إنّ الصحابة الكرام كانوا سبّاقين لفعل الخيرات وعمل الصالحات، ومن هذا كفالة اليتيم، فعندما أراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الخروج من مكة عند قيامه بعمرة القضاء، تبعته أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب وهي تنادي: يا عم يا عم، وقد كانت يتيمة، فحمزة -رضي الله عنه- كان من الصحابة الذين قُتلوا في غزوة أُحد.[١٠] فتنازع في حضانتها وإرادة تربيتها ثلاثة من الصحابة الكرام؛ وهم علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة -رضي الله عنهم-، فقال علي: إنّها ابنة عمّي وأنا أخذتها أولًا، وقال جعفر: هي ابنة عمّي أيضًا وزوجتي تكون خالتها، وقال زيد: إنّها ابنة أخي؛ لأنّه كان أخًا لحمزة من الرضاعة.[١٠] فقضى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بينهم وحكم بها لجعفر؛ لأنّ خالتها تكون زوجته والخالة بمنزلة الأم، وطيّب قلوب أصحابه بكلمات لطيفة،[١٠] وكان هذا أفضل لأمامة بأن تكون عند خالتها، ولأنّ جعفر بن أبي طالب كان أيسر حالًا من علي وزيد، فالصحابة الكرام بالرغم من قلّة أموالهم يتنافسون فيما بينهم لنوال شرف كفالة اليتيم وأخذ الأجر على ذلك.[١١]