ننتظر تسجيلك هـنـا


( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 
{ثمانية سنوات من العطاء الممزوج بالحب سنوية رواية عشق   )
   
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~
    الرافدين"     عموري"     شهد"     عبدالحليم"     نبض"     روحي"     نساي"     حياتي"     الشرقية"     بادلتك"     مجروح"     ختان     البهلوان"     ناطق"     الملاح"     ارجوان"

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩

الملاحظات

۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ َيهتم بالقُرآن والتفسِير والقرَاءات ، والدرَاسات الحدِيثية ، ويَهتم بالأحادِيث والآثار وتخرِيجها .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-2022   #19



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

صفات المنافقين

ثم ننتقل - مع السياق - إلى الصورة الثالثة . أو إلى النموذج الثالث
إنها ليست في شفافية الصورة الأولى وسماحتها . وليست في عتامة الصورة الثانية وصفاقتها . ولكنها تتلوى في الحس . وتروغ من البصر , وتخفى وتبين . . إنها صورة المنافقين:
ومن الناس من يقول:آمنا بالله وباليوم الآخر , وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا , وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون . وإذا قيل لهم:لا تفسدوا في الأرض , قالوا:إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون . وإذا قيل لهم:آمنوا كما آمن الناس , قالوا:أنؤمن كما آمن السفهاء ? ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون . وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا:آمنا . وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا:إنا معكم , إنما نحن مستهزئون . الله يستهزئ بهم , ويمدهم في طغيانهم يعمهون . أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى , فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين . .
لقد كانت هذه صورة واقعة في المدينة ; ولكننا حين نتجاوز نطاق الزمان والمكان نجدها نموذجا مكرورا في أجيال البشرية جميعا . نجد هذا النوع من المنافقين من علية الناس الذين لا يجدون في أنفسهم الشجاعة ليواجهوا الحق بالإيمان الصريح , أو يجدون في نفوسهم الجرأة ليواجهوا الحق بالإنكار الصريح . وهم في الوقت ذاته يتخذون لأنفسهم مكان المترفع على جماهير الناس , وعلى تصورهم للأمور ! ومن ثم نميل إلى مواجهة هذه النصوص كما لو كانت مطلقة من مناسبتها التاريخية , موجهة إلى هذا الفريق من المنافقين في كل جيل . وإلى صميم النفس الإنسانية الثابت في كل جيل
إنهم يدعون الإيمان بالله واليوم الآخر . وهم في الحقيقة ليسوا بمؤمنين . إنما هم منافقون لا يجرؤون على الإنكار والتصريح بحقيقة شعورهم في مواجهة المؤمنين . وهم يظنون في أنفسهم الذكاء والدهاء والقدرة على خداع هؤلاء البسطاء
; ولكن القرآن يصف حقيقة فعلتهم , فهم لا يخادعون المؤمنين , إنما يخادعون الله كذلك أو يحاولون:
(يخادعون الله والذين آمنوا). .
وفي هذا النص وأمثاله نقف أمام حقيقة كبيرة , وأمام تفضل من الله كريم . . تلك الحقيقة هي التي يؤكدها القرآن دائما ويقررها , وهي حقيقة الصلة بين الله والمؤمنين . إنه يجعل صفهم صفه , وأمرهم أمره . وشأنهم شأنه . يضمهم سبحانه إليه , ويأخذهم في كنفه , ويجعل عدوهم عدوه , وما يوجه إليهم من مكر موجها إليه - سبحانه - وهذا هو التفضل العلوي الكريم . . التفضل الذي يرفع مقام المؤمنين وحقيقتهم إلى هذا المستوى السامق ; والذي يوحي بأن حقيقة الإيمان في هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق , والذي يسكب في قلب المؤمن طمأنينة لا حد لها , وهو يرى الله - جل شأنه - يجعل قضيته هي قضيته , ومعركته هي معركته , وعدوه هو عدوه , ويأخذه في صفة , ويرفعه إلى جواره الكريم . . فماذا يكون العبيد وكيدهم وخداعهم وأذاهم الصغير ?!
وهو في ذات الوقت تهديد رعيب للذين يحاولون خداع المؤمنين والمكر بهم , وإيصال الأذى إليهم . تهديد لهم بأن معركتهم ليست مع المؤمنين وحدهم إنما هي مع الله القوي الجبار القهار . وأنهم إنما يحاربون الله حين يحاربون أولياءه , وإنما يتصدون لنقمة الله حين يحاولون هذه المحاولة اللئيمة .
وهذه الحقيقة من جانبيها جديرة بأن يتدبرها المؤمنون ليطمئنوا ويثبتوا ويمضوا في طريقهم لا يبالون كيد الكائدين , ولا خداع الخادعين , ولا أذى الشريرين . ويتدبرها أعداء المؤمنين فيفزعوا ويرتاعوا ويعرفوا من الذي يحاربونه ويتصدون لنقمته حين يتصدون للمؤمنين . .
ونعود إلى هؤلاء الذين يخادعون الله والذين آمنوا بقولهم:آمنا بالله وباليوم الآخر . ظانين في أنفسهم الذكاء والدهاء . . ولكن يا للسخرية ! يا للسخرية التي تنصب عليهم قبل أن تكتمل الآية:
(وما يخدعون إلا أنفسهم , وما يشعرون). .
إنهم من الغفلة بحيث لا يخدعون إلا أنفسهم في غير شعور ! إن الله بخداعهم عليم ; والمؤمنون في كنف الله فهو حافظهم من هذا الخداع اللئيم . أما أولئك الأغفال فهم يخدعون أنفسهم ويغشونها . يخدعونها حين يظنون أنهم أربحوها وأكسبوها بهذا النفاق , ووقوها مغبة المصارحة بالكفر بين المؤمنين . وهم في الوقت ذاته يوردونها موارد التهلكة بالكفر الذي يضمرونه , والنفاق الذي يظهرونه . وينتهون بها إلى شر مصير !
ولكن لماذا يحاول المنافقون هذه المحاولة ? ولماذا يخادعون هذا الخداع
(في قلوبهم مرض). .
في طبيعتهم آفة . في قلوبهم علة . وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم . ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيدهم مما هم فيه:
(فزادهم الله مرضا). .
فالمرض ينشىء المرض , والانحراف يبدأ يسيرا , ثم تنفرج الزاوية في كل خطوة وتزداد . سنة لا تتخلف . سنة الله في الأشياء والأوضاع , وفي المشاعر والسلوك . فهم صائرون إذن إلى مصير معلوم . المصير الذي يستحقه من يخادعون الله والمؤمنين:
(ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون).

وصفة أخرى من صفاتهم - وبخاصة الكبراء منهم الذين كان لهم في أول العهد بالهجرة مقام في قومهم ورياسة وسلطان كعبد الله بن أبي بن سلول - صفة العناد وتبرير ما يأتون من الفساد , والتبجح حين يأمنون أن يؤخذوا بما يفعلون:
(وإذا قيل لهم:لا تفسدوا في الأرض , قالوا:إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون , ولكن لا يشعرون). .
إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع , بل يضيفون اليهما السفه والادعاء: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض). . لم يكتفوا بأن ينفوا عن أنفسهم الإفساد , بل تجاوزوه إلى التبجح والتبرير: (قالوا:إنما نحن مصلحون). .
والذين يفسدون أشنع الفساد , ويقولون:إنهم مصلحون , كثيرون جدا في كل زمان . يقولونها لأن الموازين مختلة في أيديهم . ومتى اختل ميزان الإخلاص والتجرد في النفس اختلت سائر الموازين والقيم . والذين لا يخلصون سريرتهم لله يتعذر أن يشعروا بفساد أعمالهم , لأن ميزان الخير والشر والصلاح والفساد في نفوسهم يتأرجح مع الأهواء الذاتية , ولا يثوب إلى قاعدة ربانية . .
ومن ثم يجيء التعقيب الحاسم والتقرير الصادق:
(ألا إنهم هم المفسدون , ولكن لا يشعرون). .
ومن صفتهم كذلك التطاول والتعالي على عامة الناس , ليكسبوا لأنفسهم مقاما زائفا في أعين الناس:
(وإذا قيل لهم:آمنوا كما آمن الناس , قالوا:أنؤمن كما آمن السفهاء ? ألا إنهم هم السفهاء , ولكن لا يعلمون). .
وواضح أن الدعوة التي كانت موجهة إليهم في المدينة هي أن يؤمنوا الإيمان الخالص المستقيم المتجرد من الأهواء . إيمان المخلصين الذين دخلوا في السلم كافة , وأسلموا وجوههم لله , وفتحوا صدورهم لرسول الله "" صلى الله عليه وسلم ""يوجههم فيستجيبون بكليتهم مخلصين متجردين . . هؤلاء هم الناس الذين كان المنافقون يدعون ليؤمنوا مثلهم هذا الإيمان الخالص الواضح المستقيم . .
وواضح أنهم كانوا يأنفون من هذا الاستسلام للرسول "" صلى الله عليه وسلم ""ويرونه خاصا بفقراء الناس غير لائق بالعلية ذوي المقام ! ومن ثم قالوا قولتهم هذه: (أنؤمن كما آمن السفهاء ?). . ومن ثم جاءهم الرد الحاسم , والتقرير الجازم:
(ألا إنهم هم السفهاء , ولكن لا يعلمون). .
ومتى علم السفيه أنه سفيه ? ومتى استشعر المنحرف أنه بعيد عن المسلك القويم ?!
ثم تجيء السمة الأخيرة التي تكشف عن مدى الارتباط بين المنافقين في المدينة واليهود الحانقين . . إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع , والسفه والادعاء , إنما يضيفون إليها الضعف واللؤم والتآمر في الظلام:
(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا:آمنا , وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا:إنا معكم , إنما نحن مستهزؤون). .
وبعض الناس يحسب اللؤم قوة , والمكر السيىء براعة . وهو في حقيقته ضعف وخسة . فالقوي ليس لئيما ولا خبيثا , ولا خادعا ولا متآمرا ولا غمازا في الخفاء لمازا . وهؤلاء المنافقون الذين كانوا يجبنون عن المواجهة ,
ويتظاهرون بالإيمان عند لقاء المؤمنين , ليتقوا الأذى , وليتخذوا هذا الستار وسيلة للأذى . . هؤلاء كانوا إذا خلوا إلى شياطينهم - وهم غالبا - اليهود الذين كانوا يجدون في هؤلاء المنافقين أداة لتمزيق الصف الإسلامي وتفتيته , كما أن هؤلاء كانوا يجدون في اليهود سندا وملاذا . . هؤلاء المنافقون كانوا (إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا:إنا معكم إنما نحن مستهزئون)- أي بالمؤمنين - بما نظهره من الإيمان والتصديق !
وما يكاد القرآن يحكي فعلتهم هذه وقولتهم , حتى يصب عليهم من التهديد ما يهد الرواسي:
(الله يستهزئ بهم , ويمدهم في طغيانهم يعمهون). .
وما أبأس من يستهزيء به جبار السماوات والأرض وما أشقاه !! وإن الخيال ليمتد إلى مشهد مفزع رعيب . وإلى مصير تقشعر من هوله القلوب .
وهو يقرأ : الله يستهزئ بهم , ويمدهم في طغيانهم يعمهون). . فيدعهم يخبطون على غير هدى في طريق لا يعرفون غايته , واليد الجبارة تتلقفهم في نهايته , كالفئران الهزيلة تتواثب في الفخ , غافلة عن المقبض المكين . . وهذا هو الاستهزاء الرعيب , لا كاستهزائهم الهزيل الصغير .
وهنا كذلك تبدو تلك الحقيقة التي أشرنا من قبل إليها . حقيقة تولي الله - سبحانه - للمعركة التي يراد بها المؤمنون . وما وراء هذا التولي من طمأنينة كاملة لأولياء الله , ومصير رعيب بشع لأعداء الله الغافلين , المتركين في عماهم يخبطون , المخدوعين بمد الله لهم في طغيانهم , وإمهالهم بعض الوقت في عدوانهم , والمصير الرعيب ينتظرهم هنالك , وهم غافلون يعمهون !
والكلمة الأخيرة التي تصور حقيقة حالهم , ومدى خسرانهم:
(أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى , فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين). . فلقد كانوا يملكون الهدى لو أرادوا . كان الهدى مبذولا لهم . وكان في أيديهم . وكلنهم (اشتروا الضلالة بالهدى), كأغفل ما يكون المتجرون:
(فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين). .

( يتبع )







 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022   #20



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

مثلان مصوران لخسارة المنافقين

ولعلنا نلمح أن الحيز الذي استغرقه رسم هذه الصورة الثالثة قد جاء أفسح من الحيز الذي استغرفه رسم الصورة الأولى والصورة الثانية . .
ذلك أن كلا من الصورتين الأوليين فيه استقامة على نحو من الأنحاء وفيه بساطة على معنى من المعاني . . الصورة الأولى صورة النفس الصافية المستقيمة في اتجاهها , والصورة الثانية صورة النفس المعتمة السادرة في اتجاهها . أما الصورة الثالثة فهي صورة النفس الملتوية المريضة المعقدة المقلقلة . وهي في حاجة إلى مزيد من اللمسات , ومزيد من الخطوط كيما تتحدد وتعرف بسماتها الكثيرة . .
على أن هذه الإطالة توحي كذلك بضخامة الدور الذي كان يقوم به المنافقون في المدينة لإيذاء الجماعة المسلمة , ومدى التعب والقلق والاضطراب الذي كانوا يحدثونه ; كما توحي بضخامة الدور الذي يمكن أن يقوم به المنافقون في كل وقت داخل الصف المسلم , ومدى الحاجة للكشف عن ألاعيبهم ودسهم اللئيم .
وزيادة في الإيضاح , يمضي السياق يضرب الأمثال لهذه الطائفة ويكشف عن طبيعتها , وتقلباتها وتأرجحها ليزيد هذه الطبيعة جلاء وإيضاحا:
(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا , فلما أضاءت ما حوله , ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون . صم بكم عمي فهم لا يرجعون). .
. إنهم لم يعرضوا عن الهدى ابتداء , ولم يصموا آذانهم عن السماع , وعيونهم عن الرؤية وقلوبهم عن الإدراك , كما صنع الذين كفروا . ولكنهم استحبوا العمى على الهدى بعد ما استوضحوا الأمر وتبينوه . . لقد استوقدوا النار , فلما أضاء لهم نورها لم ينتفعوا بها وهم طالبوها . عندئذ (ذهب الله بنورهم)الذي طلبوه ثم تركوه: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون)جزاء إعراضهم عن النور !

وإذا كانت الآذان والألسنة والعيون , لتلقي الأصداء والأضواء , والانتفاع بالهدى والنور , فهم قد عطلوا آذانهم فهم(صم)وعطلوا ألسنتهم فهم(بكم)وعطلوا عيونهم فهم(عمي). . فلا رجعة لهم إلى الحق , ولا أوبة لهم إلى الهدى . ولا هداية لهم إلى النور !
ومثل آخر يصور حالهم ويرسم ما في نفوسهم من اضطراب وحيرة وقلق ومخافة:
(أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق , يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت . والله محيط بالكافرين . يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه , وإذا أظلم عليهم قاموا , ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم . إن الله على كل شيء قدير). .
إنه مشهد عجيب , حافل بالحركة , مشوب بالاضطراب . فيه تيه وضلال , وفيه هول ورعب , وفيه فزع وحيرة , وفيه أضواء وأصداء . . صيب من السماء هاطل غزير (فيه ظلمات ورعد وبرق). . (كلما أضاء لهم مشوا فيه). . (وإذا أظلم عليهم قاموا). . أي وقفوا حائرين لا يدرون أين يذهبون . وهم مفزعون: (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت). .
إن الحركة التي تغمر المشهد كله:من الصيب الهاطل , إلى الظلمات والرعد والبرق , إلى الحائرين المفزعين فيه , إلى الخطوات المروعة الوجلة , التي تقف عندما يخيم الظلام . . إن هذه الحركة في المشهد لترسم - عن طريق التأثر الإيحائي - حركة التيه والاضطراب والقلق والأرجحة التي يعيش فيها أولئك المنافقون . . بين لقائهم للمؤمنين , وعودتهم للشياطين . بين ما يقولونه لحظة ثم ينكصون عنه فجأة . بين ما يطلبونه من هدى ونور وما يفيئون إليه من ضلال وظلام . . فهو مشهد حسي يرمز لحالة نفسية ; ويجسم صورة شعورية . وهو طرف من طريقة القرآن العجيبة في تجسيم أحوال النفوس كأنها مشهد محسوس .

دعوة الناس للإنحياز إلى المتقين

وعندما يتم استعراض الصور الثلاث يرتد السياق في السورة نداء للناس كافة , وأمرا للبشرية جمعاء , أن تختار الصورة الكريمة المستقيمة . الصورة النقية الخالصة . الصورة العاملة النافعة . الصورة المهتدية المفلحة . . صورة المتقين:
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون . الذي جعل لكم الأرض فراشا , والسماء بناء , وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم , فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون). .
إنه النداء إلى الناس كلهم لعبادة ربهم الذي خلقهم والذين من قبلهم . ربهم الذي تفرد بالخلق , فوجب أن يتفرد بالعبادة . . وللعبادة هدف لعلهم ينتهون إليه ويحققوه:
(لعلكم تتقون). . لعلكم تصيرون إلى تلك الصورة المختارة من صور البشرية . صورة العابدين لله . المتقين لله . الذين أدوا حق الربوبية الخالقة , فعبدوا الخالق وحده ; رب الحاضرين والغابرين , وخالق الناس أجمعين , ورازقهم كذلك من الأرض والسماء بلا ند ولا شريك:
(الذي جعل لكم الأرض فراشا). .
وهو تعبير يشي باليسر في حياة البشر على هذه الأرض , وفي إعدادها لهم لتكون لهم سكنا مريحا وملجأ واقيا كالفراش . . والناس ينسون هذا الفراش الذي مهده الله لهم لطول ما ألفوه . ينسون هذا التوافق الذي جعله الله في الأرض ليمهد لهم وسائل العيش , وما سخره لهم فيها من وسائل الراحة والمتاع . ولولا هذا التوافق ما قامت حياتهم على هذا الكوكب في مثل هذا اليسر والطمأنينة . ولو فقد عنصر واحد من عناصر الحياة في هذا الكوكب ما قام هؤلاء الأناسي في غير البيئة التي تكفل لهم الحياة . ولو نقص عنصر واحد من عناصر الهواء عن قدره المرسوم لشق على الناس أن يلتقطوا أنفاسهم حتى لو قدرت لهم الحياة !
(والسماء بناء). .
فيها متانة البناء وتنسيق البناء . والسماء ذات علاقة وثيقة بحياة الناس في الأرض , وبسهولة هذه الحياة . وهي بحرارتها وضوئها وجاذبية اجرامها وتناسقها وسائر النسب بين الأرض وبينها , تمهد لقيام الحياة على الأرض وتعين عليها . فلا عجب أن تذكر في معرض تذكير الناس بقدرة الخالق , وفضل الرازق , واستحقاق المعبود للعبادة من العبيد المخاليق .
(وأنزل من السماء ماء , فأخرج به من الثمرات رزقا لكم). .
وذكر إنزال الماء من السماء وإخراج الثمرات به , ما يفتأ يتردد في مواضع شتى من القرآن في معرض التذكير بقدرة الله , والتذكير بنعمته كذلك . . والماء النازل من السماء هو مادة الحياة الرئيسية للأحياء في الأرض جميعا . فمنه تنشأ الحياة بكل أشكالها ودرجاتها (وجعلنا من الماء كل شيء حي). . سواء أنبت الزرع مباشرة حين يختلط بالأرض , أو كون الأنهار والبحيرات العذبة , أو انساح في طبقات الأرض فتألفت منه المياه الجوفية , التي تتفجر عيونا أو تحفر آبارا , أو تجذب بالآلات إلى السطح مرة أخرى .
وقصة الماء في الأرض , ودوره في حياة الناس , وتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها . . كل هذا أمر لا يقبل المماحكة , فتكفي الإشارة إليه , والتذكير به , في معرض الدعوة إلى عبادة الخالق الرازق الوهاب .
وفي ذلك النداء تبرز كليتان من كليات التصور الإسلامي:وحدة الخالق لكل الخلائق: (الذي خلقكم والذين من قبلكم). . ووحدة الكون وتناسق وحداته وصداقته للحياة وللإنسان: (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء . وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم). . فهذا الكون أرضه مفروشة لهذا الإنسان , وسماؤه مبنية بنظام , معينة بالماء الذي تخرج به الثمرات رزقا للناس . . والفضل في هذا كله للخالق الواحد:
(فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون). .
تعلمون أنه خلقكم والذين من قبلكم . وتعلمون أنه جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء . وأنه لم يكن له شريك يساعد , ولا ند يعارض . فالشرك به بعد هذا العلم تصرف لا يليق !
والأنداد التي يشدد القرآن في النهي عنها لتخلص عقيدة التوحيد نقية واضحة , قد لا تكون آلهة تعبد مع الله على النحو الساذج الذي كان يزاوله المشركون . فقد تكون الأنداد في صور أخرى خفية . قد تكون في تعليق الرجاء بغير الله في أي صورة , وفي الخوف من غير الله في أي صورة . وفي الاعتقاد بنفع أو ضر في غير الله في أي صورة . . عن ابن عباس قال:" الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل . وهو أن يقول:والله وحياتك يا فلان وحياتي . ويقول:لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة , ولولا البط في الدار لأتى اللصوص . وقول الرجل لصاحبه:ما شاء الله وشئت ! وقول الرجل:لولا الله وفلان . . هذا كله به شرك " . . . وفي الحديث أن رجلا قال لرسول الله "" صلى الله عليه وسلم ""ما شاء الله وشئت . قال:" أجعلتني لله ندا ? " !
هكذا كان سلف هذه الأمة ينظر إلى الشرك الخفي والأنداد مع الله . . فلننظر نحن أين نحن من هذه الحساسية المرهفة , وأين نحن من حقيقة التوحيد الكبيرة !!!





 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022   #21



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

تحدي الكفار بمعارضة القرآن

ولقد كان اليهود يشككون في صحة رسالة النبي "" صلى الله عليه وسلم ""وكان المنافقون يرتابون فيها - كما ارتاب المشركون وشككوا في مكة وغيرها - فهنا يتحدى القرآن الجميع . إذ كان الخطاب إلى "الناس " جميعا . يتحداهم بتجربة واقعية تفصل في الأمر بلا مماحكة:
(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله , وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين). .
ويبدأ هذا التحدي بلفتة لها قيمتها في هذا المجال . . يصف الرسول "" صلى الله عليه وسلم ""بالعبودية لله: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا). . ولهذا الوصف في هذا الموضع دلالات منوعة متكاملة:فهو أولا تشريف للنبي وتقريب بإضافة عبوديته لله تعالى ; دلالة على أن مقام العبودية لله هو أسمى مقام يدعى إليه بشر ويدعى به كذلك . وهو ثانيا تقرير لمعنى العبودية , في مقام دعوة الناس كافة إلى عبادة ربهم وحده , واطراح الأنداد كلها من دونه . فها هو ذا النبي في مقام الوحي - وهو أعلى مقام - يدعى بالعبودية لله , ويشرف بهذه النسبة في هذا المقام .
أما التحدي فمنظور فيه إلى مطلع السورة . . فهذا الكتاب المنزل مصوغ من تلك الحروف التي في أيديهم , فإن كانوا يرتابون في تنزيله , فدونهم فليأتوا بسورة من مثله ; وليدعوا من يشهد لهم بهذا - من دون الله - فالله قد شهد لعبده بالصدق في دعواه .
وهذا التحدي ظل قائما في حياة الرسول "" صلى الله عليه وسلم ""وبعدها , وما يزال قائما إلى يومنا هذا وهو حجة لا سبيل إلى المماحكة فيها . . وما يزال القرآن يتميز من كل كلام يقوله البشر تميزا واضحا قاطعا . وسيظل كذلك أبدا . سيظل كذلك تصديقا لقول الله تعالى في الآية التالية:
(فإن لم تفعلوا - ولن تفعلوا - فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين). .
والتحدي هنا عجيب , والجزم بعدم إمكانه أعجب , ولو كان في الطاقة تكذيبه ما توانوا عنه لحظة . وما من شك أن تقرير القرآن الكريم أنهم لن يفعلوا , وتحقق هذا كما قرره هو بذاته معجزة لا سبيل إلى المماراة فيها . ولقد كان المجال أمامهم مفتوحا , فلو أنهم جاءوا بما ينقض هذا التقرير القاطع لأنهارت حجية القرآن ولكن هذا لم يقع ولن يقع كذلك فالخطاب للناس جميعا , ولو أنه كان في مواجهة جيل من أجيال الناس .
على أن كل من له دراية بتذوق أساليب الأداء ; وكل من له خبرة بتصورات البشر للوجود وللأشياء ; وكل من له خبرة بالنظم والمناهج والنظريات النفسية أو الاجتماعية التي ينشئها البشر . . لا يخالجه شك في أن ما جاء به القرآن في هذه المجالات كلها شيء آخر ليس من مادة ما يصنعه البشر . والمراء في هذا لا ينشأ إلا عن جهالة لا تميز , أو غرض يلبس الحق بالباطل . .

ومن ثم كان هذا التهديد المخيف لمن يعجزون عن هذا التحدي ثم لا يؤمنون بالحق الواضح:
(فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين). .
ففيم هذا الجمع بين الناس والحجارة , في هذه الصورة المفزعة الرعيبة ? لقد أعدت هذه النار للكافرين . الكافرين الذين سبق في أول السورة وصفهم بأنهم (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم , وعلى أبصارهم غشاوة). . والذين يتحداهم القرآن هنا فيعجزون , ثم لا يستجيبون . . فهم إذن حجارة من الحجارة ! وإن تبدوا في صورة آدمية من الوجهة الشكلية ! فهذا الجمع بين الحجارة من الحجر والحجارة من الناس هو الأمر المنتظر !
على أن ذكر الحجارة هنا يوحي إلى النفس بسمة أخرى في المشهد المفزع:مشهد النار التي تأكل الأحجار . ومشهد الناس الذين تزحمهم هذه الأحجار . . في النار . .
وهي ألوان من النعيم يستوقف النظر منها - إلى جانب الأزواج المطهرة - تلك الثمار المتشابهة , التي يخيل إليهم أنهم رزقوها من قبل - أما ثمار الدنيا التي تشبهها بالاسم أو الشكل , وأما ثمار الجنة التي رزقوها من قبل - فربما كان في هذا التشابه الظاهري والتنوع الداخلي مزية المفاجأة في كل مرة . . وهي ترسم جوا من الدعابة الحلوة , والرضى السابغ , والتفكه الجميل , بتقديم المفاجأة بعد المفاجأة , وفي كل مرة ينكشف التشابه الظاهري عن شيء جديد !
وهذا التشابه في الشكل , والتنوع في المزية , سمة واضحة في صنعة الباريء تعالى , تجعل الوجود أكبر في حقيقته من مظهره . ولنأخذ الإنسان وحده نموذجا كاشفا لهذه الحقيقة الكبيرة . . الناس كلهم ناس , من ناحية قاعدة التكوين:رأس وجسم وأطراف . لحم ودم وعظام وأعصاب . عينان وأذنان وفم ولسان . خلايا حية من نوع الخلايا الحية . تركيب متشابه في الشكل والمادة . . ولكن أين غاية المدى في السمات والشيات ? ثم أين غاية المدى في الطباع والاستعدادات ? إن فارق ما بين إنسان وإنسان - على هذا التشابه - ليبلغ أحيانا أبعد مما بين الأرض والسماء !
وهكذا يبدو التنوع في صنعة الباريء هائلا يدير الرؤوس:التنوع في الأنواع والأجناس , والتنوع في الأشكال والسمات , والتنوع في المزايا والصفات . . وكله . . كله مرده إلى الخلية الواحدة المتشابهة التكوين والتركيب .
فمن ذا الذي لا يعبد الله وحده , وهذه آثار صنعته , وآيات قدرته ? ومن ذا الذي يجعل لله اندادا , ويد الإعجاز واضحة الآثار , فيما تراه الأبصار , وفيما لا تدركه الأبصار ?

اختلاف أثر الأمثال القرآنية على المؤمنين والكافرين

بعد ذلك يجيء الحديث عن الأمثال التي يضربها الله في القرآن:
(إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما , بعوضة فما فوقها , فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم , وأما الذين كفروا فيقولون:ماذا أراد الله بهذا مثلا ? يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا , وما يضل به إلا الفاسقين . الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه , ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل , ويفسدون في الأرض . . أولئك هم الخاسرون). .
وهذه الآيات تشي بأن المنافقين الذين ضرب الله لهم مثل الذي استوقد نارا ومثل الصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق - وربما كان اليهود كذلك والمشركون - قد اتخذوا من ورود هذه الأمثال في هذه المناسبة , ومن وجود أمثال أخرى في القرآن المكي الذي سبق نزوله وكان يتلى في المدينة , كالذي ضربه الله مثلا للذين كفروا بربهم (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون). . وكالذي ضربه الله مثلا لعجز آلهتهم المدعاة عن خلق الذباب: (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه . ضعف الطالب والمطلوب). .
نقول:إن هذه الآيات تشي بأن المنافقين - وربما كان اليهود والمشركون - قد وجدوا في هذه المناسبة منفذا للتشكيك في صدق الوحي بهذا القرآن , بحجة أن ضرب الأمثال هكذا بما فيها من تصغير لهم وسخرية منهم لا تصدر عن الله , وأن الله لا يذكر هذه الأشياء الصغيرة كالذباب والعنكبوت في كلامه ! . . وكان هذا طرفا من حملة التشكيك والبلبلة التي يقوم بها المنافقون واليهود في المدينة , كما كان يقوم بها المشركون في مكة .
فجاءت هذه الآيات دفعا لهذا الدس , وبيانا لحكمة الله في ضرب الأمثال , وتحذيرا لغير المؤمنين من عاقبة الاستدراج بها , وتطمينا للمؤمنين أن ستزيدهم إيمانا .

(إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما , بعوضة فما فوقها). .
فالله رب الصغير والكبير , وخالق البعوضة والفيل , والمعجزة في البعوضة هي ذاتها المعجزة في الفيل . إنها معجزة الحياة . معجزة السر المغلق الذي لا يعلمه إلا الله . . على أن العبرة في المثل ليست في الحجم والشكل , إنما الأمثال أدوات للتنوير والتبصير . وليس في ضرب الأمثال ما يعاب وما من شأنه الاستحياء من ذكره . والله - جلت حكمته - يريد بها اختبار القلوب , وامتحان النفوس:
(فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم). .
ذلك أن إيمانهم بالله يجعلهم يتلقون كل ما يصدر عنه بما يليق بجلاله ; وبما يعرفون من حكمته . وقد وهبهم الإيمان نورا في قلوبهم , وحساسية في أرواحهم , وتفتحا في مداركهم , واتصالا بالحكمة الإلهية في كل أمر وفي كل قول يجيئهم من عند الله .






 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022   #22



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

(وأما الذين كفروا فيقولون:ماذا أراد الله بهذا مثلا ?). .
وهو سؤال المحجوب عن نور الله وحكمته , المقطوع الصلة بسنة الله وتدبيره . ثم هو سؤال من لا يرجو للهوقارا , ولا يتأدب معه الأدب اللائق بالعبد أمام تصرفات الرب . يقولونها في جهل وقصور في صيغة الاعتراض والاستنكار , أو في صورة التشكيك في صدور مثل هذا القول عن الله !
هنا يجيئهم الجواب في صورة التهديد والتحذير بما وراء المثل من تقدير وتدبير:
(يضل به كثيرا , ويهدي به كثيرا , وما يضل به إلا الفاسقين). .
والله - سبحانه - يطلق الابتلاءات والامتحانات تمضي في طريقها , ويتلقاها عباده , كل وفق طبيعته واستعداده , وكل حسب طريقه ومنهجه الذي اتخذه لنفسه . والابتلاء واحد . . ولكن آثاره في النفوس تختلف بحسب اختلاف المنهج والطريق . . الشدة تسلط على شتى النفوس , فأما المؤمن الواثق بالله وحكمته ورحمته فتزيده الشدة التجاء إلى الله وتضرعا وخشية . وأما الفاسق أو المنافق فتزلزله وتزيده من الله بعدا , وتخرجه من الصف إخراجا . والرخاء يسلط على شتى النفوس , فأما المؤمن التقي فيزيد الرخاء يقظة وحساسية وشكرا . وأما الفاسق أو المنافق فتبطره النعمة ويتلفه الرخاء ويضله الابتلاء . . وهكذا المثل الذي يضربه الله للناس . . (يضل به كثيرا). . ممن لا يحسنون استقبال ما يجيئهم من الله , (ويهدي به كثيرا)ممن يدركون حكمة الله . (وما يضل به إلا الفاسقين). . الذين فسقت قلوبهم من قبل وخرجت عن الهدى والحق , فجزاؤهم زيادتهم مما هم فيه !

ويفصل السياق صفة الفاسقين هؤلاء , كما فصل في أول السورة صفة المتقين ; فالمجال ما يزال - في السورة - هو مجال الحديث عن تلك الطوائف , التي تتمثل فيها البشرية في شتى العصور:
(الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه , ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل , ويفسدون في الأرض . أولئك هم الخاسرون). .
فأي عهد من عهود الله هو الذي ينقضون ? وأي أمر مما أمر الله به أن يوصل هو الذي يقطعون ? وأي لون من الفساد في الأرض هو الذي يفسدون ?
لقد جاء السياق هنا بهذا الإجمال لأن المجال مجال تشخيص طبيعة , وتصوير نماذج , لا مجال تسجيل حادثة , أو تفصيل واقعة . . إن الصورة هنا هي المطلوبة في عمومها . فكل عهد بين الله وبين هذا النموذج من الخلق فهو منقوض ; وكل ما أمر الله به أن يوصل فهو بينهم مقطوع ; وكل فساد في الأرض فهو منهم مصنوع . . إن صلة هذا النمط من البشر بالله مقطوعة , وإن فطرتهم المنحرفة لا تستقيم على عهد ولا تستمسك بعروة ولا تتورع عن فساد . إنهم كالثمرة الفجة التي انفصلت من شجرة الحياة , فتعفنت وفسدت ونبذتها الحياة . . ومن ثم يكون ضلالهم بالمثل الذي يهدي المؤمنين ; وتجيء غوايتهم بالسبب الذي يهتدي به المتقون .
وننظر في الآثار الهدامة لهذا النمط من البشر الذي كانت الدعوة تواجهه في المدينة في صورة اليهود والمنافقين والمشركين ; والذي ظلت تواجهه وما تزال تواجهه اليوم في الأرض مع اختلاف سطحي في الأسماء والعنوانات !
(الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه). .
وعهد الله المعقود مع البشر يتمثل في عهود كثيرة:إنه عهد الفطرة المركوز في طبيعة كل حي . . أن يعرف خالقه , وأن يتجه إليه بالعبادة . وما تزال في الفطرة هذه الجوعة للاعتقاد بالله , ولكنها تضل وتنحرف فتتخذ من دون الله أندادا وشركاء . . وهو عهد الاستخلاف في الأرض الذي أخذه الله على آدم - كما سيجيء -: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). . وهو عهوده الكثيرة في الرسالات لكل قوم أن يعبدوا الله وحده , وأن يحكموا في حياتهم منهجه وشريعته . . وهذه العهود كلها هي التي ينقضها الفاسقون . وإذا نقض عهد الله من بعد ميثاقه , فكل عهد دون الله منقوض . فالذي يجرؤ على عهد الله لا يحترم بعده عهدا من العهود .
(ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل). .
والله أمر بصلات كثيرة . . أمر بصلة الرحم والقربى . وأمر بصلة الإنسانية الكبرى . وأمر قبل هذا كله بصلة العقيدة والأخوة الإيمانية , التي لا تقوم صلة ولا وشيجة إلا معها . . وإذا قطع ما أمر الله به أن يوصل فقد تفككت العرى , وانحلت الروابط , ووقع الفساد في الأرض , وعمت الفوضي .
(ويفسدون في الأرض). .
والفساد في الأرض ألوان شتى , تنبع كلها من الفسوق عن كلمة الله , ونقض عهد الله , وقطع ما أمر الله به أن يوصل . ورأس الفساد في الأرض هو الحيدة عن منهجه الذي اختاره ليحكم حياة البشر ويصرفها . هذا مفرق الطريق الذي ينتهي إلى الفساد حتما , فما يمكن أن يصلح أمر هذه الأرض , ومنهج الله بعيد عن تصريفها , وشريعة الله مقصاة عن حياتها . وإذا انقطعت العروة بين الناس وربهم على هذا النحو فهو الفساد الشامل للنفوس والأحوال , وللحياة والمعاش ; وللأرض كلها وما عليها من ناس وأشياء .
إنه الهدم والشر والفساد حصيلة الفسوق عن طريق الله . . ومن ثم يستحق أهله أن يضلهم الله بما يهدي به عباده المؤمنين .

استنكار كفر الكفار بالله

وعند هذا البيان الكاشف لآثار الكفر والفسوق في الأرض كلها يتوجه إلى الناس باستنكار كفرهم بالله المحيي المميت الخالق الرازق المدبر العليم:
(كيف تكفرون بالله , وكنتم أمواتا فأحياكم , ثم يميتكم , ثم يحييكم , ثم إليه ترجعون ? هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ; ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم). .
والكفر بالله في مواجهة هذه الدلائل والآلاء كفر قبيح بشع , مجرد من كل حجة أو سند . . والقرآن يواجه البشر بما لا بد لهم من مواجهته , والاعتراف به , والتسليم بمقتضياته . يواجههم بموكب حياتهم وأطوار وجودهم . لقد كانوا أمواتا فأحياهم . كانوا في حالة موت فنقلهم منها إلى حالة حياة ولا مفر من مواجهة هذه الحقيقة التي لا تفسير لها إلا بالقدرة الخالقة . إنهم أحياء , فيهم حياة . فمن الذي أنشأ لهم هذه الحياة ? من الذي أوجد هذه الظاهرة الجديدة الزائدة على ما في الأرض من جماد ميت ? إن طبيعة الحياة شيء آخر غير طبيعة الموت المحيط بها في الجمادات . فمن أين جاءت ? إنه لا جدوى من الهروب من مواجهة هذا السؤال الذي يلح على العقل والنفس ; ولا سبيل كذلك لتعليل مجيئها بغير قدرة خالقة ذات طبيعة أخرى غير طبيعة المخلوقات . من أين جاءت هذه الحياة التي تسلك في الأرض سلوكا آخر متميزا عن كل ما عداها من الموات ? . . لقد جاءت من عند الله . . هذا هو أقرب جواب . . وإلا فليقل من لا يريد التسليم:أين هو الجواب !

وهذه الحقيقة هي التي يواجه بها السياق الناس في هذا المقام:
(كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ?). .
كنتم أمواتا من هذا الموات الشائع من حولكم في الأرض فأنشا فيكم الحياة(فأحياكم). . فكيف يكفر بالله من تلقى منه الحياة ?
(ثم يميتكم). .
ولعل هذه لا تلقى مراء ولا جدلا , فهي الحقيقة التي تواجه الأحياء في كل لحظة , وتفرض نفسها عليهم فرضا , ولا تقبل المراء فيها ولا الجدال .
(ثم يحييكم). .
وهذه كانوا يمارون فيها ويجادلون ; كما يماري فيها اليوم ويجادل بعض المطموسين , المنتكسين إلى تلك الجاهلية الأولى قبل قرون كثيرة . وهي حين يتدبرون النشأة الأولى , لا تدعو إلى العجب , ولا تدعو إلى التكذيب .
(ثم إليه ترجعون). .
كما بدأكم تعودون , وكما ذرأكم في الأرض تحشرون , وكما انطلقتم بإرادته من عالم الموت إلى عالم الحياة , ترجعون إليه ليمضي فيكم حكمه ويقضي فيكم قضاءه . .
وهكذا في آية واحدة قصيرة يفتح سجل الحياة كلها ويطوى , وتعرض في ومضة صورة البشرية في قبضة الباريء:ينشرها من همود الموت أول مرة , ثم يقبضها بيد الموت في الأولى , ثم يحييها كرة أخرى , وإليه مرجعها في الآخرة , كما كانت منه نشأتها في الأولى . . وفي هذا الاستعراض السريع يرتسم ظل القدرة القادرة , ويلقي في الحس إيحاءاته المؤثرة العميقة .





llثم يعقب السياق بومضة أخرى مكملة للومضة الأولى:
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ; ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ; وهو بكل شيء عليم). .
ويكثر المفسرون والمتكلمون هنا من الكلام عن خلق الأرض والسماء , يتحدثون عن القبلية والبعدية . ويتحدثون عن الاستواء والتسوية . . وينسون أن "قبل وبعد" اصطلاحان بشريان لا مدلول لهما بالقياس إلى الله تعالى ; وينسون أن الاستواء والتسوية اصطلاحان لغويان يقربان إلى التصور البشري المحدود صورة غير المحدود . . ولا يزيدان . . وما كان الجدل الكلامي الذي ثار بين علماء المسلمين حول هذه التعبيرات القرآنية , إلا آفة من آفات الفلسفة الإغريقية والمباحث اللاهوتية عند اليهود والنصارى , عند مخالطتها للعقلية العربية الصافية , وللعقلية الإسلامية الناصعة . . وما كان لنا نحن اليوم أن نقع في هذه الآفة , فنفسد جمال العقيدة وجمال القرآن بقضايا علم الكلام !!
فلنخلص إذن إلى ما وراء هذه التعبيرات من حقائق موحية عن خلق ما في الأرض جميعا للإنسان , ودلالة هذه الحقيقة على غاية الوجود الإنساني , وعلى دوره العظيم في الأرض , وعلى قيمته في ميزان الله , وما وراء هذا كله من تقرير قيمة الإنسان في التصور الإسلامي ; وفي نظام المجتمع الإسلامي . .
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا). .
إن كلمة(لكم)هنا ذات مدلول عميق وذات إيحاء كذلك عميق . إنها قاطعة في أن الله خلق هذا الإنسان لأمر عظيم . خلقه ليكون مستخلفا في الأرض , مالكا لما فيها , فاعلا مؤثرا فيها . إنه الكائن الأعلى في هذا الملك العريض ; والسيد الأول في هذا الميراث الواسع . ودوره في الأرض إذن وفي أحداثها وتطوراتها هو الدور الأول ; إنه سيد الأرض وسيد الآلة ! إنه ليس عبدا للآلة كما هو في العالم المادي اليوم . وليس تابعا للتطورات التي تحدثها الآلة في علاقات البشر وأوضاعهم كما يدعي أنصار المادية المطموسون , الذين يحقرون دور الإنسان ووضعه , فيجعلونه تابعا للآلة الصماء وهو السيد الكريم ! وكل قيمة من القيم المادية لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان , ولا أن تستذله أو تخضعه أو تستعلي عليه ; وكل هدف ينطوي على تصغير قيمة الإنسان , مهما يحقق من مزايا مادية , هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنساني . فكرامة الإنسان أولا , واستعلاء الإنسان أولا , ثم تجيء القيم المادية تابعة مسخرة .
والنعمة التي يمتن الله بها على الناس هنا - وهو يستنكر كفرهم به - ليست مجرد الإنعام عليهم بما في الأرض جميعا , ولكنها - إلى ذلك - سيادتهم على ما في الأرض جميعا , ومنحهم قيمة أعلى من قيم الماديات التي تحويها الأرض جميعا . هي نعمة الاستخلاف والتكريم فوق نعمة الملك والانتفاع العظيم .






 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022   #23



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

(ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات). .
ولا مجال للخوض في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة , والقصد بإرادة الخلق والتكوين . كذلك لا مجال للخوض في معنى السماوات السبع المقصودة هنا وتحديد أشكالها وأبعادها . اكتفاء بالقصد الكلي من هذا النص , وهو التسوية للكون أرضه وسمائه في معرض استنكار كفر الناس بالخالق المهيمن المسيطر على الكون , الذي سخر لهم الأرض بما فيها , ونسق السماوات بما يجعل الحياة على الأرض ممكنة مريحة .
(وهو بكل شيء عليم). .
بما أنه الخالق لكل شيء , المدبر لكل شيء . وشمول العلم في هذا المقام كشمول التدبير . حافز من حوافز الإيمان بالخالق الواحد , والتوجه بالعبادة للمدبر الواحد , وإفراد الرازق المنعم بالعبادة اعترافا بالجميل .
وهكذا تنتهي الجولة الأولى في السورة . . وكلها تركيز على الإيمان , والدعوة إلى اختيار موكب المؤمنين المتقين . .
قصة آدم واستخلافه

يرد القصص في القرآن في مواضع ومناسبات . وهذه المناسبات التي يساق القصص من أجلها هي التي تحدد مساق القصة , والحلقة التي تعرض منها , والصورة التي تأتي عليها , والطريقة التي تؤدى بها . تنسيقا للجو الروحي والفكري والفني الذي تعرض فيه . وبذلك تؤدي دورها الموضوعي , وتحقق غايتها النفسية , وتلقي إيقاعها المطلوب .
ويحسب أناس أن هنالك تكرارا في القصص القرآني , لأن القصة الواحدة قد يتكرر عرضها في سور شتى . ولكن النظرة الفاحصة تؤكد أنه ما من قصة , أو حلقة من قصة قد تكررت في صورة واحدة , من ناحية القدر الذي يساق , وطريقة الأداء في السياق . وأنه حيثما تكررت حلقة كان هنالك جديد تؤديه , ينفي حقيقة التكرار .

ويزيغ أناس فيزعمون أن هنالك خلقا للحوادث أو تصرفا فيها , يقصد به إلى مجرد الفن - بمعنى التزويق الذي لا يتقيد بواقع - ولكن الحق الذي يلمسه كل من ينظر في هذا القرآن , وهو مستقيم الفطرة , مفتوح البصيرة , هو أن المناسبة الموضوعية هي التي تحدد القدر الذي يعرض من القصة في كل موضع , كما تحدد طريقة العرض وخصائص الأداء . والقرآن كتاب دعوة , ودستور نظام , ومنهج حياة , لا كتاب رواية ولا تسلية ولا تاريخ . وفي سياق الدعوة يجيء القصص المختار , بالقدر وبالطريقة التي تناسب الجو والسياق , وتحقق الجمال الفني الصادق , الذي لا يعتمد على الخلق والتزويق , ولكن يعتمد على إبداع العرض , وقوة الحق , وجمال الأداء .

وقصص الأنبياء في القرآن يمثل موكب الإيمان في طريقه الممتد الواصل الطويل . ويعرض قصة الدعوة إلى الله واستجابة البشرية لها جيلا بعد جيل ; كما يعرض طبيعة الإيمان في نفوس هذه النخبة المختارة من البشر , وطبيعة تصورهم للعلاقة بينهم وبين ربهم الذي خصهم بهذا الفضل العظيم . . وتتبع هذا الموكب الكريم في طريقه اللاحب يفيض على القلب رضى ونورا وشفافية ; ويشعره بنفاسة هذا العنصر العزيز - عنصر الإيمان - وأصالته في الوجود . كذلك يكشف عن حقيقة التصور الإيماني ويميزه في الحس من سائر التصورات الدخيلة . .
إن السياق - فيما سبق - يستعرض موكب الحياة , بل موكب الوجود كله . ثم يتحدث عن الأرض - في معرض آلاء الله على الناس - فيقرر أن الله خلق كل ما فيها لهم . . فهنا في هذا الجو تجيء قصة استخلاف آدم في الأرض , ومنحه مقاليدها , على عهد من الله وشرط , وإعطائه المعرفة التي يعالج بها هذه الخلافة . كما أنها تمهد للحديث عن استخلاف بني إسرائيل في الأرض بعهد من الله ; ثم عزلهم عن هذه الخلافة وتسليم مقاليدها للأمة المسلمة الوافية بعهد الله [ كما سيجيء ] فتتسق القصة مع الجو الذي تساق فيه كل الاتساق .

فلنعش لحظات مع قصة البشرية الأولى وما وراءها من إيحاءات أصيلة:
ها نحن أولاء - بعين البصيرة في ومضات الاستشراف - في ساحة الملأ الأعلى ; وها نحن أولاء نسمع ونرى قصة البشرية الأولى:
(وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة). .
وإذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود , زمام هذه الأرض , وتطلق فيها يده , وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين , والتحليل والتركيب , والتحوير والتبديل ; وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات , وكنوز وخامات , وتسخير هذا كله - بإذن الله - في المهمة الضخمة التي وكلها الله إليه .
وإذن فقد وهب هذا الكائن الجديد من الطاقات الكامنة , والاستعدادات المذخورة كفاء ما في هذه الأرض من قوى وطاقات , وكنوز وخامات ; ووهب من القوى الخفية ما يحقق المشيئة الإلهية .

وإذن فهنالك وحدة أو تناسق بين النواميس التي تحكم الأرض - وتحكم الكون كله - والنواميس التي تحكم هذا المخلوق وقواه وطاقاته , كي لا يقع التصادم بين هذه النواميس وتلك ; وكي لا تتحطم طاقة الإنسان على صخرة الكون الضخمة !

وإذن فهي منزلة عظيمة , منزلة هذا الإنسان , في نظام الوجود على هذه الأرض الفسيحة . وهو التكريم الذي شاءه له خالقه الكريم .
هذا كله بعض إيحاء التعبير العلوي الجليل: (إني جاعل في الأرض خليفة). . حين نتملاه اليوم بالحس اليقظ والبصيرة المفتوحة , ورؤية ما تم في الأرض على يد هذا الكائن المستخلف في هذا الملك العريض !
(قالوا:أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء , ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ?). .
ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم من شواهد الحال , أو من تجارب سابقة في الأرض , أو من إلهام البصيرة , ما يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , أو من مقتضيات حياته على الأرض ; وما يجعلهم يعرفون أو يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق , وإلا السلام الشامل - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية المطلقة للوجود , وهو وحده العلة الأولى للخلق . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له ,ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !
لقد خفيت عليهم حكمة المشيئة العليا , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة وتنويعها , وفي تحقيق إرادة الخالق وناموس الوجود في تطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا , ليتم من وراء هذا الشر الجزئي الظاهر خير أكبر وأشمل . خير النمو الدائم , والرقي الدائم . خير الحركة الهادمة البانية . خير المحاولة التي لا تكف , والتطلع الذي لا يقف , والتغيير والتطوير في هذا الملك الكبير .
عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور:
(قال:إني أعلم ما لا تعلمون). .
(وعلم آدم الأسماء كلها , ثم عرضهم على الملائكة , فقال:أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . قالوا:سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا . إنك أنت العليم الحكيم . قال:يا آدم أنبئهم بأسمائهم . فلما أنبأهم بأسمائهم , قال:ألم أقل لكم:إني أعلم غيب السماوات والأرض , وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون). .
ها نحن أولاء - بعين البصيرة في ومضات الاستشراف - نشهد ما شهده الملائكة في الملأ الأعلى . . ها نحن أولاء نشهد طرفا من ذلك السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .
فأما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ما علمهم . . وعرف آدم . . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم:
(قال:ألم أقل لكم:إني أعلم غيب السماوات والأرض , وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ?). .
(وإذ قلنا للملائكة:اسجدوا لآدم . فسجدوا). .
إنه التكريم في أعلى صوره , لهذا المخلوق الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء , ولكنه وهب من الأسرار ما يرفعه على الملائكة . لقد وهب سر المعرفة , كما وهب سر الإرادة المستقلة التي تختار الطريق . . إن ازدواج طبيعته , وقدرته على تحكيم إرادته في شق طريقه , واضطلاعه بأمانة الهداية إلى الله بمحاولته الخاصة . . إن هذا كله بعض أسرار تكريمه .
ولقد سجد الملائكة امتثالا للأمر العلوي الجليل .
(إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين). .
وهنا تتبدى خليقة الشر مجسمة:عصيان الجليل سبحانه ! والاستكبار عن معرفة الفضل لأهله . والعزة بالإثم . والاستغلاق عن الفهم .
ويوحي السياق أن إبليس لم يكن من جنس الملائكة , إنما كان معهم . فلو كان منهم ما عصى . وصفتهم الأولى أنهم (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون). . والاستثناء هنا لا يدل على أنه من جنسهم , فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء , كما تقول:جاء بنو فلان إلا أحمد . وليس منهم إنما هو عشيرهم وإبليس من الجن بنص القرآن , والله خلق الجان من مارج من نار . وهذا يقطع بأنه ليس من الملائكة .
والآن . لقد انكشف ميدان المعركة الخالدة . المعركة بين خليقة الشر في إبليس , وخليفة الله في الأرض . المعركة الخالدة في ضمير الإنسان . المعركة التي ينتصر فيها الخير بمقدار ما يستعصم الإنسان بإرادته وعهده مع ربه , وينتصر فيها الشر بمقدار ما يستسلم الإنسان لشهوته . ويبعد عن ربه:
(وقلنا:يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة , وكلا منها رغدا حيث شئتما , ولا تقربا هذه الشجرة , فتكونا من الظالمين). .
لقد أبيحت لهما كل ثمار الجنة . . إلا شجرة . . شجرة واحدة , ربما كانت ترمز للمحظور الذي لا بد منه في حياة الأرض . فبغير محظور لا تنبت الإرادة , ولا يتميز الإنسان المريد من الحيوان المسوق , ولا يمتحن صبر الإنسان على الوفاء بالعهد والتقيد بالشرط . فالإرادة هي مفرق الطريق . والذين يستمتعون بلا إرادة هم من عالم البهيمة , ولو بدوا في شكل الآدميين !
(فأزلهما الشيطان عنها , فأخرجهما مما كانا فيه). .
ويا للتعبير المصور أزلهما). . إنه لفظ يرسم صورة الحركة التي يعبر عنها . وإنك لتكاد تلمح الشيطان وهو يزحزحهما عن الجنة , ويدفع بأقدامهما فتزل وتهوي !
عندئذ تمت التجربة:نسي آدم عهده , وضعف أمام الغواية . وعندئذ حقت كلمة الله , وصرح قضاؤه:
(وقلنا:اهبطوا . . بعضكم لبعض عدو , ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين). .
وكان هذا إيذانا بانطلاق المعركة في مجالها المقدر لها . بين الشيطان والإنسان . إلى آخر الزمان .
ونهض آدم من عثرته , بما ركب في فطرته , وأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها .

(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه , إنه هو التواب الرحيم). .
وتمت كلمة الله الأخيرة , وعهده الدائم مع آدم وذريته . عهد الاستخلاف في هذه الأرض , وشرط الفلاح فيها أو البوار .
(قلنا:اهبطوا منها جميعا . فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). .
وانتقلت المعركة الخالدة إلى ميدانها الأصيل , وانطلقت من عقالها ما تهدأ لحظة وما تفتر . وعرف الإنسان في فجر البشرية كيف ينتصر إذا شاء الانتصار , وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسار . . .
لقد قال الله تعالى للملائكة: (إني جاعل في الأرض خليفة). . وإذن فآدم مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى . ففيم إذن كانت تلك الشجرة المحرمة ? وفيم إذن كان بلاء آدم ? وفيم إذن كان الهبوط إلى الأرض , وهو مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى ?
لعلني المح أن هذه التجربة كانت تربية لهذا الخليفة وإعدادا . كانت إيقاظا للقوى المذخورة في كيانه . كانت تدريبا له على تلقي الغواية , وتذوق العاقبة , وتجرع الندامة , ومعرفة العدو , والالتجاء بعد ذلك إلى الملاذ الأمين .
إن قصة الشجرة المحرمة , ووسوسة الشيطان باللذة , ونسيان العهد بالمعصية , والصحوة من بعد السكرة , والندم وطلب المغفرة . . إنها هي هي تجربة البشرية المتجددة المكرورة !
لقد اقتضت رحمة الله بهذا المخلوق أن يهبط إلى مقر خلافته , مزودا بهذه التجربة التي سيتعرض لمثلها طويلا , استعدادا للمعركة الدائبة وموعظة وتحذيرا . .
وبعد . . مرة أخرى . . فأين كان هذا الذي كان ? وما الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه حينا من الزمان ? ومن هم الملائكة ? ومن هو إبليس ? . . كيف قال الله تعالى لهم ? وكيف أجابوه ? . . .
هذا وأمثاله في القرآن الكريم غيب من الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه ; وعلم بحكمته أن لا جدوى للبشر في معرفة كنهه وطبيعته , فلم يهب لهم القدرة على إدراكه والإحاطة به , بالأداة التي وهبهم إياها لخلافة الأرض , وليس من مستلزمات الخلافة أن نطلع على هذا الغيب . وبقدر ما سخر الله للإنسان من النواميس الكونية وعرفه بأسرارها , بقدر ما حجب عنه أسرار الغيب , فيما لا جدوى له في معرفته . وما يزال الإنسان مثلا على الرغم من كل ما فتح له من الأسرار الكونية يجهل ما وراء اللحظة الحاضرة جهلا مطلقا , ولا يملك بأي أداة من أدوات المعرفة المتاحة له أن يعرف ماذا سيحدث له بعد لحظة , وهل النفس الذي خرج من فمه عائد أم هو آخر أنفاسه ? وهذا مثل من الغيب المحجوب عن البشر , لأنه لا يدخل في مقتضيات الخلافة , بل ربما كان معوقا لها لو كشف للإنسان عنه ! وهنالك الوان من مثل هذه الأسرار المحجوبة عن الإنسان , في طي الغيب الذي لا يعلمه إلا الله .
ومن ثم لم يعد للعقل البشري أن يخوض فيه , لأنه لا يملك الوسيلة للوصول إلى شيء من أمره . وكل جهد يبذل في هذه المحاولة هو جهد ضائع , ذاهب سدى , بلا ثمرة ولا جدوى .
وإذا كان العقل البشري لم يوهب الوسيلة للاطلاع على هذا الغيب المحجوب ; فليس سبيله إذن أن يتبجح فينكر . . فالإنكار حكم يحتاج إلى المعرفة . والمعرفة هنا ليست من طبيعة العقل , وليست في طوق وسائله , ولا هي ضرورية له في وظيفته !





 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 08-10-2022   #24



 
 عضويتي » 2105
 اشراقتي ♡ » Aug 2022
 كُـنتَ هُـنا » منذ 3 دقيقة (02:05 PM)
موآضيعي » 4596
آبدآعاتي » 2,022,739
 تقييمآتي » 1326621
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 54سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوج 😉
تم شكري »  27,573
شكرت » 11,174
الاعجابات المتلقاة » 11997
الاعجابات المُرسلة » 4553
 التقييم » البرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond reputeالبرنس مديح آل قطب has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

وسام مليونيه الثانيه البرنس مديح ال قطب  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - نبع الكتابة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 114

 

البرنس مديح آل قطب متواجد حالياً

افتراضي










تابع – سورة البقرة

إن الاستسلام للوهم والخرافة شديد الضرر بالغ الخطورة . ولكن أضر منه وأخطر , التنكر للمجهول كله وإنكاره , واستبعاد الغيب لمجرد عدم القدرة على الإحاطة به . . إنها تكون نكسة إلى عالم الحيوان الذي يعيش في المحسوس وحده , ولا ينفذ من أسواره إلى الوجود الطليق .
فلندع هذا الغيب إذن لصاحبه , وحسبنا ما يقص لنا عنه , بالقدر الذي يصلح لنا في حياتنا , ويصلح سرائرنا ومعاشنا . ولنأخذ من القصة ما تشير إليه من حقائق كونية وإنسانية , ومن تصور للوجود وارتباطاته , ومن إيحاء بطبيعة الإنسان وقيمه وموازينه . . فذلك وحده أنفع للبشرية وأهدى .

وفي اختصار يناسب ظلال القرآن سنحاول أن نمر بهذه الإيحاءات والتصورات والحقائق مرورا مجملا سريعا .
إن أبرز إيحاءات قصة آدم - كما وردت في هذا الموضع - هو القيمة الكبرى التي يعطيها التصور الإسلامي للإنسان ولدوره في الأرض , ولمكانه في نظام الوجود , وللقيم التي يوزن بها . ثم لحقيقة ارتباطه بعهد الله , وحقيقة هذا العهد الذي قامت خلافته على أساسه . .
وتتبدى تلك القيمة الكبرى التي يعطيها التصور الإسلامي للإنسان في الإعلان العلوي الجليل في الملأ الأعلى الكريم , أنه مخلوق ليكون خليفة في الأرض ; كما تتبدى في أمر الملائكة بالسجود له . وفي طرد إبليس الذي استكبر وأبى , وفي رعاية الله له أولا وأخيرا . .
ومن هذه النظرة للإنسان تنبثق جملة اعتبارات ذات قيمة كبيرة في عالم التصور وفي عالم الواقع على السواء .
وأول اعتبار من هذه الاعتبارات هو أن الإنسان سيد هذه الأرض , ومن أجله خلق كل شيء فيها - كما تقدم ذلك نصا - فهو إذن أعز وأكرم وأغلى من كل شيء مادي , ومن كل قيمة مادية في هذه الأرض جميعا . ولا يجوز إذن أن يستعبد أو يستذل لقاء توفير قيمة مادية أو شيء مادي . . لا يجوز أن يعتدي على أي مقوم من مقومات إنسانيته الكريمة , ولا أن تهدر أية قيمة من قيمه لقاء تحقيق أي كسب مادي , أو إنتاج أي شيء مادي , أو تكثير أي عنصر مادي . . فهذه الماديات كلها مخلوقة - أو مصنوعة - من أجله . من أجل تحقيق إنسانيته . من أجل تقريروجوده الإنساني . فلا يجوز إذن أن يكون ثمنها هو سلب قيمة من قيمه الإنسانية , أو نقص مقوم من مقومات كرامته .
والاعتبار الثاني هو أن دور الإنسان في الأرض هو الدور الأول . فهو الذي يغير ويبدل في أشكالها وفي ارتباطاتها ; وهو الذي يقود اتجاهاتها ورحلاتها . وليست وسائل الإنتاج ولا توزيع الإنتاج , هي التي تقود الإنسان وراءها ذليلا سلبيا كما تصوره المذاهب المادية التي تحقر من دور الإنسان وتصغر , بقدر ما تعظم في دور الآلة وتكبر !
[/ce

إن النظرة القرآنية تجعل هذا الإنسان بخلافته في الأرض , عاملا مهما في نظام الكون , ملحوظا في هذا النظام . فخلافته في الأرض تتعلق بارتباطات شتى مع السماوات ومع الرياح ومع الأمطار , ومع الشموس والكواكب . . وكلها ملحوظ في تصميمها وهندستها إمكان قيام الحياة على الأرض , وإمكان قيام هذا الإنسان بالخلافة . . فأين هذا المكان الملحوظ من ذلك الدور الذليل الصغير الذي تخصصه له المذاهب المادية , ولا تسمح له أن يتعداه ? !
وما من شك أن كلا من نظرة الإسلام هذه ونظرة المادية للإنسان تؤثر في طبيعة النظام الذي تقيمه هذه وتلك للإنسان ; وطبيعة احترام المقومات الإنسانية أو إهدارها ; وطبيعة تكريم هذا الإنسان أو تحقيره . . وليس ما نراه في العالم المادي من إهدار كل حريات الإنسان وحرماته ومقوماته في سبيل توفير الإنتاج المادي وتكثيره , إلا أثرا من آثار تلك النظرة إلى حقيقة الإنسان , وحقيقة دوره في هذه الأرض !
كذلك ينشأ عن نظرة الإسلام الرفيعة إلى حقيقة الإنسان ووظيفته إعلاء القيم الأدبية في وزنه وتقديره , وإعلاء قيمة الفضائل الخلقية , وتكبير قيم الإيمان والصلاح والإخلاص في حياته . فهذه هي القيم التي يقوم عليها عهد استخلافه: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . . .)وهذه القيم أعلى وأكرم من جميع القيم المادية - هذا مع أن من مفهوم الخلافة تحقيق هذه القيم المادية , ولكن بحيث لاتصبح هي الأصل ولا تطغى على تلك القيم العليا - ولهذا وزنه في توجيه القلب البشري إلى الطهارة والارتفاع والنظافة في حياته . بخلاف ما توحيه المذاهب المادية من استهزاء بكل القيم الروحية , وإهدار لكل القيم الأدبية , في سبيل الاهتمام المجرد بالإنتاج والسلع ومطالب البطون كالحيوان !
وفي التصور الإسلامي اعلاء من شأن الإرادة في الإنسان فهي مناط العهد مع الله , وهي مناط التكليف والجزاء . . إنه يملك الارتفاع على مقام الملائكة بحفظ عهده مع ربه عن طريق تحكيم إرادته , وعدم الخضوع لشهواته , والاستعلاء على الغواية التي توجه إليه . بينما يملك أن يشقي نفسه ويهبط من عليائه , بتغليب الشهوة على الإرادة , والغواية على الهداية , ونسيان العهد الذي يرفعه إلى مولاه . وفي هذا مظهر من مظاهر التكريم لا شك فيه , يضاف إلى عناصر التكريم الأخرى . كما أن فيه تذكيرا دائما بمفرق الطريق بين السعادة والشقاوة , والرفعة والهبوط , ومقام الإنسان المريد ودرك الحيوان المسوق !
وفي أحداث المعركة التي تصورها القصة بين الإنسان والشيطان مذكر دائم بطبيعة المعركة . إنها بين عهد الله وغواية الشيطان بين الإيمان والكفر . بين الحق والباطل . بين الهدى والضلال . . والإنسان هو نفسه ميدان المعركة . وهو نفسه الكاسب أو الخاسر فيها . وفي هذا إيحاء دائم له باليقظة ; وتوجيه دائم له بأنه جندي في ميدان ; وأنه هو صاحب الغنيمة أو السلب في هذا الميدان !
وأخيرا تجيء فكرة الإسلام عن الخطيئة والتوبة . . إن الخطيئة فردية والتوبة فردية . في تصور واضح بسيط لا تعقيد فيه ولا غموض . . ليست هنالك خطيئة مفروضة على الإنسان قبل مولده - كما تقول نظرية الكنيسة - وليس هنالك تكفير لاهوتي , كالذي تقول الكنيسة إن عيسى - عليه السلام - [ ابن الله بزعمهم ] قام به بصلبه , تخليصا لبني آدم من خطيئة آدم ! . . كلا ! خطيئة آدم كانت خطيئته الشخصية , والخلاص منها كان بالتوبة المباشرة في يسر وبساطة . وخطيئة كل ولد من أولاده خطيئة كذلك شخصية , والطريق مفتوح للتوبة في يسر وبساطة . . تصور مريح صريح . يحمل كل إنسان وزره , ويوحي إلى كل إنسان بالجهد والمحاولة وعدم اليأس والقنوط . . (إن الله تواب رحيم). .
هذا طرف من إيحاءات قصة آدم - في هذا الموضع - نكتفي به في ظلال القرآن . وهو وحده ثروة من الحقائق والتصورات القويمة ; وثروة من الإيحاءات والتوجيهات الكريمة ; وثروة من الأسس التي يقوم عليها تصور اجتماعي وأوضاع اجتماعية , يحكمها الخلق والخير والفضيلة . ومن هذا الطرف نستطيع أن ندرك أهمية القصص القرآني في تركيز قواعد التصور الإسلامي ; وإيضاح القيم التي يرتكز عليها . وهي القيم التي تليق بعالم صادر عن الله , متجه إلى الله , صائر إلى الله في نهاية المطاف . . عقد الاستخلاف فيه قائم على تلقي الهدى من الله , والتقيد بمنهجه في الحياة . ومفرق الطريق فيه أن يسمع الإنسان ويطيع لما يتلقاه من الله , أو أن يسمع الإنسان ويطيع لما يمليه عليه الشيطان . وليس هناك طريق ثالث . . إما الله وإما الشيطان . إما الهدى وإما الضلال . إما الحق وإما الباطل . إما الفلاح وإما الخسران . . وهذه الحقيقة هي التي يعبر عنها القرآن كله , بوصفها الحقيقة الأولى , التي تقوم عليها سائر التصورات , وسائر الأوضاع في عالم الإنسان .

( يتبع - سورة ال عمران )







 توقيع : البرنس مديح آل قطب

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف, الصور, الوصول, القرآن, الكريم, بصور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (2) أسس حفظ القرآن الكريم Şøķåŕą ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 22 03-18-2024 08:49 AM
الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (1) مدخل إلى حفظ القرآن الكريم Şøķåŕą ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 23 03-18-2024 08:49 AM
تعريفات مهمة تتعلق بسور القرآن الكريم فيّ ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 20 03-10-2023 02:32 PM
سلسلة مقاصد سور القرآن الكريم ::|[ علم مقاصد السور القرآنية ] ♡ Šąɱąя ♡ ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 25 11-10-2022 09:23 AM
حرف القآف ... بسور القرآن نور القمر ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 18 05-19-2022 11:46 AM


الساعة الآن 02:08 PM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع