![]() |
هل كان الإسلام ثورة من الفقراء على الأغنياء؟
هل كان الإسلام ثورة من الفقراء على الأغنياء؟
ولكن ينبغي هنا لفت النظر إلى معلومة مهمَّة تأتي على عكس ما يعتقده الكثيرون، فمعظم قرَّاء السيرة يعتقدون أن غالبية المسلمين الأوائل كانوا من الفقراء البسطاء؛ ولكن عندما رجعت إلى قائمة السبعين الأوائل التي ذكرتها آنفًا وجدت أنه بالتحليل الدقيق لكل شخصية منهم، فإن الفقراء كانوا اثنين وعشرين فقط؛ بينما كان الأغنياء ثمانية وأربعين! أي أن الفقراء كانوا ثلاثين بالمائة تقريبًا من مجموع المسلمين، يعني ما يقرب من الثلث فقط! إنها إذن لم تكن ثورة من الفقراء على الأغنياء، كما يصور بعض الاشتراكيين من المسلمين، ليأخذوا سندًا شرعيًّا لاشتراكيتهم؛ فالوضع كان على خلاف ذلك تمامًا، فالواقع أن الأغنياء سعوا إلى هذا الدين الرائع، مضحِّين بثرواتهم، ومُعرِّضين أنفسهم للفقر الشديد، وليس أبلغ من الأمثلة الإسلامية الرائعة كأبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي كان من أغنى الأغنياء، ثمَّ أصبح لا يمتلك شيئًا بعد إسلامه، ومصعب بن عمير رضي الله عنه الذي كان من أغنى شباب مكة فأصبح من أشدها فقرًا وضنكًا وحاجة.. إنها لم تكن ثورة على الأغنياء، ولم يكن هناك أدنى فرق بين الغني والفقير. دعوة الإسلام ليست دعوة قومية ولم يكن هناك فرق كذلك بين العرب وغير العرب، وما ذنب مَنْ وُلِدَ هنا أو هناك، وما فضيلة مَنْ كان له والدان من قريش، أو مكة، على من وُلِد في إفريقيا أو غيرها، فالمهمُّ -كما ذكرنا- التقوى والأخلاق والكفاءة. إن دعوة الإسلام ليست دعوة قومية، حتى في هذه البيئة التي تفتخر جدًّا بعروبتها، فقد ضمَّت هذه الدعوة بلالاً الحبشي وصهيبًا الرومي، وستضمُّ مستقبلاً سلمان الفارسي، وسيدخل هذا الدين بعد ذلك كل العرقيات من فرس، ورومان، وسلاجقة، وأتراك، وأكراد.. وغيرهم، وقد ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته -وذلك في خطبة الوداع- بذكر قاعدة تُلَخِّص تقييمه للناس؛ فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى" [1]. ولم يكن هناك فرق مطلقًا بين الرجل والمرأة. تكريم المرأة ولا بُدَّ لنا من وقفة في غاية الأهمية، نتوجه بها إلى الذين يتهمون الإسلام أنه يظلم المرأة، فإنه ينبغي لهم مراجعة التاريخ، وقراءة قوانين الإسلام مرة أخرى؛ إننا نُريد أن نتخيل مدى الانقلاب الذي أحدثه الإسلام في حياة أهل مكة، وكيف نقل أهلها في يوم وليلة من رجال يستحقرون النساء، ويستصغرون شأنهن، ويهمشون أدوارهن، ولا يعطونهن أدنى حقوقهن، ولا حتى شيئًا من الميراث؛ بل يرث الرجل زوجة أبيه نفسها إذا مات، وكأنها متاع بلا روح، ومن رجال يئدون بناتهم ويبتئسون لولادتهن، إلى وضع جديد تُدْعى فيه نساء مكة إلى الإسلام كما يُدعى الرجال؛ حتى أصبح ما يقرب من ثلث الرعيل الأول من النساء؛ فقد وصل عدد النساء إلى إحدى وعشرين امرأة من أصل سبعين مسلمًا! لقد وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة الحرجة من الدعوة، وفي ظل هذا التكتم الشامل، والسرية التامة، يُعظِّم جدًّا من قيمة النساء، ومن قيمة عقولهن، ويثق في إدراكهن لخطورة الموقف، ويعلم عن يقين احتياج الدعوة لهن، ليقفن عونًا لأزواجهن المسلمين، وليُرَبِّين أبناءهن على الإسلام، وليقمن بالدعوة في أوساط النساء، وليتحرَّكن بالدين كما يتحرَّك الرجال. لقد حدث كل هذا الانقلاب والتحول في يوم وليلة! وكان الفارق بين حياة الجاهلية بقوانينها الظالمة، وأحكامها الجائرة، وبين العدل المطلق الذي جاء به الإسلام مجرَّد لحظات، وكانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تطبيقًا عمليًّا لما نطق به حين قال: "إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ" [2]. عدم التفريق بين القبائل ولم يكن هناك فرق بين قبيلة وأخرى! وهذا -أيضًا- مستغرب جدًّا في هذا المجتمع القبلي، الذي طالما دارت فيه الحروب بين القبائل على أتفه الأسباب، فبعد تحكيم الإسلام في حياة معتنقيه إذا بالرجال من القبائل المختلفة يجتمعون معًا، ويضع بعضهم يده في يد الآخر، ويُؤَلِّف الله بين قلوبهم حتى يقفوا جميعًا صفًّا واحدًا في وجه غيرهم، وإن كانوا من قبائلهم نفسها. لقد رأينا في الرعيل الأول مسلمين من بني هاشم، وآخرين من بني مخزوم، وذلك على العداوة المشهورة بينهما، ورأينا مسلمين من كل بطون قريش؛ من بني تيم، وبني سهم، وبني أسد، وبني الحارث، وغيرهم، ورأينا مسلمين من قبائل غير قرشية؛ كبني سليم، وخزاعة، وبني تميم، وغيرها، وسنرى مستقبلاً من كل قبائل العرب؛ مِن أوسها، وخزرجها، وثقيفها، وغطفانها، وغيرها.. فكانت بذلك الدعوة الإسلامية إعلانًا لحقوق الإنسان أعظم ألف مرة من الإعلان الذي جاء بعد ذلك بثلاث عشر قرنًا من الزمان. كان هذا إعلانًا من رب العالمين، أن الناس جميعًا سواسية، فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الإعلان، وأنهى حياته في خطبة الوداع بالإعلان نفسه. |
جزاك الله خيرا
|
جزاك الله خير
الله يعطيك العـــــآآفية طرح الاكثر من رائع ’، ربي يحفظك و يرعاك ودي مع تحيااااتي لك لاعدمناك * |
يعطيك العافيه على الطرح القيم
جعله الله في مواازين حسناتك |
جلب راقي وانتقاء مميز بوركت جهودك المثمرة ولا حرمنا عطائك ودي .. |
جزاكى المولى الجنه وكتب الله لكى اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات وجعله المولى شاهداً لكى لا عليكى لاعدمنا روعتكِ |
الساعة الآن 05:06 PM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع