارثة والعادات والتقاليد، ذلك لما تحمله الشخصية العربية بخصائصها وبتكوينها من مقدرات لا تحتمل مثل هذه الوسيلة المستحدثة دونما وعي سواء كان أسرياً أم فردياً..
إن ما تتحمله الدول العربية الآن، من مشكلات العنوسة ومشكلات الطلاق، جعلها تذهب إلى عمل إحصاءات ونسب وأبحاث ومسببات ونتائج، في عمل وهَمّ مستمرين، يرهقان عقول الدول قبل الأسر، وهي نسب حقاً مخيفة ومؤرقة لكل من هذه الدول وتلك المجتمعات.
ويبدو لي أننا قد تحولنا جميعاً - أو قل بعضنا - إلى عوالم افتراضية تحدد مصائرنا، ونحن لسنا أهلاً ولا مؤهلين لهذا العالم الذي فرض نفسه على عاداتنا وتقاليدنا، والتي كانت تستقر بها مجتمعاتنا التي يغلب عليها المحافظة إلى حد كبير. ولذا انبرى عدد من مؤسسي الصفحات الإلكترونية للعب دور "الخاطبة الافتراضية" بدلاً من الخاطبة في التراث العربي، ولكن الفرق شاسع بين وظيفة الخاطبة في المجتمعات المغلقة ووظيفة الخاطبة الافتراضية في الفضاء الإكتروني! فالخاطبة في التراث العربي لها شروط ومواصفات قد تستقر بها الحال، ومنها: أولاً أنها معروفة لدى الأسر المحافظة، وتتمتع بالثقة الكاملة محاطة بالخوف من اللوم في مجتمعها، واللوم وقعه كبير على الشخصية العربية وأبناء الصحراء! وثانياً ليس لها أي خطاب مباشر مع فتيات تلك الأسر، وإنما كانت تتقدم بترشيحاتها للأسرة المحافظة، والتي تعمل بدورها على حماية مستقبل الفتاة، بالسؤال والتقصي عن هذا العضو الجديد في حياة الأسرة. وقد سبق وأن عالجت شخصية الخاطبة في أحد أعمالي المسرحية "بنات البيت"، هذه الشخصية تدخل البيوت وتتفهم العادات والتقاليد ولها من النظرة الفاحصة ما يسبر أغوار الأسر بكل ما تحمله من خصال وهي أشبه بالباحث الاجتماعي في دورها وفي وظيفتها ومهنتها؛ ولا يزال دور الخاطبة حتى الماضي القريب مستمراً في بعض مجتمعاتنا العربية التي تتسم بالانغلاق الاجتماعي وتحمل سمات الإرث القديم.
إن فيما استجد على مجتمعاتنا - بما يسمى "مواقع الزواج" على صفحات النت - شراً مستتراً لا نفقه كنه، فهو كما يحمله من معنى "افتراضي" عالم مستتر خلف الجُدُر لا نعلم ما يدور خلفها من معانٍ، من أغراض، من أشخاص، ومن أهواء ؛ ولذا أصبح مستقبل الأسرة التي تحمل معها سمتها الافتراضية إلى الواقعية بلا رقابة، وقد تكون الرقابة الأسرية ومتابعتها لهذا الأمر - وحتى في تكوين الرأي الأول - غائبة في دور لا علاقة لهم به؛ أمراً مهدداً بتفشي الطلاق وزيادة نسبه، إضافة إلى ما قد ينتج عنه من بعض الحيل والكذب والخداع.
من هو المنوط بالمعرفة الفاحصة عن أشخاص خلف الجُدُر، وقد يكونوا مستعارين إلى حد كبير، وقد تذهب فتياتنا إلى طرق غير مفهومة في ظل انغلاق، وفي ظل مخاوف من العنوسة، مع مطامح كبيرة في حياة أسرية كريمة!
كيف تتعامل الأسر مع طلبات وعروض على شبكات التواصل الاجتماعي، وأبناؤهم وبناتهم يتعاملون معها في غيبة عن مفهوم البنية الاجتماعية التي تفرض سطوتها على الجميع؟ ومن هو الداعم أو الضامن لسلامة مثل هذه الزيجات الكرتونية إن جاز التعبير في زمن غلبت عليه ثقافة الـ"تيك أوي" أو قل ثقافة توصيل الطلبات للمنازل؟ وهي ثقافة الأطباق الورقية التي تركت هذا الانعكاس على تغير واضح المعالم في بنيتنا الاجتماعية!
السلام عليكم
اسعد الله أوقاتكم بكل خير
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.pngإن ما تتحمله الدول العربية الآن، من مشكلات العنوسة ومشكلات الطلاق، جعلها تذهب إلى عمل إحصاءات ونسب وأبحاث ومسببات ونتائج، في عمل وهَمّ مستمرين، يرهقان عقول الدول قبل الأسر، وهي نسب حقاً مخيفة ومؤرقة لكل من هذه الدول وتلك المجتمعات..
[/INDENT]لم يكن أحد منا ليتخيل أن يتحول رباط الزواج المقدس إلى "أبلكيشن" على فضاء افتراضي مستتر يتسم بالغياب والحضور في الثقافة الجديدة وفيما بعد الحداثة؛ وكيف أن الرجال والنساء - فتيات وشباناً وحتى شيوخاً في بعض الأحوال - يملؤون جداول الطلبات، وهناك من هو مستجيب، وهناك من هو منتظر، ليحقق من خلال ذلك وظيفة رخيصة، تحط من قيمة المرأة العربية قبل الرجل ومن عاداتهم وموروثاتهم وعراقتهم ونقاء أنسابهم. سئل أحد الشباب عن ذلك في إحدى القنوات العربية: هل تستعمل "الأبلكيشن" فيجيب: أهلي أيضاً يستخدمون "الأبلكيشن"! وهذا يقودنا إلى تجلي هذا الأمر حتى يوشك أن يصبح ظاهرة، وهو أمر جد خطير، ليس في قيمة التناول والتعامل معها فحسب، وإنما في اختراق الأسر والمجتمعات من جهات قد تكون داخلية أو خارجية، هذا بالإضافة إلى محو القيمة المتوارثة والعادات والتقاليد، ذلك لما تحمله الشخصية العربية بخصائصها وبتكوينها من مقدرات لا تحتمل مثل هذه الوسيلة المستحدثة دونما وعي سواء كان أسرياً أم فردياً..
إن ما تتحمله الدول العربية الآن، من مشكلات العنوسة ومشكلات الطلاق، جعلها تذهب إلى عمل إحصاءات ونسب وأبحاث ومسببات ونتائج، في عمل وهَمّ مستمرين، يرهقان عقول الدول قبل الأسر، وهي نسب حقاً مخيفة ومؤرقة لكل من هذه الدول وتلك المجتمعات.
ويبدو لي أننا قد تحولنا جميعاً - أو قل بعضنا - إلى عوالم افتراضية تحدد مصائرنا، ونحن لسنا أهلاً ولا مؤهلين لهذا العالم الذي فرض نفسه على عاداتنا وتقاليدنا، والتي كانت تستقر بها مجتمعاتنا التي يغلب عليها المحافظة إلى حد كبير. ولذا انبرى عدد من مؤسسي الصفحات الإلكترونية للعب دور "الخاطبة الافتراضية" بدلاً من الخاطبة في التراث العربي، ولكن الفرق شاسع بين وظيفة الخاطبة في المجتمعات المغلقة ووظيفة الخاطبة الافتراضية في الفضاء الإكتروني! فالخاطبة في التراث العربي لها شروط ومواصفات قد تستقر بها الحال، ومنها: أولاً أنها معروفة لدى الأسر المحافظة، وتتمتع بالثقة الكاملة محاطة بالخوف من اللوم في مجتمعها، واللوم وقعه كبير على الشخصية العربية وأبناء الصحراء! وثانياً ليس لها أي خطاب مباشر مع فتيات تلك الأسر، وإنما كانت تتقدم بترشيحاتها للأسرة المحافظة، والتي تعمل بدورها على حماية مستقبل الفتاة، بالسؤال والتقصي عن هذا العضو الجديد في حياة الأسرة. وقد سبق وأن عالجت شخصية الخاطبة في أحد أعمالي المسرحية "بنات البيت"، هذه الشخصية تدخل البيوت وتتفهم العادات والتقاليد ولها من النظرة الفاحصة ما يسبر أغوار الأسر بكل ما تحمله من خصال وهي أشبه بالباحث الاجتماعي في دورها وفي وظيفتها ومهنتها؛ ولا يزال دور الخاطبة حتى الماضي القريب مستمراً في بعض مجتمعاتنا العربية التي تتسم بالانغلاق الاجتماعي وتحمل سمات الإرث القديم.
إن فيما استجد على مجتمعاتنا - بما يسمى "مواقع الزواج" على صفحات النت - شراً مستتراً لا نفقه كنه، فهو كما يحمله من معنى "افتراضي" عالم مستتر خلف الجُدُر لا نعلم ما يدور خلفها من معانٍ، من أغراض، من أشخاص، ومن أهواء ؛ ولذا أصبح مستقبل الأسرة التي تحمل معها سمتها الافتراضية إلى الواقعية بلا رقابة، وقد تكون الرقابة الأسرية ومتابعتها لهذا الأمر - وحتى في تكوين الرأي الأول - غائبة في دور لا علاقة لهم به؛ أمراً مهدداً بتفشي الطلاق وزيادة نسبه، إضافة إلى ما قد ينتج عنه من بعض الحيل والكذب والخداع.
من هو المنوط بالمعرفة الفاحصة عن أشخاص خلف الجُدُر، وقد يكونوا مستعارين إلى حد كبير، وقد تذهب فتياتنا إلى طرق غير مفهومة في ظل انغلاق، وفي ظل مخاوف من العنوسة، مع مطامح كبيرة في حياة أسرية كريمة!
كيف تتعامل الأسر مع طلبات وعروض على شبكات التواصل الاجتماعي، وأبناؤهم وبناتهم يتعاملون معها في غيبة عن مفهوم البنية الاجتماعية التي تفرض سطوتها على الجميع؟ ومن هو الداعم أو الضامن لسلامة مثل هذه الزيجات الكرتونية إن جاز التعبير في زمن غلبت عليه ثقافة الـ"تيك أوي" أو قل ثقافة توصيل الطلبات للمنازل؟ وهي ثقافة الأطباق الورقية التي تركت هذا الانعكاس على تغير واضح المعالم في بنيتنا الاجتماعية!