![]() |
تفسير سورة آل عمران (الآيات 100 : 101)
تفسير سورة آل عمران (الآيات 100 : 101)
قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران:100، 101]. للقرآن الكريم تأثير خاص في تكوين الأخلاق وتثبيت العقائد وتربية الملكات... لذلك وَكَلَ المسلمون في صدر إسلامهم إليه وحده, تربية أخلاقهم وتكوين معالم دينهم وتنظيم عقائدهم وأدركوا استحالة قيام غيره مقامه في تربية النفوس وتكوين النـزعات... فأبوا أن يأخذوا عقائدهم وأخلاقهم وتعاليم دينهم ودنياهم عن غيره كما أيقنوا أنه ليس في استطاعة بشر أن يؤلف كلاماً يحمل في كيانه تأثيراً يماثل تأثيره أو يدانيه. وبعد فأي مفسر يستطيع أن يأتي بكلام يؤثر في نفس السامع تأثير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمنوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا من الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ... ﴾ [آل عمران: 100] الآية؟ لقد خاطب الله المؤمنين تعظيماً لهم وتكريماً وإسعاداً لهم وتشريفاً وإظهاراً لرفعة شأنهم وعلو منـزلتهم بأنهم هم وحدهم الذين يستحقون أن يخاطبهم الله ويكلمهم بعد أن أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطب أهل الكتاب تقريعاً لهم لصدهم عن سبيل الله بقول الزور وافترائهم على الله وعلى الناس المين والبهتان ومحاولتهم الوقيعة بين المسلمين بعد أن جمعهم الله بقوله: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 98، 99]. حذرهم سبحانه من الإغراء والتضليل ومحاولة الفساد بين الناس ثم حذر المؤمنين من الأخذ بأقوالهم والالتفات إلى تضليلهم وإغرائهم لما روي أن رجلاً يهودياً كان عظيم البغض للمسلمين شديد الحسد لهم مر على نفر من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم فغاظه صلاح ذات بينهم وقال في نفسه لقد اجتمع ملأ بني قيلة في هذه البلاد. وما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار وأمر شاباً من أتباعه كان جالساً معهم أن ينتهز فرصة يذكرهم فيها يوم (بغاث)[1] وما كان من ظفر الأوس فيه على الخزرج فتكلم الغلام وذكر ذلك اليوم وأنشد بعض ما قيل فيه من الشعر فتنازعوا واختصموا وقال بعضهم لبعض إن شئتم عدنا إلى مثلها ثم بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر فخرج فيمن معه من أصحابه الكرام فذاكرهم بما ألف الإسلام بين قلوبهم وجعلهم إخواناً متحابين وما زال بهم حتى بكى القوم وعانق بعضهم بعضاً واستغفروا الله جميعاً. فما كان يوم أقبح أولاً وأحسن آخراً من ذلك اليوم فأنـزل الله هذه الآية. هذا الخطاب وإن كان للأوس والخزرج على ما يقتضيه سبب النـزول فان عموم لفظ (آمنوا) يشمل جميع المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها لا سيما في عصر شغف فيه كثير من المسلمين بتقليد الأغيار والأخذ عنهم وإطاعتهم في كل ما يقولون, زد على ذلك أنهم أضحوا يزفون بأفلاذ أكبادهم إلى معاهدهم بحجة تلقي العلم فيرتدون والعياذ بالله بعد إيمانهم كفاراً غير مبالين بأضرار هذا العمل ونتائجه السيئة ولا ملتفتين إلى تعاليم هذا الكتاب الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديهن ولا من خلفه. وأما قوله تعالى: ﴿ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 100] لأن الكفر موجب للهلاك في الدارين ولما كان المسلمون يتلون القرآن وفيه الإرشاد والنصائح كانت حالهم داعية إلى تعجب المتعجبين فإنه لا يليق بهم التخاذل والانقسام بعد ما سمعوا من الحكم والأحكام لذلك أعقبه تعالى بقوله ﴿ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ ﴾ [آل عمران: 101] أي على أي حال يقع منكم الكفر (وأنتم تتلى عليكم آيات الله) الدالة على توحيده وثبوت نبوة نبيه صلى الله عليه وسلم (وفيكم رسوله) يعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من إحقاق الحق وإزهاق الباطل فلا ينبغي لكم أن تكفروا في سائر الأحوال لا سيما في هذه الحال التي يكون الكفر فيها أفظع منه في غيرها وليس المراد إنكار الواقع كما في قوله تعالى: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ﴾ [البقرة: 28] الآية؟ قال قتادة: ذكر الله في الآية أمرين يمنعان من الكفر احدهما تلاوة كتاب الله والثاني كون الرسول فيهم. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد انتقل إلى الرفيق الأعلى. وأما كتاب الله فباق على وجه الدهر. وأما قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 101] يتمسك بدينه[2] ويلجأ إليه فإنه من التجأ إلى الله كفاه شر ما يخافه فقد أخرج الحكيم الترمذي عن الزهري قال أوحى الله إلى داود عليه السلام, ما من عبد يعتصم بي من دون خلقي وتكيده السموات والأرض إلا جعلت له من ذلك مخرجاً, وما من عبد يعتصم بمخلوق من دوني إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأسخت الأرض من تحت قدميه. وأما قوله ﴿ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101] الطريق الموصل إلى السعادة في الدارين وإنما وصف سبحانه الصراط بالاستقامة للتصريح بالرد على الذين يبغونها عوجاً. ربنا اجعلنا من الذين ﴿ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]. المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الأولى، العدد الرابع، 1354ه |
جزاك الله خير
|
جزاك الله خيرا
وبارك فيـك علام الغيوب ونفـــس عنــك كـل مكــروب وثبـت قلبـك علـى دينـه إنــه مقلـب القلـوب دمت بحفظ الله ورعايته |
,,~
جَزآگ اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ..، جَعَلَ يومَگ نُوراً وَسُروراً وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً.. جَعَلَهُا آلله في مُوآزيَنَ آعمآلَگ دَآمَ لَنآعَطآئُگ.. دُمْت بــِطآعَة الله ..~ ,,~ |
سلمت آناملك لروعة طرحهآ..
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ.. |
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا عطائك لكـ خالص احترامي |
الساعة الآن 10:27 PM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع