القصة الثامنة:
أخرج الحاكم (3/ 615-616)، ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 299) عن محمد بن عمرو بن خالد: حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة ابن الزبير قال: "لما أتى الناس الحج سنة تسع، قدم عروة بن مسعود الثقفي عم المغيرة بن شعبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يرجع إلى قومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني أخاف أن يقتلوك))، قال: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج إلى قومه مسلمًا، فقدم عشاء، فجاءته ثقيف، فدعاهم إلى الإسلام، فاتهموه وعصوه، وأسمعوه ما لم يكن يحتسب، ثم خرجوا من عنده، حتى إذا أسحروا وطلع الفجر، قام عروة في داره فأذن بالصلاة وتشهَّد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثل عروة -يعني: ابن مسعود الثقفي- مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه)).
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (4/ 145-146 رقم: 1642): "قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، ابن لهيعة ضعيف لاختلاطه بعد احتراق كتبه، ومحمد بن عمرو بن خالد لم أجد له ترجمة".
وروي مرسلًا من طريق أخرى عند ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير (3/ 568) من طريق ابن جابر -هو محمد- عن عبدالملك -يعني: ابن عمير- قال: قال عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني أخاف أن يقتلوك)).. الحديث نحوه.
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (4/ 146 رقم: 1642): "قلت: وهذا كالذي قبله، ضعيف مع إرساله، فإن محمد بن جابر -وهو ابن سيار الحنفي اليمامي- ضعيف أيضًا، قال الحافظ في التقريب: صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه وخلط كثيرًا، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة".
ورواه البيهقي عن موسى بن عقبة مرسلًا أو معضلًا، وذكره ابن إسحاق في السيرة بغير إسناد كما في سيرة ابن هشام (4/ 194).
والخلاصة: أن القصة رويت بهذه الأحاديث الضعيفة التي لم تثبت.
القصة التاسعة:
روى الطبراني في المعجم الكبير (13/ 73/ 181)، وعنه الضياء في المختارة (56/ 128/ 1-2)، وابن عدي (284/ 2)، وعنه ابن عساكر (14/ 178/ 2): حدثنا القاسم بن الليث الراسبي -أملاه علينا حفظًا- قال: أخبرنا محمد بن أبي صفوان الثقفي إملاء قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن جعفر قال: لما توفي أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف ماشيًا على قدميه، قال: فدعاهم إلى الإسلام، قال: فلم يجيبوه، قال فانصرف، فأتى ظل شجرة، فصلى ركعتين ثم قال: ((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أرحم الراحمين أنت؛ ارحمني، إلى من تكلني؟ إلى عدوٍّ يتجهمني، أم إلى قريب ملَّكْتَه أمري؟ إن لم تكن غضبانًا عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظُّلُمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي غضبك أو تحل عليَّ سخطك، لك العُتْبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك)).
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (6/ 487-488 رقم: 2933): "قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، وعلته عنعنة ابن إسحاق عند الجميع، وهو مُدلِّس، ولم يسق إسناده في السيرة".