منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   قراءة بلاغية في سورة الماعون (1) (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=162502)

Şøķåŕą 03-11-2022 06:46 PM

قراءة بلاغية في سورة الماعون (1)
 
قراءة بلاغية في سورة الماعون (1)


سـورة الماعـون (1)

قال تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 1 - 7].



سورة الماعون سورةٌ مكيَّة، انتَظَمتِ التَّنبيه على أمراضٍ اجتماعيَّة خطيرة، كثيرًا ما تحدُث ولا يتنبَّه الناس إليها، وقد تضمَّنت الحديث عن صِنفَيْن موجودَيْن في المجتمع الإنساني: المكذِّبين بالدِّين، والمرائين بأعْمالهم، والاثنان محلُّ مَذمَّةٍ، وموطن مَنقَصة، يلزَمُ المسلمَ غير المكذِّب بالدِّين الابتِعادُ عنهما، ولا بُدَّ من أنْ يتَخفَّف المجتمعُ المسلم بأسْره من هذين النَّمَطَيْن المخذِّلَيْن، والفريقين الساقطين، غير أنهما مصدرَا التخلُّف والرَّجعيَّة.



بدأت السورة الكريمة بأسلوب الاستفهام الذي أداته الهمزة: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾، فهو إنشاءٌ غرَضُه التعجُّب والتشويق لمعرفة هذا المكذِّب بالدِّين، الجاحد بتعاليمه؛ أي: أجاءك مَن كذَّب الدِّين؟ وهل عرفت سُلوكيَّاته؟ هل أدرَكت صِفاته وأوْصافه؟ والعجَب في الجواب الذي لم يكنْ أحدٌ يتوقَّعه، فالمتوقَّع أنْ يُقال: الذي يُكذِّب بالدِّين هو الكافر الجاحد لوجود الله، المكابر عن الاعتِقاد الصحيح، الذي لا يُؤمِنُ بإلهٍ، ولا يقتَدِي برسولٍ، ولا يُصلِّي، ولا يصومُ، ولا يُزكِّي، ولا يحجُّ، ولكنْ جاء الجوابُ مفاجئًا بأنَّه ذلك الذي يُؤمِنُ بالله ورسوله، ولكنَّه يرتكبُ آثامًا اجتماعيَّة من دَعِّ اليتيم؛ أي: من دفعه بعُنْفٍ وشدَّة، وصَلَفٍ وقَسْوةٍ، وعدم الحضِّ على طَعام المسكين، والتغافُل عن الصلاة والسَّهو عنها، والمراءاة بالعمَل؛ انتظارًا لثَناء الناس، ومنْع الخيرِ والعَوْنِ عنهم، وكلُّها أمورٌ في الظاهر لا عَلاقةَ لها بقضيَّة الإيمان، ولكنْ عند التحقيق نرى أنها من أعمدة الإيمان، ورَكائز الإسلام وأساسيَّاته؛ بدليل أنَّ المضيِّع لها وُصِفَ في مَطلَعِها بأنَّه مُكذِّب بالدِّين.



والتعبير بـ(الذي) دُون ذِكر اسمه يأتي إمعانًا في احتقاره، كأنَّه غائبٌ مُبهَم لا وزْن له ولا قيمة، واستِخدام المضارع (يكذب) يُوحِي بأنَّ ذلك دَيْدَنُه وسُلوكُه، فشأنه التكذيب، ينتقلُ من تكذيبٍ إلى تكذيبٍ، ومن صَدٍّ إلى صَدٍّ، ثم إنَّ الفعل (يُكذِّب) متعدٍّ (نقول: كذبني زيد، وكذب فلان فلانًا)، أمَّا هنا فعُدِلَ عن التعدِّي إلى اللُّزوم، فهو يُكذِّب بالدِّين، ولا يُكذِّب الدِّين؛ حيث إنَّه انتقل من مرحلة تكذيب الدِّين إلى الصَّدِّ عنه، والتنفير منه، ودعاء الناس إلى عدَم اتِّباعه، والابتعاد عن أتْباعه، فقد أمسى داعيةً ولكنْ على أبواب جهنَّم، يَسْخَرُ من الدِّين، ومن دُعاته، ومن أوليائه، فلا يفتأ ينتقصُ منهم، ومن سُلوكهم، ومن دَعوتهم، ومن قيم الإسلام وتعاليم القُرآن.



والجواب المفاجئ غير المتوقَّع: ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾، الفاء هي الفصيحة؛ أي: إنْ أردت أنْ تقفَ على ذلك وتعرفَه، فهو الشَّخصُ الذي يُكذِّب بالدِّين، فهنا إيجازٌ بالحذف في جملة الشَّرط، استعجالاً لبيانه وتمييزه للناس، فيعرفونه، ويتجنَّبون فِعاله وصِفاته.



والإشارة إليه بـ(فذلك) بيانٌ لوُضوحه واشمِئزاز الناس منه وانتباذه، بحيث أمسى مَعزُولاً مُنفَرِدًا في حَياته بعيدًا عن الناس، والتعبير بـ(الذي) فيه تأكيدٌ لذلك وترشيحٌ، والمضارع "يدعُّ" بمعنى يدفعُ دفعًا شديدًا بعُنفٍ، وهو كنايةٌ عن صفةٍ، هي قسْوة القَلب وانعِدام الرَّأفة، والمضارع يُوضِّح أنَّ ذلك قد صارَ شأنًا له، ووصفًا يُعلَمُ به، وعملاً دائمًا يرتسمُ على وجهه، ويتَّضح على سُلوكه، و(أل) في ﴿ اليتيم ﴾ عهديَّة؛ أي: اليتيم المعهود يُتمه شرعًا، أو أنها جنسيَّة، فهو يدعُّ جنسَ اليتيم: طفلاً أو صبيًّا، أو يافعًا أو شابًّا، وهي تُؤكِّد قَساوةَ القلب، وافتقاده الرحمة التي يتمتَّع بها الأسوياء تجاه اليتامى، فهو بدل أنْ يمسَح رأس اليتيم، ويُطيِّب خاطره، إذ به يدفَعُه دفعًا حتى يرتطم بجدارٍ أو حائطٍ، أو يدفعه بعُنْفٍ، فيسقُط على الأرض قد مسَح وجهَه بها فتعفَّر، وسال دمُه وبُكاؤه، فهو منظرٌ غاية في القسوة، ولعلَّ التعبيرَ بالجملةِ الاسميَّة هنا يُرشِّح ثُبوتَ تلك الصِّفة في هذا الشَّخص القاسي الذي نفَى عنه القُرآن وصْف الإيمان، وألصَق به إلى غير عودة وصْف التكذيب والجحود بالدِّين وتعاليمه ورقَّته.

عواد الهران 03-11-2022 06:49 PM

بارك الله فيك

جزاك الله خير الجزاء,

والتميز بكمن بما نستفيد ونفيد,

وقمة التفاعل:

بالرد عليكم ,وتلقي ردودكم الكريمه.

نزف القلم 03-12-2022 03:48 AM

جزاك الله خير ونفع بك .‘
وجعله في موآزين حسنآتك ..
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم ..‘
لا حرمنآالله توآجدك ..
نزف القلم

- سمَـا. 03-12-2022 10:48 AM

-










اسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
وَ يجعل الفردوس الأعلى سكنك
تقديري.

بنت الشام 03-12-2022 04:19 PM

جزاك الله خير
وجعله في موازين حسناتك

إيلين 03-13-2022 03:02 PM


-





رآئـــ عٌ ..
موضوع مميز وجميل
أبدعت .. واتقنت الإختيــآر
دمـــتِ لنآ .. ودآم كل جديد لك ..


الساعة الآن 08:16 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع