( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~
    حاء"     خاطري"     رحيل"     سكرة"     البرنس"     أمنية"     العز"     اميرت"     عشق"     جوهرة"     غلاتك"     غرام"     كلي"     لورد"     سيران"     احمد"

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩

الملاحظات

۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ |يختَص بكُل ما يَتعلق بالأنبيَاء عليهِم الصّلاة والسّلام ونُصرتهم .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /03-23-2024   #13

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(14)

كمــال الديـن

اعداد: الفرقان




الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2135. عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ، لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ [ بِعَرَفَاتٍ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
الشرح:
هذا الحديث أول حديث في سورة المائدة هاهنا، وقد أخرجه الإمام مسلم في كتاب التفسير - الذي هو في آخر صحيحه - وهو في قوله تبارك وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم...} ( المائدة: 3) الآية.
قوله: عن طارق ابن شهاب وهو البجلي الأحمسي معدود في الصحابة، قال أبو داود: رأى النبي [ ولم يسمع منه، مات سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين، روى له الستة.
قال: «جاء رجل من اليهود إلى عمر ]» وهذا الرجل كما هو واضح من سؤاله أنه من أحبار اليهود، أي من علمائهم. جاء إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا يعني لو أن هذه الآية النازلة عليكم من كتاب الله تعالى، نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا نحتفل بها، ونحتفي بها، وهذا يدل على عظمة هذه الآية، وفضلها وبركتها وخيرها.
قال عمر ]: وأي آية؟ قال الحبر أو قال هذا الرجل من اليهود: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله [ في عرفات في يوم جمعة. وجاء في بعض الروايات: « نزلت ليلة جَمْع نزلت ليلة جمع»، ولا تعارض بين الروايتين، فليلة جمع هي ليلة العيد، وتكون هذه الآية نزلت في يوم عيد فلا حاجة بنا إلى أن نتخذ هذه الآية عيدا، أو نتخذ يوم نزولها عيدا؛ لأنها في الحقيقة نزلت في يوم عيد، بل نزلت في يوم عيد اجتمع مع عيد آخر، وذلك أنها نزلت في يوم الجمعة، ويوم الجمعة عيد من أعياد المسلمين، فيه يلتقون ويجتمعون، ويتزينون ويتطيبون ويلبسون أحسن الثياب ويصلون الجمعة، وهي أيضا نزلت في يوم النحر الذي هو عيد من أعياد المسلمين، فهذا اليوم إذن يوم عيد من وجهين: أنه يوم عرفة وليلة جمع ويوم الجمعة، وكل منهما يوم عيد لأهل الإسلام.
وقوله تبارك وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومنته على هذه الأمة، أن أكمل لها الدين، فلم يبق للمسلمين حاجة إلى شريعة غيرهم، ولا إلى الشرائع الأخرى، وكذا لا حاجة لهم إلى الالتفات إلى العلوم الأخرى في مجال التشريع والأحكام، لأن الله تبارك وتعالى قد أكمل لهم الدين، وهذا شامل للأصول والفروع، في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات، الدين كامل.
وهذا أبلغ رد على من ادّعى أنه ينصر الإسلام بعلم الكلام المبتدع؟؟! المأخوذ عن اليونان وفارس والهند، فاليونان وفارس والهند وغيرها من الحضارات التي سبقت الإسلام والأديان، لسنا بحاجة لعقيدتهم، ولا لنصرة شريعتهم، ولا الالتفات إلى غير كتاب الله سبحانه وهدي نبيه [، وما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ لأن الله تعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم}، ومن قال: إن الإسلام يحتاج لغيره؟! كذبناه ورددنا عليه، وقلنا له: الله أصدق منك قيلا، وكلامك هذا فيه تكذيب لكلام الله تبارك وتعالى؟!
فإذاً نحن لسنا بحاجة إلى الآراء، ولا إلى المبتدعات من الأقوال أو الأعمال، أو الأقوال والقواعد المخالفة للشرع، ولا حاجة لنا للاشتغال بها؛ لأن ما عندنا كاف شاف، والحمد لله حمدا كثيرا، لأن الله عز وجل لم يقبض رسوله عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن أكمل لنا الدين.
وقال سبحانه وتعالى أيضا في هذا: {ما فرّطنا في الكتاب من شيء} (الأنعام: 38).
أي: ما أهملنا ولا أغفلنا شيئا، بل كل شيء أحصيناه في اللوح المحفوظ، الذي هو أم القرآن الذي نزل إليكم، فجميع الأشياء صغيرها وكبيرها فيه.
وقيل: قوله {ما فرطنا في الكتاب من شيء} أن الكتاب هو القرآن العظيم، وهو قول له ما يشهد له.
فيشهد له قوله تعالى {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} (النحل: 89) أي: لأصول الدين وفروعه، وفي كل ما يحتاج إليه العباد في الدارين، قد بينها أتم بيان وأوضحه، وبمعان جليلة لا تجدها في مكان آخر.
وقال تعالى أيضا {ولقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} ( الكهف: 54 ). فيخبر سبحانه عن عظمة هذا القرآن وجلالته، أنه صرف فيه من كل شيء نافع لكم في الدنيا والآخرة، يوجب لكم السعادة التامة.
وهذا يعني أن الكتاب العزيز لم يفته شيء أبدا، وأنه ما نزلت بالمسلمين نازلة، إلا وفي كتاب الله سبحانه وتعالى الدليل عليها، أو الدليل على أمثالها؛ لأن الفرعيات من المسائل لا تنتهي، لكن الأصول في كتاب الله تعالى وسنة رسوله التي يقاس عليها، شاملة لكل حادثة تحدث بالمسلمين إلى يوم القيامة.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره ( 2/12): هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة؛ حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليهم؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه الى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، كل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خُلف، كما قال تعالى {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا} أي: صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي. فلما اكمل لهم الدين، تمت عليهم النعمة، ولهذا قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} اي: فارضوه أنتم أنفسكم، فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرسل الكرام، وأنزل به أشرف كتبه.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فقد أكمل الله لنا الدين فيما أمرنا به من فريضة وفضيلة ونَدْب، وكل سبب ينال به صلاح القلب والدين، وفيما نهانا عنه من كل مكروه ومحرم، وكل سبب يؤثر فسادا في القلب والدين. (الكلام على مسألة السماع ص 110).
وقوله تعالى: {وأتممت عليكم نعمتي} أي: أتم الله سبحانه وتعالى عليكم النعمة، بهذا الدين الكامل الشامل، ظاهراً وباطنا، فإتمام الدين نعمة عظيمة، يجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها؛ لأنه غناء وكفاية عن كل الناس.
وقوله جل وعلا: {ورضيت لكم الإسلام دينا} فالله سبحانه و تعالى رضي لنا هذا الإسلام دينا واصطفاه لنا واختاره، واختارنا نحن لهذا الإسلام، فلنشكر الله عز وجل على هذا، أن ارتضى لنا الإسلام، ومن علينا بنعمة الإيمان، فجعلنا مؤمنين مسلمين موحدين، دون بقية خلق الله أجمعين.
وهذه الآية من أعظم الأدلة في الرد على أهل البدع والأهواء، الذين يدعون أنهم يكملون الدين، أو يتممون الشريعة، بما أحدثوه من الأقوال والأفعال المبتدعة ، كإقامة الموالد مثلا، أو إحداث الأعياد المختلفة، وغيرها من البدع، فهم يزعمون أن في هذا نصرة للدين، وإظهارا لسيرة الرسول [، فنقول لهم: خير الهدي هدي محمد [، وما عندنا كاف شاف، والحمد لله سبحانه وتعالى الذي امتن علينا به، وقد قال علية الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام: «تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك».
وقال أيضا: «إني تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض « رواه الطبراني وغيره.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #14

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(14)

كمــال الديـن

اعداد: الفرقان




الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2135. عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ، لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ [ بِعَرَفَاتٍ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
الشرح:
هذا الحديث أول حديث في سورة المائدة هاهنا، وقد أخرجه الإمام مسلم في كتاب التفسير - الذي هو في آخر صحيحه - وهو في قوله تبارك وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم...} ( المائدة: 3) الآية.
قوله: عن طارق ابن شهاب وهو البجلي الأحمسي معدود في الصحابة، قال أبو داود: رأى النبي [ ولم يسمع منه، مات سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين، روى له الستة.
قال: «جاء رجل من اليهود إلى عمر ]» وهذا الرجل كما هو واضح من سؤاله أنه من أحبار اليهود، أي من علمائهم. جاء إلى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا يعني لو أن هذه الآية النازلة عليكم من كتاب الله تعالى، نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا نحتفل بها، ونحتفي بها، وهذا يدل على عظمة هذه الآية، وفضلها وبركتها وخيرها.
قال عمر ]: وأي آية؟ قال الحبر أو قال هذا الرجل من اليهود: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله [ في عرفات في يوم جمعة. وجاء في بعض الروايات: « نزلت ليلة جَمْع نزلت ليلة جمع»، ولا تعارض بين الروايتين، فليلة جمع هي ليلة العيد، وتكون هذه الآية نزلت في يوم عيد فلا حاجة بنا إلى أن نتخذ هذه الآية عيدا، أو نتخذ يوم نزولها عيدا؛ لأنها في الحقيقة نزلت في يوم عيد، بل نزلت في يوم عيد اجتمع مع عيد آخر، وذلك أنها نزلت في يوم الجمعة، ويوم الجمعة عيد من أعياد المسلمين، فيه يلتقون ويجتمعون، ويتزينون ويتطيبون ويلبسون أحسن الثياب ويصلون الجمعة، وهي أيضا نزلت في يوم النحر الذي هو عيد من أعياد المسلمين، فهذا اليوم إذن يوم عيد من وجهين: أنه يوم عرفة وليلة جمع ويوم الجمعة، وكل منهما يوم عيد لأهل الإسلام.
وقوله تبارك وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومنته على هذه الأمة، أن أكمل لها الدين، فلم يبق للمسلمين حاجة إلى شريعة غيرهم، ولا إلى الشرائع الأخرى، وكذا لا حاجة لهم إلى الالتفات إلى العلوم الأخرى في مجال التشريع والأحكام، لأن الله تبارك وتعالى قد أكمل لهم الدين، وهذا شامل للأصول والفروع، في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات، الدين كامل.
وهذا أبلغ رد على من ادّعى أنه ينصر الإسلام بعلم الكلام المبتدع؟؟! المأخوذ عن اليونان وفارس والهند، فاليونان وفارس والهند وغيرها من الحضارات التي سبقت الإسلام والأديان، لسنا بحاجة لعقيدتهم، ولا لنصرة شريعتهم، ولا الالتفات إلى غير كتاب الله سبحانه وهدي نبيه [، وما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ لأن الله تعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم}، ومن قال: إن الإسلام يحتاج لغيره؟! كذبناه ورددنا عليه، وقلنا له: الله أصدق منك قيلا، وكلامك هذا فيه تكذيب لكلام الله تبارك وتعالى؟!
فإذاً نحن لسنا بحاجة إلى الآراء، ولا إلى المبتدعات من الأقوال أو الأعمال، أو الأقوال والقواعد المخالفة للشرع، ولا حاجة لنا للاشتغال بها؛ لأن ما عندنا كاف شاف، والحمد لله حمدا كثيرا، لأن الله عز وجل لم يقبض رسوله عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن أكمل لنا الدين.
وقال سبحانه وتعالى أيضا في هذا: {ما فرّطنا في الكتاب من شيء} (الأنعام: 38).
أي: ما أهملنا ولا أغفلنا شيئا، بل كل شيء أحصيناه في اللوح المحفوظ، الذي هو أم القرآن الذي نزل إليكم، فجميع الأشياء صغيرها وكبيرها فيه.
وقيل: قوله {ما فرطنا في الكتاب من شيء} أن الكتاب هو القرآن العظيم، وهو قول له ما يشهد له.
فيشهد له قوله تعالى {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} (النحل: 89) أي: لأصول الدين وفروعه، وفي كل ما يحتاج إليه العباد في الدارين، قد بينها أتم بيان وأوضحه، وبمعان جليلة لا تجدها في مكان آخر.
وقال تعالى أيضا {ولقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} ( الكهف: 54 ). فيخبر سبحانه عن عظمة هذا القرآن وجلالته، أنه صرف فيه من كل شيء نافع لكم في الدنيا والآخرة، يوجب لكم السعادة التامة.
وهذا يعني أن الكتاب العزيز لم يفته شيء أبدا، وأنه ما نزلت بالمسلمين نازلة، إلا وفي كتاب الله سبحانه وتعالى الدليل عليها، أو الدليل على أمثالها؛ لأن الفرعيات من المسائل لا تنتهي، لكن الأصول في كتاب الله تعالى وسنة رسوله التي يقاس عليها، شاملة لكل حادثة تحدث بالمسلمين إلى يوم القيامة.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره ( 2/12): هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة؛ حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليهم؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه الى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، كل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خُلف، كما قال تعالى {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا} أي: صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي. فلما اكمل لهم الدين، تمت عليهم النعمة، ولهذا قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} اي: فارضوه أنتم أنفسكم، فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرسل الكرام، وأنزل به أشرف كتبه.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فقد أكمل الله لنا الدين فيما أمرنا به من فريضة وفضيلة ونَدْب، وكل سبب ينال به صلاح القلب والدين، وفيما نهانا عنه من كل مكروه ومحرم، وكل سبب يؤثر فسادا في القلب والدين. (الكلام على مسألة السماع ص 110).
وقوله تعالى: {وأتممت عليكم نعمتي} أي: أتم الله سبحانه وتعالى عليكم النعمة، بهذا الدين الكامل الشامل، ظاهراً وباطنا، فإتمام الدين نعمة عظيمة، يجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها؛ لأنه غناء وكفاية عن كل الناس.
وقوله جل وعلا: {ورضيت لكم الإسلام دينا} فالله سبحانه و تعالى رضي لنا هذا الإسلام دينا واصطفاه لنا واختاره، واختارنا نحن لهذا الإسلام، فلنشكر الله عز وجل على هذا، أن ارتضى لنا الإسلام، ومن علينا بنعمة الإيمان، فجعلنا مؤمنين مسلمين موحدين، دون بقية خلق الله أجمعين.
وهذه الآية من أعظم الأدلة في الرد على أهل البدع والأهواء، الذين يدعون أنهم يكملون الدين، أو يتممون الشريعة، بما أحدثوه من الأقوال والأفعال المبتدعة ، كإقامة الموالد مثلا، أو إحداث الأعياد المختلفة، وغيرها من البدع، فهم يزعمون أن في هذا نصرة للدين، وإظهارا لسيرة الرسول [، فنقول لهم: خير الهدي هدي محمد [، وما عندنا كاف شاف، والحمد لله سبحانه وتعالى الذي امتن علينا به، وقد قال علية الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام: «تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك».
وقال أيضا: «إني تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض « رواه الطبراني وغيره.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #15

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(16)

من علامات الساعة الكبرى

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2137. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [: « ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ، لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ «.
الشرح: الحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان (158) وبوب عليه النووي: باب الزمن الذي لا يُقبل فيه الإيمان.
وهو في قوله تبارك وتعالى: {هل يَنظرون إلا تأتيهم الملائكةُ أو يأتي ربُّك أو يأتي بعضُ آياتِ ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قل انتظروا إنا منتظرون} وهي آية من سورة الإنعام، الآية الثامنة والخمسين بعد المائة.
والحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه الصحابي الجليل، راوية حديث رسول الله، وحافظ سنته، وناقل هديه لمن بعده.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ، لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ».
قوله: «ثلاث» يعني: ثلاث آيات وعلامات، والآيات هي الأمور الخارقة للعادة، والتي يسميها العلماء بالمعجزات، وهي المعجزات الكائنة قبل يوم القيامة، وهذه الآيات كائتة قبل يوم القيامة، وهي دالة على قرب قيام الساعة، وتسمى أمارات الساعة، أو علامات الساعة، وأشراط الساعة، وهي التي تدل على قرب قيام الساعة، قال تعالى: {هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} (محمد: 18). أي: فهل ينتظر هؤلاء المكذبون إلا قيام الساعة فجأة، فقد جاءت علاماتها الدالة على قربها {فأنى لهم} فأين لهم وقت التوبة والتذكر، إذا جاءت الساعة، وقامت القيامة؟!
ففيه حثٌ على الاستعداد للقاء الله تعالى.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هاهنا ثلاث علامات تدل على قرب قيام الساعة، فقال: « ثلاث إذا خرجن» أي: ثلاث آيات وعلامات إذا خرجن، يعني: إذا ظهرن للناس.
قوله: «لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل» هذه الآيات الثلاث إذا خرجن، لا ينفع نفساً إيمانها، أي إذا رأتها ثم آمنت، أي: تابت إلى الله من كفرها وأسلمت، فإنه لا يفيدها ذلك، فلا ينفع الكافر إيمانه إذا رآها، أي: إذا أسلم بعد رؤية هذه الآيات، فان إسلامه لا ينفعه.
وما الحكمة في هذا؟ أو ما المانع من قبول التوبة؟
والجواب: أن الله سبحانه وتعالى جرت عادته وسنته، واقتضت حكمته، ألا يقبل من الإيمان، إلا ما كان اختياريا، أي: برغبة الإنسان واختياره وإخلاصه، أما ما كان إيمانا اضطراريا، مدفوعا إليه ومكرها، فإن الله عز وجل لا يقبله؛ ولذلك قال الله سبحانه: {لا إكراه في الدّين قد تبيّن الرُّشد من الغي} (البقرة: 256). فالمكره ليس إيمانه صحيحا، ولا حاجة لنا لإكراه الناس على دين الله عز وجل؛ لأن دين الله وهو التوحيد والإسلام واضح جلي، وآياته وحججه وبراهينه أظهر من أن تنكر، وإنما يجبر المرء على ما لم يتضح فائدته وصلاحه، من الأمور الخفية أو الغامضة أو الضارة.
ولذلك لا يقبل الله عز وجل إسلام المكره على الإسلام، وهكذا إيمان الغريق إذا عاين الموت، كإيمان فرعون لما أدركه الغرق، فإنه قال لما جزم بهلاك نفسه كما حكى لنا القرآن الكريم: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (يونس: 90). فقال الله تعالى له: {ءآلآن وقد عصيتَ قبلُ وكنتَ من المفسدين} (يونس: 91) أي: الآن تسلم وتنقاد لله ولرسوله، وقد عصيت الله وبارزته بالمحاربة وبالكفر والتكذيب؟! فلا ينفعك ذلك.
وهكذا المريض إذا عاين الموت، أو الحريق، وغرغرت الروح، وآمن عند ذلك، فلا يقبل الله منه هذا الإيمان؛ لأن الإيمان المطلوب من العباد هو الإقلاع عن الذنوب والمعاصي والشرك، في زمن الاختيار، أي: في زمن يختار فيه الإنسان إيمانا رغبة فيه، وإخلاصا لله عز وجل، واستجابة لأمره، وإلا فالأمر كما قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} (غافر: 84 - 85).
أي: لما رأوا عذاب الله وشاهدوه، وأحاط بهم، آمنوا وأقروا، وتبرؤوا من الأصنام والأوثان. قال تعالى: {فلم يك ينفعهم إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} أي: في تلك الحال، وهذه {سُنَّة اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} أي عادته؛ فلا يقبل إيمانهم، ولا ينجيهم من عذابه {وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} خسروا دينهم ودنياهم وأخراهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: « إن الله ليقبل توبة العبد، ما لم يغرغر» رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، أي: ما لم تبلغ روحه حلقومه.
وقوله تعالى: {أو كسبت في إيمانها خيرا} أي: ولا يقبل من المؤمن المقصّر المذنب، صاحب المعاصي، إذا رأى هذه الآيات، لا يقبل منه أن يتوب عن معاصيه ولو كانت غير مكفّرة، ولا يقبل منه كذلك أن يزداد في إيمانه، بعمل الطاعات والقربات؛ لأنه عاين الساعة وشاهدها، وإنما يقبل منه ما كان له من عمل صالح سابقا، وإيمان قبل ظهور هذه الآيات، وقبل خروج هذه العلامات للقيامة، فينفعه الخير الذي كان عنده قبل، أما إذا أراد مثلا أن يزداد عملا، فكان سابقا يصلي الفريضة فقط ولا يزيد، فإنه إذا تطوع بعد هذه الآيات لا يقبل منه، ولو أراد أن يصلي من الضحى، أو يصلي من الليل بعدها، ولم يكن يعمله قبل ظهور هذه الآيات، فإنه لا يقبل؛ لأنه إنما فعله مضطرا، والله سبحانه وتعالى إنما يحب منا الإيمان والطاعة في زمن الاختيار؛ ولهذا كان التعبد لله سبحانه وتعالى والدعاء في زمن الرخاء والراحة، يحبه الله عز وجل من العبد؛ لأنه دليل الرغبة فيما عند الله، والرهبة مما عنده، وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث الترمذي: « من سرّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر من الدعاء في الرخاء ».
أما أول هذه الأمور التي إذا حصلت وخرجت، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فهو: « طلوع الشمس من مغربها» وفي الرواية الأخرى لمسلم: « لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون، فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا ».
وطلوع الشمس من مغربها قال أهل العلم: هو أول الآيات الكونية الكبرى، وعلامات الساعة منها صغرى ومنها كبرى، ومنها أرضي ومنها سماوي، فالأرضي هو ما يفعله الناس، أو ما يقع من الناس، أو ما يحدث على الأرض، مثل: كثرة الجهل وقلة العلم، وذهاب العلماء، وكثرة الزنى وانتشاره، وشرب الخمر مع تسميتها بغير اسمها، ومثل عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، وإخلاف الوعد، فهذا وما أشبهه مما يقع، هو من علامات الساعة الأرضية.
وهناك علامات سماوية: أي تقع في السماء، وأعظم الآيات الكونية: طلوع الشمس من مغربها، وسيأتي الكلام عليها في الحديث التالي.
أما الدجال: فالمقصود به رجل يخرج في آخر الزمان، عند ظهور المهدي ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام من السماء، عند ذلك يخرج الدجال، وهو الدجال الأكبر، وإلا فالدجالون كثر في كل زمان ومكان، ولكن هذا رأسهم وكبيرهم، ومن كفره وطغيانه أنه يدعي الإلهية ، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وتكون معه فتنة عظيمة؛ إذ إنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تخرج كنوزها، فتتبعه كنوزها كأنها يعاسيب النحل، أي: كأنها جماعات النحل، ومعه جنة ونار، جنة فيها ماء يجري، ومعه نار تلظى، فناره جنة في الحقيقة، وجنته نار، ويدعو الناس إلى الإيمان به بأنه هو الإله، فمن آمن به قذف به إلى جنته، التي هي في الحقيقة نار، ومن كفر به قذف به إلى ناره، التي هي جنة في الحقيقة.
وأما دابة الأرض: فهي دابة تخرج في آخر الزمان، جاء ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (النمل: 82).
أي: إذا جاء الوقت الذي حتمه الله، أخرج لهم دابة من الأرض وليست من السماء، تخاطب وتكلم الناس، كلاما خارقا للعادة، فتكون عليهم حجة وبرهانا.
وهذه الدابة تخرج إلى الناس وتميزهم وتسمهم بعلامات، يعرف بها المؤمن من الكافر، كما ورد في حديث أبي أمامة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تخرج الدابة، فتسم الناس على خراطيمهم – أي على أنوفهم – ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل البعير، فيقول: ممن اشتريته؟ فيقول: من أحد المخطّمين» رواه أحمد (5/268) وصححه الألباني – الصحيحة (322).
وهذه الدابة لها بعض التفاصيل المذكورة في كتب التفسير لا تصح، وقد أعرضنا عنها، وإنما ورد ذكرها في القرآن في هذه الآية من سورة النمل، وجاء ذكرها أيضا في هذا الحديث.
وفي الحديث هنا: أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من المؤمن عملا ما يزيد في إيمانه عند خروجها، كما لا ينفع الكافر إسلامه أو إيمانه أو رجوعه وتوبته؛ لأن تصديقه صار اضطراريا وليس اختياريا، أما ما كان قبل ذلك من عمل، فإنه يكتب لأهل الإسلام وأهل الإيمان.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #16

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(17)

-من علامات الساعة الكبرى (2)

