( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~
    حاء"     خاطري"     رحيل"     سكرة"     البرنس"     أمنية"     العز"     اميرت"     عشق"     جوهرة"     غلاتك"     غرام"     كلي"     لورد"     سيران"     احمد"

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩

الملاحظات

۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ |يختَص بكُل ما يَتعلق بالأنبيَاء عليهِم الصّلاة والسّلام ونُصرتهم .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /03-23-2024   #7

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(8)

العدل مع اليتيم

اعداد: الفرقان


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
باب: في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} (النساء: 3)
وقوله: {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} (النساء: 127).
2129. عن عُرْوَة بْن الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (النساء: 3). قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنْ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ . قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ [ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِيهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ: وَالَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ، الْآيَةُ الْأُولَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رَغْبَةَ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ، إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.
الشرح:
هذا الحديث الأول في سورة النساء، وهو في بيان معنى قوله تبارك وتعالى {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} وأورد فيه المنذري حديث عروة رضي الله عنه، وقد رواه مسلم في كتاب أول كتاب التفسير أيضا .
سأل عروة خالته عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (النساء: 3) وهذه الآية لها تعلق بقوله عز وجل: {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} فالآية الأولى تقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} أي: إن خفتم ألا تعدلوا في النساء اليتامى اللاتي في حجوركم وولايتكم، فانكحوا سواهن، إذا خفت ألا تعدل في اليتيمة، وألا تنصف هذه اليتيمة وتقوم بحقها، من المهر وغيره، فانكح سواها، مما طاب لك من النساء سواها، من ذوات الدين والخلق والجمال والمال، مثنى وثلاث ورباع .
ومعنى ( مثنى وثلاث ورباع ) يعني: من أحب أن يتزوج اثنتين فليفعل، أو ثلاثا فليفعل، أو أربعا فليفعل، ولا يزيد على ذلك، ولا نقول معنى الآية: اثنين وثلاثا وأربعا، فيكون المجموع تسعا من النساء ؟؟!
بل الصحيح هو الأول، وهو الذي عليه عامة أهل الإسلام، فعامة أهل العلم يقولون: إن المقصود بمثنى وثلاث ورباع، أن يتزوج الرجل اثنتين أو ثلاثا أو أربعا من النساء، وقد دل على ذلك أيضا، عدة أحاديث صحيحة، منها: حديث غيلان الثقفي رضي الله عنه: أنه لما أسلم كان عنده عشر نسوة، فقال [: «أمسك أربعا وفارق سائرهن» وهذا حديث صحيح رواه الترمذي.
وكذلك حديث قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثماني نسوة، فأتيت النبي [ فذكرت له ذلك، فقال: «اختر منهن أربعا» رواه أبوداود وابن ماجة .
وكذلك حديث نوفل بن معاوية الديلي، أخرجه الشافعي في مسنده .
فإجماع المسلمين إذاً: على أن الرجل لا يحل له في الشريعة الإسلامية: أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة في عصمته .
وأما الآية الثانية: وهي قوله تعالى {ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} (النساء: 127) . فالاستفتاء: هو طلب السائل معرفة حكم الله تعالى من العالم به، فيسأل الرجل أو المرأة العالم أو الفقيه، عن حكم الله تبارك وتعالى في النازلة، أو عن معرفة الحكم الشرعي في ذلك الشيء الذي يسأل فيه .
لكن الله تبارك وتعالى يقول هاهنا {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} أي: الذي يتولى بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة هو الله سبحانه وتعالى بنفسه، فهو الذي تولى بيان هذا الحكم الشرعي للمؤمنين، وليس رسول الله [ ولا غيره، فقد كان الصحابة يستفتون الرسول [، ويرجعون إليه في معرفة الأحكام الشرعية؛ لأنه رسول من الله تعالى، فقال ربنا سبحانه وتعالى: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} وهذا يدل على أن هذا الأمر عظيم، وهو أمر اليتامى، وأن وظيفة الإفتاء، أيضا وظيفة عظيمة جليلة، إذ كان الله سبحانه وتعالى يقول: أنا أفتيكم فيها لأنه قال: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}.
هذا من جانب، ومن جانب آخر: أن الفتيا شيء مهم وخطير، لعظم أثرها؛ وشدة حاجة الناس إليها، ولخطر أثرها؛ لأنها متعلقة بالحلال والحرام في كل شؤون الدين والدنيا، وكان بعض السلف يفتي الناس وهو وجل خائف، ويقول: ها أنا يتعلم مني ما تُضرب فيه الأعناق، وتُستحلّ به الفروج .
فكلام المفتي أثره عظيم؛ لما قد يترتب عليه من الأحكام الشرعية، فقد يسأله السائل فيقول: أنا تزوجت امرأة وحصل كذا وفعلت كذا ؟ فيقول: زواجك صحيح، أو يقول: زواجك باطل ! أو يقول: فلان يستحق القتل، أو الجلد أو الرجم، أو يسأله إنسان يشتري ويبيع فيقول له: هذا حلال وهذا حرام وهكذا، إذاً الأمر متعلق بالدماء والأعراض و الأموال .
ومن هاهناكانت وظيفة الإفتاء عند المسلمين، وظيفة لها شروطها المطلوبة وأهليتها، ولها آدابها؛ فلا ينبغي أن يقدم الإنسان على إفتاء الناس، أو على بيان حكم شرعي إلا بعلم من الكتاب والسنة ومعرفة بأقوال الفقهاء والعلماء، ولا بد أن يسكت عن المسائل التي لا يعرفها فيقول: الله أعلم، أو يقول لمن يسأل: اصبر حتى أسأل لك، أو حتى أراجع، وما أشبه ذلك .
قول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} أي: في يتامى النساء، سواء كن زوجات أم صغيرات، فاتركوا ظلمهن، وقوموا بحقوقهن .
قوله: {وما يتلى عليكم في الكتاب} وهذا نوع من الربط بين الآيات في كتاب الله سبحانه وتعالى، أي: ما جاءكم في كتاب الله تبارك وتعالى في يتامى النساء فارجعوا إليه؛ لأن الله تبارك وتعالى قد تحدث عنه في موضع سابق، فقال {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} فهذا إخبار عن الحالة الواقعة في زمنهم، فاليتيمة تكون على حالتين: اليتيمة التي تكون تحت وليها من الرجال، فإذا كانت تحت ولاية رجل ثم هذه اليتيمة بلغت، وأراد أحد الناس أن يتزوجها، يتقدم إلى وليها فيطلب الزواج بهذه اليتيمة، فعند ذلك بعض الأولياء يظلم هذه اليتيمة، فيمنعها من الزواج؛ خشية أن يذهب زوجها بمالها، أو أن تذهب هي بمالها، بأن تأخذ حقها منه، والذي أكل بعضه أو أكله كله فيمنعها من الزواج طمعا في مالها، أو أن يطلب مهرا عاليا من الرجل الذي يريد الزواج بها، من أجل أن يعدل عن الخطبة، ويمسكها ظلما وعدوانا، هذا إذا كان لا يريد أن يتزوجها.
أما الحالة الثانية: أن تبلغ اليتيمة عنده، وهو ليس من محارمها، وإنما هو وصي عليها، ويريد أن يتزوج بها، لكن لأنها يتيمة ليس لها أهل أو ولي، فإنه لا يقسط لها، أي لا يعطيها حقها الذي تأخذه مثيلاتها من النساء، بالنسبة للمهر، لأنها يتيمة !
فمثلا مهر اليتيمة ألف أو ألفان أو ثلاثة، فيعطيها خمسمائة فقط !! لأنها يتيمة فلا يعدل في مهرها، لا يعدل في حقها لأنها عنده، وهذا ظلم يدخل تحت هذه الآية .
إذاً فقول الله عز وجل، {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} له معنيان: ترغبون أن تنكحوهن يعني: ترغبون عن نكاحهن - لا ترغبون بالزواج بهن - وتمنعوهن مع ذلك من الزواج بغيركم من أجل المال .
والمعنى الثاني: وترغبون أن تنكحوهن، يعني: ترغبون بالزواج بهن، فإذا أردت ذلك فلا بد أن تقسط في مهرها وتعطيها حقها؛ لأن اليتيمة في هذه الحال مستضعفة، والله سبحانه وتعالى قد أفتاكم في المستضعفين من اليتامى والولدان والنساء، أن تعطوهم حقهم من الميراث، وألا تستولوا على أموالهم، ولا تبخسوهم إياها، على وجه الظلم، والقهر والاستبداد، فالله تعالى قد قال: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط} يعني: بالعدل، وهذا يشمل القيام على أموالهم بالقسط، بألا تأكل أموالهم، ولا تأكل بعضها، ولك أن تشاركهم فيها إن كنت محتاجا فتأكل بالمعروف، كما سيأتي في الآية التي بعدها، فالله سبحانه يأمر هؤلاء الأولياء بالقيام على أموال اليتامى بالقسط، ومن ذلك استثمارها لهم وتنميتها وتكثيرها بالاتجار فيها، وألا يقربوها إلا بالتي هي أحسن أي بالحال التي تصلح بها أموالهم، فلا يحابون في أموال اليتامى أحدا، ولا يضيعونها بالهدايا أو إعطاء الأموال للناس محاباة من مال اليتيم !! لا يجوز له أن يفعل ذلك! بل عليه ألا يقربها إلا بالتي هي أحسن، كما قال الله عز وجل:{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} حتى لا تقع في الظلم وهضم الحقوق.
وقوله: {والمستضعفين من الولدان} أي: ويفتيكم في المستضعفين من الولدان الصغار أن تعطيهم حقهم من الميراث، وألا تستولوا على أموالهم وحقوقهم ظلما وعدونا، وقد بين الله تعالى جزاء من يفعل ذلك في قوله سبحانه: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم وسيصلون سعيرا} (النساء: 10), فما أكلوه بغير حق، سيكون نارا تتأجج في أجوافهم، وسيصلون نارا محرقة، وهذا يدل على أن هذا الأمر من الكبائر العظيمة .
ثم حثّ الله سبحانه وتعالى على الإحسان، فقال: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً} (النساء: 127).
يعني: سواء كان هذا الخير لأنفسكم من عبادة وقربة وصلاح، أو كان خيرا متعلقا بالغير كالنفقة على الأهل والأقارب، والزكاة والصدقات للفقراء والمساكين، فإن الله عليم بكل شيء، أحاط علمه بكل شيء، سواء كان قليلا أو كثيرا، حسنا أو غير حسن، فسيجازي كلا بعمله .
فهذه الآية إذاً: توجيه لأولياء الأيتام الذين تكون اليتيمة في حجورهم بالعدل فيهن على كل حال.
وشبيه بذلك أيها الإخوة اليوم: ما يفعله بعض الآباء هداهم الله، الذين يمنعون بناتهم من الزواج، طمعا في رواتبهن؟! أو طمعا في الأموال التي عند ابنته، فيمنعها من الزواج، ويرد الخطاب من أجل هذا الشيء ؟! فيكون سببا في تعاستها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مع أن الأب في العادة أرحم الناس بأبنائه، لكن لهذه القاعدة شواذ، عافانا الله جميعا من منكرات الأخلاق والأعمال.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #8

