بسم الله الرحمن الرحيم
تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره شعبة عظيمة من شعب الإيمان،
ومن حقه صلى الله عليه وسلم على أمته أن يُعظم ويُوَقر،
قال الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}
(الفتح: 9)،
-
ومظاهر وصور توقيرنا للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا،
منها:
طاعته وعدم معصيته، واتباعه والاقتداء به، والأدب معه،
والصلاة عليه، وإنزاله مكانته صلى الله عليه وسلم بلا غلو ولا تقصير،
وعدم ذكر اسمه مُجَرداً، أو رفع الصوت فوق صوته،
أوترك سنته أو الاستخفاف بها، أوْ رد بعض أحاديثه الصحيحة ب
حجة مخالفتها للعقل،وعدم تمشيها مع الواقع،
أو بالدعوى الباطلة بالعمل بالقرآن وحده وترك ما سوى ذلك..
ومن مظاهر وصور توقيرنا للنبي صلى الله عليه وسلم:
توقيره في أصحابه رضوان الله عليهم،
وذلك بحبهم وتوقيرهم والأدب معهم،
-------------
توقير النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه:
الصحابي هو :
مَن لقيَ النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك،
والصحابة رضوان الله عليهم هم خير الأمة بعد نبيها
وقد أجمع المسلمون على أنّهم صفوة الأتقياء والأولياء،
شرّفهم الله بصحبة خاتَم وأفضل أنبيائه،وقد أثنى ربهم عليهم أحسن الثناء
ووعدههم المغفرة والأجر العظيم
فقال تعالى:
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ
وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
(الفتح:29)،
وأخبر في آية أخرى برضاه عنهم، ورضاهم عنه
فقال:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}
(التوبة:100)،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم:
(لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً
ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)
رواه البخاري.
-
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
(سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أي النَّاسِ خير؟
قال: أقراني ثم الذين يلونَهم ثم الذين يلونهم) رواه مسلم،
-
ومن الجفاء مع النبي صلى الله عليه وسلم المنافي لحبه وتوقيره:
الانتقاص من قَدْرِ أحدٍ من أصحابه رضوان الله عليهم،
فضلاً عن سبه وشتمه والانتقاص منه،
فهم أصحابه الذين صاحبوه، وأحبهم وأحبوه، وكان لهم شرف صحبته،
وللعلماء أقوال كثيرة في تحذيرهم من سب أحدٍ من الصحابة
رضوان الله عليهم أو الانتقاص منه،
--
ومن ذلك:
قال ابن حجر:
"اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة".
وقال ابن تيمية:
"الطعن فيهم طعن في الدين".
وقال الإمام أحمد:
"إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام".
وقال أبو زرعة:
"إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق،
وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله،
وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة،
والجرح بهم أولى، وهم زنادقة".
----
وقال ابن عثيمين:
" إنَّ سبَّ الصحابة ليس جرحاً في الصحابة رضي الله عنهم فقط،
بل هو قَدْح في الصحابة وفي النبي صلى الله عليه وسلم
وفي شريعة الله، وفي ذات الله عز وجل.
-
أما كونه قدْحاً في الصحابة فواضح.
-
وأما كونه قدحاً في رسول الله صلى الله عليه وسلم
فحيث كان أصحابه وأُمَناؤه وخلفاؤه على أمته
بل ورفيقي قبره (أبو بكر وعمر) من خيارالخلق ..!!
وفيه قدْح في رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه آخر،
وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم،
كما فيه اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يعرف كيف يربي أصحابه.
-
وأما كونه قدحاً في شريعة الله،
فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
في نقل الشريعة هم الصحابة،
فإذا سقطت عدالتهم لم يبقَ ثقة فيما نقلوه من الشريعة،
-
وأما كونه قدحاً في الله سبحانه وتعالى،
بعث الله نبيه في شرار الخلق، واختارهم لصحبته
وحمل شريعته ونقلها لأمته،
وكذا أنه سبحانه وتعالى مدحهم وأثنى عليهم في كتابه،
فكيف يكون ذلك وهو يعلم أنهم يرتدون وينحرفون..؟!
فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبرى على سب الصحابة!!".
-
--
ومذهب أهل السنة والجماعة فيهم وسط بين الإفراط والتفريط،
فليسوا من المفرطين الغالين
الذين يرفعونهم إلى مالا يليق إلا بالله أو برسله،
وليسوا من المفرطين الجافين الذين ينتقصون من أحدٍ منهم أ
و يسبونه،