( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~
    حاء"     خاطري"     رحيل"     سكرة"     البرنس"     أمنية"     العز"     اميرت"     عشق"     جوهرة"     غلاتك"     غرام"     كلي"     لورد"     سيران"     احمد"

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩

الملاحظات

۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ |يختَص بكُل ما يَتعلق بالأنبيَاء عليهِم الصّلاة والسّلام ونُصرتهم .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-23-2024
رحيل متواجد حالياً
United Arab Emirates     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
لوني المفضل Cadetblue
 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُنت هنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
مَزآجِي  »  1
افتراضي شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(2)

اعداد: الفرقان




الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
باب: في قوله تعالى: {وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة}
2123. عن أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ [ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ، فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ «.
الشرح:
الحديث الأول في الباب الأول: في سورة البقرة في قوله تبارك وتعالى: {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة} وهذه الآية من الآيات التي ذكر الله تبارك وتعالى فيها نعمته على بني إسرائيل، وقد عدد الله عز وجل في سورة البقرة ما أنعم به على بني إسرائيل، كقوله قبل هذه الآية: {وظلّلنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} (البقرة: 57).
فهذا من نعم الله عز وجل التي امتن بها على بني إسرائيل: وهي تظليل الغمام عليهم التي يقيهم حر الشمس لما كانوا في صحراء سيناء، وأنزل عليهم المن الذي هو شبيه بالعسل، والسلوى الذي هو طائر يأكلون منه ما يشاؤون، وغير ذلك من النعم التي ذكرها ربنا سبحانه وتعالى عليهم قبل هذه الآية في سورة البقرة.
ثم ذكرهم الله عز وجل بنعمة أخرى هاهنا فقال لهم: {وإذا قلنا ادخلوا هذه القرية} وهذه القرية هي: بيت المقدس على المشهور عند أهل التفسير، فالله سبحانه وتعالى أمرهم بدخول بيت المقدس، وان يأكلوا مما سبق من – المن والسلوى - أو مما حبا الله به بيت المقدس من أشجار وبركات وخيرات.
ثم قال لهم {وادخلوا الباب سجدا} أي: خاضعين خاشعين راكعين، وقال بعض أهل التفسير: أي كهيئة الركوع. وقلنا بذلك مع أن الآية تقول (سجدا) لأنه لا يتصور دخول الإنسان الباب وهو ساجد على جبهته، ولذلك قال أهل التفسير المقصود: أمرهم بان يدخلوا بيت المقدس خاضعين خاشعين، معترفين بنعمة الله تعالى عليهم.
وان يقولوا: (حطة) وهو من الحطط، يعني: اللهم احطط عنا خطايانا، يعني: اللهم اغفر لنا.
وقوله تعالى: {وسنزيد المحسنين} هو وعد من الله سبحانه وتعالى للمحسنين بالمغفرة، بأعمالهم الحسنة مع الله تعالى ومع عباده، عاجلا أو آجلا.
فاستهزأ الظالمون منهم والمعاندون، فقال سبحانه وتعالى عنهم {فبدل الذين ظلموا منهم} وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى ومن إنصافه لهم، إذ قال {فبدل الذين ظلموا منهم} ولم يقل: فبدلوا، فلم يعمهم بهذا الفعل الذي هو التبديل والتحريف في القول، بل وتحريف في الفعل؟! فقد حصل التبديل من بني إسرائيل في القول والفعل؟! أما الفعل فالله سبحانه وتعالى قال لهم {ادخلوا الباب سجدا} فلم يفعلوا، فلم يدخلوا ساجدين ولا خاضعين ولا راكعين، وإنما دخلوا مستهزئين مستكبرين رافعي رؤوسهم، يزحفون على أستاههم ؟! أي: على أدبارهم ؟! فأيّ كفرٍ بالله تعالى واستهزاء هذا؟؟!
وقال الله تعالى لهم {قولوا حطة} فقالوا: حبة في شعره , وفي رواية أيضا في الصحيح قالوا: «حنطة»؟! وقال بعضهم: حبة في شعرة؟ أو حبة في شعيرة؟! وكل ذلك من تحريف القول الذي وقعوا فيه. أي: بدلا من أن يقولوا حطة , وهو طلب حط الخطايا والذنوب، قال الذين ظلموا منهم من المعاندين والمستكبرين والمستهزئين ما قالوا، فبدلوا قول الله تعالى، وبدلوا ما أمرهم الله سبحانه وتعالى به فعلا.
قال رسول الله [: «قيل لبني إسرائيل {ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم} والجدير بالذكر: أنه لا يزال هناك باب في المسجد الأقصى اسمه « باب حطة « إلى يومنا هذا، وهو الباب الذي أمروا أن يدخلوا من عنده.
فلما بدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاهم ويقولون مستهزئين حنطة بدلا من أن يقولوا حطة، ولهذا أنزل الله سبحانه وتعالى بهم بأسه وعذابه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، بسبب خروجهم عن طاعته، قال سبحانه فيهم {فأنزلنا على الذين ظلموا} وهذا أيضا تنبيه على عدل الله عز وجل، أنه إذا وقعت المعصية في قوم، نزل عذاب الله على القوم الظالمين منهم فقط، إذا تميزوا عن غيرهم، كما في قصة أصحاب السبت الذين مسخوا قردة وخنازير.
وقوله {رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} أنزل الله تعالى عليهم رجزا وعذابا من السماء، لأنهم خالفوا أمره، واستخفوا به، واستهزئوا وبدلوا القول والفعل، قال ابن عباس (رجزا) يعني: عذابا أليما، وكل شيء في القرآن رجز فهو العذاب.
وقال بعض أهل التفسير وهو قول سعيد بن جبير وغيره: أن الرجز هو الطاعون، أنزله الله تعالى عليهم.
وروى البخاري ( 3473 ) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: قال رسول الله [: « الطاعون رجز أُرسل على طائفةٍ من بني إسرائيل – أو على من كان قبلكم – فإذا سمعتم به بأرضٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه «.
وقد روى جماعة من الصحابة أيضا منهم: سعد ابن أبي وقاص وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت: عن رسول الله [ أنه قال: « الطاعون رجز عذابٍ، عُذّب به من كان قبلكم « رواه النسائي في سننه.
وقد جعله الله تعالى لهذه الأمة رحمة ومغفرة، بل شهادة، فمن أصابه فهو شهيد، لقوله [: « الطاعون شهادة لكل مسلم « متفق عليه.
وقالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله [ عن الطاعون فأخبرني « أنه عذابٌ يبعثه الله على من يشاء، وإن الله جعله رحمة للمؤمنين، فليس من أحد يقعُ في الطاعون، فيمكث في بلده صابراً محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كَتب الله له، إلا كان له أجر شهيد « رواه البخاري في الأنبياء ( 3473 ).
فكون الطاعون رحمة إنما خاص بالمسلمين، وهو شهادة لهم ورحمة، ورجز على الكافرين والعاصين.
وقد وقع في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على أن الطاعون ينشأ عند ظهور الفاحشة والمجاهرة بها، كما في الحديث عند ابن ماجة ( 4019 ) والبيهقي بلفظ: « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا..» نسأل الله المعافاة في الدنيا والآخرة.
وقوله {بما كانوا يفسقون} الباء هنا باء السببية، يعني: بسبب فسقهم وخروجهم عن قول الله تعالى وعن أمره وشرعه، عذبهم الله بهذا العذاب المؤلم الشديد، فأنزل الله سبحانه وتعالى عليهم طاعونا عذابا لهم.
وأخرج أحمد ( 1/402 ): عن ابن مسعود ] عن النبي [: « ما ظهر في قوم الربا والزنا، إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل «. وانظر الفتح لابن حجر ( 10/193).



 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (منذ 4 أسابيع),  (03-23-2024)
قديم 03-23-2024   #2



 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

♥ وسام | مُبدعة بلوحة جميلة رُسمت من ورد  


/ نقاط: 0

وسآم || تكريم و مليونية- رحيل  


/ نقاط: 0

وسآم || عيد الفطر السعيد + 5 الاف مشاركة  


/ نقاط: 0

♥| وسام نسمة إبداع  ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 190

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(3)

-{وأتـوا البيــوت مـن أبوابـها}

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
الباب الثاني: باب في قوله تعالى: {وليس البر ...}.
2124- عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولَ: كَانَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَرَجَعُوا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ إِلا مِنْ ظُهُورِهَا، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} (البقرة: 189).
الشرح :
الباب الثاني هو في تفسير قوله تعالى: {وليس البر بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}، وهي الآية التاسعة والثمانون بعد المائة من سورة البقرة، وقد روى الإمام مسلم فيها حديث البراء رضي الله عنه : أن الأنصار كانوا إذا حجوا فرجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها وليس من أبوابها , فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه، فقيل له في ذلك، فنزلت هذه الآية: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} . وقد رواه البخاري في الحج ( 1803) وفي التفسير.
وما جاء في هذا الحديث: هو عادة كانت عند أهل الجاهلية من الأنصار، وجاء مرسلا: أن سائر العرب كانوا كذلك إلا قريشا، فروى ابن خزيمة والحاكم: عن جابر ] قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب، فبينما رسول الله [ في بستان فخرج من بابه فخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله، إن قطبة رجل فاجر، فإنه خرج معك من الباب، فقال: ما حملك على ذلك؟ فقال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، قال: «إني أحمسي» قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله هذه الآية.
فهذه العادة وهي أن أحدهم إذا حج أو جاء من سفر، كما في إحدى الروايات -وهي رواية أبي داود الطيالسي – «أن الأنصار كانوا إذا قدموا من سفرهم» وهذا أعم، يعني سواء كان حجاً أم غيره من الأسفار، فإذا قدموا من سفرهم لم يدخل الرجل من جهة الباب، وإنما من الجهة الخلفية للبيت؟! فنزلت هذه الآية, التي يأمرهم الله فيها بأنهم إذا جاء أحدهم من السفر أن يدخل من الباب، ولا يدخل من ظهر البيت.
وقيل: كانوا يفعلون هذا الأمر في الحج؛ لأنهم يعتقدون أن المحرم إذا أحرم، لا يجوز أن يحول بينه وبين السماء حائل، فكانوا يتسنّمون ظهور بيوتهم، وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة والتابعين، كما روى ذلك الزهري وغيره عند الطبري في التفسير.
وروى عبد بن حميد بسند صحيح – كما في الفتح 3/622- عن الحسن - رحمه الله - قال: كان الرجل من الجاهلية يهم بالشيء يصنعه، فيُحبس عن ذلك، فلا يأت بيته من قبل بابه، حتى يأتي الذي كان يهم به.
قال الحافظ ابن حجر معلقا: فجَعل ذلك من باب الطيرة، وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام انتهى.
قوله: «فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ» أي: أنكروا عليه، لماذا لما رجع من الحج دخل من بابه ولم يدخل من ظهر البيت؟ وخالف ما كان عليه الناس في الجاهلية، فقيل له: لم تخالف؟
فعند ذلك ذكر للنبي [، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} وهذه الآية فيها فوائد أخرى منها:
1- أن كل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله عز وجل، فهي باطلة مردودة عليه، فأهل الجاهلية من الأنصار وغيرهم كانوا يتعبدون الله بهذا الفعل، فإذا جاء الرجل من الحج لم يدخل منزله من الباب، وإنما يدخل من خلف البيت؟! وإن لم يكن للمنزل باب آخر تسور السور، كما جاء في رواية بن أبي حاتم وغيره أن الرجل كان يتسوّر السور، إذا لم يكن للبيت إلا باب واحد. فمثل هذا التكلف وهذا الفعل الذي يربطونه جهلا بعبادة الحج أو غيرها، هو فعل لم يأذن الله تعالى به، ولا كلّف عباده به أيضا، ولهذا فهو مردود على فاعله.
فنأخذ من هذا قاعدة شرعية عظيمة، دل عليها حديث المصطفى [: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد» متفق عليه. أي: مردود على صاحبه؛ لأن الأصل في العبادات التحريم، ولا يجوز لإنسان أن يشرع لنفسه عبادة ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ولا برهان.
2- قال أهل العلم: إن هذه الآية فيها توجيه وإرشاد للخلق: أن الأمر إنما يؤتى من بابه، ولا يؤتى من المكان البعيد، فأنت إذا أردت الأمر فاته من بابه القريب، ولا تأته من بابه البعيد؟! لأن هذا أرفق بك وبمن معك، فتقصير الطريق تخفيف ورحمة وحكمة ورفق. فالإنسان إذا أراد العلم مثلا، فإنه يأتيه من أبوابه التي نبه عليها العلماء، فيتعلم العلم من أهل الاختصاص، ويقرأ عليهم الكتب العلمية النافعة، ويحرص أولا على الشيخ القريب عنده قبل البعيد، فلا يذهب إلى الشيخ البعيد عن داره أو بلده وهو قادر على القريب، ولهذا كان من هدي السلف رحمهم الله: أن الواحد منهم لا يرحل عن بلده لطلب العلم، إلا بعد أن يأخذ عن شيوخ أهل بلده جميعا، فيستنفد ما عندهم من العلوم والروايات، ثم بعد ذلك يرحل إلى البلد البعيد لاستكمال الطلب، فهذا التوجيه الرباني نافع في مثل هذا، بألا يأتي المسلم الأمر البعيد، ويترك القريب، إلا لمانع، كأن يكون علماء بلده مثلا: من أهل البدع والأهواء.
وهذا أمر دلت عليه أيضا الفطرة المستقيمة، والعقل السليم، فلا يطول الإنسان الطريق على نفسه من غير داعِ ولا حكمة ولا مصلحة، لأنه أمر ترفضه الفطرة ويرفضه العقل الصحيح.
3- قول الله عز وجل في تمام الآية: {واتقوا الله لعلكم تفلحون} أي: اتقوا الله سبحانه وتعالى، فافعلوا ما أمركم به واتركوا ما نهاكم عنه، {لعلكم تفلحون} أي: في الدنيا والآخرة، والفلاح هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب، فأنت إذا أخذت بقول الله، وبأحكام شريعة الله تعالى، فإنك تصيب كل خير وصلاح.
4- وأيضا: هذه الآية تدل على وجوب الالتفات إلى أمور البر، وأعمال الخير التي شرعها الله عز وجل، دون غيرها مما لم يشرع، فهذا الواجب علينا معاشر المسلمين. أما إن تعبدت الله بعباده لم يشرعها الله عز وجل، فإنك حتما ستترك ما شرع الله، وتشتغل بالبدع والمحدثات؟! وتترك السنن التي سنها الله ورسوله [ للأمة، وهذا ضلال، وإتيان للأمر البعيد الصعب، وترك للقريب السهل؟!
ولا يخفى أن في الاشتغال بما أنزل الله وبما شرع، غنية وكفاية عما أحدثه الناس من البدع والأمور المحدثة التي لا دليل عليها ولا برهان، والحمد لله الذي أتم علينا النعمة، وأكمل لنا الدين، ورضي لنا الإسلام دينا.


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (03-23-2024)
قديم 03-23-2024   #3



 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

♥ وسام | مُبدعة بلوحة جميلة رُسمت من ورد  


/ نقاط: 0

وسآم || تكريم و مليونية- رحيل  


/ نقاط: 0

وسآم || عيد الفطر السعيد + 5 الاف مشاركة  


/ نقاط: 0

♥| وسام نسمة إبداع  ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 190

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(4)

ليـس الخـبرُ كالمعاينـة



اعداد: الفرقان




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
باب: في قوله تعالى: {رب أرني كيف تحيي الموتى}
فيه حديث أبوهريرة ] وقد تقدم في كتاب الفضائل ( 1608)
الشرح: باب: في قوله تعالى {رب أرني كيف تحي الموتى} وهذه الآية الستون بعد المائتين من سورة البقرة يقول الله عز وجل {وإذا قال إبراهيم ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تُؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي قال فَخُذ أربعةً من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبلٍ منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم}. هو سؤال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لربه سبحانه في طلبه لرؤية كيفية إحيائه الموتى.
قول المنذري: فيه حديث أبي هريرة ] وقد تقدم في الفضائل. والحديث لفظه: أن رسول الله [ قال: « نحن أحقّ بالشك من إبراهيم، إذ قال {رب ارني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} وقال: «ويرحمُ الله لوطاً لقد كان يؤوي إلى ركن شديدٍ، ولو لبثت في السجن طولَ ما لبث يوسف، لأجبتُ الداعي».
وهذا الحديث أورده الإمام مسلم في كتاب الإيمان، وأيضا أعاده في كتاب الفضائل.
وأما معنى الآية والحديث: فهو أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل ربه عز وجل فقال: {رب ارني} يعني: اجعلني انظر كيف تحيي الموتى، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان يعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى يحيي الموتى، ولا يجوز أن نظن بنبي من أنبياء الله، بل بخليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، وهو معصوم عن الكبائر، أنه كان يشك في أن الله عز وجل يحيي الموتى أو لا يحييهم؟! بل الصحيح أنه كان يعلم علم اليقين أن الله تعالى يحيي الموتى، وكما قلنا: إن الرجل الصالح منا لا يشك في إحياء الله تعالى الموتى، فكيف بنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟!
لكن المقصود: أن نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أراد أن ينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين، من العلم اليقيني إلى المعاينة بالبصر، فيريد أن يرى بعينيه كيف يحي الله الموتى، وقد صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الحديث الصحيح: «ليس الخبر كالمعاينة» رواه أحمد والطبراني في الأوسط.
فأنت إذا أخبرك إنسان بخبرٍ وأنت مصدّق له، لا يكون تأثيره عليك كما لو إذا رأيته بعينك، هكذا جبلت النفوس البشرية، ولهذا جاء في تتمة حديث: «ليس الخبر كالمعاينة» قال: «إن الله أخبر موسى بما صَنعَ قومُه في العجل، فلم يُلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا، ألقى الألواح فانكسرت».
فإبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو أبو الأنبياء، وإمام التوحيد، وكل الأنبياء الذين جاءوا من بعده كانوا من نسله عليه الصلاة والسلام، أراد أن يرى كيف يحيي الله الموتى وأن ينظر إلى ذلك، فقال الله تعالى له {أولم تؤمن قال بلى} وهذا ما يؤكد إيمانه بالله وباليوم الآخر، وبقدرته سبحانه على إحياء الموتى {قال بلى} ولكن ليطمئن قلبي لأزداد إيماناً ويقينا، قال الله عز وجل له {فخذ أربعة من الطير} وخص الطير بذلك، قالوا: لأن الطائر من أظهر المخلوقات وأبينها وأوضحها دليلا على الإحياء والبعث {فخذ أربعة من الطير} ولا يهمنا ما هي هذه الطيور؟ وما هي أنواعها؟ وهل هي في الحرم أو في غيره؟ هذا كله ليس بمهم، ولذلك لم يذكر الله سبحانه وتعالى أسماء الطيور، ولا حاجة لنا في أن نخوض في أسمائها ولا في أنواعها.
فالمقصود أن الله تعالى أمره أن يأخذ أربعة من الطير، يعني أربعة أنواع من الطير أو أربعة أشكال مختلفة، سواء كانت من الحمام أو من غيره من الطيور، وأمره بأن يقطعهن فقال: {فصرهن إليك} أي: اجمعهن إليك بحيث تراهن بعينك، ثم قطعهن ومزقهن، واخلط هذه الطيور بعد تقطيعها بريشها وعظامها ولحمها وعصبها {ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا} أي: اجعل على رأس كل جبل من هذه الطيور جزءا {ثم ادعهن} أي: ناديهن، أي: نادي هذي الطيور تحصل لهن الحياة سريعا، ففعل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فجمع أربعة طيور وقطعها وخلط عظامها بلحمها بدمها بريشها، ثم جعل هذا الخليط أربعة أجزاء، فوضع كل جزء منها على جبل، ثم بعد ذلك نادي هذي الطيور، فقامت العظام والتأم كل عظم إلى صاحبه، وكل بدن إلى صاحبه، فجاء اللحم إلى هذا الطير وهذا اللحم إلى ذاك الطير، وركب الريش كل ريشة في الطائر الذي يخصه، وإبراهيم عليه السلام ينظر إلى ذلك بعينيه، وجاءت الطيور طائرة إليه.
وقوله {يأتينك سعيا} يعني طائرة بقوة وبحياة كاملة، وربما تكون ماشية على الأقدام، فالمقصد أنها جاءته [ حية بعد موتها، ثم قال الله تعالى {واعلم أن الله عزيز حكيم} أي: عزيز لا يغلب، ولا يرد أمره سبحانه وتعالى، فما شاء الله كان، ومالم يشأ لم يكن، فلا يمتنع على الله سبحانه وتعالى شيء، بل كل شيء منقاد لعزته، لأنه عز وجل عزيز.
وهو حكيم في ذلك، فلا يفعل شيئا إلا لحكمة، ولا يترك شيئا إلا لحكمة، فالبعث كائن لحكمة عظيمة، كما قال سبحانه {إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} (يونس: 4).
وقال تعالى {ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذي أحسنوا بالحسنى} (النجم: 31 ). فهذا من أعظم حكم البعث، أن الله سبحانه وتعالى يجمع العباد لأجل أن يجازي كل عامل على عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
فالحاصل: أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قلنا لا يجوز أن نعتقد انه شك في قدرة الله على إحياء الموتى، فهذا ينافيه عصمة الأنبياء لا يجوز على الأنبياء الشك، لأن الشك في هذا نوع من الكفر، وهذا مما يتعارض مع عصمة الأنبياء، فإنهم متفقون على الإيمان بالبعث والنشور، ولا سبيل للشيطان عليهم كما هو معلوم، لأن النبي من الأنبياء معصوم من الشيطان، ولهذا لا يمكن أن يشك، ولكن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قلنا إنما سأل لأجل أن يشاهد كيفية إحياء الله تبارك وتعالى للموتى، وكيفية جمع الله تعالى لأجزاء الموتى المتفرقة من الأرض.
فالإنسان إذا مات تفرقت أجزاءه، واضمحلت ذهب اللحم وذهب العصب، العظام، واختلطت بالتراب، فكيف يحصل إحياء الله تعالى للموتى، فهذا من العجب العجاب، ولكن الله عز وجل يخبر بأنه عزيز قادر على كل شيء، وأراد إبراهيم عليه السلام أن يرتقي من علم اليقين إلى عين اليقين.
وقول الرسول [: «نحن أحق بالشك من إبراهيم» يعني إن كان إبراهيم \ قد شك في إحياء الله للموتى، فنحن أحق بالشك منه، وهذا قاله دفاعا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والمعنى: أن إبراهيم لم يكن ليشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وإنما هو قال ذلك لأجل أن يرى ذلك بعينه، فينتقل - كما قلنا - من علم اليقين إلى عين اليقين.
وقال بعض أهل التفسير إن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله، فروى ابن أبي حاتم: عن ابن المنكدر: أنه قال التقى عبدالله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم فقال: ابن عباس لابن عمر: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ - أي: ما هي أرجى آية عندك؟ فهي من أرجى الآيات التي تتكل عليها وتطمع من خلالها برحمة الله - فقال عبد الله بن عمر: قول الله عز وجل {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} فقال ابن عباس: لكني أنا أقول {َإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى }فرضي من إبراهيم قوله: بلى.
فهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه: إذا كان الله تبارك وتعالى لم يؤاخذ إبراهيم على سؤاله: كيف تحيي الموتى؟ فهذا دالٌ على سعة رحمته جل جلاله، ومغفرته لعباده، وأن انه عز وجل لا يؤاخذ عباده ولا يحاسبهم لو طرأ عليهم شيء من الشك العارض، فإن الله تبارك وتعالى يعفو عنه، ولكن من علِم قدرة الله عز وجل العظيمة العجيبة، التي لا يعجزها شيء، أيقن بأن البعث واقعٌ لا محالة، فالأمر هين عليه، كما قال سبحانه {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدة} (لقمان: 28).
فجميع الخلق على كثرتهم واختلافهم وتنوعهم، إنما خلقهم وبعثهم بعد موتهم وتفرقهم، كنفس واحدة، بلمح البصر، وهذا مما يحير العقول والألباب!
قال بعض السلف: والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، فلكم في ذلك آية في كل يوم وليلة.
أي: الموت والبعث حاصل لك كل يوم، فأنت تتوفى وتنقطع عن الدنيا كل يوم، فالإنسان إذا نام ينقطع عن الحياة، فلا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، ولو ناديته لا يجيب، ولو حذرته لا يستجيب، ولا يكتسب شيئا من الأعمال، فكأنه ميت، وقد سمى الله سبحانه وتعالى النوم وفاة، في قوله {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} (الزمر: 42).
والاستيقاظ من النوم نوع من البعث، هو نوع من البعث الذي يحصل في كل يوم وليلة، وهو من آيات الله تبارك وتعالى، ودليل عقلي واضح على المعاد، وصحّ عن النبي [: أنه كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: «اللهم باسمك أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، واليه النشور» رواه البخاري في الدعوات (6312، 6314).
فقوله « وإليه النشور» أي: البعث يوم القيامة، يقال: نشر الله الموتى فانتشروا، أي أحياهم فحيوا، كما في قوله {ثم إذا شاء أنشره} (عبس).
فقيامك من النوم إذن هو نوع من رجوع الحياة لك بعد الموت، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (03-23-2024)
قديم 03-23-2024   #4



 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

♥ وسام | مُبدعة بلوحة جميلة رُسمت من ورد  


/ نقاط: 0

وسآم || تكريم و مليونية- رحيل  


/ نقاط: 0

وسآم || عيد الفطر السعيد + 5 الاف مشاركة  


/ نقاط: 0

♥| وسام نسمة إبداع  ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 190

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(5)

لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها

اعداد: الفرقان


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
باب: في قوله تعالى {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}
2125. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ [ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قَالَ: َفاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ [، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلَا نُطِيقُهَا ! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟! بَلْ قُولُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} قَالُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: نَعَمْ {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ نَعَمْ: رَبَّنَا {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: نَعَمْ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ.
الشرح:
الباب الرابع من كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري هو في قوله تبارك وتعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء} الآية من أواخر سورة البقرة، وقد روى فيها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، حديثا في سبب نزولها، وقد أخرجه مسلم في الإيمان ( 125). والحديث أنه:
لما نزل على رسول الله [ أولها، وهو {لله ما في السموات وما في الأرض} أي: لله سبحانه وتعالى ما في السموات وما في الأرض مُلكاً وخلقا، فالجميع خلقه والجميع عبيده، والجميع ملكه، فرزقهم على الله، وتدبيرهم على الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعا، إلا ما شاء الله، ثم قال تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ}، لما نزلت هذه الآية، اشتد ذلك على أصحاب رسول الله [، وشقّ عليهم، وهو أن الله سبحانه وتعالى يحاسبهم على ما أخفوا في الضمائر، فيحاسب الإنسان على ما أسر في نفسه، أي: ما جال في صدره، وخطر في قلبه من الخواطر، يحاسبه الله عليه، فكانت هذه شديدة على الصحابة؛ لأنه ما من إنسان، إلا ويخطر في باله أشياء قد يفعلها وقد لا يفعلها.
ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم: «يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق، الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها «فقولهم» ولا نطيقها» يعني: كيف يحاسبنا الله سبحانه وتعالى على ما نحدث به أنفسنا، ولا يسلم أحدٌ من البشر من ذلك ؟!
لكن النبي [ حذّرهم من مشابهة أهل الكتاب الذين كانوا يقولون: سمعنا وعصينا، أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك، فكانوا يسمعون أوامر الله ثم يخالفونها عمدا! فقال: « أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا» أي: استجيبوا لله سبحانه وتعالى، وانقادوا لأمره، وقولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير.
ولما طلب منهم رسول الله [ ذلك، استجابوا وقرأوه بألسنتهم، وذلوا لأمر الله سبحانه، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تبارك وتعالى، فأنزل هذه الآية: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...} (البقرة: 286).
- إذاً: فقول الله سبحانه وتعالى {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ}، هذا منسوخ؛ لأن راوي الحديث ينص على النسخ لفظا، وهذا لا يكون إلا بعلم من رسول الله [، والنبي [ أمرهم أن يأتوا بالسمع والطاعة لما أنزل الله عز وجل، فلما فعلوا ذلك ألقى الله سبحانه وتعالى في قلوبهم الإيمان، واستسلموا لله، وهذا هو معنى الإسلام، هو الاستسلام لله عز وجل بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، بطاعته عز وجل فيما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر، لما فعلوا ذلك، رفع الله عز وجل عنهم الحرج، ونسخ عنهم هذا التكليف. ومعلوم أن النسخ له طريقان: العلم به إما بخبر من الراوي أو بخبر من رسول الله [، وإما أن يعرف النسخ بالتاريخ، وقد اجتمعا في هذه الآية، فهذه الآية فيها نص الراوي على حصول النسخ، وفيها أيضا بيان ترتيب النزول وتاريخ الخبر؛ فإن هذه الآية فيها خبر لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} فهذا خبر عن التكليف والمؤاخذة بما تحدث بها أنفسها، ثم جاء الخبر برفع الحرج والمؤاخذة.
ومن أهل العلم من قال: إنه لا نسخ في الآية؛ لأن الصحابة فهموا شيئا لا يريده الله تعالى، فقالوا: إنما أخبرهم الله عز وجل أنه يؤاخذهم بما تستقر عليه الأمور في نفوسهم، ولا يؤاخذهم بالخواطر العابرة؛ لأن ما استقر بالقلب صار همّاً وعزما، يؤاخذ به الإنسان، والله سبحانه وتعالى ما جعل في دينه من حرج، لا في الأوامر ولا في النواهي.
فالحاصل أن الأمور التي تشق على النفوس، ليست هي من دين الله عز وجل؛ لأنه ليس في دين الله عز وجل تكليف بما لا يطاق.
لكن الحديث يدل على حصول النسخ، وأنهم لما أمروا بذلك وشق عليهم، رفع الله تعالى عنهم ذلك، لما ذلوا لله وانقادوا لله سبحانه وتعالى.
وهاتان الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه...ِ} (البقرة: 285 - 286)، هما آيتان عظيمتان، وقد جاء في الحديث أنهما نزلتا من كنز تحت العرش، وورد في الحديث: « أنهما لا تقرأن في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال «. وورد في الحديث عند مسلم أيضا: «من قرأ بالآيتين الأخيرتين من سورة البقرة كفتاه «. قال أهل العلم: أي كفتاه من كل شر. وقال بعضهم: كفتاه من قيام الليل؛ لعظمة ما في هاتين الآيتين.
وأما المعنى الإجمالي لهاتين الأيتين: فأولا ابتدأ الله تعالى قوله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} ابتدأه بالشهادة لرسوله عليه الصلاة والسلام بإيمانه بما أنزل إليه من ربه، وصار كالمؤمنين في ذلك الإيمان، فالمؤمنون شاركوا الرسول عليه الصلاة والسلام في الإيمان بما أنزل إليه من ربه، ومن آمن بما أنزل إليه من ربه، فقد ضمن إعطاءه ثواب الإيمان من الله عز وجل. وقال أهل العلم: إن إيمان الرسول عليه الصلاة والسلام بما أنزل إليه من ربه، هو زيادة على ثواب الرسالة والنبوة، لأنه شارك المؤمنين في الإيمان، وامتاز عنهم بالرسالة والنبوة. وقوله تعالى: {بما أنزل إليه من ربه} يتضمن أن القرآن كلام الله، ومنه نزل لا من غيره، كما قال تعالى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بالحق} (النحل: 102). وقال {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} (الواقعة: 80).
ثم شهد تعالى للمؤمنين بأنهم آمنوا بما آمن به رسولهم من الإيمان بالله تعالى، وملائكته وكتبه ورسله، وهذه قواعد الإيمان الخمسة التي لا يكون أحدٌ مؤمنا إلا بها، وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
ثم حكى عن أهل الإيمان أنهم قالوا {لا نفرق بين أحد من رسله} أي: لا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض؛ لأنهم لو فعلوا ذلك ما نفعهم إيمانهم بالله، فلو آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعضهم ما نفعهم الإيمان؛ ولذلك هم لا يفرقون في الإيمان بين أحد من رسله؛ لأن الجميع جمعتهم الرسالة الإلهية، فالذي يفرق بينهم يكون مؤمناً ببعض كلام الله كافرا ببعضه، مصدقا ببعض كلام الله مكذبا ببعضه. وتضمنت أيضا هذه الآية: الإقرار بركني الإيمان الذي لا يقوم الإيمان إلا بهما: وهما أولا: السمع {وَقَالُواْ سَمِعْنَا} فالسمع هاهنا بمعنى القبول، لا مجرد سماع الصوت لأن سماع الصوت أمر مشترك بين المؤمنين والكافرين، لكن قولهم: سمعنا، بمعنى: قبلنا.
الركن الثاني: الطاعة {وأطعنا} أي: انقدنا لأمر الله سبحانه وتعالى، وامتثلنا أمره، وهذا عكس عمل الأمة الغضبية، وهم اليهود الذين قالوا: سمعنا وعصينا. ثم قالوا: {غفرانك ربنا وإليك المصير} لما علموا أنهم لن يوفوا مقام الإيمان حقه من الطاعة والانقياد الذي يقتضيه منهم، بل لا بد أن تحصل منهم غلبات الطباع، والدواعي البشرية للوقوع في بعض التقصير في واجبات الإيمان، وعند ذلك لا بد لهم من مغفرة الله سبحانه وتعالى لهم.
{وإليك المصير} مصيرهم ومردهم الذي لا بد لهم منه، هو الرجوع إلى الله عز وجل، وهو المرجع لجميع الخلائق.
ثم قال سبحانه وتعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، في هذه الآية نفى الله عز وجل ما توهموه، من أنه يعذبهم بالخطرات التي لا يملكون دفعها، وبين أنهم غير مؤاخذين بمجرد الخواطر القلبية، وأخبر عز وجل أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها. ودلت هذه الآية أيضا: على أن جميع ما يكلف به الإنسان في الإسلام هو مما يطيق؛ لأن الله تعالى قال في هذه الآية: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} (البقرة: 286)، فهذا دليل على أن ما كلفك الله عز وجل به أنت مطيق له.
وفيه ردٌ صريح على من زعم خلاف ذلك، فالله سبحانه وتعالى أمر خلقه بعبادته، وضمن لهم أرزاقهم، فكلفهم من الأعمال ما يطيقون وأعطاهم من الرزق ما يسعهم، فهذا هو اللائق برحمة الله سبحانه وتعالى وفضله وبره وإحسانه وحكمته وغناه.
ثم أخبر الله عز وجل أن هذا التكليف يعني أن هذه الأعمال الصالحة ثمرتها عائدة عليهم، وأنه سبحانه وتعالى لا يستغني بكسب العباد شيئا، ولا يتضرر بتركهم للاكتساب، فقال تعالى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} فلا يتضرر الله عز وجل بتركنا للأعمال الصالحة، بل الكسب نفعه لنا وتركه ضرره علينا، فمن رحمة الله عز وجل أن أمر عباده بما يحتاجونه، ونهاهم عما يضرهم، فهذا من رحمة الله وإحسانه.
وقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} دليل على أن الإنسان لا يؤاخذ بكسب غيره، بل أنت مسؤول عن عملك ولست مسؤولا عن كسب غيرك.