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(9)

أموال اليتامى


اعداد: الفرقان


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله. ذكرنا في الحلقة السابقة حاجة اليقظة الإسلامية، والشباب المهتدي إلى الضوابط الشرعية، التي تضبط له منهجه وطريقه، ورجوعه إلى الله سبحانه وتعالى، وإلا فإنه سيخسر جهده ووقته، ويخسر أفراده، ويضيع كل ذلك سدى. ومن الكتب النافعة المفيدة في هذا المضمار، كتاب: «الاعتصام بالكتاب والسنة» من صحيح الإمام البخاري، وقد اخترنا شرح أحاديثه والاستفادة من مادته المباركة.
2130. عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْله {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 6). قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي وَالِي مَالِ الْيَتِيمِ، الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُهُ، إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
- الشرح: الحديث رواه مسلم أيضا في التفسير من كتابه الصحيح. وهذه الآية في أموال اليتامى من سورة النساء، يأمر الله سبحانه وتعالى فيها أولياء الأيتام - كما ذكرنا في الحديث السابق - بالعدل والقسط في أموال اليتامى التي يلونها، إذ يقول في أولها {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبداراً أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيباً} (النساء: 6).
فيأمر الله تعالى فيها أولا باختبار اليتامى فيقول: {وابتلوا اليتامى} وذلك بأن يدفع لليتيم الذي بلغ الحلم شيئا من ماله ليتصرف فيه، وينظر هل يتصرف فيه برشد، أم بسفه ؟ كأن يبذره، أو يصرفه فيما لا فائدة فيه، أو في المعاصي، فبذلك يتبين رشده من سفهه، فإن كان لا يحسن التصرف بماله، لم يدفع له بقية المال؛ لأنه باق على سفهه، ولو بلغ عمرا كبيرا.
أما إذا تبين رشده وصلاحه للتصرف بالمال، فإنه يدفع له ماله كاملا موفراً، لقوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم} رشدا: يعني: صلاحا في دينهم، وحفظا لأموالهم، قاله الحافظ ابن كثير.
وقوله: {ولا تأكلوها إسرافا} أي: مجاوزة للحد الذي أباحه الله لكم في الإنفاق، ومن غير حاجة ضرورية.
وقوله: {وبداراً أن يكبروا} أي: مبادرة قبل بلوغهم، فهم صغار لا يمكنهم منعكم من أخذها أو أكلها.
ثم قال سبحانه وتعالى: {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} من كان في غنية عن مال اليتيم، فليستعفف عنه فلا يأكل منه شيئا، الغني عن أموال اليتامى، ينبغي له أن يستعفف عنها؛ لأن الله سبحانه قد أغناه ، وما دام قد أغناه الله فلا يمد بصره ويده إلى مال اليتيم، ولا يأكل منه إلا معه على وجه المشاركة، التي لا يمكن فيها الفصل، مثل أن يشتري طعاما من ماله ومن مال اليتيم، فيتشاركان في الأكل، أو يتشاركان في السكن في بيت اشتري بمالهما جميعا، أو ما أشبه ذلك.
فالغني إذاً عليه أن يستعفف بما أحل الله له من الطيبات عن مال اليتيم.ومن كان فقيرا محتاجا، فليأكل بالمعروف، أي: بما تعارف عليه الناس .
قالت عائشة رضي الله عنها: بقدر قيامه عليه. رواه البخاري. أي: يقدر أجرته بقدر قيامه وعمله في مال اليتيم، كالموظف لذلك.
وقال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله أو قدر حاجته. فالفقير له أن يشارك اليتيم في ماله بالمعروف، بما تعارف عليه الناس، لا يسرف في أموال اليتامى، بحجة أنه يأكل مع اليتيم، ولا يشتري شيئا خاصا له من مال اليتيم، كأثاث لبيته أو شيء لأولاده، ولا يستأثر بأموال اليتامى دون اليتامى، والله سبحانه وتعالى قد حذر من أكل أموال اليتامى ظلما، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (النساء: 10)
قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله [ فأنزل الله {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم} (البقرة: 220)، قال: فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم. رواه أبوداود والنسائي وابن جرير في تفسيره.
وقوله {وإن تخالطوهم} أي: وإن خلطتم طعامكم بطعامهم فلا بأس.
{والله يعلم المفسد من المصلح} أي: الله عليم بمن قصده ونيته الإصلاح أو الإفساد.
وولي اليتيم عليه القيام بإصلاح مال اليتيم والمتاجرة فيه قدر المستطاع، وتكثيره بأحسن الطرق، وأبعدها عن الخطر، كما جاء في الأثر عن عمر ] أنه قال: « اتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة».
فولي اليتيم عليه كما قالت عائشة رضي الله عنها: أن يقوم عليه ويصلحه، وهذا هو الواجب، أن يقوم على هذا المال وأن يصلحه ويستصلحه، وان يطلب له الأحق، وأن يتجنب ما يهلك هذا المال أو يعطبه، بأن ينميه له ويكثره بالطرق المشروعة .
وولي اليتيم قد نهي أيضا أن يقرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، قال سبحانه وتعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} (النساء: 6).
وقال بعضهم: إن هذه الآية نسخت قول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 6).
والصحيح أن الآية ليست منسوخة، وإنما على والي اليتيم أن يأكل بالمعروف، يعني المتعارف عليه بين الناس، فلا يترف ويتوسع في أموال اليتامى ويبالغ في التمتع أو التنعم بالمطعوم والمشروب والملبوس، وإنما يأكل بقدر الحاجة.
جاء في مسند الإمام أحمد، وأصحاب السنن إلا النسائي، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا سأل النبي [ فقال: « ليس لي مال، ولي يتيم» فقال [: « كُل من مال يتيمك غير مسرفٍ ولا مبذّر، ولا متأثل مالا « رواه أحمد.
وروى ابن حبان وصححه: عن جابر ]: أن رجلا قال: يا رسول الله، فيم أضرب يتيمي؟ قال: « ما كنت ضاربا منه ولدك، غير واق مالك بماله، ولا متأثل مالاً ».
وروى ابن أبي الدنيا: عن أمير المؤمنين عمر ] قال: « إني أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت اسقترضت، فإذا أيسرت قضيت» وإسناده صحيح.
وهذا الرأي بناء على قول من قال: إن من أكل من مال اليتيم، عليه أن يقضي إذا أيسر. والقول الثاني: أن له أن يأكل بالمعروف، دون أداء البدل. وهو الصحيح إن شاء الله. فقول النبي [ لولي اليتيم: « كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر» التبذير والإسراف حرمهما الله عز وجل، والإسراف هو المبالغة في الشيء، والتبذير هو الإنفاق فيما لا ينفع.
« ولا متأثل مالا» أي: لا تتخذ لنفسك مالا تجمعه من مال اليتيم، ولا أن تأخذ لنفسك من مال اليتيم شيئا خاصا بك، لا نفع له فيه، كأن تشتري لنفسك سيارة مثلا، أو تؤثث بيتك الخاص، فهذا لا نفع لليتيم فيه، بل هو نفع خاص بك أنت.
وقوله « غير واقٍ مالك بماله» يعني: ألا تتقي مالك بماله، بأن تضع مالك في الحفظ والحصون، وتصرف من مال اليتيم ؟! هذا محرم، لكن أن تشاركه في التجارة، فتضع شيئا من عندك وهو يضع شيئا من عنده وتشتركان في الشيء الذي تنتفعان به، فلا مانع في ذلك.
وهذا الحديث: فيه تفسير وبيان منه عليه الصلاة والسلام، بمقدار الأكل من أموال اليتامى بالنسبة للفقير والمحتاج والوصي.
والله تعالى أعلم، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #9

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(10)

باب في قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}


اعداد: الفرقان

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2131- عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ[ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ فَرَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِ[َ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْتُلُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْن}.
الشرح :
الباب التاسع من كتاب التفسير من مختصر صحيح الإمام مسلم للإمام المنذري، هو في قوله تبارك وتعالى من سورة النساء وهي الآية الثامنة والثمانون: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}، والآية بتمامها يقول الله سبحانه وتعالى فيها: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} (النساء: 88).
هذه الآية أورد فيها الإمام مسلم رحمه الله، حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وقد ذكره في كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم: أن النبي[ خرج إلى أُحد، فرجع ناسٌ ممن كان معه، فكان أصحاب النبي[ فئتين، قال بعضهم: نقتلهم، وقال بعضهم: لا، فنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}.
وشرح الحديث: أن النبي[لما خرج إلى غزوة أحد، خرج معه عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه، فلما كانوا ببعض الطريق خذلوا رسول الله[ ورجعوا إلى المدينة؟! كيدا ومكراً! فحصل من جراء ذلك خلخلة وبلبلة في جيش المسلمين، لرجوع بعض الجند منهم ، بعد ما خرجوا من المدينة وعزموا على ملاقاة عدوهم . قال ابن إسحاق: أن عبدالله بن أبي رجع بثلث الجيش، رجع بثلاثمئة وبقي النبي[ في سبعمائة.
وهم أرادوا أن يحصل مثل هذا، في صفوف أصحاب رسول الله، فلما قرب القتال اعتذروا بأعذار واهية، وقالوا كما حكاه القرآن: {وليَعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ}، وهذا كذبٌ منهم، فإنهم يعلمون حنق المشركين وغيظهم على المسلمين ، وأنهم يتحرقون على قتالهم، بما أصابوا منهم يوم بدر، من قتل ومال، قال تعالى: {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم}؛ لأنهم منافقون، يظهرون مالا يبطنون في قلوبهم، ومنه قولهم هنا {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ}، ولكن المنافقين ظنوا أن هذا العذر يروج على المؤمنين ، قال الله تعالى مهددا لهم: {والله أعلم بما يكتمون}.
فكان أصحاب النبي[ بعد ذلك، لما رجعوا إلى المدينة اختلف فيهم أصحاب النبي[ فيهم فرقتين، فقالت فرقة: نقتلهم، لأنه حصل منهم خيانة عظيمة للنبي[ وللمسلمين، وخذلان للإسلام، ومحاولة لبث الفرقة والزعزعة في صفوف الجيش وإضعافه.
وقالت طائفة: لا نقتلهم؛ لأنهم مسلمون يظهرون الإسلام، فنزلت الآية: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} (النساء: 88).
فلأنهم يظهرون الإسلام، توقف فيهم بعض أصحاب النبي[، ولكنهم في الحقيقة منافقون، ودلّت أعمالهم على ما في قلوبهم.
قال زيد بن ثابت فنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْن}.
وقوله: {وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ} يعني: أن أعمالهم وما كسبت أيديهم، سبب في ارتكاسهم في الكفر، ووقوعهم فيه, ومثل هذه الأعمال الكفرية، يستدل بها على كفر الإنسان، وعلى خبث طويته، وظلمة قلبه .
وقوله: «أتريدون أن تهدوا من أضل الله» فمن أضله الله فلا هادي له، وهؤلاء قد أضلهم الله بسبب ما كسبت أيديهم، وما أضمروه من العداوة لله والرسول، ومجرد إظهار الإسلام، لا يدل على إسلامهم؛ لأن قرائن أفعالهم يحكم بها العاقل عليهم .
وقال بعض أهل التفسير: المراد بالمنافقين هنا، هم من أظهروا الإسلام ولم يهاجروا إلى رسول الله[، فقد كانت الهجرة واجبة في زمن النبي[ قبل الفتح، وكل من أسلم، وجب عليه أن يهاجر إلى رسول الله[، وأن يفارق قومه المشركين إلى المدينة النبوية، فقال الله تعالى لهم: لا تتحرجوا من قتالهم.
ولكن الآية التي بعدها تبين أن المراد بالمنافقين هاهنا، هم المنافقون الذين لم يهاجروا، أظهروا الإسلام ولكنهم لم يهاجروا، بدليل قوله تعالى: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} (النساء: 89)، هذا أيضا مما أطلعنا الله سبحانه وتعالى من ضمائرهم، وما انطوت عليه قلوبهم، وهو أنهم يودون لو أن المسلمين كفروا وارتدوا عن إيمانهم وإسلامهم إلى الكفر، فيكونون سواء، يعني: لا يقتل بعضهم بعضا، لأن الجميع سواسية في الكفر ، فلا تفضلونهم بالإسلام ! فهذا خبر من الله عز وجل عن هؤلاء المنافقين .
وهذا والعياذ بالله من الأمراض القلبية، أن الإنسان إذا انحرف عن الصراط المستقيم، يود لو أن الناس كلهم صاروا مثله، فبعضهم إذا رأى شابا مستقيما، تضايق وحاول أن يغريه ويضله عن سبيل الله؛ لأنه يكره أن يراه متميزا عليه بالصلاة وبالاستقامة وبالخوف من الله، واتقاء حدود الله عز وجل ومحارمه، فيود لو أنه انحرف كما انحرف، وكفر كما كفر، وفسق كما فسق، ولهذا قال سبحانه وتعالى: {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} (النساء: 89).
فالآية تبين أن المنافقين الذين حصل فيهم الاختلاف وانقسم فيهم الصحابة إلى فرقتين، هم هؤلاء المنافقين الذين أظهروا الإسلام ولم يهاجروا ، والسبب في إظهارهم الإسلام هو أنهم يريدون أن يأمنوا جانب النبي[ وأصحابه فلا يقاتلونهم، ولم يهاجروا في سبيل الله لأنهم مستفيدون بالبقاء في أهليهم وديارهم وفي أموالهم، فلا يريدون أن يخسروا شيئا بالهجرة.
ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ} (النساء: 89) أي: إن تولوا عن الهجرة، يعني: لم يهاجروا، فلا تتحرجوا من قتالهم، بل {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ} (النساء: 89) أي: في أي وقت وزمان، وفي أي محل ومكان.
وهذه الآية من الأدلة التي يستدل بها على نسخ القتال في الأشهر الحرم، كما هو قول الجمهور؛ لأن الله عز وجل يقول: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ}، والمخالفون يقولون: هذا نص عام، تقيده نصوص تحريم القتال في الأشهر الحرم.
ثم استثنى الله سبحانه وتعالى من قتال هؤلاء المنافقين ثلاث فرق: فرقتين أمر بتركهم وأوجب ذلك ، الفرقة الأولى: من يصل إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، فمن يصل من هؤلاء المنافقين إلى قوم بينكم أيها المسلمون وبينهم ميثاق وعهد، فهؤلاء لا تقاتلونهم لأنهم صاروا في صفوفهم وحكمهم، فمن انضم إلى قومِ صار له حكمهم بالدم والمال.
والفرقة الثانية: من قال تعالى فيهم: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ} (النساء: 90) يعني: ضاقت أنفسهم بقتالكم، فلم تسمح أنفسهم بقتالكم، فتركوا قتالكم، وتركوا قتال قومهم ، فهؤلاء أيضا أمر الله سبحانه وتعالى أن يتركوا، وألا يقاتلوا، وأخبر سبحانه أنه لو شاء لسلط هذه الفرقة التي تركت قتالكم، فقال: {ولو شاء لسلطهم عليكم فلقاتلوكم} فاقبلوا من الله عافيته واحمدوه .
أما الفرقة الثالثة: فهم قوم يردون مصلحة أنفسهم والسلامة، بغض النظر عن احترامكم، كما قال سبحانه وتعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ} (النساء : 91)، فهؤلاء الذين أمر الله سبحانه وتعالى بقتالهم حيث وجدتموهم، هم كالفرقة التي اختلف فيها الصحابة سابقا؛ لأن الله سبحانه وتعالى بين أن حكمهم واحد، أن لم يعتزلوا قتال المؤمنين إلا لمصلحة أنفسهم، فالواجب قتالهم.
فإذاً ربنا سبحانه وتعالى أنكر على الصحابة عندما اختلفوا في قتال الفرقة المارقة، التي ظهرت منها علامات الكفر والردة والإلحاد.
وفي هذا الحديث أيضا: زاد في آخره: قال النبي[: «إنها طيبة « يعني المدينة النبوية ، فسماها النبي[» طيبة و طابة من الطّيب، وأمر أن تسمى بذلك، بدلاً من اسمها في الجاهلية ، وهو يثرب، لخلوصها من الشرك، وتطهيرها منه.
قوله: «وأنها تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة»، فالمدينة تنفي الخبيث من الناس، كما تنفي النار خبث الفضة، أي:كما أن من أراد أن ينقّي الفضة أو الذهب أو الحديد أو غيرها من المعادن، فإنه يضعها على النار، ليخرج منها الخبث، ويخرج منها الزبد {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء} (الرعد: 17)، فإذا وضعت المعدن على النار حصل له النقاء، بخروج الخبث منه، فهكذا الفتن والشدائد تنقي الناس ، وتبين معادنهم، فإن الناس في حال الرخاء لا يكادون يعرفون، ففي حال الرخاء لا تكاد تعرف المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، من ضعيف الإيمان، لكن إذا جاءت الفتن - عافانا الله وإياكم - سواء فتنة السراء أو فتنة الضراء، فعند ذلك تخرج أحوال الخلق، وتبلوا معادن الناس، فتعرف ما في قلوبهم من أعمالهم، أي بقرائن أفعالهم تعرف أحوال الناس ومعادنهم.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #10

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(11)

تعظيم قتل النفس المؤمنة

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2132. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلِـمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَان:ِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}.
الشرح: الباب العاشر: باب قوله تبارك وتعالى من سورة النساء أيضا، وهي الآية الثالثة بعد التسعين، قوله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء: 93).
وقد رواه الإمام مسلم في كتاب التفسير أيضا. والحديث عن سعيد بن جبير، وسعيد بن جبير هو الأسدي مولاهم الكوفي، ثقةٌ ثبت فقيه، أحد الأئمة في التفسير، ومن أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما المكثرين من الرواية عنه.
يقول: قلت لابن عباس: ألمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال لا، قال فتلوت عليه هذه الآية في الفرقان، وهي: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الفرقان: 68 – 70).
يعني أن الله سبحانه وتعالى أخبر في هذه الآيات أن من تاب إليه، تاب الله عليه؛ لأنه يقول: {إِلّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} فكيف تقول ليس له توبة؟!
قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا}. أي قال ابن عباس رضي الله عنهما ردّا عليه: هذه آية مكية، وسورة الفرقان سورة مكية نزلت بمكة، فنسختها آية مدنية، وهي الآية التي في سورة النساء: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} فهذه آية مدنيه نسخت هذه الآية المكية، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما هاهنا.
قال الإمام النووي رحمه الله: هذا هو المشهور عن ابن عباس - أي إنه كان يقول ليس لقاتل المؤمن توبة - وروي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة له؛ لقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً} (النساء: 110).
قال: وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين، ومن بعدهم - يعني أن لقاتل المؤمن توبة - قال: وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ، والتحذير من القتل، والتورية في المنع منه، وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس رضي الله عنهما أنه يخلّد، وإنما فيها أنه جزاؤه جهنم، ولا يلزم منه أنه يجازى، وقد سبق تقرير هذه المسألة وبيان معنى الآية في كتاب التوبة. انتهى.
فهذه الآية التي ذكرها ابن عباس من سورة النساء، وهي آية عامة، ومن سورة مدنية وهي قوله: {ومن يعمل سوءا...} أي: عملاً سيئا، وهي تعم جميع الذنوب والمعاصي والكبائر {أو يظلم نفسه} يعم جميع أنواع الظلم {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} وعدٌ بالمغفرة لها جميعا إذا هو ندم وتاب واستغفر.
أما قوله: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء: 93).
فيخبر الله سبحانه وتعالى أن قاتل المؤمن متعمدا جزاؤه جهنم خالدا فيها، لكن ربنا سبحانه وتعالى قد يصرف عنه هذا العذاب بأشياء كثيرة، وبأعمال متعددة، وأعظمها التوحيد، ثم الأعمال الصالحات، والمصائب المكفرات، فيصرف الله سبحانه وتعالى الخلود عنه في نار جهنم بتلك الأمور، وللإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كلام جميل في هذه الآية، وبيان ما في هذا الوعيد الشديد الذي ذكره الله سبحانه وتعالى، في قاتل المؤمن، وأنه وعيد ترجف له القلوب، وتنصرع له الأفئدة، وينزجر منه أولو العقول، ولم يرد في شيء من الكبائر من الوعيد، أعظم من هذا الوعيد، فلم يرد في كتاب الله تبارك وتعالى تشديد ووعيد في ذنب من الذنوب مثل ذنب قتل المؤمن عمدا، فالله سبحانه وتعالى ذكر فيه خمسا من أنواع التشديدات: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} فهذه خمسة أنواع من التشديدات، الأول: أن جزاءه جهنم , الثاني: خالدا فيها. الثالث: غضب الله عليه، الرابع: لعنه الله، الخامس: أعد له عذابا عظيما، نسأل الله العافية من ذلك كله.
وهذه الآية أيضا: دليل على أن قاتل المؤمن ليس بمؤمن؛ لأن القتل ينافي الإيمان الصحيح، الإيمان الكامل التام، فالمؤمن حقا لا يمكن أن يقتل مؤمنا؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في الآية التي قبلها: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً} (النساء: 92).
أي لا يتصور أن المؤمن يقتل مؤمنا أبدا! إلا أن يقع منه خطأ دون عمد، كأن يحصل منه إهمال أو استعجال، مثل أن يرمي طيرا فيقع في مؤمن، أو أن يكون سائرا بسرعة، أو مهملا وغافلا فيقع في قتل مؤمن، أما القتل العمد، فهذا العمل لا يصدر عن المؤمن أبدا؛ لأنه مما ينافي إيمانه بالله، واتباعه لشريعة الله، وقال [: « الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن « رواه أحمد وأبوداود.
والفتك: هو القتل غفلة وخديعة والاغتيال، فالمؤمن لا يفعل ذلك.
ولكن القتل من الكبائر، وأئمة أهل السنة والجماعة متفقون على أن كل الكبائر لا تخرج الإنسان من حد الإيمان والإسلام، فلا توجد كبيرة ولا ذنب إذا فعلها الإنسان يكون كافرا بالله تعالى، إلا إذا استحلها، وإلا الشرك بالله بأنواعه وصوره، والكفر بالله بأنواعه وصوره، وأما ما كان دون الشرك والكفر، فقد قال سبحانه تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (النساء: 48).
فما دون الشرك، فإن الله سبحانه وتعالى يغفره للعباد، وخالف في ذلك الخوارج والمعتزلة، فقد أخرجوا الإنسان من الإيمان والإسلام بذنوبه، فالخوارج والمعتزلة يقولون: إذا سرق العبد كفر ! وإذا زنى كفر ! وإذا شرب الخمر كفر! وهكذا.
وهذا طبعا خلاف الأدلة الكثيرة التي وردت في كتاب الله تبارك وتعالى، وفي سنة رسوله [، ومن أظهر وأوضح الأدلة على عدم كفر القاتل: أن أولياء الدم إذا عفوا عن القاتل، ورضوا بالدية، سقط القصاص عن القاتل، فلو كان القتل كفرا على كل حال لكان يجب قتله على كل حال، ولا يقبل منه عفو.
ومن الأدلة أيضا: أن الله سبحانه وتعالى سمى القتيل أخا للقاتل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: 178).
وأيضا: شارب الخمر يجلد ويترك، فلو كان شرب الخمر كفرا، لكان يجب أن يقتل على كل حال ! وكذلك السارق تقطع يده ويترك، ولو كان كافرا لكان يجب أن يقتل. وهذه بعض الأدلة من الأدلة الكثيرة، من كتاب الله تبارك وتعالى، والتي ذكرها أهل العلم ردّا على الخوارج والمعتزلة.
وقال الإمام المحقق شمس الدين ابن القيم رحمه الله في «المدارج»، بعد أن ذكر تأويلات الأئمة وانتقدها، قال: وقالت فرقة إن هذه النصوص وأمثالها مما ذكر فيه المقتضي للعقوبة، ولا يلزم من وجود مقتضي الحكم وجوده، فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، وغاية هذه النصوص الإعلام بأن كذا سبب للعقوبة، ومقتضى لها.
أي: إن الله سبحانه وتعالى ذكر أن ذنب القتل يقتضي دخول النار، والخلود فيها واللعنة والغضب، لكن هذا المقتضي قد يكون له موانع، وقد قام الدليل على ذكر الموانع، بعضها بالإجماع وبعضها بالنص، فالتوبة مانع من العقوبة بالإجماع، والتوحيد مانع بالنصوص المتواترة من الخلود في النار، والحسنات العظيمة الماحية مانعة، وكذا المصائب مكفرة، وإقامة الحدود في الدنيا مانع بالنص، ولا سبيل إلى تعطيل هذه النصوص، فلا بد من إعمال النصوص من الجانبين، ولا بد من الموازنة بين الحسنات والسيئات، واعتبار مقتضي العقاب ومانعه، وإعمال الأرجح منها.
قالوا: وعلى هذا المنوال بناء مصالح الدارين ومفاسدهما، أي: على هذا النهج الذي هو الموازنة بين الحسنات والسيئات، والنظر لمقتضي العقوبة والمانع منها، بناء مصالح الدارين، دار الدنيا والآخرة، وعلى هذا أيضا بناء الأحكام الشرعية، فالأحكام الشرعية مبنية على هذا، على الموازنة بين الحسنات والسيئات، والمصالح والمفاسد، وهكذا الأحكام القدرية التي يجري بها قدر الله سبحانه وتعالى، وهي مقتضى الحكمة السارية في الوجود، وفيه ارتباط الأسباب ومسبباتها خلقا وأمرا.
ثم قال: « وقد جعل الله سبحانه لكل ضدٍ ضداً يدافعه ويقاومه، ويكون الحكم للأغلب منهما، فالقوة مقتضية للصحة والعافية، وفساد الأخلاق وبغيها، مانعٌ من عمل الطبيعة وفعل القوة والحكم للغالب منهما، وكذلك قوى الأدوية والأمراض، والعبد يكون فيه مقتض للصحة ومقتض للعطب، وأحدهما يمنع كمال تأثير الآخر ويقاومه؛ فإذا ترجح عليه وقهره، كان التأثير له.
ومن هنا يُعلم انقسام الخلق: إلى من يدخل الجنة ولا يدخل النار، وعكسه: من يدخل النار ولا يدخل الجنة، ومن يدخل النار ثم يخرج منها، ويكون مكثه فيها بحسب ما فيه من مقتضى المكث، في سرعة الخروج وبطئه، ومن له بصيرة منوّرة يرى بها كل ما أخبر الله به في كتابه، من أمر المعاد وتفاصيله، حتى كأنه يشاهده رأي العين، ويعلم أن هذا مقتضى إلهيته سبحانه وربوبيته، وعزّته وحكمته، وأنه مستحيلٌ عليه خلاف ذلك، ونسبة ذلك إليه، نسبة ما لا يليق به إليه، فيكون ذلك إلى بصيرته كنسبة الشمس والنجوم إلى بصره، وهذا يقين الإيمان، وهو الذي يحرق السيئات كما تحرق النار الحطب، وصاحب هذا المقام من الإيمان، يستحيل إصراره على السيئات، وإن وقعت منه وكثرت، فإن ما معه من نور الإيمان، يأمره بتجديد التوبة كل وقت بالرجوع إلى الله في عدد أنفاسه. وهذا من أحب الخلق إلى الله» انتهى كلامه وجزاه عن الإسلام خيرا.
فمقتضى الإيمان ولازمه: أن العبد لا يصر على الذنب وعلى الكبيرة، بل يتوب إلى الله سبحانه وتعالى في كل وقت وحين، بل يتوب إلى الله عز وجل عدد الأنفاس؛ لأن الإصرار على المعاصي مما يخالف الإيمان، وباب التوبة مفتوح، لم يغلق ولن يغلق، حتى تطلع الشمس من مغربها، وهذا الباب مفتوح لكل عاص، ولكل من قصد الدخول فيه، بل لو وقع في الشرك الذي هو أعظم الذنوب وأشدها، فإن التوبة تمحوه إذا تاب إلى الله توبة نصوحا قبل موته.
وكذلك لو دخل الإنسان في هذا الباب ثم خرج منه، يقبل منه أن يرجع إليه مرة أخرى، أي: من دخل في باب التوبة ثم خرج منه، بأن غلبته نفسه ورجع إلى الكبيرة مرة أخرى، فإنه إن تاب وندم بعدها ورجع، يقبل منه توبته.
ولو تكرر منه ذلك عشرات المرات، فكيف بما دون ذلك من المعاصي؟!
لكن قال أهل العلم بالنسبة لقاتل العمد: إنه لا بد له من الاعتراف بالنفس وتسليم نفسه للقصاص؛ لأن من توبته الصحيحة ردّ الحقوق إلى أصحابها، أما مجرد التوبة من القاتل عمدا وعزمه على ألا يعود إلى قتل أحد من دون اعتراف ولا تسليم نفس فهذا توبته فيها نقص، ولا نقطع بقبولها، بل مرد أمره إلى الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، وهو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #11

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(11)

تعظيم قتل النفس المؤمنة

اعداد: الفرقان


الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2132. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلِـمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَان:ِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}.
الشرح: الباب العاشر: باب قوله تبارك وتعالى من سورة النساء أيضا، وهي الآية الثالثة بعد التسعين، قوله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء: 93).
وقد رواه الإمام مسلم في كتاب التفسير أيضا. والحديث عن سعيد بن جبير، وسعيد بن جبير هو الأسدي مولاهم الكوفي، ثقةٌ ثبت فقيه، أحد الأئمة في التفسير، ومن أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما المكثرين من الرواية عنه.
يقول: قلت لابن عباس: ألمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال لا، قال فتلوت عليه هذه الآية في الفرقان، وهي: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الفرقان: 68 – 70).
يعني أن الله سبحانه وتعالى أخبر في هذه الآيات أن من تاب إليه، تاب الله عليه؛ لأنه يقول: {إِلّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} فكيف تقول ليس له توبة؟!
قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا}. أي قال ابن عباس رضي الله عنهما ردّا عليه: هذه آية مكية، وسورة الفرقان سورة مكية نزلت بمكة، فنسختها آية مدنية، وهي الآية التي في سورة النساء: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} فهذه آية مدنيه نسخت هذه الآية المكية، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما هاهنا.
قال الإمام النووي رحمه الله: هذا هو المشهور عن ابن عباس - أي إنه كان يقول ليس لقاتل المؤمن توبة - وروي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة له؛ لقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً} (النساء: 110).
قال: وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين، ومن بعدهم - يعني أن لقاتل المؤمن توبة - قال: وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ، والتحذير من القتل، والتورية في المنع منه، وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس رضي الله عنهما أنه يخلّد، وإنما فيها أنه جزاؤه جهنم، ولا يلزم منه أنه يجازى، وقد سبق تقرير هذه المسألة وبيان معنى الآية في كتاب التوبة. انتهى.
فهذه الآية التي ذكرها ابن عباس من سورة النساء، وهي آية عامة، ومن سورة مدنية وهي قوله: {ومن يعمل سوءا...} أي: عملاً سيئا، وهي تعم جميع الذنوب والمعاصي والكبائر {أو يظلم نفسه} يعم جميع أنواع الظلم {ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} وعدٌ بالمغفرة لها جميعا إذا هو ندم وتاب واستغفر.
أما قوله: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء: 93).
فيخبر الله سبحانه وتعالى أن قاتل المؤمن متعمدا جزاؤه جهنم خالدا فيها، لكن ربنا سبحانه وتعالى قد يصرف عنه هذا العذاب بأشياء كثيرة، وبأعمال متعددة، وأعظمها التوحيد، ثم الأعمال الصالحات، والمصائب المكفرات، فيصرف الله سبحانه وتعالى الخلود عنه في نار جهنم بتلك الأمور، وللإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كلام جميل في هذه الآية، وبيان ما في هذا الوعيد الشديد الذي ذكره الله سبحانه وتعالى، في قاتل المؤمن، وأنه وعيد ترجف له القلوب، وتنصرع له الأفئدة، وينزجر منه أولو العقول، ولم يرد في شيء من الكبائر من الوعيد، أعظم من هذا الوعيد، فلم يرد في كتاب الله تبارك وتعالى تشديد ووعيد في ذنب من الذنوب مثل ذنب قتل المؤمن عمدا، فالله سبحانه وتعالى ذكر فيه خمسا من أنواع التشديدات: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} فهذه خمسة أنواع من التشديدات، الأول: أن جزاءه جهنم , الثاني: خالدا فيها. الثالث: غضب الله عليه، الرابع: لعنه الله، الخامس: أعد له عذابا عظيما، نسأل الله العافية من ذلك كله.
وهذه الآية أيضا: دليل على أن قاتل المؤمن ليس بمؤمن؛ لأن القتل ينافي الإيمان الصحيح، الإيمان الكامل التام، فالمؤمن حقا لا يمكن أن يقتل مؤمنا؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في الآية التي قبلها: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً} (النساء: 92).
أي لا يتصور أن المؤمن يقتل مؤمنا أبدا! إلا أن يقع منه خطأ دون عمد، كأن يحصل منه إهمال أو استعجال، مثل أن يرمي طيرا فيقع في مؤمن، أو أن يكون سائرا بسرعة، أو مهملا وغافلا فيقع في قتل مؤمن، أما القتل العمد، فهذا العمل لا يصدر عن المؤمن أبدا؛ لأنه مما ينافي إيمانه بالله، واتباعه لشريعة الله، وقال [: « الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن « رواه أحمد وأبوداود.
والفتك: هو القتل غفلة وخديعة والاغتيال، فالمؤمن لا يفعل ذلك.
ولكن القتل من الكبائر، وأئمة أهل السنة والجماعة متفقون على أن كل الكبائر لا تخرج الإنسان من حد الإيمان والإسلام، فلا توجد كبيرة ولا ذنب إذا فعلها الإنسان يكون كافرا بالله تعالى، إلا إذا استحلها، وإلا الشرك بالله بأنواعه وصوره، والكفر بالله بأنواعه وصوره، وأما ما كان دون الشرك والكفر، فقد قال سبحانه تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} (النساء: 48).
فما دون الشرك، فإن الله سبحانه وتعالى يغفره للعباد، وخالف في ذلك الخوارج والمعتزلة، فقد أخرجوا الإنسان من الإيمان والإسلام بذنوبه، فالخوارج والمعتزلة يقولون: إذا سرق العبد كفر ! وإذا زنى كفر ! وإذا شرب الخمر كفر! وهكذا.
وهذا طبعا خلاف الأدلة الكثيرة التي وردت في كتاب الله تبارك وتعالى، وفي سنة رسوله [، ومن أظهر وأوضح الأدلة على عدم كفر القاتل: أن أولياء الدم إذا عفوا عن القاتل، ورضوا بالدية، سقط القصاص عن القاتل، فلو كان القتل كفرا على كل حال لكان يجب قتله على كل حال، ولا يقبل منه عفو.
ومن الأدلة أيضا: أن الله سبحانه وتعالى سمى القتيل أخا للقاتل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: 178).
وأيضا: شارب الخمر يجلد ويترك، فلو كان شرب الخمر كفرا، لكان يجب أن يقتل على كل حال ! وكذلك السارق تقطع يده ويترك، ولو كان كافرا لكان يجب أن يقتل. وهذه بعض الأدلة من الأدلة الكثيرة، من كتاب الله تبارك وتعالى، والتي ذكرها أهل العلم ردّا على الخوارج والمعتزلة.
وقال الإمام المحقق شمس الدين ابن القيم رحمه الله في «المدارج»، بعد أن ذكر تأويلات الأئمة وانتقدها، قال: وقالت فرقة إن هذه النصوص وأمثالها مما ذكر فيه المقتضي للعقوبة، ولا يلزم من وجود مقتضي الحكم وجوده، فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، وغاية هذه النصوص الإعلام بأن كذا سبب للعقوبة، ومقتضى لها.
أي: إن الله سبحانه وتعالى ذكر أن ذنب القتل يقتضي دخول النار، والخلود فيها واللعنة والغضب، لكن هذا المقتضي قد يكون له موانع، وقد قام الدليل على ذكر الموانع، بعضها بالإجماع وبعضها بالنص، فالتوبة مانع من العقوبة بالإجماع، والتوحيد مانع بالنصوص المتواترة من الخلود في النار، والحسنات العظيمة الماحية مانعة، وكذا المصائب مكفرة، وإقامة الحدود في الدنيا مانع بالنص، ولا سبيل إلى تعطيل هذه النصوص، فلا بد من إعمال النصوص من الجانبين، ولا بد من الموازنة بين الحسنات والسيئات، واعتبار مقتضي العقاب ومانعه، وإعمال الأرجح منها.
قالوا: وعلى هذا المنوال بناء مصالح الدارين ومفاسدهما، أي: على هذا النهج الذي هو الموازنة بين الحسنات والسيئات، والنظر لمقتضي العقوبة والمانع منها، بناء مصالح الدارين، دار الدنيا والآخرة، وعلى هذا أيضا بناء الأحكام الشرعية، فالأحكام الشرعية مبنية على هذا، على الموازنة بين الحسنات والسيئات، والمصالح والمفاسد، وهكذا الأحكام القدرية التي يجري بها قدر الله سبحانه وتعالى، وهي مقتضى الحكمة السارية في الوجود، وفيه ارتباط الأسباب ومسبباتها خلقا وأمرا.
ثم قال: « وقد جعل الله سبحانه لكل ضدٍ ضداً يدافعه ويقاومه، ويكون الحكم للأغلب منهما، فالقوة مقتضية للصحة والعافية، وفساد الأخلاق وبغيها، مانعٌ من عمل الطبيعة وفعل القوة والحكم للغالب منهما، وكذلك قوى الأدوية والأمراض، والعبد يكون فيه مقتض للصحة ومقتض للعطب، وأحدهما يمنع كمال تأثير الآخر ويقاومه؛ فإذا ترجح عليه وقهره، كان التأثير له.
ومن هنا يُعلم انقسام الخلق: إلى من يدخل الجنة ولا يدخل النار، وعكسه: من يدخل النار ولا يدخل الجنة، ومن يدخل النار ثم يخرج منها، ويكون مكثه فيها بحسب ما فيه من مقتضى المكث، في سرعة الخروج وبطئه، ومن له بصيرة منوّرة يرى بها كل ما أخبر الله به في كتابه، من أمر المعاد وتفاصيله، حتى كأنه يشاهده رأي العين، ويعلم أن هذا مقتضى إلهيته سبحانه وربوبيته، وعزّته وحكمته، وأنه مستحيلٌ عليه خلاف ذلك، ونسبة ذلك إليه، نسبة ما لا يليق به إليه، فيكون ذلك إلى بصيرته كنسبة الشمس والنجوم إلى بصره، وهذا يقين الإيمان، وهو الذي يحرق السيئات كما تحرق النار الحطب، وصاحب هذا المقام من الإيمان، يستحيل إصراره على السيئات، وإن وقعت منه وكثرت، فإن ما معه من نور الإيمان، يأمره بتجديد التوبة كل وقت بالرجوع إلى الله في عدد أنفاسه. وهذا من أحب الخلق إلى الله» انتهى كلامه وجزاه عن الإسلام خيرا.
فمقتضى الإيمان ولازمه: أن العبد لا يصر على الذنب وعلى الكبيرة، بل يتوب إلى الله سبحانه وتعالى في كل وقت وحين، بل يتوب إلى الله عز وجل عدد الأنفاس؛ لأن الإصرار على المعاصي مما يخالف الإيمان، وباب التوبة مفتوح، لم يغلق ولن يغلق، حتى تطلع الشمس من مغربها، وهذا الباب مفتوح لكل عاص، ولكل من قصد الدخول فيه، بل لو وقع في الشرك الذي هو أعظم الذنوب وأشدها، فإن التوبة تمحوه إذا تاب إلى الله توبة نصوحا قبل موته.
وكذلك لو دخل الإنسان في هذا الباب ثم خرج منه، يقبل منه أن يرجع إليه مرة أخرى، أي: من دخل في باب التوبة ثم خرج منه، بأن غلبته نفسه ورجع إلى الكبيرة مرة أخرى، فإنه إن تاب وندم بعدها ورجع، يقبل منه توبته.
ولو تكرر منه ذلك عشرات المرات، فكيف بما دون ذلك من المعاصي؟!
لكن قال أهل العلم بالنسبة لقاتل العمد: إنه لا بد له من الاعتراف بالنفس وتسليم نفسه للقصاص؛ لأن من توبته الصحيحة ردّ الحقوق إلى أصحابها، أما مجرد التوبة من القاتل عمدا وعزمه على ألا يعود إلى قتل أحد من دون اعتراف ولا تسليم نفس فهذا توبته فيها نقص، ولا نقطع بقبولها، بل مرد أمره إلى الله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، وهو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-23-2024   #12

 
الصورة الرمزية رحيل

رحيل متواجد حالياً

 عضويتي » 1396
 انتسابي » Dec 2019
 آخر حضور » ()
جنسي  »  Female
آبدآعاتي » 8,112,932
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
мч ммѕ ~
MMS ~

رحيل متواجد حالياً

افتراضي

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(13)

-الصلـح بيـن الزوجيـن

اعداد: الفرقان



الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
باب في قوله تعالى: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}.
2134 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَلَعَلَّهُ أَلَّا يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا، وَتَكُونُ لَهَا صُحْبَةٌ وَوَلَدٌ، فَتَكْرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ شَأْنِي.
الشرح:
الباب الثاني عشر من كتاب التفسير من مختصر مسلم، هو في قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} (النساء: 128).
والحديث قد أخرجه مسلم في التفسير أيضا.
قوله: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} هذه الآية من سورة النساء وهي الآية الثامنة والعشرون بعد المائة.
وهي تذكر مسألة النشوز، والنشوز من جهة الزوج: هو الترفع على المرأة بترك مضاجعتها، أو التقصير في نفقاتها وحقوقها؛ لبغضها، أو لرغبته بغيرها، أما النشوز من جهة المرأة: فهو الترفع عن طاعة الزوج، والمعارضة لأوامره، أو عدم الرغبة في البقاء عنده.
والآية يقول الله فيها: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فلا جُناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلحاً والصلحُ خيرٌ وأحضرت الأنفس الشح وإن تُحسنوا وتَتقوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرا} (النساء: 128).
تقول عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وزوج النبي [ في قوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قالت: نزلت في المرأة تكون عند الرجل، فلعله ألا يستكثر منها، وتكون له صحبة وولد فتكره أن يفارقها فتقول له: أنت في حلّ من شأني.
قول عائشة رضي الله عنها: « إن هذه الآية نزلت في المرأة « إذا قال الراوي: هذه الآية نزلت في كذا وكذا، فهذا نص على سبب النزول، وأسباب النزول كما ذكرنا سابقا مما يعين على فهم الآية، وفهم معانيها بفهم قصتها وسبب نزولها.
قولها: «نزلت في المرأة تكون عند الرجل « تعني الزوجة تكون عند زوجها».
قولها: «فلعله ألا يستكثر منها» تعني: يرغب عنها، فلا يريد البقاء عندها أو البيات، وربما تكون قد بلغت من السن الكبر، فيريد أن يفارقها ليتزوج غيرها، فيحصل إعراض من الزوج عنها، وهو النشوز المذكور وهو الترفع والإعراض، فعند حصول ذلك، أرشد الله تعالى إلى الأحسن للزوجين، ولها خاصة، إذا كان لها صحبة مع زوجها، أو كان لها ولد منه تكره أن يحصل بينها وبينه الفراق، فتقول له: أنت في حلٍّ من شأني، يعني: إن أحببت أن تبيت عندي فحياك الله، وإن أحببت أن تبيت عند زوجتك الثانية أو الثالثة، فأنت مخير، فتسقط القسم الذي لها، وهو المبيت وتهب يومها أو تهب ليلتها لضرتها، أو تقول له: أنت في حلّ من النفقة، أنا أنفق على نفسي، أو أنا أتدبر أموري وشؤوني، فتُسقط نفقتها، أو بعض نفقتها، تقول مثلا أنت في حل من كسوتي، أو أنت في حل من إيجار بيتي، فتسقط بعض النفقة.
فقوله تعالى: {فلا جُناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلحاً والصلحُ خيرٌ} فإذا اصطلحا واتفقا على هذه الحال {فلا جُناح عليهما} أي: فلا مانع ولا بأس عليهما، لا بأس على الزوج، ولا بأس على الزوجة في التصالح على ذلك. وقوله: {فلا جناح} والجناح هو الإثم، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، لتبقى معه العشرة وتدوم الألفة، ويكون ذلك بطيب خاطر من الطرفين، وهو جائز في جميع القضايا، إلا إذا تضمن الصلح تحليلا لما حرم الله، أو تحريماً لما أحل الله، فإذا كان الصلح يتضمن شيئا حرمه الله تبارك وتعالى فلا صلح، وكذلك لو تضمن الصلح تحريم شيئا أباحه الله؛ لقوله [: « الصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صلحاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالا» رواه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجة.
وقد ورد في الصحيحين أيضا: أن هذه الآية إنما نزلت في أم المؤمنين سودة بنت زمعة زوج النبي [، فإنها لما كبرت خافت أن يفارقها النبي [ ويطلقها، فوهبت يومها لعائشة رضي الله عنها، فكان النبي [ يقسم لعائشة يومين: يومها، ويوم سودة.
وسودة بنت زمعة رضي الله عنها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم قديما بمكة بعد أن مات زوجها، وبعد خديجة وبعد زواجه بعائشة رضي الله عنهن، لكن لما تزوج النبي [ بعائشة لم يدخل عليها بمكة، وإنما دخل عليها بالمدينة لأنها كانت صغيرة.
فكانت سودة امرأة قد كبرت بالسن، ورضيت أن تهب يومها لعائشة؛ لأجل أن تبقى في مسمى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فتحشر يوم القيامة مع أزواج النبي [، فلأجل هذا الخير العظيم، رضيت أن تهب يومها لعائشة، وأن تتنازل عن بعض حقها، من أجل بقائها في ضمن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة.
فالصلح جائز بين المسلمين في جميع القضايا، فإذا حصلت بينك وبين أحد من الناس خصومه في حق من الحقوق، واتفقتما على أن تسقط أنت بعض حقك ويسقط هو بعض حقه ليحصل الاتفاق فلا مانع، لكن إذا كان الصلح يتضمن إباحة شيءٍ حرّمه الله، فهذا حرام لا يجوز، ولو اتفقا عليه؛ لأن الاتفاق على الأمر المحرم لا يجعله حلالا! ومثالاً على ذلك نقول: إن المتعاقدين بالربا متراضيان، فلماذا العقد فاسد وباطل؟ قلنا: لأنه تضمن محرما، ولو تراضيا على هذا العقد المحرم؛ فإن التراضي لا يحل الحرام، ولا يحرم الحلال، ومثله: حُلْوان الكاهن، ومهر البغي.
فالله سبحانه وتعالى أحلّ الصلح بين الرجل وامرأته، وذكر الله سبحانه وتعالى المقتضي لذلك ونبّه عليه بقوله: {والصلح خيرٌ}.
أي: يرشد الله سبحانه وتعالى إلى أن بقاء العقد مع حصول التقصير في بعض الحقوق خير للطرفين؛ لأن بقاء الزوجية عموماً فيه خير، ودوام كيان الأسرة المسلمة فيه خير للأولاد، وفيه خير للمجتمع عامة؛ ولهذا أباح الله سبحانه وتعالى مثل هذا الصلح ورغّب فيه، فقال تعالى: {والصلح خير}.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالصلح في مواضع أخرى من القرآن، فقال {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (الأنفال: 1).
ثم ذكر المانع من الصلح أحيانا، وهو الشح، الذي هو البخل مع الحرص، فقال: {َأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ} (النساء: 128).
فإذا شحّ كل واحد من الطرفين بحقه، لم يمكن الصلح، فالصلح إذاً لا يكون إلا بأن يتنازل أحد الطرفين عن شيء من حقه أو أن يتنازلا جميعا، أما أن يحرصا ويشحا جميعا بالحق الذي لهما، فلن يمكن الصلح، فالشح وهو البخل بالحق الذي له، أن يبخل بالحق الذي له فلا يتنازل عن شيء منه.
والشح أمر طبعي، فالنفوس مجبولة على الحرص، ومجبولة على حب الخير لنفسها كما قال تعالى {وإنه لحب الخير لشديد} (العاديات: 8 ) أي: كثير حب الخير لنفسه.
لكن الله سبحانه وتعالى يدعو عباده إلى السماحة، ويدعوهم إلى الكرم، والى التنازل عن الحقوق التي لهم، والقناعة ببعض الحق أحيانا، إذا كان في ذلك تحقيق مصلحة أكبر؛ إذ إنك لا يمكنك بكل حال أن تحصل على حقك كاملا وتاما، وفي كل الظروف، فلا بد إذاً أن تقنع وترضى أحيانا بأقل من حقك، من أجل حصول مصلحة أعظم ، كالتقريب بين المسلمين، والصلح بين المتخاصمين وهكذا.
وقوله تعالى: {وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (النساء: 128) أي: إذا أحسنتم في عبادة الخالق أولاً، وأحسنتم إلى المخلوق ثانيا - لأن الصلح نوع من الإحسان للغير، الذي يحبه الله سبحانه وتعالى ويرضاه - أي: إذا أحسنتم في هذا وهذا، فإن الله تبارك وتعالى يحفظ لكم ذلك، ويجزيكم عليه أتم الجزاء {فإن الله كان بما تعملون خبيرا} فلا تخافوا أن يضيع عليكم شيء من أعمالكم الصالحة وحسناتكم.








 توقيع : رحيل
 



 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فوائد وفرائد من مختصر صحيح البخاري للشيخ الألباني رحيل ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 15 04-27-2023 01:43 PM
شرح مختصر صحيح #البخاري (5) محمد #العريفي - من الحديث ( بنت الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 04-25-2023 10:29 AM
شرح مختصر صحيح البخاري (5) محمد العريفي بنت الشام ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 17 04-10-2023 11:46 AM
ورقة بن نوفل الحلقة 10 شرح مختصر صحيح البخاري مجنون بحبك ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 20 12-30-2022 05:38 PM
كتاب الطهارة من شرحه على صحيح مسلم المسمى: (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) Şøķåŕą ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 20 09-12-2022 09:17 AM

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


الساعة الآن 12:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2024, Trans. By Soft
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع