03-25-2022
|
#919
|
وقد انعكست هذه الهيمنةُ القرآنيةُ على الدراسات اللغوية في جانب التحديد المكاني للاحتجاج اللغوي، فكما هو معروف " لا يتجاوز عصر الاحتجاج ولا يتخطى بيئات مكانية محددة تمثلها قبائل معينة، وهي أقرب القبائل إلى تمثيل لغة القرآن"[4] ويستمر هذه البُعد الديني حتى في تقسيم الشعراء بحسب بزوغ فجر الإسلام ما بين جاهليين، ومخضرمين، وإسلاميين.[5]
وما انفكت محاولات الذَّبِّ عن اللغة العربية انطلاقًا من هذا الوازع الديني إلى يوم الناس هذا، من جانب الغيورين على كتاب الله، والمستجلين لأسرار لغته وكنوزها.
|
|
|
03-25-2022
|
#920
|
أولًا- على المستوى المكاني: حددوا قبائل بعينها لا تؤخذ اللغةُ إلا من ألسنتهم. هذه القبائل هي: " قيس وتميم وأسد ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، ولم يؤخذ لا من قبيلة لخم ولا من جذام؛ لأنهم كانوا مجاورين لأهل مصر والقبط، ولا من قضاعة ولا من غسان ولا من إياد؛ لأنهم كانوا مجاورين لأهل الشام وأكثرهم نصارى يقرءون في صلاتهم بغير العربية، ولا من تغلب ولا من النمر؛ لأنهم كانوا مجاورين لليونانية، ولا من بكر؛ لأنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس.. إلخ. [6]
|
|
|
03-25-2022
|
#921
|
ثانيًا- على المستوى الزماني: بدأ الإطارُ الزمانيُّ لعميلة الجمع من النظر في أقدم النصوص الواردة قبل الإسلام بحوالي قرن ونصف القرن، مرورًا بصدر الإسلام، حتى منتصف القرن الثاني الهجري في الحضر (الأمصار)، ومنتصف القرن الرابع الهجري في البادية وهو ما يُعرف بـ (عصور الاحتجاج)[7].
|
|
|
03-25-2022
|
#922
|
ومن الواضح أن مقياس هذين المستويين (المكاني والزماني) هو الاختلاط بالأعاجم أو عدمه، وبناءً عليه تقاس الفصاحة وسلامة اللغة من عدمها [8] وما خالف هذين المستويين يعد عند اللغويين مما لا يحتج به، فقد " تجنب اللغويون الاحتجاج في مؤلفاتهم بشعر المولدين - تأثرًا بنطق الاحتجاج - تجنبا شبه كامل. وتتضح صورة هذا التجنب على حقيقتها ببيان مدى خلو تلك المؤلفات من الاحتجاجات اللغوية بشعر المولدين في ضوء بحث واقع تلك المؤلفات من هذا الجانب بحثًا علميًّا." [9]
|
|
|
03-25-2022
|
#923
|
الثًا- على مستوى المصادر: فقد اعتمدوا في عملية الجمع على مصادر بعينها، تُمثل النموذج الأعى للفصاحة والبلاغة التي يمكن التقعيد على أساسها، منها:
1- النص القرآني، لاشك أن المصدر الأول لجمع اللغة وتقعيدها هو القرآن الكريم، الذي تحدى الله - عز وجل- به العربَ أربابَ البلاغة والفصاحة.
2- الشِّعر، فلقد كان من مصادرهم التي اعتمدوا عليها ما ورد من شعر جاهلي وإسلامي، في حدود الإطار الزماني الذي تحدثنا عنه. والشهر كما هو معروف ديوان العرب الذي تناقلته الأجيال كإرث تجب صيانته وتواتره بين الأجيال المتعددة.
3- مشافهة العرب: فقد كان الارتحال إلى البادية وتسجيل اللغة في أفواه أهلها من أهم الطرق التي اعتمد عليها اللغويون في عملية الجمع، فلقد كان هؤلاء العلماء يخرجون إلى البادية " يمضون الأعوام فيها، ويخالطون الأعراب، ويؤاكلونهم، ويشاربونهم، ويسمعون منهم ويدونون، يسمعون من الرجل والمرأة والغلام يتحدثون عن الإبل والمرعى والزواج والطلاق وجميع شؤونهم، ويصغون إليهم، وينقلون عنهم، وقد كثر ذلك من العهد الأموي إلى العصر العباسي الأول إلى ما بعده" [10]
|
|
|
03-25-2022
|
#924
|
لخاصيَّة الثالثة: ظهور اللغة الأدبية المشتركة وانزواء اللهجات القديمة.
فقد كان للعرب مستويان لغويان:
المستوى الأول: وهو يمثل المستوى الثقافي، الأدبي، الموحد، الذي يظهر في معظم النتاج الأدبي للشعراء والخطباء وداخل الندوات الجامعة، وهو ما عرف باللغة المشتركة، فقد " كانت العرب تحضر الموسم في كل عام، وتحج البيت في الجاهلية، وقريش يستمعون لغات العرب، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به، فصاروا أفصح العرب، وخَلت لغتهم من مستبشع اللغات، ومستقبح الألفاظ "[12]
ومن هنا فقد لجأ الخاصة من العرب على اختلاف لهجاتهم " إلى تلك اللغة النموذجية التي نشأت في مكة، في شئونهم الجدية يخطبون بها وينظمون الشعر، وينفرون من صفات اللهجات في هذا المجال، حتى إذا عادوا إلى بيئاتهم تحدثوا إلى الناس في الشئون العامية بمثل لهجتهم، لئلا تنفر منهم النفوس." [13]
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:52 PM
| | | | | |