منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (http://www.r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ (http://www.r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   مع اسم الله (الوكيل) (1 (http://www.r-eshq.com/vb/showthread.php?t=259971)

Şøķåŕą 05-04-2024 11:53 AM

مع اسم الله (الوكيل) (1
 
مع الله الوكيل (1)


الحمد لله الذي جمع قلوب المؤمنين على الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله إلى الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، فمن اتقى الله جعل له نورًا يفرق به بين ما يبغضه ويرضاه.



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



وبعد عباد الله:

نعيش وإياكم مع اسم من أسماء الله الحسنى، نعيش مع اسمٍ مبارك جميل، ومريح، اسم يملأ فؤادك طمأنينة وسكينة، ويبعث فيمن يتعبد الله به هدوء النفس.



إنه اسم الله الوكيل هذا الاسم للذين يُعانون من القلق والاكتئاب، ويخشون من المستقبل...



اسم الله الوكيل نحن بحاجة إليه هذه الأيام بالذات لنُعلّق الآمال بالله لا بغيره، لنفوض أمورنا إلى الله لا إلى غيره، لنعتمد عليه لا على غيره.



هذا الاسم للآباء والأمهات الذين يخشون على مستقبل أبنائهم وكيف سيكونون وماذا سيفعلون.



اسم الله الوكيل للذين يخافون من المستقبل المجهول. لكل من يبدأ مشروعًا، لكل من يخشى على رزقه، لكل من يستصعب أمرا.



هذا الاسم لأهل الحق الثابتين عليه وهم يرون أهل الباطل يرعدون ويزبدون بشائعاتهم بإعلامهم بكذبهم أن لا ييأسوا فمعهم الوكيل يفوضوا أمرهم إليه ويعتمدوا عليه ويستعينوا به جل وعلا.



عباد الله: ما معنى اسم الله الوكيل؟ معنى الوكيل أن تفعل كل ما تستطيع، ثم تقول لله بلسان حالك: «وكّلتك يارب»، فتنام وتستريح. ولكن الشرط هو أن تفعل كل ما تستطيع، أي أن تبذل كل مجهودك ثم تقول سلمت لك الأمر يا رب... توكلت عليك يا رب.



عباد الله: أوثق مقامات الموحدين، وأعلى درجات السالكين، ارفع صفات المؤمنين التوكل على الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].



لا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يرجون سواه لانهم يعلمون انه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.



هل نتوكل على الله حقًا؟ هل عندما نمر بمشكلة تؤرق حياتنا، وتتقطع بنا الأسباب، نقول توكلت على الله؟ هل نذهب إلى الوكيل؟ ما هي صلتك بالوكيل؟ هل أنت عميق الصلة بالوكيل؟ هل حياتك مرتبطة بمعنى التوكل؟ هل استشعار اسم الله الوكيل يملأ حياتك؟ فأنت خلقت ضعيفًا وفي أشد الاحتياج للوكيل.



فالتوكيل العام معناه أن توكل الشخص في كل تصرفات حياتك وكل مالك وحركاتك، والتوكيل الخاص يعني أن توكله في موضوع واحد، أي أنك لا تثق فيه إلا في موضوع معين. فعندما تذهب لتوكل أحدًا توكيل عام، فإن الموظف المسئول سيسألك: هل أنت متأكد؟... لماذا هذا السؤال؟ لأنه بهذا التوكيل سيتحكم في كل مالك وهو مسئول عن كل شيء... فتجيب نعم أنا أثق به، ومستعد أن أمضي على ذلك فأنا متأكد أنه لن يضيعني. هل تمضي وتوكله؟ ولله المثل الأعلى.



أما الله وله المثل الأعلى فهو الذي يعرض عليك أن تتخذه وكيله فهو القائل ﴿ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾، بشرط أن تؤدي كل ما عليك. ومن المعاني الجميلة في القرآن أن كل مرة يُذكر فيها اسم الله الوكيل أو التوكل يُذكر معها دلائل قدرة الله في ملكه وكونه كي يقول لك أنه سبحانه الخبير القدير فكيف لا نتوكل عليه؟! فالله يطمئنك فهو لا يمكن أن يضيعك إذا توكلت على المالك العظيم المهيمن.



أحد الزُّهاد من السلف الصالح صاحب معلّمه وشيخه ثلاثين سنة يطلب العلم منه، فيسأله معلّمه يومًا عمّا استفاده طيلة هذه الفترة، فيقول الزاهد: استفدت ثماني فوائد، هي ُزبدة الزُبْدة وخُلاصة الخلاصة، وهي ما أرجو فيها الخلاص والنجاة. وها أنا ـ أيها المسلمون ـ أعرضها لكم اليوم لأننا جميعًا باحثون عن الفائدة المنجية، وحريصون على النجاة والفلاح.



قال التلميذ الزاهد لمعلمه: أما الأولى: فإني نظرت إلى الخلق فرأيت لكلّ منهم محبوبًا ومعشوقًا يحبه ويعشقه، وبعض ذلك المحبوب يصاحبه إلى مرض الموت، وبعضه يصاحبه إلى شفير القبر، ثم يرجع كله ويتركه فريدًا وحيدًا، ولا يدخل معه في قبره منهم أحد، فتفكرت وقلت: أفضل محبوب للمرء ما يدخل معه في قبره ويؤنسه فيه، فما وجدته غير الأعمال الصالحة، فأخذتها محبوبةً لي، لتكون لي في قبري أنيسًا وسراجًا منيرًا.



وأما الثانية: فإني رأيت الخلق يقتدون أهواءهم، ويبادرون إلى مرادات أنفسهم، فتأملت قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 39]، وتيقنت أن القرآن حق صادق فبادرت إلى خلاف نفسي، وتشمّرت بمجاهدتها، وما متعتها بهواها، حتى ارتضت بطاعة الله تعالى وانقادت.



وأما الثالثة: فإني رأيت كلّ واحد من الناس يسعى في جمع حطام الدنيا، ثم يمسكه قابِضًا يده عليه، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96]، فبذلت محصولي من الدنيا لوجه الله تعالى، ففرّقته بين المساكين ليكون لي عند الله ذخرًا.



وأما الرابعة: فإني رأيت بعض الخلق يظن أن شرفه وعزَّه في كثرة الأقوام والعشائر فاعتز بهم، وزعم آخرون أنه في ثروة الأموال وكثرة الأولاد فافتخروا بها، وحسب بعضهم أن العز والشرف في غصب أموال الناس وظلمهم وسفك دمائهم، واعتقدت طائفة أنه في إتلاف المال وإسرافه وتبذيره، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، فاخترت التقوى، واعتقدت أن القرآن حق صادق، وظنهم وحسابهم باطل زائل.



وأما الخامسة: فإني رأيت الناس يذم بعضهم بعضًا، ويغتاب بعضهم بعضا، فوجدت أصل ذلك من الحسد في المال والجاه والعلم، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الزخرف: 32]، فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالى في الأزل، فما حسدت أحدًا ورضيت بقسمة الله تعالى.



وأما السادسة: فإني رأيت الناس يعادي بعضهم بعضًا لغرض وسبب، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾ [فاطر: 6]، فعلمت أنه لا يجوز عداوة أحدٍ غير الشيطان.



وأما السابعة: فإني رأيت كلّ أحد يسعى بجدّ، ويجتهد بمبالغة لطلب القوت والمعاش، بحيث يقع به في شبهة وحرام ويذلّ نفسه وينقص قدره، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، فعلمت أن رزقي على الله تعالى وقد ضمنه، فاشتغلت بعبادته، وقطعت طمعي عما سواه.



وأما الثامنة: فإني رأيت كلّ واحد معتمدًا على شيء مخلوق، بعضهم على الدينار والدرهم، وبعضهم على المال والملك، وبعضهم على الحرفة والصناعة، وبعضهم على مخلوق مثله، فتأملت في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، فتوكلت على الله وحده فهو حسبي ونعم الوكيل.



أيها الإخوة المؤمنون، التوكل على الله شعور ويقين بعظمة الله وربوبيته وهيمنته على الحياة والوجوه والأفلاك والأكوان، فكل ذلك محكوم بحوله وقوته سبحانه.



التوكل قطع القلب عن العلائق ورفض التعلّق بالخلائق وإعلان الافتقار إلى محول الأحوال ومقدر الأقدار لا إله إلا هو. إنه صدق اعتماد القلب على الله عزَّ وجلَّ في استجلاب المصالح ودفع المضار منه في أمور الدنيا والآخرة، فلا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد.



التوكل صدق وإيمان وسكينة واطمئنان، ثقة بالله وفي الله وأمل يصحب العمل وعزيمة لا ينطفئ وهجها مهما ترادفت المتاعب.



بالتوكل ترفع كبوات البؤس وتزجر نزوات الطمع، فلا يَكبح شَرَهَ الأغنياء ولا يَرفَع ذلّ الفقراء سوى التوكل الصادق على الحيّ الذي لا يموت، يقول سعيد بن جبير – رحمه الله-: «التوكل على الله جماع الإيمان».



أخي الحبيب:

تأمل في قوله تعالى: ﴿ لِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123] فغيب السموات والأرض بيده فاطمئن، وقوله تعالى: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إلّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 9].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا وأستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه, واشهد أن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الداعي إلى رضوانه وعلى آله وصحبه وجميع اخوانه.



وبعد: أخي الحبيب:

انظر إلى حلاوة هذه الآية: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ [الشعراء: 217-219]، فهو يقول لك لماذا تذهب إلى غيري وأنا موجود!! ليس معنى هذا أن تتقاعس فأنت تتحرك وتبذل وأنت تعلم أن الله هو الذي سيقضي لك الأمر. واستمع إلى هذه الآية ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]، فكيف تتوكل على الأموات وهو الذي لا يموت. وانظر إلى الآية الأخرى ﴿ ذََلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102].



عجبت لأربعة كيف يغفلون عن أربع: عجبت لمن أصابه ضر كيف يغفل عن قول الله: ﴿ إّني مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾[الأنبياء: 83]، والله ـ يقول بعدها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ﴾، وعجبت لمن أصابه غم كيف يغفل عن قول الله: ﴿ لاَّ إِلَـاهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظَّـالِمِينَ ﴾، والله ـ يقول بعدها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَـاهُ مِنَ الْغَمّ وَكَذلِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]، وعجبت لمن يخاف كيف يغفل عن قوله: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾، والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء ﴾ [آل عمران: 174]، وعجبت لمن يمكر به الناس كيف يغفل عن قوله تعالى: ﴿ وَأُفَوّضُ أمري إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44]، والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَوقَاهُ اللَّهُ سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوء الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45].



عبد الله: إذا توكلت على الله أنت أقوى الأقوياء، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟



و النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعلمنا أن من يقول صباح كل يوم «حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم»سبع مرات كفاه الله شأن هذا اليوم.



عباد الله: أكثروا من قول حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم × عندما أُلقي في النار.. قالها موسى × عندما قال له أصحابه: إنا لمدركون.



أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد غزوة أحد. بعد ما أصابهم من آلام ومصاعب، يعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن قريش تُعد العدة للعودة فيعلن أنه ذاهب للقائهم مع الصحابة وهم على هذه الحالة، فتبعث لهم قريش من يخوفهم ويقول لهم أن قريشا قد لبست جلود النمور، وجمعت العرب على حربهم فينطق الرسول والصحابة بـ «حسبنا الله و نعم الوكيل»، فرجع إلى قريش خائفا وهو يقول أن محمدًا وأصحابه يقولون كلامًا وسيأكلونكم أكلا، فنزلت بقية الآية:﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ يسُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾[آل عمران: 174].



علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا أن من يقول حين يخرج من بيته «بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله » يقول له الملك « هُديت وكُفيت ووُقيت»، فيقول شيطان لشيطان آخر: «ماذا نفعل برجل هُدي وكُفي ووُقي».



علّمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء نقوله عند النوم فعن البراء بن عازب -ا- قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» [أخرجه البخاري].



فحين يأوي المسلم إلى فراشه ويغمض عينيه وقد ودّع يومه واستقبل نومه، وإذ به يجدّد العهد مع الله، ويختم مسيرة يومه بالتسليم لمولاه وتفويض الأمر إليه والاعتصام به سبحانه إنه التسليم لله وحده واللجوءُ إليه، اللجوء لمن بيده النفع والضر والنصر والذل ﴿ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِراطٍ مّسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]، ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَـاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78].



أخي الحبيب: قبل أن تطرق أبواب المخلوقين اطرق باب الوكيل، كلّم الوكيل ناجي الوكيل ادع الوكيل، وسترى العجب العجاب.



إذا توكلت على الله خدمك أعداؤك، وإذا اعتددت بنفسك قد يتطاول عليك أبناؤك.



عباد الله: لُنعلم أبناءنا التوكل على الله وأن الفضل بيد الله وأن الخلق كلهم فقراء الله. أنظر إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يُعلّم ابن عباس وهو طفل صغير، يقول له: « احفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فأستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو أن الأمة اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف ».



أخي الحبيب: تأمل في أم موسى × وهي تخاف على وليدها من بطش فرعون الذي ذبح مئات الأطفال خوفًا على كرسي الملك.



فأوحى الله إلى أم موسى وحي الهام: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ في اليَمّ وَلاَ تخافي وَلاَ تحزني إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾.



إذ لولا توكلها على الله وثقته به لما ألقت ولدها وفلذة كبدها في تيار الماء تتلاعب به أمواجه، وينطلق به الموج إلى ما شاء الله، لكنه أصبح في اليمّ في حماية الملك جلّ وعلا ورعايته، وما كان جزاء هذه الثقة العظيمة؟ قال تعالى: ﴿ فرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُون ﴾[القصص: 7].



أيها المسلمون، إن للتوكل على الله آثارًا حميدة ولذة عجيبة لا يجدها إلا الخُلّص من عباد الله، وجدها إبراهيم × عندما ألقي في النار، فتوكل عليه فصارت بردًا وسلامًا، ووجدها يوسف × عندما ألقي في الجُبّ كما وجدها في السجن، ووجدها يونس × في بطن الحوت في ظلمات ثلاث، ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور، ووجدها رسول الله وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهم، ﴿ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، وسيجدها كل من أخلص لله، وآوى إليه يأسًا من كل من سواه، منقطعًا عن كل شبهة في قوة، قاصدًا باب الله دون الأبواب كلها.



لو استقرت هذه الحقيقة في قلب المسلم استقرارًا صحيحًا لصمد كالطود أمام الأحداث وأمام الأشخاص وأمام القوى والقيم والاعتبارات، ولو تضافر عليه الإنس والجن بكل ما يملكون من طائرات ودبابات وصواريخ وعابرات القارات، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [النحل: 40].



وها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو نائم تحت الشجرة عند عودته من غزوة ذات الرقاع، فيأتي أحد الكفار ويضع السيف في رقبته ويقول له: «يا مُحمد من يمنعك مني؟ »فيقول له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الله يمنعك مني»، فسقط السيف من يد الرجل، فأخذه الرسول ووضعه في رقبته وقال له: «وأنت من يمنعك مني»؟ فقال له: "يا مُحمد كن خير آخذ"، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "أتشهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله؟ "، قال: ”لا"، فقال له:”إذن لا تُعين علي أحدًا”، قال:”نعم"، فقال له: أذهب.



وها هو حماد بن مسلمة: كان يمر على بيت جارته الأرملة الفقيرة والجو مُمطر، فسمع صوتها وهي تقول: يا لطيف ألطف بنا، فأنتظر حتى انتهى المطر فطرق الباب وقال لها: «هذه عشرة دنانير اجعليها في حاجتك»، فإذا بالبنت اليتيمة تقول لها: يا أماه لما رفعت صوتك فجعلت حماد بيننا وبين الله؟ ”فأجابتها ”لم أرفع صوتي و لكن الوكيل أتى به».



هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.

روحي تبيك 05-04-2024 11:56 AM

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورلإيمان
أحترآمي لــ/سموك

البرنس مديح آل قطب 05-04-2024 11:58 AM


https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif


https://c.top4top.io/p_3046o7tw01.gif
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم
طرحكم جميل مميز بحق راق لي
طرحكم عشرة على عشرة دائماً
ننتظر منكم كل جديد ومميز
الشكر موصول لكم مداد
سلمت الانامل
كل الشكر لكم
لكم منا
باقات كليمانس
يسلمواااااااااااااااااا
https://g.top4top.io/p_3046lml1v1.jpg
القيصر العاشق:eq-32:
البــــ :hp2: مديح آل قطب :hp2: ــــــرنس:238:
https://c.top4top.io/p_3046m2ho41.gif
http://www.raaw9.com/up2/uploads/171295149942843.gif

كراميلا ❥ 05-04-2024 01:46 PM

جزاكم الله خيرا
بارك الله فيكم

نور القمر 05-04-2024 03:43 PM


طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

جوهرة القصيد 05-04-2024 04:03 PM

جَزآكـَ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـْ عَ آلطَرْحْ آلهآمْ
مَجْهودٌ وَآضِحْ وَعَطآءٌ دَآئِمْ


الساعة الآن 02:28 AM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع