صاحبة السمو
04-09-2019, 12:46 PM
http://4.bp.blogspot.com/-zqDkiMalILI/UPVVGwXTseI/AAAAAAAAEoU/lZvp3IEOX6A/s1600/h-l3vm151.gifhttp://4.bp.blogspot.com/-zqDkiMalILI/UPVVGwXTseI/AAAAAAAAEoU/lZvp3IEOX6A/s1600/h-l3vm151.gif
عنصرية
السلام عليكم
اسعد الله أوقاتكم بكل خير
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png من لم يشاهد فيلم "غرين بوك" أو الكتاب الأخضر للمخرج بيتر فاريلي فحتماً ضاع نصف عمره هباء - على الأقل من وجهة نظري - سواء كان من عشّاق السينما أو من غير عشاقها، فالفيلم المبني على قصة واقعية، تتناول صداقة مستحيلة بين رجلين أحدهما أبيض عنصري، والثاني أسود في ستينات القرن الماضي في أميركا، يروي حكاية تزيح الستار عن مسرح الحياة الشائكة في الجنوب الأميركي الذي تعامل مع البشرة السوداء بفوقية لا تطاق، جرّدت الفرد الأسود من كل حقوقه الإنسانية، حتى حين ارتقى بالعلم والفن إلى مراتب اجتماعية عالية. كما تروي وقائع حقيقيّة عاشها الطفل "نك فالليلونغا" في صغره، ويبدو أنه تأثر بها كثيراً، بسبب تلك الصداقة الأبدية بين والده "توني ليب" (الذي أدى دوره فيغو مورتينسين)، وعازف البيانو "دون شرلي" (الذي أدى دوره ماهر شالا علي)، لهذا كتبها بخلطة يتذوّقها المتفرج على مستوى العالم ويحبها، تحوي مكونات بمقادير ذكية من الألم والفكاهة، جعلتنا على الأقل نتذوق مرارة كل منهما، ونستوعب أن لا البشرة البيضاء توفر السعادة لصاحبها، ولا البشرة السوداء تفقده إياها، فقد تعلّم السائق الأبيض أن رزقه مرتبط بسيده الأسود، وفي لقطة أبدع المخرج في التقاطها، تتوقف مجموعة من العبيد السود عن العمل في أحد الحقول، لتتأمل بدهشة لا توصف كيف يجلس السيد الأسود في الخلف، منتظراً سائقه أن يملأ خزان ماء سيارته..
ثمّة أمور أخرى سنتوقف عندها نحن أيضاً بالدهشة نفسها التي تعقد ألسنتنا فنعجز عن التعبير، كما حين احتدّ السائق على الذائقة الفنية الضعيفة لسيد عمله، فيقول له أنا أسود أكثر منك، مستغرباً كيف لا يسمع فن أبناء جلدته من ذوي الأصوات الجميلة التي يصدح بها الراديو، وكيف أنه رغم ثقافته الراقية، لا يعرف أن حياة سائق مثله سوداء أكثر منه، فينفجر عازف البيانو مطلقاً صرخة من أعماقه على أنه لم يعد يعرف نفسه، وأنه ضائع، فلا السود يعتبرونه منهم بسبب ثقافته العالية، ولا البيض يعتبرونه منهم بسبب بشرته، ورغم أنه يعزف للطبقة المخملية للبيض إلا أنه ممنوع من الجلوس إلى طاولاتهم، والاختلاط بهم، وفي مشاهد جدّ مؤثرة، سنقف على حافة البكاء حين يُحرم من تناول وجبته مع عازفيه وسائقه، ومن استعمال حمام مستضيفيه..
لا تنتهي حكاية الرجلين إلا بعد أن ذابت كل الفروق بينهما، لكن الأكيد أن الفن كان عاملاً أساسياً لحدوث ذلك، حين تخلّص السائق من عنصريته إلى الأبد، وتهذّبت أخلاقه، وتخلص العازف من عقدة النقص التي لازمته منذ صغره، فدافع عن كرامته.
http://4.bp.blogspot.com/-zqDkiMalILI/UPVVGwXTseI/AAAAAAAAEoU/lZvp3IEOX6A/s1600/h-l3vm151.gif
عنصرية
السلام عليكم
اسعد الله أوقاتكم بكل خير
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png من لم يشاهد فيلم "غرين بوك" أو الكتاب الأخضر للمخرج بيتر فاريلي فحتماً ضاع نصف عمره هباء - على الأقل من وجهة نظري - سواء كان من عشّاق السينما أو من غير عشاقها، فالفيلم المبني على قصة واقعية، تتناول صداقة مستحيلة بين رجلين أحدهما أبيض عنصري، والثاني أسود في ستينات القرن الماضي في أميركا، يروي حكاية تزيح الستار عن مسرح الحياة الشائكة في الجنوب الأميركي الذي تعامل مع البشرة السوداء بفوقية لا تطاق، جرّدت الفرد الأسود من كل حقوقه الإنسانية، حتى حين ارتقى بالعلم والفن إلى مراتب اجتماعية عالية. كما تروي وقائع حقيقيّة عاشها الطفل "نك فالليلونغا" في صغره، ويبدو أنه تأثر بها كثيراً، بسبب تلك الصداقة الأبدية بين والده "توني ليب" (الذي أدى دوره فيغو مورتينسين)، وعازف البيانو "دون شرلي" (الذي أدى دوره ماهر شالا علي)، لهذا كتبها بخلطة يتذوّقها المتفرج على مستوى العالم ويحبها، تحوي مكونات بمقادير ذكية من الألم والفكاهة، جعلتنا على الأقل نتذوق مرارة كل منهما، ونستوعب أن لا البشرة البيضاء توفر السعادة لصاحبها، ولا البشرة السوداء تفقده إياها، فقد تعلّم السائق الأبيض أن رزقه مرتبط بسيده الأسود، وفي لقطة أبدع المخرج في التقاطها، تتوقف مجموعة من العبيد السود عن العمل في أحد الحقول، لتتأمل بدهشة لا توصف كيف يجلس السيد الأسود في الخلف، منتظراً سائقه أن يملأ خزان ماء سيارته..
ثمّة أمور أخرى سنتوقف عندها نحن أيضاً بالدهشة نفسها التي تعقد ألسنتنا فنعجز عن التعبير، كما حين احتدّ السائق على الذائقة الفنية الضعيفة لسيد عمله، فيقول له أنا أسود أكثر منك، مستغرباً كيف لا يسمع فن أبناء جلدته من ذوي الأصوات الجميلة التي يصدح بها الراديو، وكيف أنه رغم ثقافته الراقية، لا يعرف أن حياة سائق مثله سوداء أكثر منه، فينفجر عازف البيانو مطلقاً صرخة من أعماقه على أنه لم يعد يعرف نفسه، وأنه ضائع، فلا السود يعتبرونه منهم بسبب ثقافته العالية، ولا البيض يعتبرونه منهم بسبب بشرته، ورغم أنه يعزف للطبقة المخملية للبيض إلا أنه ممنوع من الجلوس إلى طاولاتهم، والاختلاط بهم، وفي مشاهد جدّ مؤثرة، سنقف على حافة البكاء حين يُحرم من تناول وجبته مع عازفيه وسائقه، ومن استعمال حمام مستضيفيه..
لا تنتهي حكاية الرجلين إلا بعد أن ذابت كل الفروق بينهما، لكن الأكيد أن الفن كان عاملاً أساسياً لحدوث ذلك، حين تخلّص السائق من عنصريته إلى الأبد، وتهذّبت أخلاقه، وتخلص العازف من عقدة النقص التي لازمته منذ صغره، فدافع عن كرامته.
http://4.bp.blogspot.com/-zqDkiMalILI/UPVVGwXTseI/AAAAAAAAEoU/lZvp3IEOX6A/s1600/h-l3vm151.gif