منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (http://www.r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ (http://www.r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم...) (http://www.r-eshq.com/vb/showthread.php?t=126039)

رحيل 07-17-2021 11:02 AM

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم...)
 
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون والمؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي بعدها -إن شاء- الله ندرس كتاب الله عز وجل.
وها نحن مع سورة المائدة المدنية، ذات الأحكام الشرعية العديدة، بالأمس عرفنا ما حرم الله تعالى علينا من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، وأمرنا بالانتهاء فقلنا: انتهينا يا ربنا، فمن كان منا يتعاطى شيئاً من هذه أعلن عن توبته؛ لأن عمر كان يقول: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فلما نزلت: ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )[المائدة:91]، قال: انتهينا يا ربنا.. انتهينا يا ربنا.
وعرفنا أن الذين شربوا الخمر ولعبوا الميسر قبل تحريمهما لا إثم عليهما بشرط أنهم مؤمنون متقون، والذين شربوها وتعاطوها بعدما نزل تحريمها هؤلاء إن تابوا تاب الله عليهم، وإن أصروا على هذا فهم فساق فجرة أمرهم إلى الله، إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم.
وفي هذه الليلة مع هذه الآيات، فهيا نسمع تلاوتها متدبرين متفكرين قبل أن نتناول شرحها وتفسيرها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ * أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )[المائدة:94-96]، تحشرنا الملائكة وتجمعنا لساحة القضاء وفصله.
غاية الابتلاء بالصيد
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )[المائدة:94]، هذا نداء الله لعباده المؤمنين، ناداهم ليعلمهم بما لم يكونوا يعلمون؛ إذ قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ )[المائدة:94]، والابتلاء الاختبار، من أجل أن تتجلى حقائق الإيمان في نفوس المؤمنين، بدون ابتلاء كل الناس يقولون: إنهم صالحون مؤمنون، فالابتلاء اختبار بأمور قد تكون صعبة على النفس، فإن حمل الإيمان صاحبه على أن يمتثل أمر الله تجلى إيمانه وصح منه، وإذا عجز ولم يمتثل أمر الله بالفعل أو الترك فإيمانه ضعيف أو مشكوك فيه، الله عز وجل قد علمنا قبل أن نكون وعلم منا الصالح والطالح والبار والفاجر، ولكن هذا الابتلاء اختبار نحن الذين نعرف حقيقته، أما الله فقد علم الصالح منا والطالح، قبل أن يخلق السماوات والأرض، إذ كتب ذلك في كتاب المقادير، ولهذا يقال: هذا علم ظهور؛ لتظهر حقيقتنا بين يدي الله والناس. وما قال: ليبلوكم الله بالصيد، قال: ( بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ )[المائدة:94]، لا بكل الصيد.والصيد: هنا مصدر صاد يصيد صيداً، وأطلق المصدر على الاسم، الصيد بمعنى: المصيد الذي صيد، ( تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ )[المائدة:94]، هنا الابتلاء على حقيقته، بحيث تتناول هذه الصيد بيديك، كالبيض وكالفراخ الصغيرة التي ما تحتاج إلى أن ترميها، تنالها بيدك، وأما الغزال والظباء وحمار الوحش فهذه كلها ما نتناولها بأيدنا، لكن الذين نتناوله بأيدينا: البيض، وصغار الغزلان، تلك الحيوانات التي بإمكانك أن تتناولها بيدك، وأخرى ما نقدر على تناولها إلا بضربها بالنبال والرماح.
(تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ )[المائدة:94]، والعلة: ( لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ )[المائدة:94]، لم شرع الله هذا وألزم المؤمنين به؟ شرعه ابتلاءً لهم ليظهر المؤمن الصادق الذي يؤمن بالله غيباً، ويظهر من لا يخاف الله بالغيب، هذه هي العلة، ( فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[المائدة:94]، الذي يصيد بعدما حرم الله الصيد ابتلاءً لنا وامتحاناً ( فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[المائدة:94]، والله إذا قال: العذاب الأليم فهو عذاب ما يطاق، الذي يستبيح ما حرم الله كبراً وعناداً هذا انسلخ من إيمانه وإسلامه، ولهذا يذوق العذاب الأليم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ )[المائدة:94]، بعضه تناله الأيدي وبعضه تناله الرماح، ما كان من صغار الطير وفراخه وبيضه فباليد، وما كان من كبار الغزلان والظباء فلا بد من الرمح، ( لِيَعْلَمَ اللَّهُ )[المائدة:94]، هذه لام التعليل، لماذا ابتلانا بهذا الابتلاء؟ من أجل أن يعلم منا علم ظهور من يخافه بالغيب ومن لا يخافه، فمن خاف الله ولم يصد فله جزاء عمله، ومن اعتدى بعد ذلك وصاد ( فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ )[المائدة:94].
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ...)
النداء الثاني: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ )[المائدة:95]، الحرم: جمع حرام، فلان حرام إذا هو أحرم، والمرأة حرام والنساء حرم، ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
)[المائدة:95]، أما إن كنتم حلالاً فالأمر واسع إلا ما كان من الصيد داخل الحرم، فلا يجوز صيده لا للمحل ولا للمحرم، ( وَأَنْتُمْ حُرُمٌ )[المائدة:95]، أي: محرمون بحج أو عمرة، وسواء كنتم في الحرم أو غير الحرم حول المدينة، إذا لبى: لبيك اللهم لبيك حجاً أو عمرة؛ فلا يحل له أن يصيد حيواناً قط.
جزاء العمد في قتل الصيد
ثم قال تعالى: ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا )[المائدة:95]، فما الحكم؟ قال: ( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ )[المائدة:95]، جزاؤه مثل ما قتل، فالغزالة يحكم فيها بالشاة، وبقرة الوحش فيها بقرة إنسية، والنعامة بالجمل والبعير، ولا بد أن يكون هناك عدلان من رجال المؤمنين هما اللذان يقدران ويحكمان، ( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ )[المائدة:95]، أي: من المؤمنين، لا يحكم في هذا كتابي ولا مشرك ولو كان أعلم منا، منكم أيها المؤمنون، ( هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا )[المائدة:95]، مخيرون. (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ )[المائدة:95]، الهدي ما يهدى إلى الحرم كما قدمنا، قد يكون بقرة، قد يكون بعيراً، قد يكون شاة، هذه الأبقار أو الأغنام أو الأبعرة تبعث إلى مكة وإن كنا سقناها في طريقنا قبل مكة بكذا ميلاً، لا بد أن تساق إلى الحرم ولا يصح أن تذبح أو بغير الحرم؛ لأن رب البيت هو الذي أراد أن يكرم أهله.
(هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ )[المائدة:95]، إذا ما حصل على البعير أو البقرة أو الشاة فإنه يقدر هذا البعير بكم؟ ثم يشترى بقيمته طعاماً، والأفضل في الطعام أيضاً أن يساق إلى مكة، ( أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا )[المائدة:95]، فإن عجز قدر الطعام كم صاعاً ويصوم عن كل صاع يومين، بهذا التخيير.
(هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا )[المائدة:95]، ما يعد ذلك صياماً، كل نصف صاع يصوم عنه يوماً، وإذا تجاوز الستين يوماً فأكثر أهل العلم أنه يعفى عنه؛ لأن الكفارات ستون يوماً، في الظهار وفي غيره.
وقوله: ( لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ )[المائدة:95]، أي: كلفه الله عز وجل بما يكفر ذنبه من أجل أن يذوق وبال أمره، أي: ثقل أمره؛ لأنه محرم، والمحرم مشغول بذكر الله وبعبادة الله، فيشتغل بالصيد ويطارده ويأخذه فهذا أمر لا يطاق، فلهذا شرع الله لهم هذا الحكم الثقيل، ليذوقوا وبال أمرهم، فالمحرم في الحقيقة كالذي دخل في صلاة وإن كان يأكل أو يشرب للضرورة، لكن كونه يضحك ويلهو ويعلب ويصيد فهذا يتنافى مع الإحرام أبداً.
معنى قوله تعالى: (عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه...)
ثم قال تعالى: ( عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ )[المائدة:95]، الذي فعلتموه قبل هذه الآية نعفو عنكم، ( عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ )[المائدة:95] مضى، كما عفا عمن شربوا الخمر قبل أن تحرم، كذلك هؤلاء أعلن عن عفوه عنهم. (وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ )[المائدة:95]، هنا اختلف أهل العلم، فالجمهور على أنه كلما عاد فعليه الكفارة، ولو عشرين مرة، ومنهم من يقول: الآية تقول: من عاد فركب رأسه وتعمد لا تؤخذ منه كفارة، هذا يترك لله ينكل به ويعذبه؛ لقوله: ( وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ )[المائدة:95]، يتركونه لانتقام لله. ومنهم من يقول: يؤدي الواجب في هذه الكفارة وأمره إلى الله، وهذا أقرب إلى توبته، وإلا فقد شجعناه فيصبح يصيد الليل والنهار.
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ )[المائدة:95]، لا يمانع فيما يريد، لا يغلب فيما يريد أن يفعل، حكيم في انتقامه وفي نفعه وضره.

عبد الحليم 07-17-2021 11:08 AM

سلمت يداك على الطرح الراقي
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
لك اعجابي وتقديري

شيخة الزين 07-17-2021 12:48 PM

يعطيك العافيه على الطرح القيم
جعله الله في موازين حسناتك

Şøķåŕą 07-17-2021 01:40 PM

تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

نور القمر 07-17-2021 02:24 PM

الله يعطيك العآفيـه ,
وسلمت يدآك على النقـل ,
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء ,
لقلبك السعآده والفـرح ..
|‘,

أبو علياء 07-17-2021 03:45 PM

جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام


الساعة الآن 07:38 AM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع