هكذا وصي لُقْمَانُ الحكيمُ ابْنَهِ وَهُوَ يَعِظُهُ ، وصيةً شاملةً كاملةً ، شافيةً وافيةً ، تحوي كُلَّ مقاصدِ الشريعةِ ، ومكارمِ الأخلاقِ :
«يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ..»
«يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ ..»
«وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ ..»
«وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ..»
«وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ..»
«وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ..»
«وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ..
وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ
الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ..»
وصايا عظيمةٌ، ما أجملَها، وما أكملَها !
وكذلكَ يُتحفُنا سيدُنا عليٌّ بنُ أبي طالبٍ ،
رضي اللهُ عنه ، بهَذَا الدُّرِ النَّفِيْسِ ،
من النصائحِ العظيمةِ ، عن الدُنيا والموتِ والآخرةِ ، وحقيقةِ كُلٍّ منهما :
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَتْ
أنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِنْ كانَتْ عَلى وَجَلٍ
مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها
وفي كُلِّ زمانٍ ومكانٍ،
تتواصلُ وصايا الصالحين لذويهم،
فالدينُ في الأساسِ النصيحةُ
، والأصلُ في الأمرِ :
«وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ..»
يقولُ الجَدُ لحفيدِه :
لا تُكثرْ من مديحِ مَنْ تُحبُه، ولا تصاحبْ
مَنْ لم يطعْ ربَه. لا تثرثرْ بالمجالسِ،
ولا تسلمْ وأنتَ جالسٌ، والصديقُ
الذي تخلى عنك، لا تسعَ لقُربِه .
لا تهِنْ ولا تتكبرْ ،لا تضعُفْ ولا تتجبرْ !
الصادقُ لا يحْلِفُ، والواثقُ لا يُبررُ،
والمخلصُ لا يندمُ، والكريمُ لا يَمُنّ،
والمحبُ لا يَملُّ .
كُنْ كما أنتَ، ولا تكنْ كما يريدُ غيرُك.
احترامُك للناسِ،
لا يعني حاجتَك إليهم،
ولكنَّه من أمورِ دينِك وتربيتِك.
الثراءُ بالأخلاقِ،
والغني بالقناعةِ،
والْعِزَّةُ بالتواضعِ .
لا تلتفتْ لمَنْ يتكلمُ عليك من خلفِك؛
لأنَّه في الأصلِ خلفَك، وليسَ أمامَك .
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــم
الدكتور علـــــى