![]() |
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم : الآية رقم 30 من سورة الشورى
تفسير الآية
ثم بين- سبحانه- أن ما يصيب الناس من بلاء إنما هو بسبب أعمالهم فقال: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. أى: وما أصابكم- أيها الناس- من بلاء، كمرض وخوف وفقر فإنما هو بسبب ما اكتسبتموه من ذنوب، وما اقترفتموه من خطايا، ويعفو- سبحانه- عن كثير من السيئات التي ارتكبتموها، فلا يحاسبكم عليها رحمة منه بكم. قال- تعالى- وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ. . . وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث والآثار منها ما رواه ابن أبى حاتم عن على بن أبى طالب- رضى الله عنه- قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله، وحدثنا بها رسول صلّى الله عليه وسلّم قال:وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وسأفسرها لك يا على: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا، فبما كسبت أيديكم، والله- تعالى- أحلم من أن يثنى عليه العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه» . » تفسير القرطبي: مضمون الآية قوله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير . قوله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت قرأ نافع وابن عامر ( بما كسبت ) بغير فاء . الباقون ( فبما ) بالفاء ، واختاره أبو عبيد ، وأبو حاتم للزيادة في الحرف والأجر . قال المهدوي : إن قدرت أن ( ما ) الموصولة جاز حذف الفاء وإثباتها ، والإثبات أحسن . وإن قدرتها التي للشرط لم يجز الحذف عند سيبويه ، وأجازه الأخفش واحتج بقوله تعالى : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون والمصيبة هنا الحدود على المعاصي ، قاله الحسن . وقال الضحاك : ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب ، قال الله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ثم قال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن ، ذكره ابن المبارك عن عبد العزيز بن أبي رواد . قال أبو عبيد : إنما هذا على الترك ، فأما الذي هو دائب في تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء . ومما يحقق ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره ، من ذلك حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : سمع قراءة رجل في المسجد فقال : ما له رحمه الله! لقد أذكرني آيات كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا . وقيل : ( ما ) بمعنى الذي ، والمعنى الذي أصابكم فيما مضى بما كسبت أيديكم . وقال علي - رضي الله عنه - : هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عز وجل . وإذا كان يكفر عني بالمصائب ويعفو عن كثير فما يبقى بعد كفارته وعفوه! وقد روي هذا المعنى مرفوعا عنه - رضي الله عنه - ، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم الآية : ( يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم . والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه ) . وقال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ولا نكبة حجر إلا بذنب ولما يعفو الله عنه أكثر . وقال الحسن : دخلنا على عمران بن حصين فقال رجل : لا بد أن أسألك عما أرى بك من الوجع ، فقال عمران : يا أخي لا تفعل! فوالله إني لأحب الوجع ومن أحبه كان أحب الناس إلى الله ، قال الله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير فهذا مما كسبت يدي ، وعفو ربي عما بقي أكثر . وقال مرة الهمداني : رأيت على ظهر كف شريح قرحة فقلت : يا أبا أمية ، ما هذا ؟ قال : هذا بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير . وقال ابن عون : إن محمد بن سيرين لما ركبه الدين اغتم لذلك فقال : إني لأعرف هذا الغم ، هذا بذنب أصبته منذ أربعين سنة . وقال أحمد بن أبي الحواري قيل لأبي سليمان الداراني : ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم ؟ فقال : لأنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم ، قال الله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وقال عكرمة : ما من نكبة أصابت عبدا فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليغفره له إلا بها أو لينال درجة لم يكن يوصله إليها إلا بها . وروي أن رجلا قال لموسى : يا موسى ، سل الله لي في حاجة يقضيها لي هو أعلم بها ، ففعل موسى ، فلما نزل إذ هو بالرجل قد مزق السبع لحمه وقتله ، فقال موسى : ما بال هذا يا رب ؟ فقال الله تبارك وتعالى له : ( يا موسى إنه سألني درجة علمت أنه لم يبلغها بعمله فأصبته بما ترى لأجعلها وسيلة له في نيل تلك الدرجة ) . فكان أبو سليمان الداراني إذا ذكر هذا الحديث يقول : سبحان من كان قادرا على أن ينيله تلك الدرجة بلا بلوى! ولكنه يفعل ما يشاء . قلت : ونظير هذه الآية في المعنى قوله تعالى : من يعمل سوءا يجز به وقد مضى القول فيه . قال علماؤنا : وهذا في حق المؤمنين ، فأما الكافر فعقوبته مؤخرة إلى الآخرة . وقيل : هذا خطاب للكفار ، وكان إذا أصابهم شر قالوا : هذا بشؤم محمد ، فرد عليهم وقال بل ذلك بشؤم كفركم . والأول أكثر وأظهر وأشهر . وقال ثابت البناني : إنه كان يقال ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا . ثم فيها قولان : أحدهما : أنها خاصة في البالغين أن تكون عقوبة لهم ، وفي الأطفال أن تكون مثوبة لهم . الثاني : أنها عقوبة عامة للبالغين في أنفسهم والأطفال في غيرهم من والد ووالدة . ويعفو عن كثير أي : عن كثير من المعاصي ألا يكون عليها حدود ، وهو مقتضى قول الحسن . وقيل : أي : يعفو عن كثير من العصاة ألا يعجل عليهم بالعقوبة . |
-
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير تقديري. |
جزاكم الله عنا كل خير تحيتي :em13: |
..
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى دمتي بحفظ الله |
جزاكى الله خير الجزاء جعل يومكِ نوراً وَسروراً وجبال من الحسنات تعآنقها بحورا جعلها الله فى ميزان اعمالكِ دام لنا عطائكِ |
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك وأسال الله لك التوفيق دائما وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة وأن يثبت الله أجرك |
الساعة الآن 06:10 AM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع