تفسير الربع الخامس من سورة يونس الفريق الازرق
• الآية 71: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ ﴾: أي واقصُص - أيها الرسول - على كفار "مكة" خبر نوح عليه السلام ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي ﴾ يعني إنْ كانَ ثَقُلَ عليكم وجودي بينكم، وضاقت أنفسكم من دَعْوَتي لكم إلى توحيد ربكم ﴿ وَتَذْكِيرِي ﴾ لكم ﴿ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾ وحُجَجِه: ﴿ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ أي فعلىاللهِ وحده اعتمادي، وبه ثقتي في أن يَحفظني مِن شَرِّكم، ﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾: أي فأعِدُّوا لي ما استطعتم مِن مَكرٍ وقوة حتى تؤذوني، وادعوا أيضاً شركاءكم المزعومين، ﴿ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ﴾: أي ولا تجعلوا كيدكم ليفي الخفاء، بل اجعلوه ظاهرًا منكشفًا، ﴿ ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ ﴾: أي ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة وأَصِيبوني بالسُوء الذي فيإمكانكم ﴿ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾: أي ولا تُمهِلوني، بل عَجِّلوا بعقوبتي، فإني لا أهتم بآلهتكم، لاعتمادي على حِفظ اللهِ وحده. • الآية 72، والآية 73: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ﴾: أي فإن أعرضتم عن دَعْوَتي: ﴿ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ﴾: يعني فإنني لم أطلب منكم أجرًا على دَعْوَتي لكم حتى تُعرِضوا؛ ﴿ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾: أي فثَوَابي عند ربي وأجري عليهسبحانه، ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ أي المُنقادين لِحُكم اللهِ تعالى وأوامره. ﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ أي فاستمَرُّوا على تكذيبه، فدعانا لِنُصْرَتِه ﴿ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ ﴾ من المؤمنين ﴿فِي الْفُلْكِ ﴾ أي في السفينة،﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ ﴾ أي يَخْلُفون هؤلاء المكذبين، ويَسكنون الأرض مِن بعدهم جِيلاً بعدَ جِيل، ﴿ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا ﴾ ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾: أي فتأمل -أيها الرسول - كيف كان عاقبة القوم الذين أنذَرَهم رسولهم بعذاب اللهِ فكذَّبوه. • واعلم أنّ في تلاوة هذا القَصَص فائدتان: (الأولى: تصبير الرسول صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاه مِن أذى قومه، والثانية: تنبيه المشركين وتحذيرهم من الاستمرار على الشِرك والعصيان حتى لا يَحِلّ بهم مِن العذاب ما حَلّ بغيرهم). • الآية 74: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ ﴾ أي أرسلنا من بعد نوحٍ ﴿ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ ﴾ (كصالح وهود وإبراهيم ولوطوشعيب وغيرهم) ﴿ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾: أي فجاء كُلُّ رسولٍ قومه بالمعجزات الدالَّة على صِدق رسالته، ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ ﴾: يعني فلم يُقِرّ أقوامهم بالتوحيد، كما لم يُقِرّ به قومُ نوحٍ ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾، ﴿ كَذَلِكَ نَطْبَعُ ﴾: يعني وكما ختمنا على قلوب هؤلاء الأقوام لإصرارهم على الشرك وعدم توبتهم منه، فكذلك نَختم ﴿ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴾ الذين تجاوزوا حدود اللهِ تعالى في كل زمان، عقوبةً لهم على شِركهم وعلى مخالفتهم لرسلهم. • ويُحتمَل أن يكون معنى قوله تعالى: ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ﴾ أي: فما كان اللهُ لِيَهديهم للإيمانِ ﴿ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ أي بسبب تكذيبهم بهذه الآيات الواضحة عندما جاءتهم أول مرة (جزاءً لهم على رَدِّهم الحق)، كما قال تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾، واللهُ أعلم. • الآية 75، والآية 76: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ - أي مِن بعد هؤلاء الرسل - أرسلنا ﴿ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾ - وهم أشرافقومه - ﴿ بِآَيَاتِنَا ﴾ أي بالمعجزات الدالّة على صِدقهما، ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾: أي فاستكبر فرعون وأشرافقومه عن قَبول الحق ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ حيث أفسدوا القلوب والعقول، وسفكوا الدماء وعذبوا الضعفاء، ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا ﴾ وهي الآيات التي جاء بها موسى عليه السلام وعددها تسع، ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال فرعونَ وقومَه - ليتخلصوا من الهزيمة التي أصابتهم أمام قومهم -: ﴿ إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ أي إنَّ هذا لَسِحرٌ ظاهر. • الآية 77: ﴿ قَالَ ﴾ لهم ﴿ مُوسَى ﴾ مُتعجبًا: ﴿ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ﴾ إنه سِحر؟!﴿ أَسِحْرٌ هَذَا ﴾ ؟!أي انظروا إلى وَصْف ما جئتكم به، تجدوه الحق،﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾ يعني: واعلموا أنّ الساحرين لا يُفلحون ولا يَنتصرون، لأنّ صَنِيعهم ما هو إلا تخييل وتمويه لأعين الناس، (وقد عَلِموا بعد ذلك - وظَهَرَ لكل أحد - مَن الذي سَحَرَ أعين الناس، ومَن الذي أبْطَلَ السِحر بما معه من الحق فأفلح وانتصر). • الآية 78: ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال فرعون ومَلؤه لموسى عليه السلام: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا ﴾ أي لِتَصْرفنا ﴿ عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا ﴾؟، ﴿ وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ﴾ أي وحتى يَكونُ لكما - أنت وهارون - العظمة والسلطان في أرض "مصر"؟، ﴿ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾: يعني وما نحن بمقرِّين لكما بأنكما رسولان أرسلكما اللهُ إلينا لنعبده وحده ولا نُشرك به. • الآية 79: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ﴾ لجنوده: ﴿ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ أي مُتقِن للسحر. • الآية 80، والآية 81، والآية 82: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى ﴾: ﴿ أَلْقُوا ﴾ على الأرض ﴿ مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾ مِن الحبالوالعِصِيِّ التي معكم، ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى ﴾ لهم: إنَّ ﴿ مَا جِئْتُمْ بِهِ ﴾ وألقيتموه هو ﴿ السِّحْرُ ﴾، و ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ﴾ ويَفضحكم أمام الناس ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ الذين أفسدوا في الأرض بالشِرك والمعاصي، ﴿ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ ﴾: أي وسوف يُظهِرُ اللهُ الحقَّ الذي جئتُكُم به، وسَيُعلِيهِ على باطلكم ﴿ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ أي بأمره، إذ يقولُ سبحانه للشيء كُن فيكون﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾. • الآية 83: ﴿ فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ﴾ أي بعض الشباب من بني إسرائيل، آمَنوا بموسى عندما انتصر على السَحَرة، وكذلك آمَنَ عدد قليل من آل فرعون (كامرأة فرعون ومُؤمن آل فرعون)، ولكنهم كتموا إيمانهم، وهم ﴿ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾ أي وهم خائفون من فرعون أن يَفتنهم بالعذاب، وخائفونَ أيضاً من سادة قومهم أن يُحَرِّضوا فرعون عليهم لِيُعَذبهم، وهذا التحريض كقول الملأ لفرعون: ﴿ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾، فقال لهم فرعون: ﴿ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾، إذ كانَ أمْرُ العذاب بيد فرعون لا بيد الملأ، ولعل هذا هو السبب في أنّ اللهَ تعالى قال: ﴿ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ﴾ بضمير المُفرَد، ولم يقل: ﴿ أَنْ يَفْتِنَوهُمْ ﴾، ولأنّ إنكار الملأ عليهم إنما هو لِخَوفهم من فرعون أن يَسلبهم رئاستهم، فلذلك انحصر الخوف في فرعون، واللهُ أعلم). ﴿ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ ﴾ أي ظالمٌ مستكبر ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ أي في أرض مصر المليئة بالخيرات والنعم، ﴿ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ المتجاوزين الحد في الكفروالفساد. • الآية 84، والآية 85، والآية 86: ﴿ وَقَالَ مُوسَى ﴾ لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ﴾ أي فثِقوا بنصره،وسَلِّموا لأمْره ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ يعني إن كنتم خاضعين له بالطاعة والانقياد، ﴿ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ أي عليه اعتمدنا وإليه فوَّضنا أمْرَنا،﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ أي لا تنصر الكافرين علينا، فيكون ذلك فتنةً لنا عن الدين، أو يُفتَن الكفارُ بنَصْرهم،فيقولوا: (لو كان هؤلاء على الحق، ما غُلِبوا)، ﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ وهم فرعون ومَلَئِه؛ لأنهم كانوا يُكَلِّفون بني إسرائيلبالأعمال الشاقة. • الآية 87: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ ﴾ هارون ﴿ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا ﴾ أي اتَّخِذا لقومكما بيوتًا في "مصر" تكونُ مَساكنومَلاجئ تحتمون بها مِن بطش فرعون وقومه، ﴿ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ﴾ أي أماكن تُصَلُّون فيها عند الخوف ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ أي أدُّوها في أوقاتها على الوجه الذي شُرِعَ لكم، ﴿ وَبَشِّرِ ﴾ يا موسى ﴿ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ بالنصر في الدنيا وبالجنة في الآخرة. • الآية 88: ﴿ وَقَالَ مُوسَى ﴾ - وهو يدعو ربه -: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ فلميَشكروا نِعَمَكَ ﴿ رَبَّنَا ﴾، وإنما استعانوا بهذه الأموال ﴿ لِيُضِلُّوا ﴾ الناس ﴿ عَنْ سَبِيلِكَ ﴾، ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ﴾ أي أتلِفها عليهم (إمَّا بالهلاك، وإمَّا بجَعْلها حجارة)، حتى لا يَنتفعوا بها، ﴿ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ أي اختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان ﴿ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾. • الآية 89: ﴿ قَالَ ﴾ اللهُ تعالى لهما: ﴿ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ﴾ في فرعون وملئه وأموالهم (وقد كان موسىيدعو، وهارون يُؤَمِّن على دعائه، ومِن هنا نُسِبَتْ الدعوة إلى الاثنين في قوله تعالى: ﴿ دَعْوَتُكُمَا ﴾). ﴿ فَاسْتَقِيمَا ﴾ على دينكما، واستمِرَّا على دعوة فرعون وقومه إلى توحيد اللهِ وطاعته ﴿ وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾: أي ولاتسلكا طريق مَن لا يَعلم حقيقة وعدي ووعيدي، (واعلم أن النون التي في قوله: ﴿ ولا تَتَّبِعَانِّ ﴾ تُسَمَّى نون التوكيد). |
يعطيك العافية وتسلم الايادي
على طرحك الجميل في انتظار لكل جديدك دوما :rose: |
طررح يفوق آلجمآل ,
كعآدتك إبدآع في صفحآتك , يعطيك آلعآفيـه يَ رب , وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض , لقلبك السعآده والفـرح .. ودي |
تسلم الايادي ولآحرمنا جزيل عطائك دمتي ودام نبض متصفحك متوهجاً لروحك جنائن الورد واأمنيات بايام أجمل http://justclickit.ru/flash/flower/flower%20(232).gif |
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لك لا عليك لاعدمنا روعتك ولك احترامي وتقديري |
جزااكي الله كل خير وجعله الباري في موازين حسناتكِ دمتي بحفظ الباري |
الساعة الآن 04:35 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2024, Trans. By Soft
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع