الإخْلاصُ سِرٌّ بينَ العبدِ وربِه،
لَايَعْلَمُهُ مَلَكٌ فَيَكْتُبُهُ،
ولا شَيْطانٌ فَيُفْسِدُهُ.
والإخْلاصُ سورةٌ فى الْقُرْآنِ الكريمِ،
قليلةٌ جداً آياتُها،
عظيمةٌ جداً مكانتُها ومنزلتُها.
جَاءَتِ الْيَهُودُ النَّبِيَّ
(صلى الله عليه وسلم) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ،
صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِى بَعَثَكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)»
سورةُ الإفهامِ والإفحامِ،
سورةُ التوحيدِ كُلِّه، توحيدِ الألوهيةِ،
وتوحيدِ الربوبيةِ، وتوحيدِ الصفاتِ.
تُقرُ بقوةٍ ووضوحٍ شديدين،
أنَّ اللهَ وَاحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ،
وَلا شئَّ مِثلُهُ، وَلا شىء يُعْجِزُهُ، وَلا إِلهَ غَيْرُهُ،
قَدِيمٌ بِلا ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلا انْتِهَاءٍ،
لا يَفْنَى وَلا يَبِيدُ، وَلا يَكونُ إلاَّ ما يُريد
لا تَبْلُغُهُ الأَوْهَامُ، وَلا تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ،
وَلا يُشبِهُ الأَنَامَ، حيٌّ لا يَمُوت
قَيُّومٌ لا يَنَامُ، خَالِقٌ بِلا حَاجةٍ،
رَازِقٌ بِلا مُؤْنَةٍ، مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ،
بَاعِثٌ بلا مَشَقَّةٍ..
اللَّهُ أَحَدٌ، وليسَ وَاحِداً،
إعجازٌ وإبهارٌ، وبلاغةٌ وحُسنُ بيانٍ،
تجاوزَ قدراتِ العقولِ :
وَاحِدٌ: مُفتتحُ العددِ، نقولُ:
واحد، اثنان، ثلاثة، وهكذا.
أما أَحَدٌ، فمنقطعُ العددِ، أحدٌ،
ليس له ثانٍ..
وَاحِدٌ: له مؤنثٌ، نقولُ: واحدة.
أما أَحَدٌ، فلا يؤنثُ..
وَاحِدٌ: يأتى وصفاً، نقولُ:
رجلٌ وَاحِدٌ، عِلمٌ وَاحِدٌ.
أما أَحَدٌ: فاختُصَ به اللهُ وحدَه،
نقولُ: اللهُ أحدٌ، ولا نقولُ :الرجلُ أحدٌ.
وَاحِدٌ: يتجزأُ وينقسمُ، إلى أثلاثٍ وأرباعٍ،
وأخماسٍ وأسداسٍ.. إلخ.
أما أَحَدٌ: لا يتجزأُ ولا ينقسمُ،
على الإطلاقِ.
وَاحِدٌ: لا يفيدُ النفيَّ المطلقَ،
فحينَ تقولُ : ما قتلتُ واحداً،
تحتملُ أنَّك قتلتَ اثنين أو ثلاثاً،
أو أكثرَ، فالنفيُّ بواحدٍ،
لا يمنحُك البراءةَ.
أما أَحَدٌ: فتفيدُ النفيَّ القاطعَ،
فحينَ تقولُ: ما قتلتُ أحداً،
تعنى البراءةَ الكاملةَ..
وَاحِدٌ: تُستخدمُ للعاقل، وغيرِ العاقلِ،
نقولُ : رجلٌ واحدٌ، وأسدٌ واحدٌ.
أما أَحَدٌ: فلا تُستخدمُ إلا للعاقلِ..
يا الله، ما هَذِه البلاغةُ !
ما هَذَا الإبداعُ !
ولذلكَ ليسَ عجباً، ما قالَه المعلمُ الأولُ
(صلى الله عليه وسلم):
أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ فى لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
قالوا : وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
قالَ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»
تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــان كريــم
الدكتـور علـــــى