منتدى رواية عشق - أطفال التوحد ورمضان.. نصائح عملية

أطفال التوحد

ورمضان.. نصائح عملية

كيف نُشعر أطفالَنا المتوحدين بفرحة استقبال رمضان؟..
وكيف نشركُهم معنا في عباداته وعاداته؟..
إليكم هذا التحقيق، الذي نعرض خلاله لآراء أصحاب الاختصاص، وتجربة عملية لإحدى الأمهات.
كيف نمهد للطفل معنى رمضان؟
تقدم الأستاذة أميرة الدمراني – المختصة في مجال التوحد وتدريب الأمهات- لموقع رسالة المرأة إرشادا للأم في كيفية تهيئة الطفل لاستقبال رمضان، تركز فيه على أهمية تمهيد معنى رمضان للطفل المتوحد، مع استغلال كونه بصريًا، ويعتمد كثيرا في إدراكه على حاسة البصر، ونقوم بذلك عبر أمور، منها:
ـ الكروت وأوراق وكتيبات التلوين وهي متوفرة على الإنترنت، مع إشارة الأم وشرحها بكلمات بسيطة وتكرارها لما في الصور مثل اجتماع الأسرة للإفطار، أو الصلاة في المسجد، وشكل الفانوس، وغير ذلك من الصور.
ـ تعليق الزينة الرمضانية والفانوس أول يوم حتى يرتبط بالشهر، وليس قبله.
ـ مساعدته وتشجيعه أن يشارك الأطفال اللعب بالفوانيس.
فجعل البيئة المحيطة بالطفل تظهر الاحتفال برمضان تقرب إليه الإحساس به، بأن تكون الزينة المميزة موجودة في أماكن مختلفة بالمنزل.
الجدول الرمضاني المصور
وتنصح الدمراني أم الطفل المتوحد باستخدام الجدول المصور، لأنه سيساعدها كثيرًا على تنظيم يوم الطفل، مما يقلل من ضغطه عليها، كما سيقرب له الأعمال الرمضانية بصورة سهلة.
الجدول المصور يرتب يوم الطفل والأسرة في رمضان، ويمكن أن يكون برسوم أو بصور للأسرة نفسها إن أمكن ذلك، ففيه مثلا الصلاة، والإفطار، وصلاة التراويح، والسحور.
مساعدة الأم
ومن الأمور التي تنصح بها لدمج الطفل المتوحد مع الأسرة في رمضان مساعدته للأم، لكن لا تكون مساعدة معتادة، وإنما مساعدة بأمر مميز وخاص برمضان، مثل عصائر خاصة برمضان، أو المشاركة في أطباق سهلة أو جزء منها وتكون مهمة ثابتة له طوال الشهر.
ومن الأمور التي تجعله يشعر بأهمية رمضان رؤيته لأفراد الأسرة حريصين على تلاوة القرآن الكريم.
وعن صيام الأبناء المتوحدين تقول أ. أميرة: إنه إذا كان الطفل كبيرا ويستطيع أن يصوم نستخدم الكارت المصور للإفطار وقت المغرب، ونقول له مع تكرار الكلمات: ننتظر.. لم يأت وقت المغرب بعد.. أنا صائم، مع الإشارة للصورة، وربط الإفطار بالأذان والتركيز معه على أن الأذان بداية لتناول الطعام، أما إذا كانت قدراته لا تسمح له بالصيام فيشارك أسرته مائدة الإفطار والاهتمام بسماع أذان المغرب والتنبيه على أن هذا الأذان هو الذي يسمح لهم بالأكل.
تجربة أم لإدخال السرور على طفلتها
وتقول صفاء عبد الله – أم لطفلة توحدية "رنا" عمرها 9 سنوات- إنها ودعت مشاعر الضيق والإحباط منذ وقت طويل، حيث منّ الله عليها بسكينة ورضا، وبدأت تفكر منذ سنوات في كيفية تطوير ابنتها قدر الإمكان، بدلا من التسخط على الأمر وتهويله.
وتقول: من أشد الأمور على أهل الطفل المتوحد طريقة تعامل الناس، فهناك من يلقي باللوم على الأم، ويلصق حالة ابنها بها، ويقول لها بشكل مباشر أو مستتر أن إهمالها أو سوء معاملتها هو الذي أضر بالطفل، وهو لا يعلم حجم ما تتحمله الأم، ويزايد على مشاعر أم هي أرحم وأحرص الناس على أطفالها.
وتضيف: أرقني التفكير في نظرة الناس لي ولابنتي فترة، فكنت دوما ما أبرر تصرفاتها، وأخجل منها، ولكنني تعلمت أن أركز على ابنتي، وأن تكون هي الأهم من جميع الناس، في النهاية أنا من يعاني من المشكلات، وأنا التي تفرح بتطورها.. فلماذا أنشغل بالناس؟!
وعن دمج الطفل التوحدي مع الأسرة لاستقبال رمضان تقول أم رنا يجب على الأم ألا تحبط نفسها، وأن تسعى لإدخال السرور على طفلها/ طفلتها دون ضغط على النفس أو مقارنة مع الطفل العادي، فكل أم لطفل توحدي عليها أن تقتنع بكون طفلها مختلفا.. وترفع لنفسها وللآخرين شعارا تتمسك به وتعلنه، وهو: "طفلي مختلف.. لكن ليس أقل".
وتشرح كيفية إدخال السرور على الطفل بقولها: ليس بالضرورة أن يفهم الطفل معاني رمضان حتى يفرح به، فالطفل العادي الصغير بعمر عامين مثلا يفرج برمضان عندما يرى فرحة أسرته وهو لا يفهم معانيه ولا يدرك ما هو بالضبط.. فكذلك تفعل أم التوحدي تعطه الفانوس وتجعله يشارك في تعليق الزينة.
وتحكي تجربتها قائلة: أقوم مع طفلتي بأنشطة قص وتلوين للأعمال الرمضانية مثل صور الصلاة ومائدة الإفطار والمسحراتي وغير ذلك، وأشارها بنفسي ومع إخوتها اللعب بالفوانيس وترديد الأناشيد الرمضانية.
ونبهت أم رنا، ومن خلال تعاملها مع أمهات أخريات لأطفال متوحدين، إلى ضرورة التعامل مع استجابات الطفل المختلفة دون فرض طريقة معينة، فما ينجح مع طفل قد لا ينجح مع آخر، فالبعض قد يهرب من اللعب، وهنا تتحايل الأم وتحاول التغيير وتجربة أوقات وطرق مختلفة لجذبه للمشاركة.
وتنصح الأم بضرورة مراعاة الجو المناسب للطفل حسب طبيعته، فهناك طفل يخاف من الأصوات العالية، هنا لا داعي لمفاجئته بها ومراعاة التوسط وتقليل الصوت، وهناك من يتوتر في الزحام أو مع العدد الكبير من الناس، فنتدرج معه في ذلك ولا داعي للعزائم الكبيرة.
وعن تنظيم الأم لوقتها في رمضان، تقول: لدي طفلين آخرين غير رنا، وفي رمضان أستقبل الضيوف من أهل الزوج وأهلي، لذا فإنني أجهز نفسي قبل دخول الشهر الكريم، بإعداد المنزل والكثير من المأكولات، وأحرص على انتظام تدريب رنا في رمضان، فلا يمكن إيقاف التدريب شهرا كاملا فهذا يؤدي لنقص ملحوظ.
وتضيف: ما أحب أن أؤكد عليه أن ضبط الأم لأعصابها، ولجوئها لسلاح الدعاء، ونظرها دوما لمن هو مبتلى أكثر منها.. هي أمور لا تريحها نفسيا فحسب، وإنما تساعدها أيضا عل تنظيم وقتها، لأن الوقت يضيع في أحيان كثيرة نتيجة الشعور بالعجز والكسل وسيطرة الإحباط على النفس، أما الرضا واليقين بالله فيمنح قوة كبيرة للإنسان.
الملاحظة والتدوين
تقول الأستاذة مرفت السنجيدى – دبلوم تربية خاصة وتعديل سلوك وصاحبة مجموعة طفلي والإبداع - إنه من المهم ملاحظة وتدوين ما يمر به الأطفال بشكل عام، والتوحديين بشكل خاص، فقد ينسى الوالدين بعض الأمور الفارقة في التشخيص والعلاج أثناء زيارتهم للطبيب.
كما نوهت ومن خلال خبرتها في هذا المجال على مدار 22 عامًا أن للتدخل والتدريب المبكر أهمية قصوى في تعديل سلوك الأطفال وتنمية مهاراتهم.
وعن غرس المعاني الإيمانية لدى أطفال التوحد أشارت السنجيدي إلى أن التقليد والتكرار وتقريب المعاني بصورة محسوسة ملموسة هي المفاتيح في تعليم وتعويد الطفل المتوحد.
وأوضحت أن معنى الإيمان إدراكى لا يلمسه الطفل أو يراه أو يحسه لأنه مفهوم، لذا حتى يدرك الطفل التوحدي معنى الإيمان يجب أن يراه، ونربطه لديه بتصرفاتنا وتكرارها أمامه، فالطفل التوحدى بصفة خاصة نمطى، لذا أنصح الأم بالآتي:
ـ دعيه يراك تصلين وشاركيه الصلاة ودربيه عليها.
ـ اقرنى الأفعال التى تقومين بها في البداية باسم الله، وفي نهاية الإتمام بالحمد لله.
ـ دعيه يرى خشوعك واهتمامك بسماع الأذان وترديده في كل مرة يؤذن للصلاة.
فالكلمات المطلقة لا تفيد المتوحد، فلكي تدربيه مثلا على مفهوم ساخن وبارد، أو توصلي له ماهية السخونة والبرودة، يجب أن يلمس الكوب البارد مع نطق كلمة بارد أو إشارة بارد، وكذلك الساخن، هنا يصل المفهوم سريعا ويدركه.
وعن المشاركة في العبادة في شهر رمضان، قالت السنجيدي إنه من الممكن أن يقلد الطفل، ولنبتعد عن إجباره.
ووجهت كلمة إلى الأمهات قائلة: طفلك هو طريقك للجنة، فلا تبخلي بوقتك وجهدك، وتغلبي على نظرات المحيطين السلبية، فالكثيرون ينقصهم التوعية والفهم، وستجدي أثر كل جهد مع طفلك لأنه سيطور منه.