اعداد: الفرقان



الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2138. عَنْ أَبِي ذَرٍّ ] أَنَّ النَّبِيَّ [ قَالَ يَوْمًا: «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسَ مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [: «أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَاكَ حِينَ {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}».
الشرح: الحديث الثاني في هذا الباب: وهو باب قوله تعالى: {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ} (الأنعام: 158). وقد رواه مسلم في الإيمان (159)، هو حديث أبي ذر ] أن النبي [ قال يوما لأصحابه: أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا: الله ورسوله أعلم» وهذه عادة الصحابة الكرام، وهي من أدبهم مع رسول الله [، أنهم لم يكونوا يتكلمون بين يديه، وأحيانا لو علموا الجواب ما تكلموا، وفي هذا طلب زيادة الانتفاع بكلام النبي [، وكذلك الكبراء والعلماء، ولو كان عند الإنسان علم.
قوله [: «إن هذه»، يعني الشمس «تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها»، فهذه الشمس تجري كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} يعني: أنها غير ثابتة، بل أثبت الله  تبارك وتعالى لها الجريان، والجري: هو السير بقوة وبسرعة، فالشمس تجري بسرعة وبقوة حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش.
قال عياض: هذا الحديث على ظاهره عند أهل الحديث والفقه والمتكلمين من أهل السنة، خلافا لما تأولته الباطنية (شرح النووي 2/195).
ولا بد أن نعلم أولا: أن الشمس أينما كانت فهي تحت العرش، وكذلك جميع المخلوقات هي تحت العرش؛ لأن العرش فوق السموات كلها، وهو سقف المخلوقات جميعاً، فهو أعلى ما خلق الله تعالى من المخلوقات، وقد ذكر الله سبحانه استواءه عليه، وارتفاعه فوقه، فقال: {الرحمن على العرش استوى} أي: علا وارتفع، في سبع آيات من القرآن الكريم.
 وجاء في الحديث الصحيح أن العرش سقف جنة الفردوس، إذ يقول [: «فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجّر أنهار الجنة» رواه البخاري (7423). والفردوس كما هو معلوم هو أعلى الجنة، يعني في السموات العلى.
فالشمس أينما كانت، هي تحت العرش، وسجود الشمس يليق بخلقها، ويليق بطبيعتها؛ لأن سجود كل مخلوق بحسب خلقه، كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن الجبال والجمادات أن سجودها بالعشي والإبكار، إنما هو بالظلال، وكذا كل كافر يسجد ظله لله رغما عنه، قال سبحانه: {أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} (النحل: 48) فقوله: {ما خلق الله من شيء} أي: كل مخلوقات الله التي لها ظل، هي ساجدة لله،خاضعة لعظمته، بظلالها، تارة عن اليمين، وتارة عن الشمال، في الشروق والغروب {وهم دَاخِرُونَ} يعني: راغمون صاغرون.
فذكر الله سبحانه وتعالى أن سجود الجبال ونحوها أنه يكون بالظلال، فالظل يكون على الأرض خارّا ساجدا، وهذا نوع من السجود لله تعالى.
وسجود الشمس هو أيضا بحسب خلقتها وطبيعتها، وهو بتمييز منها وإدراك خلقة الله فيها. وقد أخبر النبي [ أنها إذا صارت تحت العرش، وذلك عند منتصف الليل - وهي أبعد ما تكون عن العرش - فحينئذ تسجد، وتظل كذلك ساجدة حتى يؤذن لها.
قال الواحدي: وعلى هذا القول إذا غربت كل يوم، استقرت تحت العرش، إلى أن تطلع من مغربها.
قوله: «فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتصبح طالعة من مطلعها» يعني تشرق الشمس من المشرق كالعادة، لا يستنكر الناس منها شيئا؛ إذ كل يوم يرونها تشرق من المشرق، وتجري حتى تكون في كبد السماء - منتصف السماء - عند الظهيرة، وبعد ذلك تميل لجهة الغرب حتى تغرب، ثم تظل سائرة حتى تكون في منتصف الليل تحت مكانها من الظهيرة، فحينئذ تسجد ثم تستأذن بأن تخرج مرة أخرى من مشرقها.
(انظر تفسير ابن كثير 3/528) عند قوله {والشمس تجري لمستقر لها} (يس: 38).
وهذا كله خبر غيبي، يخبر به نبينا [ الذي {لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى} (النجم: 3- 5).
قوله «فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا»  حتى تنتهي إلى يوم يقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك، بدلا     من أن تطلع من المشرق، أي: على عكس ما كانت تفعل كل يوم، فتصبح طالعة من مغربها، بأمر الله تعالى وتقديره وعلمه وحكمته.
وهذا تحول كوني عظيم، يندهش له العالم، وتطير له عقولهم، ويهرعون عنده إلى التوبة وترك المعاصي، والدخول في الإسلام، ولكن هيهات وقت التوبة؟! فقد مضى وانتهى، وحقّ عليهم قوله تعالى {وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فُعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شكٍ مُريب} (سبأ: 54).
ثم قال [: «أتدرون متى ذاكم؟» يعني: متى يكون طلوع الشمس من المغرب؟!
قال: «ذاك حين {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}» فإذا طلعت الشمس من المغرب، فإنه لا ينفع نفسا إيمانها، لا ينفعها إيمانها إن كانت كافرة فآمنت وأسلمت؛ إذ لا يقبل منها الإسلام حينئذ؛ لأن الله تبارك وتعالى كما ذكرنا في الحديث السابق، لا يقبل من الناس الإيمان الاضطراري، وإنما يقبل منهم الإيمان الاختياري، وإذا حصل ما يدفع الإنسان إلى الإيمان والإذعان اضطراريا، فإن الله لا يقبل منه هذا الإيمان، مثل الغرق والحرق وظهور هذه الآيات الكونية الباهرة فعندئذ لا ينفع نفسا إيمانها، {أو كسبت في إيمانها خيرا}، يعني أن تزيد في عملها الصالح عملا آخر لم تكن كسبته من قبل، فأهل القبلة المصدقين إذا رأوا هذه الآية التي اضطرتهم إلى هذا العمل الصالح، لا يقبل منهم ذلك، إلا ما كانوا عملوه من قبل. وذكر في الحديث السابق أيضا: ظهور الدجال وخروج دابة الأرض، فهذه ثلاث آيات إذا خرجت لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا.
وقال أهل التفسير: للشمس مستقر زماني، ومستقر مكاني، أما المستقر الزماني فهو قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} (يس: 38). وهو منتهى سيرها؛ حيث ينتهي جريانها، وذلك في يوم القيامة، فإذا جاءت الساعة بطل سير الشمس ووقفت، وكوّرت، أي: تُجمع وتلف وتصير كالكرة، وجمعت هي والقمر، كما قال سبحانه: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (القيامة: 9).
فتسكن حركة الشمس عند نهاية هذا العالم، وهذا المستقر الزمني الأول.
أما المستقر المكاني: فهو سجودها تحت العرش، كما نص هذا الحديث عليه. وقد روى الإمام مسلم    هذا الحديث عن أبي ذر مختصرا (1/139)، ولفظه: «قال أبو ذر ]: سألت رسول الله [ عن قول الله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} (يس: 38) قال: «مستقرها تحت العرش».
وفي رواية أخرى قال:  دخلت المسجد ورسول الله [ جالس، فقال: «يا أبا ذر، هل تدري أين تذهب هذه؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنها تذهب فتستأذن في السجود، فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها».
وذلك التقدير تقدير العزيز العليم، العزيز الذي لا يخالف في أمره، ولا يمانع في قدرته، العليم بجميع الحركات والسكون، وهو سبحانه وتعالى بكل شيء عليم.
 وقد يقول قائل: نحن نرى الشمس تشرق وتغرب وتسير، ولا نرى لها سجودا؟! ولا نرى لها تحركا غير اعتيادي؟!
والجواب أن نقول: نحن نؤمن بهذا الخبر الغيبي، الذي قد لا يدرك بالحس والمشاهدة؛ إذ هو من العلم الغيبي، الذي علّمه الله تعالى لنبيه [، والواجب علينا الإيمان والتصديق والتسليم، وترك الاعتراض والشك، كما قال عز وجل عن صفات المؤمنين: {الذين يؤمنون بالغيب} (البقرة: 2).
والله تعالى أعلم.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #17

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(18)

من قبائح الجاهلية

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2139. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا، تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا وَتَقُولُ: الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
الشرح: هذا الحديث في سورة الأعراف، وقد رواه مسلم في التفسير، وهو عن الحبر ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تبارك وتعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31).
يقول ابن عباس: « كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانه».
وفي رواية لمسلم عن ابن عباس: « أن الرجال كانوا يطوفون بالبيت عراة نهارا، وكانت النساء تطوف بالبيت عراة ليلا طلبا للستر « أي: طلبا للتستر عن أعين الناس؟
فتقول: «من يعيرني تطوافا» التطواف هو الثوب الذي يطاف به، أي: لكي تستر به عورتها أثناء الطواف.
وهذا الفعل المنكر الذي زيّنه الشيطان الرجيم لأهل الجاهلية، وهو أنه زيّن لهم الطواف بالبيت الحرام بمكة عراة؟! إذا جاؤوا مكة للعمرة، يرمون ثيابهم التي يزعمون أنهم عصوا الله تعالى فيها، ويتركونها ملقاة على الأرض، ولا يأخذونها بعد ذلك أبدا، بل تُداس بالأرجل حتى تبلى وتتمزق، ويسمونه: الإلقاء أو اللقى، حتى جاء الإسلام، وحرم الله ذلك، ومنع النبي [ المشركين أن يطوفوا بالبيت عراة، وأمر بستر العورة، وذلك لما أرسل أبا بكر رضي الله عنه، وأردفه بعلي ]، أن يؤذّنا في الموسم: « ألّا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان». رواه البخاري (369) ومسلم في الحج (4/982) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وكان أهل الجاهلية ينسبون هذا الفعل القبيح إلى آبائهم وإلى الله تعالى؟! قال سبحانه: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا} (الأعراف: 28).
فقوله: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً} الفاحشة هنا: هي الطواف بالبيت عراة، وهذا من أبشع ما يتصور!! أن يتعرّى الإنسان عند بيت الله الحرام، في المسجد العتيق المبارك؟! الذي أمر الله من بناه وهو خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بتطهيره، فقال: {وطهّر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} (الحج: 26).
فقوله: {وطهر بيتي} أي: من الشرك والمعاصي، ومن النجاسات والأقذار، الحسية والمعنوية، وأضافه إلى نفسه فقال: {بيتي} تشريفا وتعظيما، فتعظم محبته في القلوب.
فانظر كيف استدرج الشيطان أهل الجاهلية، وجعلهم ينحطون إلى مثل هذه الحالة المزرية القبيحة، بما سوّل لهم وزين من القبيح، وإظهاره بصورة التعبد والتبرر، وهذا من قلب الحقائق، وعكس المفاهيم، وعدو الله بارع في مثل هذه الأحوال، حيث يقلب الحق باطلا، والباطل حقا، والحسن قبيحا والعكس، ويأتي الناس من باب العبادات، فيشرع لهم ما لم ينزل به الله سلطانا، فقال للمشركين: هذه ثياب عصيتم الله فيها، فكيف تطوفون بها ببيت الله الحرام؟! بل نزهوا بيت الله الحرام عن الطواف بهذه الثياب المليئة بالذنوب؟! فألقوها عنكم، وحرموا ما أحل الله اتباعا للشيطان؟! فكان أحدهم إذا جاء إلى مكة، ووجد من يُعيره ثوباً يطوف به فعل، وإلا ألقى ثيابه، وطاف بالبيت عريانا بغير ثياب؟؟!
وهذا إذا كان لم يقدر على شراء ثوب جديد يطوف به.
والأقبح من ذلك أنهم ادعوا أن آباءهم كانوا على ذلك؟! ثم نسبوا هذا الفعل الشنيع لله عز وجل ولشرعه، فقال الله تعالى عنهم {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها} فهؤلاء الذين لا يؤمنون بالله الذين اتبعوا الشيطان، يزعمون أن الذي أمرهم بذلك هو الله؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا! فرد الله عليهم هذا الزعم الباطل فقال: {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} قال ابن جرير: أي: قل لهم يا محمد: الله لا يأمر خلقه بقبائح الأفعال ومساويها، ثم قال: {أتقولون على الله ما لا تعلمون} أتروون على الله أنه أمركم بالتعري؟! والتجرد من الثياب واللباس للطواف؟! وأنتم لا تعلمون أنه أمركم بذلك؟
ثم قال الله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين} أي: قل لهؤلاء الذين يزعمون أن الله أمرهم بالفحشاء كذبا على الله: إن الله إنما يأمر بالقسط، أي: بالعدل، وأن تجعلوا سجودكم لله خالصا، دون ما سواه من الآلهة الباطلة.
وقد قال الله سبحانه وتعالى محذرا قبل هذه الآية: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} (الأعراف: 27).
فقوله: {لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} أي لا يخدعنكم الشيطان، ويوقعكم في الفتنة والبلاء العظيم، ويصدكم عن سبيل الله تعالى، كما فعل مع أبويكم، بمكره وحيلته، حيث زين لآدم وزوجه الأكل من الشجرة التي نهاهم الله عنها، فلما أكلا من الشجرة، بدت لهما سوءاتهما، وطارت عنهم ثيابهما، وما كان يسترهما من الستر، قيل: كان نورا، فظهرت لهما السوءة؛ فلهذا حذر الله من هذا المكر الشيطاني وقال: {لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ} وأنزل تبارك وتعالى بعدها {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: كانوا يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم الله أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا. رواه ابن جرير (14507 ).
وقوله: {عند كل مسجد} يعني: عند كل صلاة، فرضا كانت أو نفلا، فيجب على المصلي أن يأخذ زينته للصلاة.
والزينة: قال أهل التفسير: هي اللباس الذي يستر العورة، فيجب على الإنسان إذا أراد أن يصلي أن يستر عورته، فهذا واجب كما قلنا في الصلوات كلها بلا خلاف بين المسلمين.
وقال بعض أهل التفسير: قوله {خذوا زينتكم} المقصود به ما هو زائد على مجرد الثياب، فهو ما يتزين به الإنسان زيادة على ثيابه، يعني الزينة التي تكون فوق الثياب التي يستر بها عورته ، كالعمامة والعباءة، وكذا الطيب، والتنظّف ما استطاع، والسواك، ولاسيما في الصلوات التي يجتمع لها المسلمون كصلاة الجمعة والعيدين؛ فإن هذا مما يزداد سنيته واستحبابه، والنبي [ حث على ذلك: «ومن أتى الجمعة فليغتسل يمس من طيبه ومن طيب أهله» ويتسوك فيأخذ زينته عند كل صلاة، فهذا مشروع وشي محبوب.
وروى الطبراني: عن تميم الداري ] بسند صحيح: أنه اشترى ثوبا بألف دينار، أو بألف درهم يلبسه للصلاة؛ تجملا بين يدي الله سبحانه وتعالى.
وهذا من تعظيم شعائر الله تعالى، وأمر القيام بين يديه.
لكن هذا لا يعني الإسراف في ذلك، فقد قال سبحانه: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} وقال {ولا تبذر تبذيرا}، وقال: {إن الله لا يحب المسرفين} وغيرها.
فكما أمركم الله سبحانه وتعالى بأخذ الزينة، وخاطبكم بذلك فهذا لا يعني الإسراف في ذلك. وقال [: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا، في غير إسراف ولا مخيلة» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة.
ويروى أيضا موقوفا عن ابن عباس أنه قال: كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة.
من غير أن يكون في ذلك مبالغة في الإسراف، ولا مخيلة: يعني خيلاء وفخر وكبر.
وقد حث النبي [ على لباس البياض، فقال [ فيما رواه الإمام أحمد وأهل السنن: «البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم».
وقال أيضا: «البسوا الثياب البيض؛ فإنها أطهر واطيب، وكفنوا موتاكم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وابن ماجة – صحيح الجامع.
فهو لباس كان يستحبه النبي [ ويكثر من لبسه.
وستر العورة عند إرادة الصلاة، واجب في كل حال من الأحوال كما ذكرنا، ولو كان الرجل خاليا وحده في بيته، فالصلاة لا تصح إذا صلى الإنسان كاشفا عورته , والمرأة كذلك، وهي كلها عورة في الصلاة إلا الوجه والكفين على الصحيح، كما جاء ذلك في حديث النبي [: « لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار».
وقوله «حائض» يعني: بالغة.
والله تعالى أعلم.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #18

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,951
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(19)

من صفة نعيم أهل الجنة

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2140. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِ[: «يُنَادِي مُنَاد:ٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}».
الشرح:
هذا الحديث الثاني في سورة الأعراف، وقد أخرجه الإمام مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها.
وهو حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة جميعا، روياه عن النبي [ أنه قال: «ينادي مناد» وهذا المنادي قد يكون من الملائكة، أو من غيرهم، فينادي أهل الجنة مبشرا لهم فيقول: «إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا» أن تصحوا يعني أن تكونوا صحاح الأبدان، فلا يصيبكم في الجنة الأمراض ولا الأسقام، فالمرض لا يطرأ على أهل الجنة، بقدرة الله سبحانه وتعالى وحفظه وبأمره.
قوله: «وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا»، فأهل الجنة لا يموتون أبدا، كما قال الله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} (الدخان: 56). يعني: لا يموتون أبدا إلا موتة الدنيا.
وقال سبحانه تعالى في مواضع كثيرة من القرآن: {هم فيها خالدون} وقال {خالدين فيها أبدا} وقال: {لهم فيها نعيم مقيم}، وقال: {عطاءً غير مجذوذ} أي: غير مقطوع. وهذا وأمثاله في القرآن كثير؛ مما يدل على أبدية الجنة وأهلها ونعيمهم.
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في «العقيدة»: « والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبدا ولا تبيدان».
وذلك أن الموت من أعظم المنغصات للإنسان، وهو يتقيه بكل ما أوتي من قوة ومال وجاه وسلطان، ولو ذكره أو تذكره وهو في فرحه وسروره، وبين أهله وولده، وفي ملكه وسلطانه، لضاقت نفسه وتكدّرت، وتغيرت من الفرح والسعادة، إلى الضيق والحزن، والهم والغم.
فأهل الجنة لا يجري على بالهم الموت ولا الفناء، أو حتى الانتقال مما هم فيه، كما قال تعالى: {لا يبغون عنها حولا}.
قوله: «وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا» أي: إن أهل الجنة في شباب دائم، لا يطرأ عليهم الهرم، ولا تصيبهم الشيخوخة، ولا يشيبوا، بل هم في شباب مستمر دائم لا ينقطع، بأمر الله سبحانه وتعالى، قال [: «أهل الجنة جُردٌ مردٌ كُحل، لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم» رواه الترمذي بسند حسن.
قوله: «وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا» أي: إن لكم أن تنعموا نعيماً مستمرا أبدا، ليس فيه بؤس، والبؤس: هو الفقر وشدة الحال، وأيضا البؤس هو الشقاء، فأهل الجنة لا يصبهم شقاء، بل هم في راحة وسعادة وطمأنينة، لا يكدر عيشهم شيء من الأكدار، لا الأمراض ولا الفقر، ولا يهابون الأعداء، ولا يذهب عنهم الأمن، ولا يصيبهم الفزع، ولا ينغص عيشهم مرض ولا موت، ولا ارتحال ولا انتقال، كل هذه المنغصات ممنوعة عنهم ومرفوعة، فلا يصبهم فيها شيء منها؛ لكمال نعيمهم.
قوله: قال [: «فذلك قوله عز وجل: {وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (الأعراف: 43)».
{ وَنُودُواْ}: أي: هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات (نودوا) مبني لغير المذكور، قيل: المنادي هو الله سبحانه وتعالى؛ تكريما لهم وتشريفا.
وقيل: المنادي هم الملائكة.
والحاصل أنهم ينادون بذلك تهنئة وبشارة لهم، وتحية إكراما.
ومعنى قول الله عز وجل: {أورثتموها} أي: كنتم أنتم الوارثين لها، والمقصود هم أهل الجنة، لكن هم ورثوا الجنة عمن؟! هل كان في الجنة أحد قبلهم ليرثونها عنهم؟ قال بعض أهل التفسير: إن أهل الجنة يرثون منازل الكفار؛ لأن كل إنسان له منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإن هو آمن وعمل بعمل أهل الجنة، دخل منزله في الجنة، وإن هو كفر وعمل بعمل أهل النار والعياذ بالله، دخل منزله في النار، وورث أهل الجنة منزله بالجنة.
وقيل: معنى {أورثتموها} أن هذه المنازل التي في الجنة إنما أعطيتموها بالأعمال الصالحة التي اكتسبتموها، وبرحمة الله تبارك وتعالى.
وقيل: {أورثتموها} يعني: جاءتكم بلا تعب ولا نصب، ولا بناء بيوت وقصور، ولا غرس زروع وأشجار، ولا شق أنهار، بل أخذتم ذلك كله سهلا، كالميراث في الدنيا، فالميراث يأتيك بغير تعب ولا اكتساب، فكذلك الجنة وما فيها من النعيم الواسع، من مساكن وأشجار وبساتين وأنهار وأزواج، هذا كله جاءك بغير تعب ولا نصب كالميراث الذي لم تتعب فيه.
وقول الله عز وجل: {بما كنتم تعملون}، الباء هنا هي السببية، أي إن أعمالكم كانت سبباً في دخولكم الجنة، بعد رحمة الله سبحانه وتعالى وفضله؛ فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي وفقكم للإيمان والعمل الصالح، وهو الذي أقدركم وأعانكم على العمل الصالح، ووقاكم شر أنفسكم والشيطان.
أما المعتزلة فيقولون: أهل الجنة يدخلون الجنة بأعمالهم وليس بتوفيق الله؟! لأنهم يزعمون: أن الله عز وجل لا يقدر أن يهدي ضالا؟! ولا أن يضل مهتديا، بل ولا أن يزيد المهتدي هداية؟! وإنما هي أعمال كلها كسب من العباد فقط عندهم؟!
قال جار الله الزمخشري المعتزلي صاحب كتاب: « الكشاف في التفسير» في تفسيره لقوله تعالى: {بما كنتم تعملون}: بسبب أعمالكم، لا بالتفضل كما تقول المبطلة؟؟! انتهى.
هكذا قال؟! ومن هم المبطلة؟ يقصد أهل السنة والجماعة؟! للأسف الشديد!! لأنه على مذهب المعتزلة في تفسيره «الكشاف»، وقد بث فيه عقيدتهم؛ فلهذا حذر منه أهل العلم قديما وحديثا، وتعقبه ابن المنير في حاشية له مطبوعة على الكتاب.
وذلك لأنهم قدرية في باب القدر، والقدرية يقولون: إن الإنسان يخلق فعل نفسه، أي: إن أفعال المخلوقين غير مخلوقة لله عز وجل؟! وهذا خلاف الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {الله خالق كل شيء}، وقال {والله خلقكم وما تعملون}، وهو إجماع المسلمين من أهل السنة والجماعة.
واحتجوا بأن النبي [ يقول: «سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته» متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
والجواب: أن الباء التي في قوله «بعمله» غير الباء التي في قوله: {بما كنتم تعملون} فإن الباء الأولى هي باء العوض، وهو أن يكون العمل كالثمن لدخول الرجل الجنة، وأما الباء الثانية، فهي باء السبب، أي: بسبب أعمالكم، والله تعالى خالق الأسباب والمسببات، فيرجع الكل إلى محض فضل الله ورحمته.
فالتصريح بأن الأعمال سبب لدخول الجنة، لا يعني نفي سبب آخر، وهو فضل الله سبحانه وتعالى على عباده، كما ذكّر الله به عباده في كتابه كثيرا فقال سبحانه: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}، وقال عز وجل: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا} وقال: {ذلك الفضل من الله} وقال: {يدخل من يشاء في رحمته} وقال: {فسيدخلهم في رحمة منه وفضل} فهذه كلها آيات تدل على أن الأعمال التي كانت سببا لدخول الجنة، كانت برحمة الله تعالى وإحسانه، وهي السبب العظيم - بل هي الأصل – لدخولها.
وقال بعض أهل العلم: إن دخول الجنة هو برحمة الله وفضله، وأما الدرجات فبتفاضل الأعمال وتفاوت ما بين المؤمنين، فهناك السابق بالخيرات وهناك المقتصد، وهناك الظالم لنفسه.
وما أجمل ما قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
فحيّ على جنات عدنٍ فإنها
منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى
نعود إلى أوطاننا ونسلّم
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يدخلنا جميعا في رحمته، ويرفع منازلنا في جنته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد [.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فوائد وفرائد من مختصر صحيح البخاري للشيخ الألباني رحيل ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 15 04-27-2023 01:43 PM
شرح مختصر صحيح #البخاري (5) محمد #العريفي - من الحديث ( بنت الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 04-25-2023 10:29 AM
شرح مختصر صحيح البخاري (5) محمد العريفي بنت الشام ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 17 04-10-2023 11:46 AM
ورقة بن نوفل الحلقة 10 شرح مختصر صحيح البخاري مجنون بحبك ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 20 12-30-2022 05:38 PM
كتاب الطهارة من شرحه على صحيح مسلم المسمى: (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) Şøķåŕą ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 09-12-2022 09:17 AM

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


الساعة الآن 01:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2024, Trans. By Soft
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع