منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (http://www.r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (http://www.r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   غزوة بدر.. «غرة» إنسانية الحرب (http://www.r-eshq.com/vb/showthread.php?t=257683)

الدكتور على حسن 03-27-2024 06:04 PM

غزوة بدر.. «غرة» إنسانية الحرب
 
أسس الفقه الإسلامى، استناداً للأحكام القرآنية والسّنة النبوية، غرة «القانون الإنسانى للحرب»، ما أضفى لمحة إنسانية لم تكن معهودة من قبل فى الحروب، وظلت ملازمة لغزوات المسلمين منذ غزوة بدر الكبرى، التى كانت بداية تأسيس منظومة إسلامية شاملة للتعامل مع المدنيين خلال العمليات العسكرية، كما انشغل مع التأسيس المبدئى، التراث الفقهّى بالقضايا المرتبطة بكيفية إدارة الحروب على نحو يكبح تأثيراتها المُدمرة على المدنيين، ويضعها فى سياق أقل الأضرار المُمكنة، بوصفها ظاهرة إنسانية لا يمكن تجنبها.
بلور المُوروث الفقهى، قواعد عامة باتت مُلزمة للمسلمين خلال حروبهم لنشر الدعوة وردع الاعتداءات الخارجية، أتى فى مقدمتها ضرورة تقييّد العمليات العسكرية بساحة الحرب عدم استهداف المدنيين وغير المقاتلين عمدًا، إذ لا حروب مفتوحة كما نرى الآن، لقوله تعالى... «وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» (البقرة: 190). ثم بيّن الهدى الشريف خمس شرائح وفر لها الحماية والحصانة: النساء، الأطفال، المسنُّون، الرهبان، والعُسفاء، وهم بالتعبير المعاصر المراسلون وأفراد الطواقم الطبية. ثم تالياً، فرض حظرا تاما على استخدام الأسلحة الفتاكة بالممتلكات والبشر، إذ تم تقييّد هذا الاستخدام تبعاً لنوعية الحصون، من حيث التمييز بين الحرب بساحات مفتوحة ومثيلتها المُقيدة بالقتال من وراء جدران. إذ قيّد هذا الاستخدام تماماً فى الأولى، وأجازت بالثانية تحت مقتضيات الضروريات العسكرية، مع التأكيد ألا يستغل هذا الاستثناء لتبرير الانتقام من المدنيين المشمولين بالحماية، كما حُظر أيضاً القيام بالهجمات العشوائية، للحرص على عدم تعريض المدنيين للخطر والتهديد سواء لتعذر الرؤية أو الحشود الكبيرة، بدت الغاية واضحة ما بين القواعد الإنسانية المتعلقة بالتمييز والتناسب والاحتياط بالعمليات العسكرية من ناحية، ومبدأ الضرورة العسكرية المُلحة من ناحية أخرى. كما حرّمت الشريعة تحريماً تاماً نوعين من الممارسات التى شاعت بالحروب: الأولى، التمثيل بالجثث، امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم...«لا تغلُّوا ولا تغدروا ولا تمثِّلوا»، بل أوجبت دفن الموتى من الأعداء أو تسليم جثثهم عقب توقف الأعمال القتالية، حفظاً للكرامة الإنسانية، وصل الأمر بالإمام بن حزم الأندلسى القول بأنه يقع على عاتق المسلمين التزام بدفن جثث أعدائهم إذا لم يأخذها العدو، وأنَّ تقاعسهم عن الاضطلاع بهذا الالتزام يرقى لحد التمثيل بالجثث. الثانية، أوجبت الشريعة احترام أسرى الحرب ومعاملتهم معاملة إنسانية. وإطعامهم وسقايتهم وكسوتهم إن لزم الأمر، وحمايتهم حماية تامة، وصل الأمر للحد الذى حرُم فيه الإمام مالك تعذيب أسرى الحرب لانتزاع معلومات عسكرية. تكّمن الفلسفة السامية، التى حكمت هذا التراث، من أن كل شيء بهذا العالم من خلق الله عز وجل، والإنسان بوصفه خليفته بالأرض، يتحمل أمانةً حماية ما لله، والإسهام فى نمائه فى تعابيره الإنسانية وغير الإنسانية، وامتثالاً لأوامره بعمارة الأرض وعدم الإفساد فيها، ما دعا الإمام عبدالرحمن الأوزاعى لصك مبدأ فقهى يؤكد...«لا يحلَّ للمسلميــن أن يفعلوا شيئًا من التخريب والتدمير فى دار الحرب، لكونه فساداً بالأرض، والله لا يحب الفساد والمفسدين». فقد كان له أسّوة وعبّرة فى الأوامر التى كان يؤكدها دوماً الخليفة الصديق أبو بكر لقادته خلال حروب الردّة... «لا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تهدموا بناء، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكله، وَلا تُغْرِقُنَّ نَخْلًا وَلا تَحْرِقُنَّهَا». شتان ما بين هذا التراث الإسلامى، وما نراه حالياً حرب غزة من إهدار متعمد لحق الحياة للفلسطينيين، مصحوب بسحق إنسانيتهم، بالقتل والتعذيب والتجويع، فى وقت يقف العالم الغربى الذى صك مواثيق الحقوق المدنية موقف المؤيد لإسرائيل فى جرائمها تلك. إذ إن تلك الجرائم وغيرها من أحداث مأساوية نشهدها، تعيد تأكيد أنَّ الإسلام، دين الرَّحمة والإنسانيَّة والإحسان، حسب تأكيدات الدكتور محمود الهوارى الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، الذى قال إن الحضارة ليست بالكلام، وإنما بالقيم والأخلاقيات، الشاهد على ابتعاد الإنسانية عن معانى السامية، وبعد الحضارة الغربية عن القيم الحقوقية، ما يدور فى غزة الآن، من اعتداء وحشى، لا يقره دين ولا عقل. فمن تأمل المعارك، التى دارت بالفترة الأولى من عمر الإسلام، يجد تراكم فى التراث الداعى لاحترام وحماية المدنيين. إذ وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، للعالمين تصوُّرًا ساميًا يؤمن للأسرى حقوقهم برغم أنَّهم محاربون، فى زمن لم يعرف أخلاقيَّاتٍ للحروب، إلَّا أنَّه عليه الصلاة والسلام أمر بالإحسان إليهم، وقرَّر لهم واجباتٍ وحقوقًا، منها: الحق بالطعام والكسوة، والمعاملة الحسنة، والحرية الدينية. امتثالا لقوله تعالى....«يا أيُّها النَّبيُّ قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا ممَّا أُخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم». هنا يقارن الهوارى بين هذا الأدب الرَّبَّانيِّ وما فى معسكرات التَّعذيب والقتل الَّتى شُيِّدت فى عصر الحضارة؛ ليتبيَّن بوضوحٍ الفرق بين رُقيِّ الإسلام وتحضُّره الحقيقيِّ، والحضارة الزَّائفة الَّتى لا تعرف الإحسان ولا الرَّحمة ولا التَّسامح إلَّا حبرًا على الأوراق. لقد كان هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أثناء القتال نمطًا فريدًا فى تاريخ المعارك، فقد شرع لأمته آدابًا يتحلَّون بها قبل الحرب وأثنائها وبعدها، فكان عليه الصلاة والسلام إذا أمَّر أميرًا على جيشٍ أو سريَّةٍ أوصاه فى خاصَّته بتقوى الله ثمَّ قال... «انْطَلِقُوابِاسْمِ اللهِ وَبِاللهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، وَلَاتَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا،وَلَاطِفْلًا، وَلَاصَغِيرًا، وَلَاامْرَأَةً، وَلَاتَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ». فإذا وضعت الحرب أوزارها، ووقع المقاتلون من الكفار أسرى، جدَّد صلى الله عليه وسلم هذا الأدب الربانى، وأوصَّى المسلمين، ألَّا يصل إلى الأسرى إلَّا كلُّ خيرٍ، وكأنَّما يعلن بذلك عن معانى الكرامة الإنسانيَّة الواجبة لكل إنسان، ويقول لأصحابه... «اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَىخَيْرًا». من بعده كما يؤكد الهوارى، ضرب الصَّحابة أروع الأمثلة فى معاملة الأسرى، بل كانت كسوة الأسير محلًّا للاهتمام، ويكفى أنَّ البخاريَّ رحمه الله عنون فى صحيحه بابًا سماه «بَابُ الكِسْوَةِ لِلْأُسَارَى». لعلَّ هذا الإحسان كان سببًا فى نقل خصال الخير الَّتى يتخلَّق بها المسلمون إلى أقوامهم، فكانت هذه الصُّور الإيجابيَّة سببًا فى إسلامهم فيما بعد. أما المدنيون الذين لا ناقة لهم ولا جمل فى الحرب، فقد أنكر الإسلام أن يتعرض لهم أحد بأذى أو سوء. فى إحدى المعارك رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، الناسَ مُجتمِعينَ على شيء فبعث رجلًا، فقال: انظُر علامَ اجتمع هؤلاءِ، فجاء فقال: على امرأةٍ قتيلٍ، فقال: ما كانت هذه لِتقاتلَ، قال وعلى المُقدِّمةِ خالدُ بنُ الوليدِ فبعث رجلًا فقال قُلْ لخالدٍ لا يَقتلَنَّ امرأةً ولا عسيفًا، ويظلُّ يوم فتح مكة أوضح دليلٍ على السَّماحة والإحسان والعفو عند المقدرة، اتفق معه أستاذ التفسير وعلوم القانون بجامعة الأزهر، الدكتور عبدالشافى الشيخ، بتأكيد على الرسالة العالمية للإسلام، ومُهمته السامية ليس فى حسم مسألة التوحيد والعبودية لله فحسب، وإنما أيضاً أن يعمّ الأمن والرخاء بقاع الأرض. لذا نظم حياة الإنسان بما فيها صراعاته المسلحة.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــم
الدكتـور علـى حســن

ضامية الشوق 03-27-2024 06:23 PM

جزاك الله خيرا

روحي تبيك 03-27-2024 07:48 PM

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورلإيمان
أحترآمي لــ/سموك

نسائم الحب 03-27-2024 09:04 PM

جزاك الله خيرا
دمت بحفظ ا لرحمن

мя Зάмояч 03-27-2024 09:26 PM

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

عاشق الغيم 03-27-2024 09:41 PM

جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك
وكتبه في ميزان حسناتك
كل التقدير


الساعة الآن 09:07 AM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع