من وحى القلم الخلافُ والاختلافُ ( 19 )
الاختلافُ سُنَةُ اللهِ فى خلقِه «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ..» أى لجعلَ الناسَ كُلَّهم جماعةً واحدةً، وملةً واحدةً، وديناً واحداً. والاختلافُ، فى غيرِ معصيةٍ، يصنعُ الجمالَ، ويوجدُ التنوعَ، ومعه تعْمُرُ البلادُ، وتستقرُ أحوالُ العبادِ، ولو كانتِ الخَليقةُ على نمطٍ واحدٍ، لملتْ منها الكائناتُ جميعُها: والشمسُ لو وقفتْ فى الفلكِ دائمةً.. لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ.. كُلُّ ما خلقَ اللهُ تَعَاَلى متنوعٌ، الأشكالُ والألوانُ والأذواقُ، الليلُ والنهارُ، الجبالُ الراسياتٌ، البحارُ والأنهارُ والمحيطاتُ، البشرُ والدوابُ والأنعامُ، كُلُّ شىء !! لماذا ؟ ليستمتعَ الإنسانُ بهَذَا التنوعِ، الذى يجدُ فيه ما يريدُه. هَذَا مُرادُ اللهِ فى الاختلافِ، أما الخلافُ، فليسَ من مراداتِ اللهِ تعالى، إذ نتائجُه سيئةٌ، وعواقبُه وخيمةٌ. فما قامتِ الحروبُ، وما هلكَ المستضعفون، إلا لخلافٍ بينَ أصحابِ المطامعِ والهوى.. الاختلافُ: ما اتحدَ فيه القصدُ، واختلفَ فى طريقةِ الوصولِ إليه. والخلافُ، يختلفُ فيه القصدُ، وكذلكَ الطريقُ الموصلُ إليه. الاختلافُ: يستند إلى دليلٍ، بينما الخلافُ، لا يستندُ إلى دليلٍ. الاختلافُ: من آثارِ الرحمةِ، بينما الخلافُ، من آثارِ البدعةِ. وللاختلافِ فى الرأيِّ مميزاتٌ عديدةٌ، أهمُها : تأصيلُ مبدأِ الشورى، والتدريبُ على الاستماعِ وسعةِ الأفقِ والتنوعِ الثقافيِّ، ومنها التكاملُ بالأفكارِ، ومن ثم التطويرُ والإبداعُ فيها، وتنوعُ زوايا النظرِ، والتعرفُ من خلالِ الحوارِ، على مزايا وخبايا الشخصيةِ الإنسانيةِ. والاختلافُ : أنْ يأخذَ كلُّ واحدٍ طريقاً غيرَ طريقِ الآخَر، فى حالِه أو قولِه، من غيرِ تنازعٍ ولا شِقاقٍ، فالاختلافُ فى أصلِ اللُغةِ، لا يحملُ هَذِه المعانى، إنما واقعُ الناسِ ونفوسُهم، هى التى لا تحتملُ ذلكَ. هَذِه الصدورُ التى تَضِيقُ من مخالفةِ غيرِهم لهم، تجعلُ هَذَا الاختلافَ سبباً فى المنازعةِ، فجاءَ القرآنُ الكريمُ، فى بعضِ آياتِه، على هذا المعنى الحاصلِ. والخلافُ أعمُّ من الضدِّ، لأنَّ كُلَّ ضِدَّيْن مختلِفان، وليسَ كلُّ مختلِفَيْن ضدَّيْن، فالسوادُ والبياضُ، ضدان ومختلِفان، أما الحُمرةُ والخُضرةُ، فمختلفان، وليسا ضدَّين. نختلفُ مع بعضِنا البعضِ، ولا نختلفُ على بعضِنا البعضِ، رأيُك قد يُخالفُنى، لكنَّنى أدافعُ عنه، وكأنَّه رأييِّ أنا، هكذا هم الأسوياءُ، تماماً كما قالَ إمامُنا الشافعيُّ، رحمةُ اللهِ عليه : رأييِّ صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأَ، ورأيُّ غَيريِّ خَطأٌ يَحتَمِلُ الصَّوابَ.. هى ليستْ حرباً فى الأساسِ.. يا يونسُ (تلميذُ الشافعي) الذى أغضبَه اختلافُ الأخيرِ معه فى الرأيِّ، فتركَ مجلسَ العلمِ، وفرَّ عائداً إلى بيتِه، فلحِقَ به هَذَا الأخيرُ، إلى بيتِه، وعلمَه، وقالَ له : يا يونسُ، تجمعُنا مئاتُ المسائلِ وتُفرِّقنا مسألةٌ واحدةٌ ! لا تحاولْ الانتصارَ فى الاختلافاتِ كُلِّها، فكَسْبُ القُلُوبِ، أولى مِنْ كَسبِ المواقفِ، ولا تهدمِ الجسورَ التى بنيتَها وعبرتَها، فلربما احتجتَ إليها فى العودةِ، يوماً ما. الاختلافُ رأيٌّ، والخلافُ معصيةٌ، ويشقى الإنسانُ لما يظنُ أنَّ رأيَّه هو قطوفُ الحكمةِ، وفصلُ الخطابِ، ويهلكُ لما يجعلُ له مع اللهِ رأياً، فأنا وأنتَ والناسُ جميعاً، لا نملكُ إلا : «سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا..». لكم خالص تحياتى وتقديرى الدكتـور علــى |
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق دائما وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة وأن يثبت الله أجرك |
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب وأنار الله قلبك بنورلإيمان أحترآمي لــ/سموك |
|
- موضوعٌ فِي قمة الجَمال وأضَاء بجمالِه أرجاء المكانِ ، شكرا للإبدَآعِ يعطِيك العّآفية:64:. |
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا |
الساعة الآن 08:42 PM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع