منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شيئًا مما يحبه الله ليحبك الناس (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=155936)

سليدا 02-07-2022 05:14 PM

شيئًا مما يحبه الله ليحبك الناس
 
أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ﴾.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

ممَّا تَرغَبُهُ نَفسُ كُلِّ أَحَدٍ وَتَتَطَلَّعُ إِلَيهِ، أَن يَكُونَ مَحبُوبًا لَدَى الآخَرِينَ مَأنُوسًا بِهِ، غَيرَ مَكرُوهٍ وَلا مُجَانَبٍ وَلا مُستَوحَشٍ مِنهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ المَرءَ لا يُولَدُ مِن بَطنِ أُمِّهِ مَحبُوبًا أَو مَكرُوهًا، وَلَكِنَّهُ بِنَفسِهِ إِمَّا أَن يُمَارِسَ أَفعَالاً مَحمُودَةً وَيَتَحَلَّى بِصِفَاتٍ طَيِّبَةٍ، فَيَكُونَ قَرِيبًا مِنَ الآخَرِينَ وَيَدفَعَهُم إِلى حُبِّهِ وَالرَّغبَةِ فِيهِ، وَإِمَّا أن يَرتَكِبَ أَفعَالاً قَبِيحَةً وَيَتَلَبَّسَ بِصِفَاتٍ مَمقُوتَةٍ فَيُصبِحَ بَعِيدًا عَنهُم وَيَضطَرَّهُم إِلى كُرهِهِ وَالنُّفُورِ مِنهُ.



وَإِنَّهُ لا يَخفَى عَلَى عَاقِلٍ أَنَّ ثَمَّةَ صِفَاتٍ حَسَنَةً تُورِثُ مَحَبَّةَ النَّاسِ لِلمَرءِ، مِنهَا صِفَاتٌ وَرَدَ في الشَّرعِ الحَثُّ عَلَيهَا وَمَدحُ أَهلِهَا، وَالتَّحذِيرُ مِن أَضدَادِهَا وَذَمُّ مُرتَكِبِيهَا، وَأُخرَى اتَّفَقَت عَلَى حُسنِهَا العُقُولُ وَتَوَارَثَتهَا الأَجيَالُ وَرَغِبَت فِيهَا المُجتَمَعَاتُ، غَيرَ أَنَّ الفَارِقَ بَينَ إِنسَانٍ نَاجِحٍ في عِلاقَتِهِ بِالآخَرِينَ وَآخَرَ فَاشِلٍ في هَذَا المَجَالِ هُوَ التَّطبِيقُ، إِذْ إِنَّ تَطبِيقَ امرِئٍ لِكُلِّ مَا يَعلَمُهُ مِن خَيرٍ يَجعَلُهُ خَيِّرًا مَحبُوبًا، وَعَدَمَ تَطبِيقِ آخَرَ لِمَا يَعلَمُ وَإِصرَارَهُ عَلَى اتِّبَاعِ هَوَى نَفسِهِ وَسَيرَهُ على مَا يُملِيهِ عَلَيهِ شَيطَانُهُ، يَجعَلُ مِنهُ شَيطَانًا مَرِيدًا وَشَبَحًا مَمقُوتًا، لا يُحِبُّ النَّاسَ قُربَهُ وَلا يَأنَسُونَ بِمُجَالَسَتِهِ، وَلا يُطِيقُونَ مُقَابَلَتَهُ وَلا يَرتَاحُونَ لِلتَّعَامُلِ مَعَهُ، وَصَدَقَ اللهُ - تَعَالى - إِذْ قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ * كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ ﴾.



وَمَتى مَقَتَ اللهُ العَبدَ وَأَبعَدَهُ وَأَبغَضَهُ، فَلَن يَكُونَ في أَعيُنِ النَّاسِ كَبِيرًا وَهُوَ عِندَ اللهِ صَغِيرٌ حَقِيرٌ، ذَلِكُم أَنَّ اللهُ - تَعَالى - هُوَ الَّذِي يُعطِي وَيَمنَعُ، وَهُوَ الَّذِي يَخفِضُ وَيَرفَعُ، وَهُوَ الَّذِي يَجعَلُ لِمَن يَشَاءُ مَحَبَّةً في قُلُوبِ عِبَادِهِ وَمَوَدَّةً في صُدُورِهِم، وَيُبَغِّضُ إِلَيهِم مَن يَشَاءُ وَيُنَفِّرُهُم مِنهُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمَنُ وُدًّا ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ: إِني أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ. قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ ثم يُنَادِي في السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ، ثم يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرضِ. وَإِذَا أَبغَضَ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَيَقُولُ: إِني أُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضْهُ. فَيُبغِضُهُ جِبرِيلُ ثم يُنَادِي في أَهلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضُوهُ. قَالَ: فَيُبغِضُونَهُ. ثم يُوضَعُ لَهُ البَغَضَاءُ في الأَرضِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَوَّلاً وَقَبلَ أَن يُفَكِّرَ في مَحَبَّةِ النَّاسِ لَهُ، أَن يَتَحَبَّبَ إِلى رَبِّهِ - تَعَالى - بِطَاعَتِهِ وَحُسنِ عِبَادَتِهِ، وَالإِخبَاتِ إِلَيهِ وَالانكِسَارِ بَينَ يَدَيهِ، وَالعَمَلِ بِمَا يُحِبُّهُ - سُبحَانَهُ - وَتَركِ مَا يَكرَهُهُ وَيُبغِضُهُ، ثُمَّ يَحرِصَ عَلَى الاتِّصَافِ بما أُدِّبَ بِهِ المُؤمِنُونَ مِن آدَابٍ تَضبِطُ تَعَامُلَهُم مَعَ بَعضِهِم، مِنَ العَفوِ وَالتَّسَامُحِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهدِ وَالحَذَرِ مِنَ الخِيَانَةِ، وَالرِّفقِ بِالنَّاسِ وَالإِحسَانِ إِلَيهِم وَالعَدلِ في الحُكمِ عَلَيهِم، وَإِعطَائِهِم حُقُوقَهُم وَعَدَمِ الاعتِدَاءِ عَلَيهِم، وَالتَّوَاضُعِ وَالانبِسَاطِ لهم وَالتَّبَسُّمِ في وُجُوهِهِم، وَتَركِ التَّكَبُّرِ وَصِيَانَةِ اللِّسَانِ عَنِ الفُحشِ وَالسَّبِّ وَالتَّعيِيرِ، وَالسَّمَاحَةِ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ وَالأَخذِ وَالعَطَاءِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: " فَاعفُ عَنهُم وَاصفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِنْ حَكَمتَ فَاحكُمْ بَينَهُم بِالقِسطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ بَلَى مَن أَوفى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَالاً فَخُورًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخَائِنِينَ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ مِن قَائِلٍ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى - ﴿ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمشِ في الأَرضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ ﴾ وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَاليَ الأُمُورِ وَأَشرَافَهَا وَيَكرَهُ سَفسَافَهَا" رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ وَيُعطِي عَلَى الرِّفقِ مَا لا يُعطِي عَلَى العُنفِ وَمَا لا يُعطِي عَلَى مَا سِوَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ سَمحَ البَيعِ سَمحَ الشِّرَاءِ سَمحَ القَضَاءِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ العُقُوقَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ فَاحِشٍ مُتَفَحِّشٍ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَسُبَّنَّ أَحدًا، وَلا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئًا وَلَو أَن تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنتَ مُنبَسِطٌ إِلَيهِ وَجهُكَ، إِنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعرُوفِ، وَارفَعْ إِزَارَكَ إِلى نِصفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيتَ فَإِلى الكَعبَينِ، وَإِيَّاكَ وَإِسبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المَخِيلَةِ، وَإِنِ امرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بما يَعلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بما تَعلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي ذَرِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - رَفَعَهُ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ ثَلاثَةً وَيُبغِضُ ثَلاثَةً " فَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ: قُلتُ: فَمَنِ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبغِضُهُم اللهُ ؟ قَالَ: " المُختَالُ الفَخُورُ، وَأَنتُم تَجِدُونَهُ في كِتَابِ اللهِ المُنَزَّلُ " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ وَالبَخِيلُ المَنَّانُ، وَالتَّاجِرُ أَوِ البَائِعُ الحَلاَّفُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَالنَّسائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا شَيءٌ أَثقَلُ في مِيزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيَامَةِ مِن خُلُقٍ حَسَنٍ، فَإِنَّ اللهَ - تَعَالى - يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ - تَعَالى - إِذَا أَنعَمَ عَلَى عَبدٍ نِعمَةً يُحِبُّ أَن يَرَى أَثَرَ النِّعمَةِ عَلَيهِ، وَيَكرَهُ البُؤسَ وَالتَّبَاؤُسَ، وَيُبغِضُ السَّائِلَ المُلحِفَ، وَيُحِبُّ الحَيِيَّ العَفِيفَ المُتَعَفِّفَ " أَخرَجَهُ البَيهَقِيُّ في الشُّعَبِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَحَلَّوا بما يُحِبُّهُ وَاحذَرُوا مَا يُبغِضُهُ، وَاجعَلُوا ذَلِكَ مَنهَجًا عَمَلِيًّا تَطبِيقِيًّا وَاقِعِيًّا، ومُمَارَسَاتٍ فِعلِيَّةً ظَاهِرَةً، تَحتَسِبُونَ الأَجرَ في الثَّبَاتِ عَلَيهَا وَإِنْ زَهِدَ فِيهَا مَن زَهِدَ أَو تَخَلَّى عَنهَا مَن تَخَلَّى، وَاعلَمُوا أَنَّ الأُمَّةَ الآنَ لا تَعِيشُ أَزمَةً كَمِثلِ فَقدِ القُدُوَاتِ الصَّالِحِينَ.



وَإِنَّهُ لَو تَحَدَّثَ النَّاسُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ في مَعَاني الفَضَائِلِ وَوَسَائِلِهَا، أَو وَضَعُوا في مَحَاسِنِ الأَخلاقِ مِئَاتِ الكُتُبِ، أَو أَقَامُوا لِذَلِكَ عَشَرَاتِ الدَّورَاتِ، ثُمَّ رَأَوا رَجُلاً فَاضِلاً بِأَصدَقِ مَعَاني الفَضِيلَةِ وَخَالَطُوهُ وَصَحِبُوهُ، لَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَحدَهُ أَكبَرَ مِن كُلِّ فَائِدَةٍ في كِتَابٍ أَو نَصِيحَةٍ عَلَى مِنبَرٍ أَو تَطبِيقٍ في دَورَةٍ. فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَجعَلْ مِن أَوَامِرِ دِينِنَا الحَنِيفِ وَنَوَاهِيهِ ضَابِطًا لأَخلاقِنَا وَمِيزَانًا لِمُعَامَلاتِنَا، وَلْنَكُنْ قُدوَةً حَسَنَةً لأَبنَائِنَا وَمَن حَولَنَا، وَلْنُرَبِّ عَلَى الخَيرِ مَن بَعدَنَا، فَإِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ، وَلْنُعَامِلِ النَّاسَ بِالحُسنى وَلْنَصبِرْ عَلَى أَذَاهُم وَإنْ أَخطَؤُوا ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ بَابٌ وَاسِعٌ مِن أَبوَابِ الجَنَّةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾.



الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.



أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

مِمَّا يَجعَلُ بَعضَ النَّاسِ يُخفِقُ في عِلاقَاتِهِ مَعَ النَّاسِ، فَيَعتَزِلُهُم وَيَبتَعِدُ عَن مُخَالَطَتِهِم، كَونُهُ ذَا قَلبٍ رَقِيقٍ وَشُعُورٍ مُرهَفٍ وَطَبعٍ حَسَّاسٍ، فَهُوَ لهذا لا يَصبِرُ عَلَى مَا قَد يَصدُرُ عَنهُم في حَقِّهِ، وَلَو أَنَّهُ صَبَرَ قَلِيلاً وَقَوَّى قَلبَهُ، لَعَلِمَ أَنَّهُ لا بُدَّ لِمُخَالِطِ النَّاسِ مِن نَوعٍ مِنَ الأَذَى، وَأَنَّهُ لا بُدَّ مِن تَجَرُّعِ مَرَارَةِ الصَّبرِ وَتَعوِيدِ النَّفسِ التَّحَمُّلَ، فَهَذَا هُوَ طَرِيقُ الخَيرِيَّةِ المَوصُوفِ بها المُؤمِنُ في قَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُؤمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم خَيرٌ مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِنَّ المَرءَ حِينَ يَعتَزِلُ النَّاسَ ظَانًّا أَنَّهُ أَطهَرُ مِنهُم رُوحًا أَو أَطيَبُ قَلبًا، أَو أَوسَعُ مِنهُم صَدرًا أَو أَرحَبُ نَفسًا، أَو أَزكَى عَقلاً أَو أَنضَجُ تَفكِيرًا، إِنَّهُ بِهَذَا لَن يَكُونَ قَد صَنَعَ في الحَيَاةِ شَيئًا كَبِيرًا، لا وَاللهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِهَذَا قَدِ اختَارَ لِنَفسِهِ الهُرُوبَ مِنَ الوَاقِعِ وَالعَيشَ عَلَى هَامِشِ الحَيَاةِ، في حِينِ أَنَّ العَظَمَةَ الحَقِيقِيَّةَ أَن يَفعَلَ كَمَا فَعَلَ نَبِيُّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، فَيُخَالِطَ النَّاسَ وَيُعَامِلَهُم بِأَخلاقِ العُظَمَاءِ، فَيَعفُوَ عَن مُسِيئِهِم وَيُسَامِحَ مُتَجَاوِزَهُم، وَيَعطِفَ عَلَى ضَعِيفِهِم وَيَجبُرَ مَكسُورَهُم، وَيُكمِلَ نَقصَهُم وَيُصَوِّبَ خَطَأَهُم، قَاصِدًا إِصلاحَهُم وَتَطهِيرَهُم وَتَعلِيمَهُمُ الخَيرَ، جَاعِلاً نُصبَ عَينَيهِ رَفعَ مُستَوَاهُم إِلى كُلِّ خُلُقٍ سَامٍ وَتَحَلِّيهِم بِكُلِّ قِيمَةٍ عُليَا.



وَإِنَّ هَذَا النَّوعَ مِنَ التَّوَاصُلِ مَعَ النَّاسِ سَهلٌ وَمُتَيَسِّرٌ وَللهِ الحَمدُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَبَسُّمٌ وَطَلاقَةُ وَجهٍ وَسَمَاحَةُ مُحَيَّا، وَإِلقَاءُ سَلامٍ وَبَذلُ نَدًى وَتَعَامُلٌ بِإِرِيحِيَّةٍ وَمَوَدَّةٍ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلا أُخبِرُكُم بِمَن تَحرُمُ عَلَيهِ النَّارُ ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " عَلَى كُلِّ هَينٍ لَينٍ قَرِيبٍ سَهلٍ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاحذَرُوا ممَّا بُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ، إِذْ جَمَعُوا إِلى عَدَمِ الاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الخَيرِ، مُطَالَبَتَهُمُ الآخَرِينَ أَن يَكُونُوا لَهُم كَمَا يُحِبُّونَ وَيَشتَهُونَ، مُكثِرِينَ مِنِ انتِقَادِهِم وَلَومِهِم، مُندَفِعَينَ في الاستِهزَاءِ بهم وَتَعيِيرِهِم، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ لِكُلِّ فَردٍ كِيَانًا مَستَقِلاًّ وَشَخصِيَّةً مُنفَرِدَةً، لا يَجُوزُ المِسَاسُ بها وَلا الإِسَاءَةُ إِلَيهَا أَوِ انتِقَاصُهَا دُونَ سَبَبٍ وَجِيهٍ، وَأَنَّ المَرءَ كَمَا يُدِينُ يُدَانُ، وَأَنَّ مَن يَزرَعُ الخَيرَ يَحصُدُهُ، وَمَن يَغرِسُ الشَّرَّ لا يَجني إِلاَّ أَمَرَّ الثِّمَارِ

Şøķåŕą 02-07-2022 06:28 PM

طرح قمه الروعه في والجمال
سلمت اناملك ويعطيك العافيه علي مجهودك
في أنتظار المزيد
من عطائك والمزيد ومواضيعك الرائعة والجميله
ودائما في إبداع مستمر

نور القمر 02-07-2022 06:34 PM

سلمت روحك على هذا الانتقاء المُلفت,
دآم لنا عطائك الجميل ودمت لنـآ ..
لك الشكر أبدًا وَ مددًا ..

سحابة شوق 02-07-2022 07:08 PM

سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..:64:
لك الود وباقة ورد ,,~ :570:

بنت الشام 02-07-2022 07:15 PM

طـرح رآئــع
سلمت آناملك ع الإنتقاء
لاحرمنا الله من عبير تواجدك وجديدك
دمت بسعادهـ بــحـجم السماء
لقلبك طوق آليآسمين ,,~

мя Зάмояч 02-07-2022 07:51 PM

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك


الساعة الآن 09:30 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع