إذا كان ميغيل دي سيرفانتس بطيبة أهل هذه المدينة الإسبانية، وهو الذي وقع أسير القراصنة الجزائريين، وأودع السجن خمس سنوات كاملة، حتى دفعت أسرته فدية لاسترجاعه، فقد وجب عليّ أن أعتذر له..
فهذه المدينة السعيدة التي قضيت فيها أسبوعا لا مثيل له في كل سفراتي، كوني أمضيته في مدينة سيرفانتس «ألكالا دي هيناريس» بين جامعاتها العريقة، وشوارعها المبالغ في نظافتها، وشرفاتها المبتسمة، وأبنائها المفعمين بالفرح.
يستحيل أن تعكّر نقطة شر واحدة تاريخ هذا الكاتب العظيم، وإن حدث لأنه مثل باقي البشر، فإن الله جعل فيه بركة كافية لتعتاش المدينة كلها من سمعته الأدبية، ومن بطله العبقري المجنون «دون كيخوتي» أو «دون كيشوت» كما يسميه البعض.
يتربع الدون كيخوتي النبيل هو وخادمه، ليس فقط على مدخل بيت مبتكرهما شيخ الرواية الأوروبية ميغيل دي سيرفانتس، بل أيضا على مداخل المطاعم، والمحال، والمطاعم، والمقاهي، وفي الشوارع كلها، أمّا الساحة الكبيرة التي تتوسط المدينة «بلازا دي سرفانتس» فيجتمع فيها كبار السن كل مساء وكأنهم في موعد ثابت مع الفرح.
لم أرَ هذا الكم من الفرح والأمن إلا في هذه البقعة من العالم، لم أرَ المعنى الحقيقي للأسرة إلا هنا، إذ يترافق أفراد الأسرة جميعهم في جولاتهم المسائية التي قد تستمر حتى منتصف الليل. أدهشني منظر الآباء والأمهات وهم يحملون أولادهم، ويلاعبونهم، أدهشني عدد كبار السن الذين يجرهم أبناؤهم في كراسي متحركة؛ ليتقاسموا نسائم الأمسيات الخريفية الباردة، كما أدهشتني المدينة التي صممت خصيصا ليتحرك فيها المقعدون بحرية، أما في المطاعم، فلم أدخل مطعما أو مقهًى إلا وفيه حمام للمقعدين. لا عجب أن نعرف أن سيرفانتس هزم قراصنته بهذا الحب الأسري الفريد، مرة حين ضحى وفضل أن يبقى في السجن، مفضلا أن يخرج أخوه من السجن، ومرة حين صبر كل تلك السنين حتى جمعت له أسرته مبلغا ضخما كفدية لإخراجه، نعم لا عجب، فهؤلاء أبناء تلك السلالة الفريدة التي أسست لأسرة حقيقية.
ثمة سر آخر في هذه المدينة الآمنة، لا أعتقد أني اكتشفته خلال هذه الرحلة، فالمدينة يقصدها العشاق والمغرمون بالأدب من كل صوب وحدب، ومع هذا لا لغة ثانية في هذه المدينة، أما الجامعة التي يفوق عمرها الخمس مئة سنة، فتتربع وسط أغرب حكاية إسبانية على الإطلاق.
لقد فات أوبرا وينفري أن تزور هذه المدينة لتعرف فعلا أن أهلها أكثر البشر سعادة فوق الأرض، هي التي ربطت السعادة بفخامة دبي وثرائها، فلا فخامة ولا ثراء في مدينة سيرفانتس، لكن فقراءها أيضا سعداء.
الف الف شكر الى الأخت الغالية شيخة رواية على الرمزية والتوقيع
طررح يفوق آلجمآل ,
كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لقلبك السعآده والفـرح ..
ودي
بمرورك صارت حروفي تتراقص بين حدائق الجوري والياسمين
وبمرورك صار مدادقلمي خليط من تلك الورود والزهور
بك يكون للجمال معنى ايتها الرائعة الراقية
ممتن لك بحجم السماء
كون بخير
الف الف شكر الى الأخت الغالية شيخة رواية على الرمزية والتوقيع