تفسير قوله تعالى:
﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
(سورة البقرة: الآية 37)
إعراب مفردات الآية [1]:
الفاء عاطفة (تلقّى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (آدم) فاعل مرفوع (من ربّ) جار ومجرور
متعلّق ب (تلقّى) والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف اليه (كلمات) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة
الفاء عاطفة (تاب) فعل ماض والفاعل هو أي اللّه (على) حرف جرّ والهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تاب).
(إنّ) حرف توكيد ونصب والهاء ضمير متّصل في محلّ نصب اسم إنّ (هو) ضمير فصل (التوّاب)
خبر إنّ مرفوع (الرحيم) خبر ثان مرفوع.اهـ
روائع البيان والتفسير:
• ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ قال أبو جعفر الطبري:
"فتلقى آدم"، فقيل: إنه أخذ وقَبِل. وأصله التفعُّل من اللقاء، كما يتلقى الرجلُ الرجلَ مُستقبلَه عند قدومه من غيبته
أو سفره، فكأنَّ ذلك كذلك في قوله:"فتلقى"، كأنه استقبله فتلقاه بالقبول حين أوحى إليه أو أخبر به. فمعنى ذلك إذًا:
فلقَّى الله آدمَ كلمات توبة، فتلقَّاها آدم من ربه وأخذها عنه تائبًا، فتاب الله عليه بقيله إياها، وقبوله إياها من ربه.اهـ[2].
• وزاد الشنقيطي بياناً فقال -رحمه الله-:
قوله تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات ﴾ لم يبين هنا ما هذه الكلمات، ولكنه بينها في سورة «الأعراف»
بقوله: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الآية 23].اهـ[3].
• ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ قال ابن العثيمين في تفسيره للآية:
قوله تعالى: ﴿ فتاب عليه ﴾: الفاعل هو الله. يعني فتاب ربه عليه؛ و"التوبة" هي رفع المؤاخذة
والعفو عن المذنب إذا رجع إلى ربه عزّ وجلّ..
قوله تعالى: ﴿ إنه هو التواب الرحيم ﴾: هذه الجملة تعليل لقوله تعالى: ﴿ فتاب عليه ﴾؛ لأن التوبة مقتضى
هذين الاسمين العظيمين: ﴿ التواب الرحيم ﴾؛ و﴿ هو ﴾ ضمير فصل يفيد هنا الحصر، والتوكيد؛ و﴿ التواب ﴾
صيغة مبالغة من "تاب"؛ وذلك لكثرة التائبين، وكثرة توبة الله؛ ولذلك سمى الله نفسه "التواب"؛ و﴿ الرحيم ﴾
أي ذو الرحمة الواسعة الواصلة إلى من شاء من عباده.. اهـ[4].
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبدالرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر:
دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق( 1/107 ).
[2] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة ( 1/ 541 / 773 ).
[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت - لبنان( 1 / 34 ).
[4] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 90 ).
_ سيد مبارك.