وأيضا: أنت لا تأخذ كسب غيرك ونفعه وثوابه، بل كل إنسان يأخذ ثواب عمله هو، فلا الأبناء يأخذون اكتساب آبائهم، ولو كانوا أبناء الأنبياء فإنهم لن يأخذوا ما اكتسب آباؤهم من الأعمال الصالحة، والدرجات العالية، والعكس أيضا صحيح، فلا يضرهم ما فعل آباؤهم، كما قال الله عز وجل: {ولاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقال عز وجل: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (النجم: 39).
وأيضا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} ردٌ على الجبرية الذين يقولون: الإنسان ليس له فعل ولا كسب، وأنه مجبور على عمله ؟! فهذا فيه إثبات الكسب، وأن الإنسان يدخل في طاقته اكتساب الأعمال الصالحة.
ثم قال عز وجل: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، كما قلنا لما كلف الله سبحانه وتعالى عباده بما هو عبارة عن عهود ووصايا وأوامر يجب مراعاتها والمحافظة عليها، وألا يقصر العبد في شيء منها، لكن الإنسان تغلبه طباعه أحيانا التي فيها النسيان والخطأ والضعف والتقصير والغفلة؛ لذلك أرشدهم الله عز وجل أن يسألوه مسامحتهم، وأن يغفر لهم فقالوا: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا}.
ثم قال {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً} والإصر هو العهد الثقيل، {كما حملته على الذين من قبلنا} فالله عز وجل قد شدد على بعض الأمم، بعصيانهم وفسوقهم وخروجهم عن الطاعة، كما شدد الله عز وجل على أهل الكتاب فقال: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً} (النساء: 160). فسألوا الله عز وجل التخفيف، ثم سألوه سبحانه وتعالى العفو والمغفرة والرحمة والنصر على الأعداء، وهذه الأربعة تتم بها النعمة المطلقة، فسألوه سبحانه وتعالى أولا العفو والمغفرة، والعفو يعني ترك المؤاخذة على ما فعلوا من سيئات، والمغفرة تعني محو ما بدر منهم من السيئات، والرحمة معروفة وهي تطلق على أشياء كثيرة، ومن أعظمها الجنة، فالجنة أعظم رحمة خلقها الله سبحانه وتعالى، كما قال: {يدخل من يشاء في رحمته}، ثم سألوه النصر على الأعداء الكافرين به، فهذه الأربعة تتم بها النعمة المطلقة، ولا يصفو عيش في الدنيا والآخرة إلا بها، وعليها مدار السعادة والفلاح.
وبالنصر على الأعداء يتمكن الإنسان من إعلاء دينه، ومن إعلاء كلمة الله عز وجل في الأرض ، فبالنصر يحصل قهر الأعداء، وشفاء الصدور منهم وذهاب غيظ القلوب، فتوسلوا إلى الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء بأنه عز وجل مولاهم الحق الذي لا مولى لهم سواه، وهو ناصرهم وهاديهم وكافيهم ومعينهم ومجيب دعواتهم سبحانه وتعالى.
هذه كلمات مختصرة في معرفة مقدار هذه الآيات عظيمة الشأن، والتي خص الله سبحانه وتعالى بها محمدا [ وأمته من كنز تحت العرش، كما قلنا.
وقد قال أهل العلم: أوتينا من العلوم والحكم والمعارف ما تعجز عقول البشر عن الإحاطة به.
نسأل الله عز وجل ألا يحرمنا وإياكم الفهم في كتابه.


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (03-23-2024)
قديم 03-23-2024   #5



 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

♥ وسام | مُبدعة بلوحة جميلة رُسمت من ورد  


/ نقاط: 0

وسآم || تكريم و مليونية- رحيل  


/ نقاط: 0

وسآم || عيد الفطر السعيد + 5 الاف مشاركة  


/ نقاط: 0

♥| وسام نسمة إبداع  ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 190

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(6)

-المحكم والمتشابه


اعداد: الفرقان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
2126. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ[: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ[: «إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ».
الشرح:
الباب الخامس من كتاب التفسير ، باب قوله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} (آل عمران : 7).
وأورد في الباب، حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: تَلا رَسُولُ اللَّهِ[: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (آل عمران: 7). قالت: قال رسول الله[: «إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» هذا الحديث رواه الإمام مسلم، في كتاب العلم، وبوب عليه الإمام النووي: باب النهي من اتباع متشابه القرآن ، والتحذير من متبعيه ، والنهي عن الاختلاف فيه .
ولكن لما كان له تعلقٌ بتفسير الآية ، جاء به الإمام المنذري في كتاب التفسير هاهنا .
قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ} فيه أن القرآن نزل من عند الله تعالى ، لا من عند جبريل عليه السلام، ولا من الرسول محمد[، وقوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} الإحكام له معنيان: فأولا: كتاب الله سبحانه وتعالى محكم كله، بل في غاية الإحكام، بمعنى في غاية الإتقان والحسن ، والبلاغة والبيان، كما قال سبحانه: {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هود: 1)، فهو كتاب عظيم محكم، مشتمل على الغاية في الحكمة والعدل والإحسان ،كما قال سبحانه وتعالى: {ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: 50).
والمعنى الثاني : أن القرآن منه آيات محكمات، يعني: واضحات الدلالة، ليس فيها اختلاف، ولا شبهة ولا إشكال، ولا التباس على أحد، لأنها واضحة الدلالة جدا.
وقوله تعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} أي: هي معظمه وأكثره، وهي أصله الذي يرجع إليه ما تشابه من الكتاب.
وأما المتشابه فكذلك، فالقرآن أولا: كله متشابه من حيث أن آياته متشابهه من حيث المعنى العام، وما تدعو إليه من التوحيد والأخلاق الحسنة، والمبادئ الفاضلة، ومن حيث الإتقان والحسن والبلاغة، فالقرآن يصدق بعضه بعضا ، لفظا ومعنى.
وهناك تشابه بمعنى آخر : وهو الذي قصده الله سبحانه وتعالى في هذه الآية، وهو الذي ورد ذكره في الحديث ، وهو أن في القرآن (آيات متشابهات) أي: يلتبس معناها على كثير من الناس؛ لأن دلالتها مجملة وخفية، ومحتملة لأكثر من معنى، فيلتبس معناها على كثير من الناس، فتحتاج في تفسيرها إلى الرد إلى المحكم الواضح، لفهم المراد منها، وأكثر القرآن محكم - كما قلنا - وواضح الدلالة، لا إشكال ولا التباس فيه ، وفيه آيات تشكل على بعض الأذهان ، فالواجب على المسلم الذي يريد الحق، أنه إذا التبست عليه آية من كتاب الله ، أن يردها إلى الواضح ، أي : يرد المتشابه الذي التبس عليه معناه ، وأشكل عليه فهم المراد منه ، يرده إلى الواضح المحكم ،كي يفهم المعنى المراد ، لأن كتاب الله ،كما قلنا يصدّق بعضُه بعضاً ، ويبين بعضه بعضا، فإذا فعلت ذلك زال عنك الإشكال بحمد الله ، وانتفت عنك المعارضة والمخالفة ، وهو ما حكاه الله عن أهل العلم والاستقامة على الصراط المستقيم .
وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} أي : في قلوبهم زيغٌ وميل عن الاستقامة ؛ لأن لهم مقاصد فاسدة، وقد انحرفوا عن الصراط المستقيم، وابتعدوا وضلوا، فقلوبهم فيها زيغ، يعني: فيها انحراف، والانحراف قد يكون بالنية والقصد.
وقد يكون الزيغ والانحراف في طريقة فهم الآيات ، وفي المنهج الذي يسير عليه هذا الإنسان لمعرفة المعنى .
قوله: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ي : يتركون المحكم، ويتبعون المتشابه ، يتركون الواضح الجلي، ويذهبون إلى الذي فيه التباس وإشكال، وهذا عكس ما عليه أهل الإيمان والعلم .
وهكذا قوله[ في الحديث هنا : «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه» .
قال تعالى : {ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ فلو سأل سائل: لماذا يفعلون ذلك؟! فالجواب: قصدهم الفتنة، وصدّ الناس عن الحق الذي تضمنه كتاب الله سبحانه وتعالى؛ لأن المحكم الصريح الواضح، لو ترك على حاله لاهتدى به الخلق، لكنهم يقصدون صد الناس عن سبيل الله بالمتشابه ابتغاء الفتنة .
قوله: {وابتغاء تأويله} أي: تأويلا فاسداً، وتفسيرا محرفا ، وصرفه عن المراد منه .
قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} فيها قولان لأهل العلم: فمن المفسرين من قال بالوقوف على لفظ الجلالة {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} وهم أكثر أهل العلم.
وبعضهم يصل الآية ويعطف فيقول: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}.
وهو محتمل للأمرين، فإذا قصد بالتأويل حقيقة الشيء، أو ما يؤول إليه الأمر ، فإن الصواب الوقوف عند لفظ الجلالة ، فإن الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأشياء عن الجنة والنار ، وما يكون عليه الحال يوم القيامة ، وهذه أمور مسلم بها ومعروف معناها ، لكن كيف تكون ؟! ما حقائقها ؟ وما كيفياتها وصفاتها ؟ فحقائق هذه الأشياء لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .
وأما إذا قصدت بالتأويل في: {وما يعلم تأويله} معنى تفسيره والمراد منه، فأهل العلم يعلمون تفسيره ومعناه ، لا سيما أهل العلم الراسخين في العلم ، والراسخون في العلم هم الثابتون المستقيمون على الحق، الذين ليس من حالهم التغير والتقلّب ، كحال أهل البدع والأهواء ، عافانا الله من ذلك ، بل هم راسخون في العلم ، ثابتون على طريق الله عز وجل وعلى دينه ، فعلمهم راسخ ثابت ، نسأل الله عز وجل أن يثبت قلوبنا على دينه ، فهؤلاء أيضا يعلمون معنى كتاب الله سبحانه وتعالى، ولهذا يجوز أن تصل {والراسخون في العلم} ولا تقف عند لفظ الجلالة .
أما التأويل الذي هو بمعنى حقيقة الشيء، وما يؤل إليه ، فهذا لا يعلمه إلا الله تعالى، كحقائق اليوم الآخر، وكيفيات صفات الله عز وجل، التي لم يطلعنا الله عليها ، فالله سبحانه وتعالى لم يطلعنا على كيفيات صفاته ، ولا حقائق أوصافه، وكذلك حقائق يوم القيامة، ولهذا لما قال السائل لمالك رحمه الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه: 5)، كيف استوى؟ أنكر الإمام مالك هذا السؤال، وقال: الاستواء معلوم ، والكيف مجهول - أي كيفية الاستواء مجهولة بالنسبة لنا ، ولا يجوز لنا السؤال عنها - والسؤال عنها بدعة ، وأمر بطرد هذا الرجل. لأنه من الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله .
فالسؤال عن كيفيات الأسماء والصفات بدعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن أسمائه وصفاته ولم يخبرنا بكيفياتها، فيجب الوقوف على ما حد خبر الله تعالى لنا، أما أهل الزيغ فإنهم يتبعون الأمور المتشابهات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، أما الراسخون في العلم فيعلمونها ويؤمنون بها .
ويقولون آمنا به فهم يؤمنون بهذه الآيات، ويكلون علم حقائقها إلى الله تعالى ، فَيُسَلِمون ويَسْلمون، فأنت لا تَسْلَم حتى تُسلِّم ، كما قال السلف:لا تَسْلَم في آيات الصفات وأحاديثها، حتى تُسَّلِم ، فإذا سَلّمتَ سَلِمت ، وإذا لم تُسَلِّم لم تَسْلَم.
قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} يعني: المحكم والمتشابه كله من عند الله عز وجل، وليس فيه تعارض، ولا تناقض، بل هو متفقٌ، يصدّق بعضه بعضا، ويشهد لبعضه البعض، ولهذا عندنا أصل كبير ، وهو: أنه إذا حصل التباس في فهم آية ، رددناه إلى المحكم من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله[.
وهل في كلام النبي[ محكم ومتشابه؟ الجواب: نعم، فيه كذلك محكم ومتشابه، فهناك أحاديث واضحات الدلالة صريحة، لا لبس فيها ولا إشكال ، وهناك أحاديث قد تشكل على بعض الناس أحيان ، فالخلاص من الإشكال، هو رد هذه الأحاديث المشكلة إلى الأحاديث الواضحة ، التي لا إشكال فيها، ولا لبس ، ولا غموض فيها.
قوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (البقرة: 269) وما يذكر من التذكر، الذي هو من الذكرى، وهي الموعظة والتذكير، أي: لا يتعظ بأوامر الله ونصحه وإرشاده إلا أهل العقول ، وهم أولوا الألباب ، أهل العقول الراجحة الرزينة ، لأن العاقل هو الذي دُلّ على ما ينفعه اتبعه وفعله ، وإذا حذّر مما يضره تركه ، لكن صاحب العقل الضعيف لا يستجيب ، فلو عندك طفل صغير ، فلا ينفع معه أن تقول هذا ينفعك وهذا يضرك، لأن عقله ضعيف ، وهكذا بعض الخلق تقول له: هذا ينفعك، وهذا حلال، وهذا حرام ، هذا يجلب لك غضب الله ، هذا يجلب لك لعنة الله ، فلا يستجيب .
وهو ليس بمجنون بل قد يكون ذكيا ، وقد فرق أهل العلم بين الذكاء وبين العقل، فالعقل هو الذي يمنعك مما يضرك، ويحثك على ما ينفعك، وهناك أذكياء اخترعوا الذرة والصاروخ، والأجهزة الدقيقة، وفعلوا وفعلوا، ولكن لم يستجيبوا للإيمان ولا ينقادون لله عز وجل ، ولا لرسوله[، ولذلك هم بحكم الشرع ووصف القرآن (قوم لا يعقلون) (لا يعلمون ) هذا وصفٌ الله عز وجل لهم في الكتاب، وقال: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون} (سبأ: 6-7 ) أي : يبتغون الظاهر من الحياة الدنيا، وما يظهر لهم بالسمع ، والبصر ، وبالذوق ، وبالحس ، فيأخذون بالأسباب الحسية فقط، ولا ينظرون إلى مسبّب الأسباب، {وهم عن الآخرة غافلون} لأن قلوبهم وإراداتهم متوجهة للدنيا وشهواتها فقط .
ومما يجب التنبه له: أن أسماء الله عز وجل وصفاته الثابتة بالكتاب والسنة ليست من المتشابه، كما أراد أهل البدع أن يدخلوها فيه؟! فصفات الله عز وجل الثابتة بالقرآن أو بالسنة الصحيحة ليست من المتشابهات، لأنها واضحات المعاني، أي مفهومة لغةً ومعنى، لكن المتشابه من الأسماء والصفات، هو الكيفيات فقط، والله عز وجل علمنا كيف نرد التشبيه بكلمة إجمالية، وكيف نثبت بكلمة إجمالية أيضا ، فقال سبحانه وتعالى في نفي التشبيه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فالله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير، وكذلك في قوله سبحانه وتعالى: {ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} (الإخلاص: 4)، كفوا، يعني: كفؤا،كما في بعض القراءات يعني: مكافئا، أي: ليس لله عز وجل مكافئ ، ولا مشابه ولا نظير.
وكذلك الإثبات في قوله عز وجل: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ([الشورى : 11) إثبات لصفتي للسمع والبصر ، فلا يثبت لك الإيمان بالله عز وجل، إلا بنفي وإثبات، فكما أنك لا تشهد لله عز وجل بالوحدانية إلا بنفي وإثبات ، فتقول : لا إله إلا الله، لكن إذا قلت وسكت: (لا إله) لا تكون مؤمنا؟! لو قلت: الله إله وسكت ؟لم تكن مؤمنا، وكذلك لو قلت : (ليس كمثله شيء) ووقفت عند ذلك، لا يتم الإيمان، وهذا واقع فيه المعتزلة وأشباههم ، فإنهم بالغوا في النفي فقالوا: ربنا ليس بكذا ولا في داخل العالم، ولا في خارج العالم، وليس فوقنا، وليس بكذا، وليس بكذا، لكن أين الإثبات؟ وأين الإيمان؟ لا إثبات ولا إيمان؟! بل إذا قالوا: هو السميع البصير! إذا سألهم سائل: هل تؤمنون أن السميع معناه الذي يسمع؟ يقولون : لا، ويقولون: هو البصير ، فتسألهم: هل هو الذي يبصر؟ يقولون: لا؟! وهكذا قولهم في الرحيم والعليم والحكيم.. وهو تناقض عظيم لا تقبله العقول .
قال لهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: قولكم سميع بلا سمع؟ بصير لا بصر؟ عليم بلا علم؟ حي بلا حياة؟ كقول الإنسان: هذا حلو بلا حلاوة ، مرٌ بلا مرارة، قوي بلا قوة، جميل بلا جمال؟! وهذا نوعٌ من الجنون والهذيان، وعدم العقل عن الله سبحانه وتعالى، وعن رسوله [، ولذلك قال السلف -رحمهم الله جميعا-: «صفات الله عز وجل معناها وعلمها، ليس من المتشابه، بل المتشابه هو الكيفيات فقط».
وقول النبي[: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» فيه: التحذير من أهل البدع والأهواء.
قال الإمام النووي -رحمه الله-: وفيه التحذير من مخالطة أهل الزيغ، وأهل البدع، ومن يتبع المشكلات بالفتنة، فأما من سأل عما أشكل عليه منها بالاسترشاد، وتلطّف في ذلك، فلا بأس عليه ، وجوابه واجب انتهى
إذن الأول لا يجاب، أي الذي يسأل عن المتشابه لأجل الفتنة، هذا لا يجاب ! بل يهجر ويعزّر؟! كما عزّر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صبيغ بن عسل، حين كان يتتبع المتشابه، فقد جاء إلى المدينة وهو يتتبع المشكلات والمتشابهات من الآيات، فبلغ ذلك عمر، وأنه يشكك الناس، ويسأل عن أشياء، فدعاه عمر وقال له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ ! فضربه عمر على رأسه بالدَّرة – وهي عصاه - وقال له : أنا عبد الله عمر! فلم يزل يضربه ويعيده إلى الحبس ، حتى قال له صبيغ: والله لقد شفاني الله عز وجل! أي تأدب بذلك، فأمر بإخراجه من المدينة ، ونفاه إلى الكوفة ، ونهى الناس عن مجالسته ، حتى تاب إلى الله سبحانه وتعالى من هذا المسلك ، وهو اتباع المتشابه والتشكيك ، والذي يسلكه بعض الكتاب اليوم، للأسف الشديد، في الجرائد والفضائيات، فيشكك بالآيات والأحاديث، وبأصول الدين، التي لا يعرف فيها اختلاف، صارت محل تشكيك مستمر عند بعض من ينتسب للإسلام، فأمثال صبيغ بن عسل اليوم كثر والعياذ بالله منهم .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعا لما يحب ويرضى .
وصلى اللهم وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد .


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (03-23-2024)
قديم 03-23-2024   #6



 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (11:43 PM)
موآضيعي » 14522
آبدآعاتي » 8,120,805
 تقييمآتي » 5985370
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  60,225
شكرت » 16,081
الاعجابات المتلقاة » 11587
الاعجابات المُرسلة » 627
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥| سور من ورد - النشطاء ., ●  


/ نقاط: 0

♥ وسام | مُبدعة بلوحة جميلة رُسمت من ورد  


/ نقاط: 0

وسآم || تكريم و مليونية- رحيل  


/ نقاط: 0

وسآم || عيد الفطر السعيد + 5 الاف مشاركة  


/ نقاط: 0

♥| وسام نسمة إبداع  ., ●  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 190

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(7)

من أحب أن يُحمَد بما لم يفعل




اعداد: الفرقان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
باب في قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.
2127. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: « أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ [، كَانُوا إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ [ إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ [، فَإِذَا قَدِمَ النَّبِيُّ [ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ}.
2128. عنَّ حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ لِبَوَّابِهِ، إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُالْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ ! إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} هَذِهِ الْآيَةَ وَتَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَهُمْ النَّبِيُّ [ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلَهُمْ عَنْه ُ.
الشرح:
الباب السادس من مختصر الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله، للحافظ أبي بكر المنذري رحمه الله، هو في قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ} (آل عمران: 188).
ذكر فيه الإمام مسلم، حديث أبي سعيد الخدري، وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب صفات المؤمنين وأحكامهم. وقول الراوي: نزلت في كذا وكذا، هذا نص في سبب نزول الآية، وأسباب النزول منصوص عليها بأقاويل الصحابة، وأحيانا على لسان الرسول [، وأسباب النزول تعين على فهم الآيات؛ لأن واقعة الحال تعين على فهم الآية النازلة فيها.
فالذي كان من المنافقين في عهد رسول الله [ أنهم تخلفوا عنه في الجهاد، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، فإذا قدم النبي [ من سفره، اعتذروا إليه وحلفوا له كذبا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت الآية: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آل عمران: 188).

فيقول أبو سعيد الخدري: « إن رجالا من المنافقين في عهد الرسول [، كانوا إذا خرج النبي [ إلى الغزو تخلفوا عنه، وهذه صفة للمنافقين، ذكرها الله سبحانه وتعالى عنهم في كتابه أنهم يتخلفون عن الجهاد، ويكرهون الغزو في سبيل الله، مع رسول الله [، فكانوا يتثاقلون عن ذلك، ويميلون إلى الدنيا وشهواتها، ويكرهون الموت في سبيل الله، إذا دعت الضرورة إلى ذلك والحاجة، وإلا فالإنسان بطبعه يكره الموت ويدافع ذلك، لكن إذا حضر القتال الواجب، فإنه لا يجوز للإنسان أن يترك هذا الواجب كراهية الموت، قال تعالى عنهم: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون} (التوبة: 81 – 82).
فهم مع تخلفهم عن رسول الله في فرح وسرور! وهذا قدر زائد على المعصية؛ لأنه فرح ورضا بها.
وقال أيضا: {وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} (التوبة: 86-87).
والخوالف هم النساء المتخلفات عن الجهاد.
وقال سبحانه وتعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (التوبة: 38)، وغيرها من الآيات التي تبين حرمة التقاعس عن الجهاد في سبيل الله مع الإمام المسلم، خصوصا مع رسول الله [، فهذا أقبح وأشد حرمة، وكان المنافقون إذا تخلفوا فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، والحقيقة لو كانوا يعقلون: أن التخلف عن الرسول عليه الصلاة والسلام ذنبٌ ومعصية، فليس هو من الأمور التي يفرح بها الإنسان، وإذا فرح الإنسان بالمعصية، أو فرح بالذنب، دلّ ذلك على فساد قلبه، وضعف عقله وسفهه، وعدم علمه بعاقبة هذا الفعل، فالفرح الحقيقي إنما يكون بالطاعة والقربة والحسنة، وإنما يكون بالرحمة وفضل الله، كما قال الله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 58).
وكانوا إذا قدم النبي عليه الصلاة والسلام، ورجع من الجهاد، أو رجع من الغزوة اعتذروا إليه، وقالوا: يا رسول الله {شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا} ويتقدمون له بالأعذار الواهية، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم كاذبون، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يتركهم ويعرض عنهم، ويستغفر لهم، وقد عاتبه الله تعالى فيه فقال: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (التوبة: 43).
ولما عفا عنهم النبي عليه الصلاة والسلام وظن أنهم أصحاب أعذار، أحبوا أن يحمدوا بذلك، وقد حمدوا بغير ما فعلوا وبغير حق، فنزلت الآية فيهم {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ} أي: من ترك الجهاد والتخلف عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، ويحبون أن يثنى عليهم بما لا يستحقون.
قال عز وجل مهددا لهم {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ} بمفازة يعني ينجاة من العذاب، أي: لا تحسبنهم بمنجاة من العذاب، بل لهم عذاب أليم.
وهذه الآية يدخل فيها أهل الكتاب أيضا، كما في حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن مروان - وهو ابن الحكم الأموي - كان أميرا على المدينة ومكة، قال: « اذهب يا رافع لبوابه» رافع هو اسم البواب أو الحاجب الذي كان يعمل عند مروان.
قوله: «اذهب إلى ابن عباس رضي الله عنهما» وخص ابن عباس بالسؤال لأنه كان مشهورا بتفسير كتاب الله تبارك وتعالى، وذلك أن النبي [ دعا له كما في الحديث الصحيح: «اللهم علمه التأويل، وفقه في الدين» متفق عليه.
قوله: « فقال له قل له لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن أجمعون» أي: إذا كان كل واحد منا يفرح بما أتى من العمل الصالح، أو يفرح بما أعطاه الله تعالى من الخير ومن الفضل، ويكون في نفسه محبا أن يحمد بما لم يفعل، لكن يحب أن يحمد بين الناس، فهل هذا يكون سببا من أسباب العذاب؟!
قوله: « فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما لكم ولهذه الآية؟! إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس قوله تعالى {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران: 187)، يعني: أن هذه الآية نزلت في آل الكتاب، وليست فيكم أيها المسلمون.
وهذا سبب نزول آخر غير السبب الأول، وهل يمكن أن تتعدد أسباب النزول والآية واحدة؟ الجواب: نعم ممكن أن تتعدد والأسباب وتكون الآية النازلة في هذه الأسباب واحدة، أو قد تنزل الآية أكثر من مره لأسباب متنوعة؛ وذلك لسعة مفهوم الآية، فالآية يكون لها مفهوم واسع يشمل أمورا كثيرة، فبمفهومها الواسع تشمل هذه الأسباب المتنوعة؛ لأنها صور متعددة، تدخل بمنطوق هذه الآية.
قال ابن عباس: إن هذه الآية نزلت في أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم والكتاب، ولم ينقادوا للرسول [، ولم يدخلوا في الإسلام وقالوا: نحن على علم، وعندنا كتاب من الله، ونحن أتباع موسى ونحن أصحاب حق، وفرحوا بما عندهم من العلم، كما هو الحال اليوم من النصارى الضالين، الذين يفرحون بما عندهم من الكتاب المحرف، والطقوس الدينية التي هي أشبه باللغو واللعب والغناء والتمتع، ومخالفة الرب سبحانه وتعالى، وزعمهم الابن والولد لله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، فيفرحون بما عندهم من الكفر، ويفرحون بما عندهم من الكتاب المبدل، ويتركون الكتاب العزيز، والقرآن العظيم، الكامل التام الذي حفظه الله تعالى من التحريف والتغيير. وهكذا يدخل في هذه الآية بالمفهوم: أهل البدع الذين يفرحون بما عندهم من البدع والضلال، سواء كانت بدعا قولية، أم بدعا فعلية، فهم يفرحون بما عندهم من الباطل.
وهكذا كل من فرح بما عنده من الباطل القولي أو الفعلي وأحب أن يحُمد عند الناس بما لا يستحق، فهذا لا تحسبنه بمفازة من العذاب، لا تحسبنه بمنجاة من العذاب. وقول ابن عباس: سألهم النبي [ عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره قيل: إن المقصود بذلك أن النبي [ سألهم عن صفته، وهي في التوراة موجودة ومكتوبة، فكتموا وكذبوا وقالوا: إن صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان، لا تنطبق عليك يا محمد، [، فصفة النبي الذي عندنا في كتابنا، والذي بشرت به الرسل، أو بشر به عيسى عليه السلام على وجه الخصوص، هي لا تنطبق عليك يا محمد؛ لأنهم حرفوا الكتاب حتى قال بعض أهل التاريخ والسيرة، أنهم قالوا إن النبي الذي يبعث في آخر الزمان، سبط الشعر، أزرق العينين، أبيض الوجه، جاءوا بصفات محرفة، من أجل ألا تنطبق على النبي [، فالنبي [ تركهم وخرج، وفرحوا هم بهذا الباطل الذي أدوه وظنوا أنهم استطاعوا أن يصرفوا الناس عن الإسلام، وصرفوا أتباعهم، وهم في الحقيقة بهذا العمل يكونون قد أوقعوا أنفسهم في غضب الله وعذابه، وأيضا تحملوا أوزار الذين يضلونهم بغير علم، وهذا أعظم مع أن وزر الواحد فيهم كاف في عذابه، فكيف إذا حمل أوزار العالمين على ظهره؟!
وهكذا دعاة الباطل ودعاة الكفر: فإنهم يتحملون آثام من يتبعهم على باطلهم، كما قال [: « من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى باطل كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص من آثامهم شيئا» رواه مسلم وغيره.
وأيضا أهل الكتاب وقعوا في ذلك، كما في قول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران: 187)، فالله تعالى قد أخذ العهد والميثاق على الأنبياء، وعلى أتباع الأنبياء من ورثتهم، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فإذا كتم العلماء الحق الذي جاء في كتاب الله، فقد خالفوا الميثاق الذي أخذه الله تبارك وتعالى عليهم، وصح في الحديث أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول [: «من سئل علما يعلمه فكتمه، ألجم بلجام من نار» أخرجه الترمذي.
ولفظ أبي داود: «من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة». وهذا دليل على حرمة كتمان العلم مع القدرة على إظهاره، أي إذا كان الإنسان قادرا على إظهار هذا العلم، ولم يمنعه من إظهاره شيء من الموانع التي تمنع من إظهار العلم كالخوف على النفس من القتل، وما أشبه ذلك فهذا محرم.
أما أن يحمد الإنسان على الاستقامة والطاعة، ويحمد على الصفات الجميلة، ويحب ذلك من غير رياء ولا سمعة، دلت الآية بمفهومها على أنه غير مذموم، فلو أحب الإنسان أن يحمد، وأن تكون له سمعة حسنة طيبة بين الناس، وحرص على ذلك بأعماله الصالحة وصفاته الجميلة، وأصلح من نفسه، وعامل الخلق بما ينبغي محبا للسيرة الحسنة بين الناس، ولم يكن في ذلك قصد الرياء، هذا غير مذموم - بل دعت الأنبياء بذلك – فقد قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (الشعراء: 84) أي: اجعل لي لسان ثناء عند الناس، أن الناس تثني علي بخير، وتكون لي سيرة حسنة فيهم وكذلك في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} (الفرقان: 74)، هذا يدل على أنه لا مانع أن يكتسب الإنسان السمعة الطيبة بين الخلق.


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ رحيل على المشاركة المفيدة:
 (03-23-2024),  (03-23-2024)
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فوائد وفرائد من مختصر صحيح البخاري للشيخ الألباني رحيل ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 15 04-27-2023 01:43 PM
شرح مختصر صحيح #البخاري (5) محمد #العريفي - من الحديث ( بنت الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 04-25-2023 10:29 AM
شرح مختصر صحيح البخاري (5) محمد العريفي بنت الشام ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 17 04-10-2023 11:46 AM
ورقة بن نوفل الحلقة 10 شرح مختصر صحيح البخاري مجنون بحبك ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 20 12-30-2022 05:38 PM
كتاب الطهارة من شرحه على صحيح مسلم المسمى: (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) Şøķåŕą ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 09-12-2022 09:17 AM

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


الساعة الآن 11:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2024, Trans. By Soft
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع