«سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟
قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ ،
قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ,
فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟
قَالَ : هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ,
وَلَا بَغْيَ , وَلَا غِلَّ , وَلَا حَسَدَ» ..
ما أحوجَ الإنسانيةَ كُلَّها ،
لمَخْمُومِ الْقَلْبِ هَذَا .
صفاتٌ ستٌ مجتمعةٌ،
تجعلُه الأقربَ للملائكةِ الأخيارِ،
تبدأُ بالتقوي والنقاء،
وتنتهي بالبعدِ عن الغلِ والحسدِ،
مروراً بالعزوفِ عن الإثمِ والبغيِّ .
هي أخلاقُ إعمارِ الكونِ،
وبناءِ المحتمعاتِ، وتحقيقِ العدلِ،
ونشرِ الوئامِ .
تجمعُ بين العباداتِ والمعاملاتِ،
والتي كثيراً يضلُ الناسُ طريقَهما معاً،
مكتفين بدربٍ واحدٍ، فهَذَا يقولون عنه:
لايصلي، ولكنَّ قلبَه أبيضُ !
فمن أينَ يأتي البياضُ،
وقد أطفأَ نورَ حياتِه بيدِه !
بقطعِه صلته بربِّه، وفي المقابلِ،
هَذَا من عُمار المساجدِ،
لكنَّه آكلٌ لميراثِ شقيقاتِه!
ظاناً أنَّ ركوعَه وسجودَه،
سبيلُه إلي الجنةِ!
وذاكَ لا يكادُ المصحفُ يفارقُ يديه ،
ويستعذبُ شقاءَ مطلقتِه في ساحاتِ المحاكمِ ؛
بحثاً عن نفقتِها ، وحقوقِها،
وحقوقِ أبنائِها المسلوبةِ !
وتراه يسجدُ للهِ شُكراً،
لو أخبروه بأنْ دعوي النفقةِ الخاصةِ بأبنائِه ،
قد تم رفضُها! وقد يري هَذَا نفسُه ،
في الوقتِ نفسِه،
أنَّ القرآنَ الكريمَ، أنارَ قلبَه بالإيمانِ !
لا هَذَا يعرفُ شيئاً عن الصلاةِ ،
ولاذاكَ يربطُه بكتابِ اللهِ رابطٌ ،
وهذان وغيرُهما كثيرٌ ،
لم يتجاوزِ الدينُ حناجرَهم،
وهم جميعاً علي خطرٍ عظيمٍ .
الدينُ أخلاقٌ،
ومحمدُ (صلى الله عليه وسلم)
نبيُّ مكارمِ الأخلاقِ، والعباداتُ كُلُّها،
لو تأملتَها ، تدفعُ جميعاً نحوَ الأخلاقِ،
فالصلاةُ تنهي عن الفحشاءِ والمنكرِ،
والصيامُ، لعلَّكم تتقون،
والزكاةُ تطهرُهم، والحجُ،
لا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ .
وقد علمونا في الصغرِ،
أنَّ النارَ فتحتْ أبوابَها لإمرأةٍ
حبستْ هِرةً، لا هي أطعمتْها،
و لاهي تركتْها،
وأنَّ الجنةَ أيضاً فتحتْ أبوابَها
لرجلٍ سقى كلباً، كادَ يهلِكُ من العطشِ،
وقيلَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّمَ:
يا رَسولَ اللهِ! إنَّ فلانةَ تقومُ اللَّيلَ
وتَصومُ النَّهارَ وتتصدقُ،
و تُؤذي جيرانَها بلسانِها !
فقالَ : لا خَيرَ فيها،
هيَ من أهلِ النَّارِ !
ما أعظمَك، يا رسولَ اللهِ ،
وما أجملَ أخلاقَك ، هيَ في النَّارِ ؟
نعم في النَّارِ !
رغمَ كُلِّ هَذِهِ العباداتِ العظيمةِ ؟
نعم في النَّارِ ،
رغمَ ذلكَ كُلِّه !!
وذُكِرَ أنْ عمرَ ابنِ الخطابِ،
رضي اللهُ عنه وأرضاه،
سألَ رجلاً ، جاءَ يشهدُ لآخرَ :
تَعْرِفُ فلاناً ؟ قالَ : نعم أعرفُه ،
قالَ : هَلْ أَنْتَ جَارُهُ الْأَدْنَى،
تَعْرِفُ مَسَاءَهُ وَصَبَاحَهُ؟
قَالَ: لَا، قَالَ : هَلْ عَامَلْتَهُ
فِي الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ،
الَّذِينَ تُمْتَحَنُ بِهِمَا أَمَانَاتُ النَّاسِ؟
قَالَ : لَا ، قَالَ : هَلْ رَافَقْتَهُ فِي السَّفَرِ ،
الَّذِي يَنْكَشِفُ فِيهِ أَخْلَاقُ النَّاسِ؟
قَالَ: لَا، قَالَ : فَلَسْتَ تعرفُه،
لعلَّك رأيتَه يركعُ ركعاتٍ في المسجدِ !
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتـور علــى