عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-14-2018
بــســـمۭــۃ فــجــــڕ غير متواجد حالياً
Oman     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 5
 اشراقتي ♡ » May 2017
 كُـنتَ هُـنا » منذ يوم مضى (05:23 PM)
موآضيعي » 391
آبدآعاتي » 1,426,919
 تقييمآتي » 854066
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » 25سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوجة 😉
تم شكري »  7,705
شكرت » 4,541
الاعجابات المتلقاة » 4303
الاعجابات المُرسلة » 112
مَزآجِي  »  قعفت_عليكم
мч ммѕ ~
MMS ~
 
افتراضي قصص غريبة الا في مجتمعنا | سالم الرحبي~

























قصص غريبة إلا في مجتمعنا..


سالم الرحبي


عقارب الساعة تشير إلى منتصف النهار والشمسُ القائضة تُلهب الإسفلت بسياط حرارتها المرتفعة حين كنتُ أقودُ سيارتي باتجاه مسقط لمحتُ أربع سيارات صهاريج نقل المياه تقف على الرصيف في منطقة الجفنين تحديداً، إحداها لجارٍ لي في البلدة، ركنت سيارتي لأتعرف على المشكلة، وجدتهم أربعة شبان تعارفوا للتو وقد انخرطوا في أحاديث متفرقة وضحكات عالية.

حين سلمت عليهم بادرني جاري بالقول مازحاً: "انت ما صاحب تنكر ليش وقفت؟"

عرفتُ لاحقاً أن صاحب أول صهريج تعطلت سيارته وهو في الطريق إلى مسقط قادماً من "إزكي" وكلما مر صاحب صهريج توقف لتقديم المساعد، مع أنهم لا يعرفون بعضهم، ولكن لأن سيارة صهريج متعطلة فلابد من تقديم المساعدة بغض النظر إذا ما كنت تعرف الشخص أم لا، فهناك صاحب صهريج يحتاج إلى مساعدة.

كان الشبان الأربعة يسعون جاهدين تحت قائظة الشمس لمعرفة سبب العطل وإصلاحه وكنتُ أنظر إليهم بغبطة وهم يتسابقون جميعاً في تقديم المساعدة.. حين تركتهم كان ستة صهاريج على الأقل تقف على الشارع.. ستة صهاريج لستة شبان لا يعرفون بعضهم جمعتهم روح التكاتف والترابط.

قبل أن أكتب هذه السطور بيوم شبَّ حريقٌ في بلدتي تدافع نحوه أصحاب الصهاريج لإطفائه، كان كل صهريج يمر يقف ويسحب خرطوم الماء ويبدأ في إطفاء الحريق ساعدهم شبابٌ من القرية والقرى المجاورة فيما قام رجال الشرطة بتنظيم حركة المرور.. وقبل وصول سيارات الإطفاء كان الشباب قد أخمدوا الحريق تماماً.

في قلوبنا الكثير من النقاء والكثير من المحبة، وقبل كل هذا في قلوبنا الكثير من الخير.. هذه ليست مبالغة ولا حباً للمديح كما يصفه البعض، بل هي صفاتٌ يتربى عليها الفرد ويستقيها من مجتمعه.

تقود سيارتك في الشارع العمومي ثم تلحظ أن السيارة القادمة من الاتجاه المقابل تضيء مصابيحها لك.. هي حركةٌ باتت معروفة فصاحب تلك السيارة يخبرك أن ثمة مشكلة أمامك وعليك أن تحترس قد تكون ازدحاماً مرورياً أو حادث سير.. تبطئ من سرعتك، وكتعبير عن الامتنان والشكر تضيء له أنت مصابيحك أيضاً كمن يرسل شكره عبر الضوء.

تذهب السيارة بعيداً في اتجاهها وتذهب أنت بعيداً في اتجاهك، ورغم انكما لا تعرفان بعضكما، وربما لن تلتقيا مستقبلاً، بل وحتى إن التقيته يوماً فلن تعرفه ولن يعرفك، ولكنه أدى ما عليه، وعليك أن تؤدي ما عليك وأنت تبطئ من سرعة سيارتك.

العديد من القصص المشابهة أو ربما أكثر غرابة وطرافة مرت علينا نستحضر فيها روح الترابط والتعاضد بيننا، وليس عليك سوى سؤال أي سائح تصادفه عن رأيه في السلطنة فيجيبك "الناس لطفاء جداً"

هذه اللطف لن تجده في دولٍ عدة، ومن يسافر كثيراً يدرك معنى الكلام، هناك يـُنظر للغريب الذي نطلق عليه "ضيف" يُنظر إليه بالكثير من الارتياب والتحفز لكل حركاته وسكناته، بل حتى إذا فكرت في ملاطفة أو محادثة طفل صغير سيسحبه والداه وهم يرمقانك بنظرة امتعاض.

أما أكثر القصص غرابة والتي مازلت أحفظ تفاصيلها تماماً فقد حدثت منذ زمن، حين كنت طفلاً اجتمع عدد من كبار السن للإصلاح بين صديقين وقع بينهما خلاف، كان أحدهما يرعد ويزبد وهو يصرخ في الحضور "كيف أهون عليه يسوي فيي كذا.. كيف أهون عليه يسوي فيي كذا"

وكان الجميع يسعى إلى تهدأته، من الواضح أنه كان الأكثر غضباً وزعلاً من صاحبه.. الغريب في القصة هو سبب الزعل، والسبب هو أن صديقاً قدم من عبري إلى مسقط وفي الطريق أدركته الصلاة فتوقف في إحدى المساجد على الطريق، صلى ثم أكمل طريقه.. لكنه لم يكن يعلم أن أحدهم سيلمحه وهو يصلي في تلك البلدة التي تصادف أنها بلدة صديقه ويخبره بأنه شاهد فلاناً.

كانت هذه الحادثة كفيلة بأن يغضب ذلك الصديق غضباً حقيقياً لأن صديقه توقف في بلدته ولم يزره في المنزل كي يأخذ قسطاً من الراحة ويتناول القهوة قبل أن يكمل طريقه، ما اعتبرها إهانة في حقه.. فكيف "يهون عليه صديقه أن يفعل به كذا"

هذه الحادثة قد تبدو غاية في الغرابة لمن يقرأها خارج مجتمعنا ولكنها غاية في البساطة لدينا وقد تحدث يومياً نطلق عليها مصطلح "التشره".

هذه القلوب المغلفة بكل هذا النقاء تستحق أن تبقى كما هي، تلمع كالنجوم في الليالي المظلمة، وليس علينا أن نستسلم لضغوطات الحياة أن تسلبها منا، ولا لأي مشكك أن يزعزع ثقتنا فيها..



















 توقيع : بــســـمۭــۃ فــجــــڕ


رد مع اقتباس
6 أعضاء قالوا شكراً لـ بــســـمۭــۃ فــجــــڕ على المشاركة المفيدة:
 (09-14-2018),  (09-14-2018),  (09-15-2018),  (09-23-2018),  (09-14-2018),  (09-14-2018)