![]() |
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاّ
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ (101).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها: لَمَّا بيَّنَ اللهُ تعالى في الآياتِ السَّالِفةِ أنَّ الإيمانَ لا يحصُلُ إلَّا بتَخليقِ الله تعالى ومَشيئتِه؛ أمَرَ بالنَّظَرِ والاستدلالِ في الدَّلائلِ حتى لا يُتَوهَّمَ أنَّ الحقَّ هو الجَبرُ المَحضُ (1) . وأيضًا لما تقرَّر ما مضَى مِن النَّهيِ عن الإصغاءِ إليهم في طلبِ الآياتِ، وختَم بتعليقِ الأمرِ بمجرَّد المشيئةِ، كان كأنَّه قِيل: فماذا يُقال لهم إذا طلَبوا (2) . قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. أي: قُلْ- يا مُحَمَّدُ- للمُشرِكينَ الذين يسألونَك الآياتِ: انظُروا ماذا في السَّمواتِ مِن الشَّمسِ والقَمَرِ والنُّجومِ والسَّحابِ، وفي الأرضِ مِن الجِبالِ والبِحارِ، والأنهارِ والأشجارِ، والثِّمارِ والدوابِّ وغيرِ ذلك من المخلوقاتِ الصَّغيرةِ والكبيرةِ، فتفَكَّروا فيها واعتَبِروا؛ فإنَّها دالَّةٌ على وحدانيَّةِ اللهِ في ربوبيَّتِه وألوهيَّتِه، وعلى كمالِ قُدرتِه وعظيمِ صِفاتِه، فتُغنيكم عن طلَبِ الآياتِ (3) . وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ. أي: وما تنفَعُ (4) الآياتُ السَّماويةُ والأرضيَّةُ، والرسلُ المُنذِرةُ (5) قومًا سبَقَ في علمِ اللهِ أنَّهم لا يُؤمِنونَ (6) . كما قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 57]. |
الفوائد التربوية:
قال الله تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أمَرَ تعالى بالفِكرِ فيما أودَعَه تعالى في السَّمَواتِ والأرضِ؛ إذ السَّبيلُ إلى مَعرِفتِه تعالى هو بالتفَكُّرِ في آياتِه ومخلوقاتِه (13) . قال الله تعالى: كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ هذا مِن دَفْعِه سبحانَه عن المُؤمِنينَ؛ فإنَّ اللهَ يُدافِعُ عن الذين آمنوا، فإنَّه بحسَبِ ما مع العبدِ مِن الإيمانِ تحصُلُ له النَّجاةُ مِن المكارِه (14) ، فمدارُ النَّجاةِ هو الإيمانُ (15) . الفوائد العلمية واللطائف: قَولُ الله تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عمَّم ما في السَّمواتِ والأرضِ؛ لتتوجَّهَ كُلُّ نَفسٍ إلى ما هو أقرَبُ إليها، وأيسَرُ استدلالًا عليه لَدَيها (16) . قَولُ اللهِ تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا أشار بأداةِ التَّراخي ثُمَّ إلى طولِ زَمانِ الابتلاءِ، وعظيمِ رُتبةِ التَّنجيةِ (17) . قَولُ الله تعالى: كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ فيه سؤالٌ: أنَّ قَولَه حَقًّا يقتضي الوجوبَ، واللهُ تعالى لا يجِبُ عليه شيءٌ! الجوابُ: أنَّ ذلك حقٌّ بحَسَبِ الوَعدِ والحُكم، لا أنَّه حَقٌّ بحسَبِ الاستحقاقِ (18) ؛ فالله سبحانه أحَقَّه على نفسِه بحُكمِ إحسانِه وفَضلِه ووَعدِه، لا هم أحَقُّوه عليه كالحَقِّ الذي لإنسانٍ على مَن له عنده يَدٌ، وكقوله أيضًا: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (19) . بلاغة الآيات: قولُه تعالى: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ قولُه: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ استفهامٌ فيه تقريرٌ وتَوعُّدٌ، وحضٌّ على الإيمانِ (20) . قولُه: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ وقَع الاستفهامُ بـ (هَلْ) لإفادَتِها تَحقيقَ السُّؤالِ، وهو باعتبارِ تحقيقِ المسؤولِ عنه، وأنَّه جديرٌ بالجوابِ بالتَّحقيقِ، وهو استفهامٌ تَهكُّميٌّ إنكاريٌّ، نُزِّلوا مَنزِلةَ مَن يَنتظِرون شَيئًا يَأتيهم لِيُؤمِنوا، وليس ثَمَّةَ شيءٌ يَصلُحُ لأنْ يَنتَظِروه إلَّا أن يَنتظِروا حُلولَ مِثلِ أيَّامِ الَّذين خلَوا مِن قَبلِهم الَّتي هلَكوا فيها، وضُمِّن الاستفهامُ مَعْنى النَّفيِ، والتَّقديرُ: فهل ينتَظِرون شيئًا؟ ما ينتَظِرون إلَّا مِثلَ أيَّامِ الَّذين خَلَوا مِن قبلِهم (21) . وقولُه: قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ قُلْ أمرٌ مُرادٌ منه التَّهديدُ، أي: انتَظِروا ما يَحِلُّ بكُم كما حَلَّ بمَن قَبلَكم مِن مُكذِّبي الرُّسُلِ (22) . وجملةُ: قُلْ فَانْتَظِرُوا مُفرَّعةٌ على جملةِ: فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ، وفُصِلَ بينَ المفرَّعِ والمفرَّعِ عليه بـقُلْ؛ لزيادةِ الاهتمامِ، ولِيَنتقِلَ مِن مُخاطَبةِ اللهِ رسولَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى مُخاطَبةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قومَه، وبهذا النَّسْجِ حصَل إيجازٌ بديعٌ؛ لأنَّه بالتَّفريعِ اعتُبِر ناشِئًا عن كلامِ اللهِ تعالى، فكأنَّ اللهَ بلَّغه النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ثمَّ أمَر النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأن يُبلِّغَه قومَه؛ فليس له فيه إلَّا التَّبليغُ، وهو يتَضمَّنُ وعْدَ اللهِ نبيَّه بأنَّه يَرى ما يَنتظِرُهم مِن العذابِ؛ فهو وعيدٌ، وهو يتَضمَّنُ النَّصرَ عليهم (23) . وجملةُ: إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ استئنافٌ بيانيٌّ ناشئٌ عن جملةِ: فَانْتَظِرُوا؛ لأنَّها تُثيرُ سُؤالَ سائلٍ يَقولُ: ها نحن أولاءِ نَنتظِرُ، وأنت ماذا تَفعَلُ؟ وهذا مُستعمَلٌ كنايةً عن تَرقُّبِه النَّصرَ؛ إذ لا يُظَنُّ به أنَّه يَنتظِرُ سوءًا؛ فتَعيَّن أنَّه يَنتظِرُ مِن ذلك ضِدَّ ما يَحصُلُ لهم، فالمعيَّةُ في أصلِ الانتظارِ، لا في الحاصلِ بالانتظارِ (24) . قوله تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ قولُه: ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا معطوفٌ على كلامٍ محذوفٍ، يَدُلُّ عليه قولُه: إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ، كأنَّه قيل: نُهلِكُ الأُممَ ثمَّ نُنجِّي رُسلَنا، على حكايةِ الأحوالِ الماضيةِ (25) ، وهذا التَّعبيرُ مِن أعجبِ إيجازِ القُرآنِ المُعجِز الذي انفرَدَ به في العَطفِ على محذوفٍ، وهو ذِكرُ شَيءٍ يدُلُّ دلالةً واضحةً على أمرٍ عامٍّ: كسُنَّةٍ اجتماعيَّةٍ تُستنبَطُ مِن قِصَّةٍ أو قِصَص واقعةٍ، ثم يأتي بجملةٍ مَعطوفةٍ لا يصِحُّ عَطفُها على ما قَبلَها من الجُمَل، فيتبادَرُ إلى الذِّهنِ وُجوبُ عَطفِها على ذلك الأمرِ العامِّ، بحرفِ العطفِ المُناسِب للمَقامِ، بحيث يُستَغنى به عن ذِكرِه، وتقديرُه هنا: تلك سُنَّتُنا في رسُلِنا مع قومِهم: يُبَلِّغونَهم الدَّعوةَ، ويُقيمونَ عليهم الحُجَّةَ، ويُنذِرونَهم سوءَ عاقبةِ الكُفرِ والتَّكذيبِ، فيؤمِنُ بعضٌ، ويُصِرُّ الآخرونَ، فنُهلِكُ المكَذِّبينَ، ثمَّ نُنَجِّي رسُلَنا والذين آمَنوا بهم، كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (26) . وفي صيغةِ الاستقبالِ نُنَجِّي لحكايةِ الأحوالِ الماضيةِ: تهويلٌ لأمرِها باستحضارِ صُوَرِها (27) . وقولُه: كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ تذييلٌ لما قبلَه مقرِّرٌ لمضمونِه، والمرادُ بالمؤمنين إمَّا الجنسُ المتناوِلُ للرُّسلِ عليهم السَّلامُ والأتباعِ، وإمَّا الأتباعُ فقط ولم يَذكُرْ إنجاءَ الرُّسلِ؛ إيذانًا بعدَمِ الحاجةِ إليه (28) . |
يع ــطيك الع ــآفية
ولآ ع ــدمنآ تميز انآملك الذهبية دمت ودآم بح ــر عطآئك بمآ يطرح متميزآ بنتظآر القآدم بشووق فلآ تح ــرمنآ من جديد تميزك لروح ــك بآقآت من الجوري |
-
جزاك الله كل خير .. |
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك :rose:
|
أختيااار أكـثر من رااائـع ’
وُجودك لـه وآقعٌ مُختلف / وكله تميز .. شُكراً تمتد عميقاً وتنتشي لك بالورد |
الساعة الآن 10:37 AM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع