![]() |
اختلاف الفرق
اختلاف الفرق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فقد وردت النصوص الكثيرة التي تحث على الاجتماع، وتنهى عن الفرقة والاختلاف؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]، فبرَّأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، كما نهانا عن التفرق والاختلاف، فقال: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105]. ورى الإمام أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجه في سننهما من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ! بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ الْجَمَاعَةُ»[1]، وفي رواية: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»[2]. أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي، وروى البغوي في شرح السنة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قومًا يتدارَؤونَ، فَقالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِهَذَا، ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَإنَّمَا نَزَلَ كِتَابُ اللَّهِ ﮎ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَا تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعضٍ، فَمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَقُولُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ فَكِلُوهُ إِلىَ عَالِمِهِ»[3]. فهذه النصوص السابقة تدل على أمور: الأول: أن المقصود بالحديث السابق: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين، ما ذكره الشيخ صالح المقبلي، وهو أن الناس عامة وخاصة، فالعامة آخرهم كأولهم؛ كالنساء والعبيد والفلاحين والسوقة، ونحوهم ممن ليس من أمر الخاصة في شيء، فلا شك في براءة آخرهم من الابتداع كأولهم، «ثم خصص الخاصة إلى أقسام إلى آخر ما ذكر»[4]. قال الشيخ الألباني - رحمه الله - معلقًا على كلام الشيخ صالح المقبلي: إذا حققت جميع ما ذكرنا لك، لم يلزمك السؤال المحذور وهو الهلاك على معظم الأمة؛ لأن الأكثر عددًا هم العامة قديمًا وحديثًا، وكذلك الخاصة في الأعصار المتقدمة، ولعل القسمين الأوسطين، وكذا من خفت بدعته من الأول، تنقذهم رحمة ربك من النظام في سلك الابتداع بحسب المجازاة الأخروية، ورحمة ربك أوسع لكل مسلم، لكنا تكلمنا على مقتضى الحديث ومصداقه، وأن أفراد الفرق المبتدعة وإن كثرت الفرق، فلعله لا يكون مجموع أفرادهم جزءًا من ألف جزء من سائر المسلمين، فتأمل هذا تسلم من اعتقاد مناقضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة [5]. الثاني: أن الاختلاف يقع في ثلاثة أمور: الأول: الإيمان والتوحيد، فأهل السنة والجماعة يقولون: الإيمان قول وعمل واعتقاد، وأن أهله يتفاضلون في أعمالهم، وأن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فالإيمان الذي ينفع صاحبه هو الإيمان الخالص الذي لا يخالطه شرك ولا يناقضه كفرٌ؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، فمن عبد الله وعبد معه غيره، كمثل الذين يستغيثون بالأولياء والصالحين أو النذر لهم أو دعائهم من دون الله، فهذا الإيمان لا ينفعهم، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]. وكذلك فإن من شرط الإيمان الذي ينفع صاحبه ألا يناقضه كفر، فمن وقع في ناقض من نواقض الإسلام؛ كمن استهزأ بشيء من الدين أو ثوابه أو عقابه لم ينفعه إيمانه؛ قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 65، 66]. الثاني: العمل، والناس في العلم والعمل على ثلاثة أقسام: الأول: الذين يعملون بالعلم. والثاني: الذين يعلمون ولا يعملون. والثالث: الذين يعملون بلا علم. فالأول هم الذين أنعم الله عليهم من الصحابة والتابعين ومن اقتدى بهم وسلك طريقهم. والثاني هم اليهود ومن تابعهم. والثالث هم النصارى ومن شاكلهم، وقد ذكر الله هذه الأصناف في سورة الفاتحة فقال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]. وفي بعض المسائل الفقهية وأشهرها المذاهب الأربعة خلاف، وسبب الاختلاف أشياء كثيرة يعذر أصحابها ولا يهلك إلا المتعصبون، وإلا فإن أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم يرشدون الناس إلى الحق ويدعونهم إلى التمسك بما جاء في الكتاب والسنة. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
|
جزاك الله كل خير
لهذا الجلب الطيب نفع الله بك وجعله في موازين حسناتك كل التقدير |
،
:241: تَحية تلطفهآ قلوب طيبة ونقٌية آ‘لتميزٍ لآ يقفٌ عندْ أولْ خطوٍة إبدآعٌ بلْ يتعدآه في إستمرآرٍ آلعَطآءْ ووآصل فيٌ وضعٌ بصمـتك المميزة مِنْ هنآ أقدمٌ لكـ بآقـة وردْ ومحبـة وٍنحن دوٍمآ نترٍقبٌ آلمَزٍيدْ بفارغ الصبر مواضيعك الراقية |
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله الله في ميزان حسناتك دمت بحفظ المولى |
سلمت أنآملك ع هالطرح ..
الله يعطيك العافيه ولا تحرمنا جديدك ل أنفآسك بآقة ورد |
الساعة الآن 02:26 PM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع