الموضوع: عدة المرأة (4)
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-21-2020
إميلي. غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 1005
 اشراقتي ♡ » Dec 2018
 كُـنتَ هُـنا » منذ 18 ساعات (07:09 PM)
موآضيعي » 2469
آبدآعاتي » 427,995
 تقييمآتي » 179120
 حاليآ في » سطح القمر
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ♔
تم شكري »  6,781
شكرت » 2,066
الاعجابات المتلقاة » 293
الاعجابات المُرسلة » 150
مَزآجِي  »  1
 
افتراضي عدة المرأة (4)



الحمدُ لله وحدَه، والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أمَّا بعدُ:


فحيَّاكم الله أيها المستمعون والمستمعات في برنامجكم فقه الأسرة، وفي هذه الحلقة نُواصل الحديث في مسائل العدة، وسبق التذكير بأنَّ مسائل العدة مسائل مهمَّة ينبني عليها أحكامٌ كثيرة في المواريث والأنساب والنكاح وغير ذلك، كما يبرُز فيها تعظيمُ الشريعة الإسلاميَّة لعقد النكاح وحماية جَنابه وتربيةُ الزوجين على رعايته.
وسبقت الإشارة إلى أنَّ العدَّة في الشرع تربُّصٌ محدودٌ شرعًا بسبب فُرقة نكاح، وما أُلحق به، وأنَّ العدَّة واجبةٌ بدلالة الكتاب والسُّنَّة والإجماع، حسَب حال كل معتدَّة، وأنَّ أنواع المعتدَّات ستة أصناف:
أولها: الحامل.

وثانيها: المتوفَّى عنها زوجُها من غير حملٍ منه.
وثالثها: الحائل - أي: غير الحامل - التي تحيضُ وقد فُورقت في الحياة.
ورابعها: الحائل التي لا تحيضُ لصِغَرٍ أو إِياسٍ، وهي مُفارقة في الحياة.
وخامسها: مَن ارتفع حيضها ولم تدرِ ما رفعه.
وسادسها: امرأة المفقود.
وسبَقَ الحديث في الحلقات الماضية عن أصناف المعتدَّات عدا الصِّنف الأخير، وهي امرأةُ المفقود، وعنها سيكونُ حديثنا في هذه الحلقة.
والمفقود هو مَن انقطع خبرُه، وخفي أثَرُه وجُهل مكانه فلم يعلمْ له حياة ولا موت، هو كرجلٍ سافَر ثم انقطعت أخبارُه ولا يعلم، هل وصَل البلد الذي قصد، أو رجَع إلى بلده، أو ذهب إلى بلدٍ آخر، أو مات، أو أُسِرَ.
وجعل الفقهاء للمفقود أحكامًا: فلا تتزوَّج امرأته، ولا يُورَّث ماله، ولا يتصرَّف في استِحقاقه إلى أنْ يعلم حاله ويظهَر أمره من موتٍ أو حياةٍ، أو تمضي مدَّة يغلب على الظنِّ أنَّه مات فيها ويحكم القاضي بموته، فقد أثبتوا له الحياة هنا باستصحاب الحال الذي هو "بقاء الأصل حتى يَثبُت خلافُه"، والأصل أنَّ هذا المفقود على قيد الحياة حتى يتبيَّن موتُه، وزوجته لا تزال في ذمَّته، ويلزمه نفقتها وتوفيرُ المسكن لها، وإنْ تعذَّر أخْذ ذلك منه، فرض لها القاضي نفقتها في ماله إن وُجد، أو اقترض عليه، أمَّا لو تضرَّرت الزوجة من بقائها على هذه الحال معلقة لا هي بذات زوج تأنس به ويعفها وينفق عليها، ولا هي خالية من عقد النكاح، فتنظُر في حالها وإمكان تزوُّجها، فللزوجة في هذه الحال أنْ ترفع أمرها للقاضي الذي يضرب لها مدَّة تكون كافية للاحتياط في شأن زوجها المفقود، وتبقى في عِصمته في تلك المدَّة؛ لأنَّ الأصل حَياته، فإذا تمت مدَّة الانتظار المضروبة ولم يتبيَّن حالُه حُكم بوفاته، واعتدَّت زوجته عدَّة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيَّام، أمَّا لو كانت حاملاً فإنَّ عدَّتها تنتهي بوضع حملها كما سبق بيانُه، فإذا انتهت عدَّتها حلَّ لها الزواج.



أمَّا عن المدَّة التي يُنتظر فيها تبيَّن حال المفقود فللفقهاء تفصيلٌ وتفريقٌ بين مَن ظاهِر غيبته الهلاك؛ كمن فُقد بين الصفَّيْن في الحرب، أو اجترَفَه سيلٌ هادرٌ، أو احترقت الدار التي كان فيها ونحو ذلك، وبين مَن ظاهر غيبته السلامة كمَن خرج في تجارة أو طلب علم ونحو ذلك فانقطعت أخبارُه.






وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ مَن كان ظاهر غيبته السلامةَ فإنه يُنتظر بلوغ عُمُرِه تسعين سنة، وإنْ كان ظاهر غيبته الهلاك ينتظر أربع سنين، واستنَدُوا إلى آثارٍ وردت عن الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك، إلا أنَّ هذه الآثار الواردة عن الصحابة - رضي الله عنهم -في ذلك قضايا أعيان، اقتضت الحال أنْ يقدروا هذا التقدير، وقَضايا الأعيان لا تقتضي العُموم.
ولهذا فإنَّ الذي يُرجِّحه المحقِّقون من العلماء أنَّ تقدير المدَّة يرجعُ إلى اجتِهاد الحاكم، ويختلف ذلك في كلِّ قضيَّة بعينها باختلاف الأحوال والأزمان وقَرائن الأحوال، فيُحدد القاضي باجتهاده مُدَّةً يغلب على الظنِّ موته بعدها، ثم يحكم بموته إذا مضت هذه المدَّة، وتعتد بعدَها امرأته عدَّة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا وبعد ذلك تحلُّ للأزواج.
ومن ثَمَّ فإنَّ حكم المفقود يخضع لاجتِهاد القاضي الذي يحكُم بما يراه مناسبًا للأحوال.
مستمعيَّ الأفاضل، بذِكر أهم مسائل عدَّة المفقود يكون حديثنا قد انتهى عن أصناف المعتدَّات الستَّة، وهناك مسائل مهمَّة تتعلق بالمعتدَّات جميعًا، ومنها:

سألة حق المطلقة والمعتدَّة في النَّفقة والسُّكنى: وقد اتَّفق الفُقَهاء على أنَّ المطلقة طلاقًا رجعيًّا لها السُّكنى والنَّفقة والكسوة وما يلزَمها لمعيشتها، سواء أكانت حاملاً أم حائلاً؛ لبقاء آثار الزوجيَّة وأحكامها مُدَّةَ العدَّة، كما اتَّفقوا على استِحقاق المعتدَّة من طلاق بائن إذا كانت حاملاً للسكنى حتى تضع حملها.
واختلفوا فيما لو كانت المعتدَّة من طلاقٍ بائن حائلاً، كما اختلفوا في وجوب السُّكنى والنفقة للمعتدَّة عن وفاة، وسيرد الحديث عن ذلك - بإذن الله تعالى - في مسائل النفقات.
أمَّا مكان العدَّة: فإنَّ جمهور الفقهاء على أنَّ مكان العدَّة من طلاق أو فسخ أو موت هو بيت الزوجيَّة الذي كانت تسكُنه قبل مُفارَقة زوجها، أو قبل موته، فلو كانت في زيارة أهلها، فطلَّقها أو مات، كان عليها أنْ تعود إلى منزلها الذي كانت تسكُن فيه للاعتداد؛ إذ إنَّ السُّكنى في بيت الزوجيَّة وجبت بطريق التعبُّد، فلا تسقُط ولا تتغيَّر إلا بالأعذار، ومن أدلَّة ذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1].


ووجه الدلالة: أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أضافَ البيت إليها، والبيت المضاف إليها هو الذي كانت تسكُنه قبل مفارقة زوجها أو موته، ولا يجوزُ للزوج أو ورثته إخراجُها من مسكن النكاح ما دامت في العدَّة، وإلا أثموا بذلك، وقوله تعالى: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ ﴾ يقتضي أنْ يكون بَقاؤها في بيتها حقًّا على الأزواج، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَخْرُجْنَ ﴾ يقتضي أنَّه حقٌّ على الزوجات لله تعالى ولأزواجهنَّ، فالعدَّة حق الله تعالى، والحق الذي لله تعالى لا يسقُط بالتَّراضِي، لعدَم قابليَّته للإسقاط، وهذا هو الأصل، إلا للأعْذار وقَضاء الحاجات.
ومن المسائل المتعلِّقة بالمعتدَّات مسألة خِطبة المعتدَّة خلال عدَّتها، فالمعتدَّة من وفاةٍ، والمعتدَّة البائن بطَلاقٍ يحرم التصريح بخطبتهما؛ كقول الخاطب: أريدُ أنْ أتزوَّجك ونحو ذلك، أمَّا التعريض بالخِطبة؛ كأنْ يقول لها: إنِّي في مثلك لراغب، فلا بأسَ به؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ﴾ [البقرة: 235].









أمَّا المطلقة طلاقًا رجعيًّا، ومَن بانَتْ من زوجِها بطلقةٍ أو طلقتين - أي: دُون الطَّلاق الثلاث - فللزوج المطلِّق أنْ يخطبها تصريحًا وتعريضًا؛ لأنَّه يباح له أنْ يتزوَّج مَن أبانها دون الثلاث، وأنْ يُراجع مطلقته الرجعيَّة ما دامت في عدَّتها، والله تعالى أعلمُ.
مستمعيَّ الأفاضل:
نُواصِلُ الحديث عن أهمِّ الأحكام المتعلِّقة بالعدَّة في الحلقة القادمة - بإذن الله تعالى.
وأستودعكم الله تعالى، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهم المراجع:




• "الملخص الفقهي".


• "الشرح الممتع".


• "حاشية ابن قاسم".


• "المغني".


• "بداية المجتهد".


• "زاد المعاد".


• "الموسوعة الفقهية".



 توقيع : إميلي.

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس