![]() |
و أما من أوتي كتابه بشماله ...
و أما من أوتي كتابه بشماله ...
و أما من أوتي كتابه بشماله ... { و أما من أوتي كتابه بشماله .. } الحاقة . و عرف أنه مؤاخذ بسيئاته ، و أن إلى العذاب مصيره ، فيقف في هذا المعرض الحافل الحاشد ، وقفة المتحسر الكسير الكئيب { فيقول : يا ليتني لم أوت كتابية ، و لم أدر ما حسابية ، يا ليتها كانت القاضية ، ما أغنى عني مالية ، هلك عني سلطانية } و هي وقفة طويلة ، وحسرة مديدة ، و نغمة يائسة ، و لهجة بائسة .. و السياق يطيل عرض هذه الوقفة حتى ليخيل إلى السامع أنها لا تنتهي إلى نهاية ، و أن هذا التفجع و التحسر سيمضي بلا غاية و هذا المشهد الحسير يطول و يطول في تنغيم و تفصيل و يتمنى ذلك البائس أن لو كانت هذه القارعة هي القاضية التي تنهي وجوده أصلاً فلا يعود بعدها شيئاً . فلا المال أغنى أو نفع ، و لا السلطان بقي أو دفع . { خذوه } . كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل ، و يبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب . { فغلوه } فيجعل الغل في عنقه . { ثم الجحيم صلوه. ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه } و ذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه فإذا انتهى الأمر نشرت أسبابه على الحشود . { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم و لا يحض على طعام المسكين } إنه قد خلا قلبه من الإيمان بالله .. فهو موات ، و هو خرب ، و هو بور ، وهو خلو من النور و هو مسخ من الكائنات لا يساوي الحيوان بل لا يساوي الجماد ، فهو مقطوع من الله . مقطوع من الوجود المؤمن بالله . و خلا قلبه من الرحمة بالعباد . فلم يستشعر قلبه ما يدعو إلى الاحتفال بأمر المسكين . و لم يحض على طعامه و هي خطوة وراء إطعامه . توحي بأن هناك واجبا اجتماعياً يتحاض عليه المؤمنون . وهو وثيق الصلة بالإيمان . { فليس له اليوم هاهنا حميم و لا طعام إلا من غسلين . لا يأكله إلا الخاطئون }. |
جزاك الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك
ورزقك جنةً عرضها السموات والأرض دمتِ برضى الله وحفظه ورعايته |
|