منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (http://www.r-eshq.com/vb/index.php)
-   ✦ هدِير الوَرق العَام ✦ (http://www.r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   قافلة البشير (http://www.r-eshq.com/vb/showthread.php?t=252265)

Şøķåŕą 01-19-2024 07:05 PM

قافلة البشير
 
(1)

أرى أمةً في الغار قد فدحها المصاب، ومزَّقتها الصعاب، وفقَدَتْ كلَّ الأصحاب، دبَّ فيها اليأس، وهو داءٌ قتَّال لا يبقي ولا يَذَر، فتسلل في خلسة كدبيبِ النمل، لا تكاد تسمع له صوتًا، لكرات دمها - حمرائها وبيضائها - فقتل فيها روح المقاومة.



أرى الجلاد في صورة شيطانٍ ذي قرنين، شاخصَ العينين، بعد أن أرهقها تعذيبًا بشهوات ولذَّات - بانتهاك حرمات، بارتكاب منكرات، بكثرة معاصٍ وزلَّات، بمقارفة محرَّمات - يعطيها ترياقًا!

ولأنها أمة مؤمنةٌ - ولا يُلدَغ المؤمنُ من جُحر مرتين - عرَفَت أن هذه مَكيدة جديدة، فأيُّ دواءٍ هذا الذي يصنعه شيطان؟

أدركت أمتنا أخيرًا حقيقةَ الصراع، لكن بعد أن ذاقت مِن الذل ألوانًا، وتسربلت بالهوان أزمانًا!

على كلٍّ، المهم أنها أدركت قبل فوات الأوان.



هأنذا أرقُبُها عن كثب، وَيْكأني أرى كهلًا بلغ من العمر أرذله، يحاول النهوض من جديدٍ، يتشبَّث بحيوية لربما زالت من مظهرِه، لكنها سكنت روحَه، فهو يمشي على الأرض وروحه تعانق السماء، يطَأ بقدمه الثرى، لكن لا يفارق نظره الثريَّا.

أراها بعرجاتها، بكسورها، بعشوائيَّاتها، بآثار الجلّادين على ظهرها، تقوم!



(2)

من كربلائية المشهد، وعتمة المنظر، وظلام أرخى بسدوله على أمَّتنا لقرون عدَّة، أزفُّ إليكم البشرى، بشرى النصر والظفر، بشرى كُتِبت في القدر، بشرى تكون لأمتنا كصحراءَ حلَّ فيها المطر، بشرى لأرض أجدَبت فجاءت غيمةٌ حُبْلى فانبسق السواق وانفطر، بشرى بإحياء مجدٍ ضاع واندثر، بشرى من بين الركام دامية ضلَّت طريقها بُرْهةً؛ لكنها عادت على الأثر.



تخيَّل معي هذا المشهد:

قال ابن إسحاق: وحُدِّثت عن سلمان الفارسي أنه قال: ضربتُ في ناحية من الخندق، فغلظت على صخرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريبٌ مني، فلما رآني أضرب، ورأى شدة المكان عليَّ، نزل فأخَذ المِعْوَل من يدي، فضرَب به ضربة لمعت تحت المِعْوَل برقةً، ثم ضرب به ضربة أخرى، فلمعت تحته برقة أخرى، قال: ثم ضرب به الثالثة، فلمعت برقة أخرى، قال: قلتُ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا الذي رأيت، لمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: ((أَوَقَد رأيت ذلك يا سلمان؟))، قال: قلت: نعم، قال: ((أما الأولى، فإن الله فتح عليَّ باب اليمن، وأما الثانية، فإن الله فتح عليَّ باب الشام والمغرب، وأما الثالثة، فإن الله فتح عليَّ بها المشرق)).



ففي هذا المشهد العصيب، وتلك الأحداث الدامية المُدمِية، يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الأرض لمعةَ النصر والفتح، فهي رسالةٌ لكل متشائم، وبرقيةٌ لكل مهموم، ومطويَّة لكل مكظوم، عنوانها:

ضاقَتْ ولَمَّا استحكمَتْ حلقاتُها *** فُرِجَتْ وكنتُ أظنُّها لا تُفْرَجُ



كأني برسول الله صلى الله عليه وسلم يربِّتُ على أكتافنا مواسيًا قائلًا: أيا أحفادي، إن الأمر إذا ضاق اتَّسع، وإن الكرب إذا اشتدَّ انفرج، ونصرُ الله آتٍ لا محالة، وإن مع العسر يسرًا، ولن يسبق عسرٌ يُسرينِ، واعلموا يقينًا أن الله سيفتح لكم بابًا حسبتموه من شدة الكرب لم يُخلَق بمفتاح، وستَبِيتينَ يا أمتي يومًا قريرةَ العين، هادئة النفس، مستقرَّة الوِجدان.

هم يقولون: متى هو؟

والله يجيبهم: ﴿ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ﴾ [الإسراء: 51].



(3)

القاعدة تقول: "الضدُّ لا يعرف إلا بضدِّه، ويخرج بتعريف ضابطه وحدِّه"، فإن لم يكن هناك معنى للحزن، فإنه بالضرورة المنطقية لا معنى للفرح، فإن ألذَّ طعام بعد جوع، وأعذب ماءٍ بعد ظمأ، وأعظم نجاح بعد تضحية، ألا ترى أن العطر لا يفوح حتى يسحقَّ، والعود لا يضوع حتى يُحرَق، فكذلك الشدائد، هي واللهِ لك خيرٌ ومخرج، فلا تَضِقْ ذَرعًا بالمحن، فإنها تصقل الرجال، وتخرج من رحمِها الإنجازات.



لك أن تعلم أن الحياة صراعٌ، والدنيا تؤخذ غِلابًا، وسوق المجد مناهبة، ومَن لم يكن له في بدايته احتراق، لن يكون له في نهايته إشراق، وسئل الشافعي رحمه الله: هل يُمكَّن الرجل أولًا أم يُبتلى؟ فقال: وهل يُمكَّن حتى يُبتلى؟!



(4)

الأمة هي البَوْتقة العظمى، وتحتها يندرج أفراد.

وما أنت إلا لَبِنَة في جدار هذ الأمة، فإما أن تكون كالبنيان المرصوص، وتسدَّ ثغرك، وإما أن تكون مِعولًا يهدم فيها، ويؤتى الإسلام مِن قِبَلك، رُبَّ فردٍ أَعزَّ قومًا أو أذَلَّ.

تذكَّر دومًا أن:
في القرآن: سارِعوا، سابِقوا، جاهِدوا، أحسِنوا، انفِروا، صابِروا، رابطِوا، انتشِروا.

وفي السنة: بادِروا بالأعمال، استعِنْ بالله، استقِيموا ولن تحصوا.

ألا فلتخزنوا من الخوف والمثابرة سكرًا، ألا فتوقدوا نارًا تأكل كل عقبات النجاح.



ألا فلتكونوا ماءً ينهش كل نيران يُؤجِّجها عدوٌّ حاقد أو حاسد، ألا فلتكونوا رياحًا تسير غيث النجاح حيثما ينبت كل خير.

ولكل شيء ثمنه.


فلما هوى السيف قطع، ولما اشتعل البرق سطع، ولما تواضع الدُّرُّ رفع، ولَما جرى الماء نفع، وعلى النقيض؛ فإن الماء الراكد يأسن، والبلبل المحبوس يموت، والليث المقيَّد يذِلّ.



القطرة مع القطرة نهرٌ، والدرهم مع الدرهم مال، والورقة مع الورقة كتابٌ، والساعة مع الساعة عُمر، فبادِر الفرصة واحذَر فوتها، فبلوغ العزِّ في نيل الفرص، فإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا عزمت فتوكَّل على الله، وإياك أن تقول: ذهبت أربابه، فكل مَن سار على الدرب وصل.



لا تقف، فإن الملائكة تكتبُ، والعمر ينصرم، والموت قادمٌ، وكل نَفَس يخرج لا يعود، ومَن زرع "سوف"، أنبتت له "لعلَّ"، وأطلعت له بـ"عسى"، وأثمرت بـ"لَيْتَ"، لها طعمُ الحسرة والندامة.
نملة، ونحلة، وذئب.

أَمَا لك فيهم عبرة؟

فالنملة تكرر الصعود ألف مرة.

والنحلة تذهب كرَّةً بعد كرَّة.

والذئب من أجل طعامه هجر المسرَّة.

فكن على يقين أن الكسول مخذول، والهائم نائم، والفارغ بطّال، وصاحب الأماني مفلس.



(5)

يا شباب الأمة، أنتم صمام الأمان.


إلى كل شابٍّ وفتاة:

أنتم غراس اليوم، وأمل الغد، وصانعوا المستقبل، أنتم أهل الرباط الثقيل، والهمِّ الأكبر، لطالما تسمَّيتم (خير أمة) في أوقاتٍ أخلد فيها الناس إلى الأرض.



وبداية كل إنجاز، وقصة كل نجاح، ولحظة البَدْء لكل حلم، هي أن تُدرِك أنك صاحب المسؤولية الكبرى، والغاية العظمى، وأنك وحدَك حاملُ لواء التغيير، وأن تباطؤَك أو تكاسلك أو ركونك، هو السبب الرئيس لخذلان أمَّتك.



أنتم - إن شاء الله - خيرةُ الفرسان، أنتم باقة الشبان، وبكم تخطو أمتنا عتبة النصر بإذن الله تعالى، فأرُوا الله من أنفسكم خيرًا، يوفِّقكم لكل خير.

البداية منك، والنصر بك يبدأ

يا أمتي ارتبكي قليلًا، إنه أمر طبيعي

وقومي، إنه أمر طبيعي كذلك

جوهرة القصيد 01-19-2024 09:21 PM

سعدت بتواجدي بطيات متصفحك
سلمت اناملك ع الطرح الجميل والمميز
لك احترامي وتقديري

عاشق الغيم 01-19-2024 11:52 PM

طرح وانتقاء مميز
تسلم يداك ويسعدك ربي
تقديري لك

عطرها كادي 01-20-2024 05:00 AM

إنتقاء ثري بالذائقه
سلمتي ودام رقي ذوقك
بإنتظار القادم بشوق
لروحك السعاده

رحيل 01-20-2024 07:43 AM

سلمت آناملك ع الإنتقاء ،
دمت بسعاده بــحـجم السماء ،
لقلبك طوق آليآسمين

نبضها مطيري 01-20-2024 09:04 AM

طرح جميل
يعطيك العافيه


الساعة الآن 11:46 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع