قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، قالَ أبو مُعاوِيَةَ: ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ)،[٣][٣٦] وبيانُ هذه الأصناف كما يأتي: الشيخُ الزانيّ: وقد توعّده الله -تعالى- بالتوبيخ والعذاب يوم القيامة؛ لانتفاء دواعي الفعل عنده، وكمال عقله، وضعف أسباب الشهوة لديه للنساء، كما أن في ذلك نوعٌ من الاستخفاف بحق الله -تعالى-، وجاء عن القاضي عياض بتخصيص هذه الأصناف ومنهم الشيخ الزاني بذلك؛ لفعله المعصية مع بُعدها عنه، وعدم ضرورته إليها، وضعف دوافعها بالنسبة إليه،[٣٧] والمقصود بالشيخ: هو كبير السن، وقيل: هو المُتزوج،[٣٨] وخصّ ذلك بالشيخ ولكنّه يشمل الشيخة كذلك.[٣٩
الملك الكذاب: وجاء في بعض الروايات "الإمامُ الجائر"، وفي رواية الإمام مُسلم أنه الملك الكذاب، وذكره بالعقوبة؛ لأن السبب الذي حمله على المعصية هو المُعاندة، والاستخفاف بأمرها مع عدم حاجته إليها، حيثُ إن الإنسان يكذب بقصد المُداهنة والخوف، او لِطلب منزلة عالية أو جلب منفعة، وهو غنيٌ عن ذلك.[٤٠][٤١] العائل المُتكبِّر: وذلك لأن في فعله الكِبر على نفسه، حيثُ لا سبب يحملهُ على الفعل، فالشخص يتكبر بمال أو جاه وغير ذلك، وهو قد انتفت عنده، فهو لا يملك دواعي الكِبر، ولكنه فعل ما يؤدي إليه،[٤٠] والعائل هو الفقير، وقد توعّدهُ الله -تعالى- بالوعيد؛ لانتفاء دواعي المعصية مع إقدامه على فعلها،[٤١] وهذا يدُل على لؤم صاحبها، وقيل: إن العائل هو صاحب العيال، وعدم قبوله الصدقة والإحسان يُلحق به وبعياله الضرر بسبب تكبُره من عدم قبولها.[٤٢