عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2021   #2



 
 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 56 دقيقة (10:39 PM)
موآضيعي » 14546
آبدآعاتي » 8,288,578
 تقييمآتي » 6065849
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  64,353
شكرت » 17,548
الاعجابات المتلقاة » 12296
الاعجابات المُرسلة » 649
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد -ملك/ة الحروف  


/ نقاط: 0

♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 194

 

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



مقاصد سورة النور
أحمد الجوهري عبد الجواد




هكذا ثم من الوسائل أيضاً لصيانة الأعراض بعد غض البصر وفرض الحجاب، من وسائل غض البصر تيسير النكاح وإشاعته، أكثروا من النكاح، زوِّجوا كل من لا زوج له، والمجتمع كله مسئولٌ عن ذلك، هذا يساعد بمال، هذا يقنن قانوناً ييسر النكاح، هذا يدل رجلاً على زوجة، وهذا يدل والد زوجةٍ على زوجٍ يصلح لها، وهكذا الكل يتعاون، في ماذا؟ في تزويج كل من لا زوج له، قال الله تعالى: ï´؟ وَأَنكِحُوا ï´¾ معنى أنكحوا يعني زوجوا، أنتم تزوجتم؟ نعم الحمد لله إذاً زوِّجوا ï´؟ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ï´¾، زوجوا كل من لا زوج له، والأيامى جمع أيِّم، فالرجل أيِّم والمرأة أيِّم أيضاً، معنى أيِّم يعني لا زوج له، غير متزوج، لا يزال بكراً أو تزوج وطلَّق أو تزوج وماتت زوجته أو مات زوجها، المهم الآن هو لا زوجة له وهي لا زوج لها، زوجوهم أيها المسلمون لا تقصروا في ذلك، ولا تقل ما يقول الناس من كلامٍ باطل امش في جنازة ولا تمش في جوازة، لا بل يقول لك الإسلام: امش في جنازةٌ ففيها قيراطٌ في الجنة وامش في جوازة وبالتأكيد ثواب الحي أكبر من ثواب الميت، مشيت في الجنازة حتى دفنتها وانتهى أمرها، أما حينما تمشي في جوازةٍ وتجمع بين اثنين في الحلال ولو بكلمةٍ طيبة قام هذا البيت بسببك، على أساس من كلمتك أو معونتك المادية، كم ذكروا الله هذان الزوجان، كم عبدوا الله مع بعض، كم أكرم الزوج زوجته وأكرمت الزوجة زوجها، كل ذلك في ميزان حسناتك، كم أنجبا من الأولاد وكم ذكر الأولاد ربهم، وكم حفظ من الأولاد القرآن الكريم، وكم صار منهم هذا شيخٌ وهذا طبيبٌ وهذا نافعٌ للناس بصنعةٍ وهكذا، كل هذا النفع في ميزان حسناتك صدقةٌ جارية بمالٍ أو بكلمة أو بقرار ييسر النكاح ويسهل أمره ï´؟ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ ï´¾ حتى يصل الأمر إلى قطاع الخدم والعبيد، إن كان هناك عبيد زوجوهم أيضاً ï´؟ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ï´¾، كيف نجمع هكذا والظروف صعبة، كيف يأكلون وكيف يشربون، الرزاق هو الله ï´؟ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ï´¾، أنت عليك أن تُزَّوج الناس أن تُيسِّر تزويج الناس بشكلٍ أو بآخر، بما تستطيع والبقية الرزق على الله سبحانه وتعالى، شيءٌ عليك وشيءٌ على الله، انشغل بما هو عليك واترك ما ليس عليك لمن هو عليه والله على كل شيء قدير.

ثم تبيِّن السورة بعد ذلك أن التمسك بالآداب والأحكام الشرعية طريقٌ سهلٌ للتمكين، الذي يريدون إعادة شريعة الله تعالى إلى واقع الحياة تعود هكذا، بأن نطبق نظام ربنا في حياتنا، وفي أنفسنا، في مجتمعاتنا، فإذا كان الشعب يريد الدين ومقبلاً على الدين سيوفر الله لهم من يحكمهم بدين الله، هذا طريقٌ من طريق التمكين ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ï´¾، هذه الآية وما بعدها من آيتين فيها منهجٌ عظيمٌ جداً لتمكين الأمة الإسلامية، ولذلك قال العاملون الفاهمون في هذا المجال: أقيموا دولة الإسلام في بيوتكم تقم على أرضكم، أقيموا دولة الإسلام في بيوتكم كلٌ منا يحكم بيته بما أنزل الله، جرّب أقبل نفذ إن شاء الله تقوم الدولة الإسلامية بك، وتطبق الشريعة الإسلامية بك وبأخيك وبهذا وبهذا، بنا جميعاً، ببيوتنا جميعاً تعود دولة الإسلام إلينا بفضل الله، ولأن في وسط هذا التمكين يستطيع الناس أن يقيموا حدود الله، يستطيع الناس أن يطبقوا شرع الله، يستطيع الناس أن يتسفيدوا بهذا النور العظيم.

في هذه السورة كذلك الله عز وجل يذكر أنه نور السموات والأرض، هو مصدر كل نورٍ في هذه الحياة، نوراً حسياً أو نوراً مادياً، الشمس، القمر، النجوم الأصغر، كل هذه إنما هي من عند الله، وما خلق أحدٌ منها شيئاً، كل نورٍ في السموات والأرض إنما هو من عند الله، قال ï´؟ اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ï´¾، ولكن الله تعالى لا يمتن بالنور الحسي فهذا تركه مشاعاً للكافر والمؤمن، الكل يستفيد من الشمس ومن القمر ومن النجوم، إنما خص الله المؤمنين بنورٍ آخر، ودعا الله الناس إلى نورٍ أسمى وأعلى، نور يضيء في القلب، يشع في النفس فيستقيم أمر الإنسان وحاله، وتستقيم المجتمعات، وتسعد الدنيا كلها بهذا الضياء المعنوي، مثَّل الله له لأنه أمرٌ معنويٌ لا تراه العين، ضرب له مثالاً مما تراه العين ï´؟ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ... ï´¾ إلى آخر الآية، مصباح مضيء بزيتٍ نقيٍ جداً إضاءة موضوعة داخل زجاجة، والمصباح بزجاجته داخل مشكاةٍ يعني كوَّة داخل الجدار، مثل الشباك غير النافذ، فهو مكانُ مدوَّر ومكوَّر وضيق فالنور يظهر فيه بقوة، كذلك قلب المؤمن شيءٌ قليلٌ صغيرٌ ولكنه حينما يدخله نور الله يشع فيه أضواء عجيبة وأنوار لطيفة تضيء حياته كلها، وهذا النور لا ينتفع به إلا من أذن الله له، بخلاف الشمس والقمر كما قلنا، ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ ولا يشاء الله نوره هذا إلا لمن طلبه، إلا لمن أحبه، إلا لمن سعى إليه، الله يهبه هذا النور، وبعدها بآيات يقول الله تعالى ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ï´¾، نوَّر الله قلوبنا وإياكم بالإيمان.

ثم يذكر الله تعالى موقف الناس من هذا النور الإلهي العظيم، نور الشريعة، نور الأحكام، نور الدين، ما موقف الناس منها، من هذه الأنوار؟ كان موقف الناس على ثلاثة أحوال، مؤمنون انتفعوا بنور الله ï´؟ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ï´¾، وقسمٌ ثانٍ ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً ï´¾، ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ï´¾ بحر عميق ï´؟ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ï´¾ من شدة الظلام لا يرى يديه وهي بين عينيه، فالكافر يعيش في ظلمة، ومثله كذلك المنافق ï´؟ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ï´¾، إذاً ثلاثة أصناف، المؤمنون – نسأل الله أن نكون منهم – والكافرون والمنافقون هؤلاء أعرضوا عن دين الله وغفلوا عن نور الله وعموا عنه والعياذ بالله.

هكذا السورة تعرض لنا هذه القضية أيها الأحباب في هذا العرض الطويل الجميل، ومن خلال بيانٍ لوسائل صيانة الأعراض والحفاظ عليها، تجريم وتغريم المعتدي على الأعراض، حفظ اللسان عن الكلمة التي تصيب العرض والشائعة صيانة الأذن واللسان عنها، الاستئذان داخل وخارج البيوت عند اللزوم، إشاعة الزواج وتيسيره، غض البصر من الرجال والنساء، وفرض الحجاب على النساء وفي المقابل من باب الأولى ومما لا يتحتاج إلى ذكر ستر الرجل لعورته، فليس من الشيم أن يمشي الشاب بشورت، أي بتبَّان قصير، أو ببنطلون قصير في الشارع ويظهر به على النساء، هذا لا يجوز، عورة الرجل من سرته إلى ركبته، ومن المروءة أن يغطي بقية بدنه، وكان أهل العلم والرواية للحديث قبلنا في أمتنا هذه كانوا لا يقبلون رواية ولا شهادة من كشف رأسه من الرجال، يعتبرونه مخلاً بالمروءة، فعل فعلاً يخل بالمروءة، أي من مروءة الرجل أن يغطي رأسه فضلاً عن صدره وظهره، فضلاً عن ساقيه، هذا من المروءة والجمال أن يغطي الرجل كذلك جسمه، والمرأة تغطي بدنها وزينتها كلها إلا ما ظهر منها بغير قصدها فيعفو الله عنها.

هكذا السورة تُبصِّرنا في هذا المجال، هدف هذه السورة أحبتي الكرام تقصد وتهدف إلى شيءٍ محدد وهو أقيموا شريعة ربكم لتصونوا أعراضكم وحياتكم بنظام ربكم تفلحون بإذن الله تعالى ï´؟ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾، ولاحظ معي في ختام هذه الخطبة لاحظ أن اسم السورة النور، وليس نور فقط إنما النور، شيءٌ معهود، شيءٌ محدد معروف، النور، النور العظيم، النور الحقيقي، النور وأولها ï´؟ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ï´¾، قد يقول قائم – وخاصةً في أيامنا هذه – لماذا يستقل الله تعالى ويتفرد بإنزال السورة القرآنية وإنزال الأحكام وفرضها وتقنينها علينا وتكليفنا بها، أين عقولنا، وأين أنظمتنا، وأين قوانيننا.. وأين.. وأين، ولماذا لا نأخذ بها؟ في آخر السورة إجابةٌ على ذلك بما يريح القلب، آخر آية ï´؟ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ï´¾ يعني حقاً يعلم ï´؟ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾، هل عندكم من وصفه كذلك؟ طالما لله ما في السموات والأرض وهو يحكم وينظم في ماله وفي مملوكاته فلا غبار على ذلك أبداً، وهو مع ذلك بكل شيءٍ عليم، إذاً سيشرع التشريع المناسب الحكيم ويضع كل شيء في موضعه من الزمان والمكان والأشخاص بما يتناسب مع حال الناس.

إذاً مرحباً بشريعة الله، ونعمَّ بدين الله، ونسأل الله أن يثبتنا عليه حتى نلقاه بها وهو راضٍ عنا غير غضبان، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فأوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، وأحذركم ونفسي عن عصيانه تعالى ومخالفة أمره، فهو القائل سبحانه وتعالى ï´؟ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ï´¾، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد..
أيها الإخوة المسلمون الأكارم، هذه سورة النور المدنية بما فيها من أنوار ربانية تضيء لنا حياتنا الدنيوية حتى نسعد في الحياة الأخروية، أحبتي الكرام بقي لنا أن نعرف صلة هذه السورة بما قبلها، كما قبلها مع سورة المؤمنون وهذه سورة النور أي نور الله في قلوب المؤمنين، من أكثر الناس بحثاً وحرصاً وانتفاعاً بنور الله عز وجل؟ المؤمنون، وماذا يفعلون بنور الله وهداية الله؟ سورة الفرقان بعد ذلك يفرقون بها بهذه الأنوار، يفرقون بها بين الحق والباطل، والخير والشر، والضر والنفع، لذلك تجد المؤمن على بصيرة ï´؟ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي ï´¾ هكذا يقول الله في القرآن يلقن النبي صلى الله عليه وسلم ليقولها وقد بلغنا جزاه الله عنا خيرًا ï´؟ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ï´¾، النبي صلى الله عليه وسلم كان على بصيرة في دعوته وفي عبادته لربه في حياته كلها، بصيرةٍ من عند الله، وكذلك من يتبعه على هذه الطريق فإنه يكون على بصيرة، معنى بصيرة يعني يرى أكثر مما تراه العين، بل يرى ما لا تراه العين، العين ترى المحسوسات والبصيرة تكشف المكنونات والسرائر والمخبآت، فالمؤمن على بصيرة، المؤمنون هم أكثر الناس بحثاً وطلباً لنور الله عز وجل أن يدخل في قلوبهم، وأن يملأ قلوبهم، وأن ينير بيوتهم وحياتهم، وأن يؤانسهم في قبورهم، وإذا حصَّلوه انتفعوا به ففرقوا به بين الأشياء ليأخذوا ما لهم ويؤدوا ما عليهم، وهكذا تتصل سورة المؤمنون بسورة النور بسورة الفرقان سلسلةٌ واحدة، مع أن المؤمنون والفرقان سورتان مكيتان، وسورة النور بينهما سورةٌ مدنية وتبارك من رتب سور القرآن بهذا الترتيب العظيم.

أحبتي الكرام إن كثيراً من الناس يتبرمون وينزعجون من حلال وحرام، ويظنون بذلك أن الدين يضيق علينا حياتنا، ولذلك نفر الكافرون من التقيد أو الانضباط مع هذا وعاشوا حياةً وصفوها بالحرية، لم يقبلوا تحريم الزنا، كيف يكون الزنا حرام إنها متعة، فانتشر الزنا، ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا اللواط أن يزني الرجل برجل، واختاروا السحاق أن تزني المرأة بامرأة كذلك، وقننوا لهذا قانوناً حتى يقنعوا أنفسهم أنه أمرٌ عادي ولا يُنكر عليهم، هذه حياتهم، النساء ينزعجن حينما يطالبن بالحجاب، لماذا نلبس الحجاب، اقنعني أولاً، ولماذا ألبس أنا الحجاب ولا تلبسه أنت كرجل، لماذا لا يلبس الرجال حجاباً أيضاً، ويناقشن أمر الله تعالى بسفهٍ وبجهل، ثم يشيع في الجاهليات هو الكلام حُرُم، هو الكلام عليه جمرك، دا احنا بنتكلم وخلاص، ومن هذا الكلام كلمةً يُجلد قائلها ثمانين جلدة ï´؟ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾، كلمات كثيرة من هذا النوع نسمعها في مجتمعاتنا الإسلامية اليوم في عموم الناس وفي الأماكن العامة وعلى الأسماع كلها، ويقولها الصاحب لصاحبه، فما بالك بالعدو لعدوه ماذا سيقول، كلماتٌ معناها أن عِرض أمك يا فلان أو أنك أنت أو فلان أو أبوك أو أختك أو كذا أنه زنا، بعضها صريح وبعضها بلفظٍ مكنَّى يشير إلى هذه الواقعة وهذه الجريمة، فهذه الكلمات قذف يجلد قائلها ثمانين جلدة وترد شهادته ويكون بين الناس من الفاسقين، بعض الرجال وبعض النساء كذلك يطلقون أنظارهم وأبصارهم هكذا ويقولون فسِّح نظرك، تمتع بما خلق الله من الجمال في الكون، يقصدون جمال الرجل أمام المرأة وجمال المرأة أمام الرجل، بل خرج يوماً من الأيام رجلٌ كان يُنسب إلى العلم أفضى إلى ما قدم ومات، خرج على الناس على الشاشة ويقول: خلق الله الجمال في الكون متع نظرك وانظر، انظر كيف هذه الفتاة جميلة انظر إليها وتمعن في جمالها وقل سبحان من خلقك ما شاء الله، كيف هذا؟ إذاً إن كنت تقر هذا أرني ابنتك حتى أعبد الله من خلال التمعن في جمالها، أرني زوجتك إن كنت صادقاً فيما تقول، هل يقبل ذلك، هل تقبل المرأة ذلك على نفسها؟ أبداً والله، المرأة والبنت المتبرجة غاية التبرج وأعدت نفسها بكامل زينتها وبزيادةٍ على ذلك من الألوان والأصباغ والأجزاء المستعارة كالمسكرة وغيرها، والأظافر الصناعية والعدسات اللاصقة في العين، أجزاء صناعية زادت بها في زينتها الطبيعية، خرجت بهذه الصورة لينظر إليها الناس ولتنال إعجابهم ويكثر المعجبون، ومع ذلك لو نظر إليها ناظرٌ وركز نظره هكذا لأنكرت عليه، لماذا تنظر إليَّ هكذا؟ انظر في أي جهة أخرى، ولماذا فعلتِ بنفسك هذا؟ فطرتها تُنكر أن يُركز النظر عليها أن تُسلط العدسات عليها، تنكر هذا، الفطرة سليمة وإن تغير الإنسان في سلوكياته، ففطرتها تُنكر عليها وتطلق لسانه بكلمات الإنكار على من نظر إلى جمالها أو أراد أن يتمعن في حلاوتها إن كانت لها حلاوة أمام عينيها، لكن أن يختلس النظرة من وراءها فكأنها لم تر وكأنها لم تحس.

إذاً طوائف من الناس يتبرمون من هذه الأحكام ويظنونها تضييقاً سواء من إيجاب غض البصر، أو فرض الحجاب، أو منع الزنا والاعتداء على الأعراض بالكلمة أو بالفعل، يجدون هذا تضييقاً في الحياة، وماذا لو خُدش العرض؟ وماذا لو كُسر العرض؟ وماذا لو اعتدي بالفعل على العرض وتم الزنا؟ كيف يكون التصرف؟ جاءني رجلٌ يوماً ليستفتي في قتل ابنته، وما جاء بنفسه ولكن جاء به أحد الناس كان يمنعه من ذلك وجاء به ليسأل، فقدِّر أن قابلوني وسألوني، ترك ابنته مع ابن عمها وهما جيران، أولاد عمٍ يلعبون ويلهون مع بعضهم حتى وقع الولد على البنت وهتك عرضها، فالأب شعر الآن برجولته وقام ليقتل ابنته، قلت له اقتلها ولكن قبل ذلك اقتل نفسك أولاً، أين كنت حين اختلطت بابن عمها، أين كنت حين بلغت المحيض ولم تحجبها، أين كنت وهي تخرج وتدخل ولم تضبط حركتها، أين كنت وأين كنت؟ أنت الجاني أولاً إن قتلتها فاقتل نفسك أولاً، وإن قتلت نفسك فلن تقتلها، إن قتلت نفسك أولاً فلن تقتلها، هذه بكر وحدها إن كان هناك حدٌ يقام أن تجلد مائة جلدة، لكن تقتلها لا، ولماذا ننتظر حتى يحدث الخطر، إذا نادى الشيوخ والعلماء امنعوا الاختلاط، افرضوا الحجاب، كفوا البنين عن البنات والبنات عن البنين، لا تدخلوا أولادكم في مدارس مشتركة، لا تختلطوا كأسر، لا تترك صاحبك يزورك في غيبتك ويجلس مع امرأتك، لا ولا ولا، قالوا أنتم متزمتون متعصبون متحجرون، سيئو النية لا تفكرون إلا في الشهوات.

هذا دين الله، هذه شريعة الله تصون أعراضنا، تصون شيئاً لو كُسر أو أُصيب بأدنى إصابة والله لوضعنا رءوسنا في الأرض وأنوفنا في التراب، ولحقنا العار، نعوذ بالله من البوار.

أحبتي الكرام، هذه سورةٌ عظيمة تعلموها وعلموها لنسائكم وعظِّموا العِرض فإنه شيءٌ عظيمٌ حقاٌ عظمه الله تعالى ودعا إلى صيانته، وتلك من وسائله فاتبعوا هذه الوسائل فصونوا أعراضكم، وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير.

نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، انفعنا يا ربنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً نافعا، ونعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ï´؟ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ï´¾، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتان وتوفنا مع الأبرار، ï´؟ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ï´¾، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات، اجعل اللهم خير أعمالنا خواتمها وخير أعمالنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم لقائك يا رب العالمين، ربنا إنه سبقنا إلى الدار الآخرة أحد رفقائنا وإخواننا في هذا المسجد الطيب، شابٌ نحسبه على خير من رواد المساجد ومن أصحاب الدين، نسأل الله تعالى له المغفرة والرحمة، والعفو والعافية، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وجافي الأرض عن جنبيه، واغسله يا ربنا بالماء والثلج والبَرَد، اللهم أنزل على قبره الرضا والرضوان، وأنزل على قلوب أهله الصبر والسلوان، برحمتك يا أرحم الراحمين، واغفر لجميع أموات المسلمين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، واقض حاجة كل المحتاجين يا رب العالمين.

عباد الله ï´؟ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ï´¾، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم.. وأقم الصلاة.


[1] سميت هذه السورة (سورة النور) من عهد النبيء صلى الله عليه وسلم. روي عن مجاهد قال رسول الله: علموا نساءكم سورة النور ولم أقف على إسناده، وعن حارثة بن مضر: (كتب إلينا عمر بن الخطاب أن تعلموا سورة النساء والأحزاب والنور). وهذه تسميتها في المصاحف وكتب التفسير والسنة، ولا يعرف لها اسم آخر. ووجه التسمية أن فيها آية الله نور السماوات والأرض. أهـ التحرير والتنوير (19/139).

[2] انظر: التحرير والتنوير (19/140).

[3] لم يصح في فضل سورة النور – خاصة - شيء، ووردت فيه أحاديث ضعيفة منها: "علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نسائكم سورة النور"، ومن الضعيف أيضًا: "من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي" وانظر: الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم، آمال سعدي قطينة: (ص64)، دار الحامد للنشر والتوزيع.

[4] ضعيف، أورده السيوطي في الدر المنثور: (10/632)، ونسبه إلى سنن سعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي، عن مجاهد، مرسلًا.

[5] أخرجه الحاكم في المستدرك (3/395)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ولفظه: عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "تعلموا سورة البقرة، وسورة النساء، وسورة المائدة، وسورة الحج، وسورة النور، فإن فيهن الفرائض".

[6] أخرجه البخاري (3910)، ومسلم (2770).

[7] قارن: جلباب المرأة المسلمة، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والمسألة مقتولة بحثًا، والخلاصة أنها من المسائل المتقاربة الأدلة فيسع فيها الخلاف.


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (منذ 4 أسابيع)