![]() |
رصد الحدقة.. خالد سعد النجار
رصد الحدقة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد. * غزوة الحديبية وإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم قد تعلموا دروس العسكرية وفن إدارة المعارك في بدر وأحد والخندق، فإنهم تلقوا هنا درسا في السياسة والإعلام، والسياسة هي النظر السديد، ومعرفة الواقع، وطبائع الناس، واستشفاف المستقبل، والتي تقوم على القرار المناسب في الوقت المناسب، وعلى تحمل المكاره الآنية في سبيل ما يتوقع من المكاسب الآجلة، والتي تقوم على مواقف مستنبطة من الشرع وضمن ضوابطه، ومبنية على علم وتجربة، وليست السياسة التي يقرنها الناس بالكذب والدجل، والتصريحات الطنانة أو المتناقضة المبنية على الجهل والغوغائية والهذر والفوضى، يقول الإمام الطرطوشي: «ونحن وإن كنا نرغب عن الدهاء والمكر فإنا نرغب في الحيلة ونوصي بها، والاتساع في الحيلة مما تواصى به العقلاء قديما وحديثا، وأضعف الحيلة أنفع من كثير الشدة» السياسة الحقيقية هي التي تبتعد عن البطولات الفارغة التي لا تعمل شيئا بحجة أنه مستحيل. وهكذا نرى الزعماء الذين لا ضمير لهم يعرفون كيف تكون المزايدة السياسية لإغراء العامة، كما تبتعد السياسة عن مرض «السهولة» الذي وقع فيه المسلمون في معالجة قضية كبيرة مثل قضية فلسطين، فبدلا من أن يأخذوا للأمر أهبته، ويعلموا خطورة اليهود، ومن وراء اليهود، راحوا وبسذاجة سياسية يطلقون الشعارات التي توحي أن الأمر سهل فهؤلاء اليهود سنلقيهم في البحر !! وهذه دويلة لا قيمة لها.. وهؤلاء أصحاب النوايا الحسنة، أما المتآمرون فهم كثر. وقفات تربوية في فقه السيرة د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 157-158 * النقد الذاتي في غزوة أحد خاطب الله سبحانه وتعالى المؤمنين بخلجات نفوسهم، وصارحهم بما كان فيها من نوازع القوة والضعف، والإقدام والأحجام، فهي صورة إنسانية مؤمنة، قال تعالى: {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ}[آل عمران:122]، وقال تعالى: {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ}[آل عمران:152]، {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}[آل عمران:153]. فهل يمارس المسلمون بين كل فينة وأخرى هذا النقد لأنفسهم، ولماذا لم يتم النصر، ولماذا ينتقض البناء، ولماذا هذا الضعف، والبعد عن التمكين، وعن القيادة.. لابد من هذه الأسئلة، والبحث عن جواب لها، ولابد من المصارحة وعدم الغمغمة، ومحاولة تسويغ وتعليق الأخطاء على الغير. إن في المسلمين اليوم أمراضا كثيرة، ولو أنهم صارحوا أنفسهم وما هي هذه الأمراض فلربما تحسنت أحوالهم قليلا، وإن من أعظم هذه الأمراض الأثرة الفردية، والحزبية، وكثرة التفرق، فلم لا يصيبهم ما أصاب غيرهم، ولم لا يحصون ذنوبهم وأخطاءهم، ولا ينتظرون أن يأتيهم التمكين على طبق من فضة. وقفات تربوية في فقه السيرة د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 130 * استثمار النصر قام في العصر الحديث جهاد إسلامي، وجهود لتحرير الأوطان من تسلط الغربيين، وقامت حركات إسلامية وقدمت تضحيات غالية لاستئناف الحياة الإسلامية، ولكن أهل الباطل سرقوا هذه الجهود، واستغلوها لصالحهم، بل أتقنوا هذه الصنعة، فما إن تقترب الثمرة من المسلمين حتى يتقدم لها الانتهازيون العلمانيون، لتبدأ المفاوضات مع العدو، وتبدأ التنازلات وتتم الاتفاقيات المخزية، ويقع المسلمون تحت الأمر الواقع، وستكون المقاومة في مثل هذه الظروف أصعب لأن المسلمين سيقاتلون أناسا من بني جلدتم. هكذا وقع الأمر وجرت الأحداث في الجزائر والمغرب وفلسطين ومصر، وغيرها من الأقطار، ولم يستطع المسلمون استثمار جهودهم لصالح التمكين في الأرض، وإعلاء كلمة الله، فهل يبقى المسلمون كمن يمسك بقرني البقرة وغيرهم يحلبها؟! وقفات تربوية في فقه السيرة د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 111 * الحركة الإسلامية «إن مثل الحركة الإسلامية كمثل الماء المتدفق، إذا واجه صخرة في طريقه لا يضيع جهده في تحطيمها، بل ينعطف يميناً ويساراً حتى يترك الصخرة وراءه تعض أناملها من الغيظ» أبو الأعلى المودودي * ضوابط الجهاد يقول ابن تيمية: «وَدِينُ الْإِسْلَامِ: أَنْ يَكُونَ السَّيْفُ تَابِعًا لِلْكِتَابِ. فَإِذَا ظَهَرَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ السَّيْفُ تَابِعًا لِذَلِكَ كَانَ أَمْرُ الْإِسْلَامِ قَائِمًا.. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ فِيهِ تَقْصِيرٌ وَكَانَ السَّيْفُ تَارَةً يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَتَارَةً يُخَالِفُهُ: كَانَ دِينُ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ بِحَسَبِ ذَلِكَ» ويقول أيضا: «وَالْوَاجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي أُمُورِ الْجِهَادِ رأي أَهْلِ الدِّينِ الصَّحِيحِ الَّذِينَ لَهُمْ خِبْرَةٌ بِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الدُّنْيَا دُونَ الدِّينِ الَّذِينَ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ النَّظَرُ فِي ظَاهِرِ الدِّينِ فَلَا يُؤْخَذُ بِرَأْيِهِمْ وَلَا برأي أَهْلُ الدِّينِ الَّذِينَ لَا خِبْرَةَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا» فانظر إلى هذا الكلام السديد، وقارن بما وقع في هذا العصر من حركات جهادية لم يستشر فيها أهل الدين والخبرة فكانت نتائجها مؤسفة، فلا الدين نصروا ولا استعدوا الاستعداد الشرعي، ووفروا الدماء والأموال، وأمر الجهاد أمر عظيم لابد له من شروط، ومعرفة الواقع، ومعرفة ظروف الزمان والمكان، وتمايز الصفوف حتى يعرف الحق من الباطل، وينحاز أهل الحق لقياداتهم، وقد منع الله سبحانه وتعالى المسلمين في السنة السادسة من الهجرة من دخول مكة حتى لا يقع قتال فيقتل المسلم الذي يعيش بين ظهراني المشركين دون علم من المهاجمين {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [الفتح:25] والجهاد من جنس «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ولابد أن تكون المصالح المترتبة على قيامه أكثر من المفاسد، والجهاد كما هو مشتق لغويا من بذل الجهد واستفراغ الوسع لإعلاء كلمة الله وليس للقتل والقتال بلا نتائج لمصلحة الدين... والقوة إذا انطلقت دون ضوابط فمن الصعب تلافي آثارها السيئة وربما رجعت النفس إلى الهمجية والقوة المحضة، والتربية العالية هي التي تسمح بالاستمرار في الجهاد بعد الاندفاع الأول. وقفات تربوية في فقه السيرة د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 100-101-103 |
رصد الحدقة (2)
• خطط إجرامية أعلن البابا كليمنت الخامس (1305-1314) أن وجود مسلم على الأرض المسيحية يعتبر «إهانة لله».. وأن المسلمين في الممالك الأوروبية وكر الوباء متوهجة التلوث مصدر الطاعون العضال والجراثيم القذرة. وبهذا المنطلق أبادوا المسلمين في صقلية وجنوب إيطاليا في بداية القرن الرابع عشر، وعندما سقطت غرناطة دقت أجراس الكنائس في شتى أرجاء أوروبا ابتهاجا بالنصر المسيحي على الكفار، ثم لم تلبث محاكم التفتيش أن بدأت -وعلى مدى 300 سنة- بتخيير المسلمين بين الموت بأبشع الطرق أو التنصر أو الاستعباد أو الرحيل.. نفس المخطط ونفس الإجرام.. وما فشلوا في إنجازه منذ ألف عام ومنذ خمسمائة عام يعيدون الكرة الآن كي ينجحوا فيه. وعلى سبيل المثال فإن المؤامرة الأمريكية على السودان والعبث الإسرائيلي في أثيوبيا ليس إلا استمرارا لمخطط «دالبوكيرك» منذ خمسمائة عام، وهو أحد قواد حملاتهم الصليبية التي لم تنقطع قط، وكان المخطط يزمع تحويل مجرى نهر النيل ليحرم مصر من أراضيها الخصبة فيتم هلاكها وإخضاعها، وقد كتب إلى ملك البرتغال يستدعي صناعا مهرة ليقوموا بفتح ثغرة بين سلسلة التلال الصغيرة التي تجري بجانب النيل في الحبشة، ولكنه توفي سنة 1515ثم أحبط مواصلة الخطط في هذا الاتجاه انضمام مصر بالفتح إلى الدولة الإسلامية الكبرى منذ عام 1517 بل هي حرب على الإسلام د. محمد عباس نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص108-109 • إمبراطورية الشيطان ليس غريبا ذلك العرض الإسرائيلي الشيطاني بإنشاء مسخ لدوله اسمها فلسطين، لا تحمل من مقومات الدولة إلا اسمها، دوله بلا حدود متصلة، وبلا جيش، إلا ذلك الجيش الذي يحارب الأمة ويطارد المجاهدين، دوله بلا سماء، وحتى باطن الأرض لا تملكه، دوله بلا اقتصاد، يستنزف الإسرائيليون ثرواتها، لكي ينعموا بالرفاهية بينما يعيش أبناء البلاد حياة الخدم والرقيق، ويكون دور الحاكم فيها دور مروض العبيد، الذي لا تقدر قيمته إلا بقدر عدد العبيد الذين يستطيع أن يروضهم. ويكون دور المثقفين ورجال الإعلام وبعض الصحافيين هو دور القوادين الذين يزينون الخنوع والاستسلام للأمة، كما يزين القواد الزنا لبغي. يفصلون الأمة عن ثقافتها وحضارتها ودينها بدعاوى الحداثة والحضارة، وهم في ذلك الوضع المهيض يشبهون خادمة بئيسة، بل جارية وضيعة، تزداد قيمتها أمام قريناتها من الجواري كلما عن لسيدها أن يغتصبها، فاغتصاب مولاها شرف تتيه به على الأخريات، ودليل على أنها تحدثت وتحضرت. ليس غريبا ذلك العرض الإسرائيلي الوقح، لأنه هو بذاته الذي يمارس ضد الأمة الإسلامية كلها منذ خمسة قرون على الأقل، هو بذاته بنفس الوقاحة والبشاعة وكأنما فلسطين هي النموذج المصغر، والأمة الإسلامية هي النموذج الأكبر، وفيما عدا الحجم فالتطابق كامل؟ نهاية القرون الخمسة الأخيرة كانت اكتمال الانكسار لكن الصراع كان قد بدأ قبلها بكثير. بل هي حرب على الإسلام د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص103 • على حافة الهاوية نحن لسنا متخلفين في التصنيع وغيره من التقدم المادي وحسب، فربما يكون هذا أسهل الأمور، فتعلم التقنية الحديثة ليس بالأمر العسير، ولكننا متخلفون في الفكر السياسي عندما تختلط علينا الأمور ولا ندري عن الصالح والأصلح والسيئ والأسوأ، وعندما نفضل الاستبداد الذي يرعى مصالحنا الخاصة وأنانيتنا المفرطة، وعندما لم يعد باستطاعتنا التفريق بين الثوابت والمتغيرات فننساق إلى الجمود الذي يفقدنا الحيوية المطلوبة لمعالجة مشاكلنا خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص63 • حزب الفساد بعد أن سقطت أو ضعفت كثيرا الأحزاب العقائدية التي وجدت لها سوقا رائجة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، هذه الأحزاب التي كانت تناوئ الإسلام وتريد فرض فكرتها على الشعوب العربية كالشيوعية والاشتراكية (بأشكالها وألوانها المتعددة) والقومية بمعناه العنصري الضيق. بعد هذا الانحسار الذي أصابها لم يعد أمام مخططي سياسة محاربة الإسلام إلا أن يلجئوا إلى وسيلة أخرى تقف أمام موجة الرجوع إلى الدين، وسيلة رخيصة سهلة وهي نشر الفساد الخلقي بين صفوف الناس وبين الشباب والشابات خاصة. وهذا له وسائل كثيرة منها: تشجيع الغناء والمغنيين والرقص والراقصين، وإقامة الحفلات على المدرجات الكبيرة، وإنشاء المهرجانات التي تفتح وتبرر باسم الثقافة وتشجيع الفنون واللهو (البرئ)، فهذه الأمور تشغل الشباب والشابات عن التفكير في القضايا الجادة، سواء كانت ثقافية أو سياسية. ثم جاءت بعض القنوات الفضائية لتزيد الطين بلة، أو لتزيد في الطنبور نغما كما يقال. والذي يشاهد بعض هذه القنوات لا يستطيع إلا أن يجزم بأنها تسير ضمن مخطط واضح لإفساد الناس وإشغالهم بالتوافه. إن خطورة هذه القنوات ليس في إشاعة الفساد وحسب، ولكن هناك مخدر آخر يؤثر على المشاهدين سواء علمت القناة أم لم تعلم، وهو تشجيع أحلام اليقظة، فمن خلال المسلسلات أو الأخبار غير الدقيقة والتحليلات التي كثرت في هذه الأيام من أصحاب الخبرات الإستراتيجية !! يعيش المشاهد أحلاما وهمية، فيظن أن الواقع كما يشاهده على الشاشة. أصحاب (الأيدلوجيات) المنحصرة يشجعون هذا الفساد، فليس عندهم شيء يقدمونه للناس، والحقيقة أنهم لو كانوا أصحاب مبادئ لاحترموا الفكر الآخر، واعترفوا بالهزيمة وراجعوا أنفسهم، وفكروا مليا بالتحولات الواقعة، ونظروا للإسلام نظرة مجردة عن الهوى، فالإسلام دين يحرر الإنسان من قيود العبودية لغير الله، والإسلام لا يقيد حرية الإنسان التي يحتاجها في بحثه عن المعاني الصحيحة والاجتهاد فيما ينفع. إن استرقاق الإنسان لا يكتب له الدوام، ولابد أن ينتبه يوما للوسائل التي تحاول إخضاعه وتسخيره لشهوات فئة محدودة خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص58-59 |
رصد الحدقة (3)
• بين الدولة والحكومة الحكومات العربية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى نتيجة اتفاقيات أو تقسيمات المنتصر الأوروبي هذه الحكومات لم ترق إلى مفهوم الدولة أو الكيان السياسي الذي يمثل الأمة، الدولة التي تخطط للمستقبل وتهتم بالفرد والمجتمع وتحافظ على هوية الأمة، ولذلك فقد فشلت هذه الحكومات فشلا ذريعا لأن همها الأكبر كان في تقليد الغرب أو الشرق. وحتى هذا التقليد كان مبسترا ومشوها، لم يشعر المواطن بالانتماء الحقيقي لهذه الحكومات، فهي في واد والشعب في واد آخر، بل أصبح الطابع المميز للحياة السياسية هو طابع العداء والاحتيال المتبادلين بين الحكومة والمواطن، الحكومة تتربص بحياة المواطنين وأرزاقهم، والمواطنون يعتبرون الحكومة عدوا قاهرا يتربصون بها الدوائر، وربما يسطون على ممتلكاتها كلما تهافتت إلى الضعف وفقدت قوتها. الحكومات التي نبتت بعد الحرب العالمية الأولى لم تنفذ مفاهيم الدولة واستمرت حكومات ضعيفة تخشى من أي نبأة {يحسبون كل صحية عليهم} لأنها ابتعدت عن هوية الأمة وثقافتها، ولذلك كثرت الانقلابات العسكرية وكثرت الخيانات، فالجندي والضابط ليس عندهما كبير انتماء لهذه الحكومات، وتأتي أوقات أو ظروف لن يدافع عنها إذا تعرضت للمخاطر، بينما نجد دولة مثل ألمانيا لم يستطع تقسيمها القسري خلال خمسين عاما أن يباعد بين شرقيها وغربيها ورجعت موحدة خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 49-50 • الفرد الأوروبي يقول مالك بن نبي الذي عاش مدة طويلة في الغرب وتعمق في الاطلاع على ثقافة الغرب: «الفرد الأوروبي يحمل جراثيم الكبرياء لأنه يتلقاها منذ الطفولة، ويتكون فيه تصوره للعالم، فهو يعتقد أن التاريخ والحضارة يبتدئان في أثينا ويمران على روما ثم يختفيان فجأة لمدة ألف سنة ثم يظهران من جديد في باريس» في مهب الريح مالك بن نبي، 161 • الحديث عن الأقليات لماذا ظهر الآن؟ بالأمس القريب كان الجزائري يهاجر إلى دمشق فلا يجد نفسه غريبا، ولا يشعر أنه بين أناس لا يعرفهم، ويستقر هو وأسرته، ويكون من أولاده وذريته الوزراء والعلماء، ولا أحد من أهل دمشق يسأل: كيف يصل إلى هذا المنصب وهو ليس منا، جاءت أسرة (الكتاني) من المغرب واستقرت في دمشق وهي أسرة علمية معروفة، وفي الخمسينات من القرن الماضي كان رئيس جمعية العلماء في سورية الشيخ مكي الكتاني. وقد هاجر الشيخ محمد الخضر حسين من تونس واستقر في دمشق، وبعد احتلال فرنسا لسورية هاجر الشيخ إلى مصر وعمل هناك رئيسا لتحرير مجلة (لواء الإسلام) ثم أصبح شيخا للأزهر، ولم يخطر ببال أحد من أهل مصر أن يسأل: كيف يصبح تونسيا شيخا للأزهر. والشيخ رشيد رضا هاجر من طرابلس الشام إلى مصر، وأنشأ مجلة (المنار) وربما يظن بعض الناس أنه مصري لتوطنه في مصر المدة الطويلة وكما قال الشيخ البشير الإبراهيمي: «إن الغرب هو الذي خدرنا بالوطنيات الضيقة، فأصبح كل فريق قانعا بحجر الضب، ويناضل عنه بمثل سلاح الضب، وهيهات إذا مزقت الأطراف أن يحفظ القلب» خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 30-31 بتصرف • بين الأمس واليوم في بداية القرن العشرين كانت الدول الأوروبية في حالة هستيرية في التنافس على اقتسام العالم الإسلامي واحتلال ما يقدرون عليه في قارتي آسيا وإفريقيا، وكانت فرنسا قد احتلت المغرب العربي: الجزائر وتونس والمغرب، وكان من نصيب أسبانيا احتلال منطقة (الريف) وهو الجزء الشمالي المطل على البحر المتوسط، بعد أن أذنت لها بريطانيا في ذلك. لم يهنأ الأسبان باحتلالهم للريف، فقد ثار عليهم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتغلب عليهم في عدة معارك، وقامت فرنسا وقعدت لهذه الانتصارات الريفية، وهي لا تطيق استقلالا إسلاميا بجوارها وجوار الجزائر، ولذلك تحالفت مع أسبانيا للقضاء على الخطابي وحركة الجهاد التي قادها. وبعد سنوات من المقاومة لفرنسا وأسبانيا لم يستطع الريفيون الاستمرار لقلة العدد والعدة واستسلم بطل الريف حقنا للدماء، ونفته فرنسا إلى جزيرة من جزر المحيط الهندي. والملفت للنظر أن العالم الإسلامي بأجمعه تخلى عن مساعدة المقاومة الريفية، ولم يتلق الخطابي أي دعم يذكر، ويعلق الأمير شكيب أرسلان موضحا أسباب هذا الضعف والانهزامية والسلبية وترك إخوة يقومون بجهد يكاد أن يكون من الأساطير، يقول: «وكان من أسباب ذلك: 1- فشو الاعتقاد في تركيا ومصر وغيرها من البلاد العربية بأن وسم قضايانا بـ (الإسلامية) يضر بنا ويحفز الأوروبيين على التألب علينا، بينما لو أظهرنا على قضايانا على أنها (وطنية) أو (قومية) خالية من صبغة الدين لما وجدت أوروبا بأسا في إعطائنا الاستقلال، فهذه الدول والأحزاب المؤيدة لها يفرون من (الإسلامية) مراعاة لخواطر انكلترا وفرنسا، ولكن هذا لم يفدهم شيئا وخسروا الدين والدنيا. 2- كانت طبقة من يسمون أنفسهم بالمثقفين قد انبهرت بأوروبا، واعتبروا أن كل مقاومة لها لا تأتي إلا بالخسران، ويعتبرون موقفهم هذا من التعقل والحكمة» ليت الذين يخشون من (الإسلامية) ويتسترون بالشعارات الأخرى إرضاء للغرب، ليتهم يدركون أن الغرب يعرف أكثر مما يعرفون، ويعلم أن هوية هذه الأمة هي الإسلام ولو أن العلماء والمثقفون خاطبوا الغرب صراحة بالإسلامية لكان ذلك أقرب لحل كثير من المشاكل. وأما المثقفون الذين يدعون التعقل فهم أقل الناس إيمانا بالقيم التي يتكلمون عليها، وهم أكثر الناس جشعا للمال والموائد الفاخرة والثرثرة في المقاهي. خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 26-28 |
رصد الحدقة (4)
• مساوئ الديمقراطية يذكر الكاتب الصحفي «جورج ريمون» أن الإيرانيين في أوائل القرن الماضي كانوا يهتفون مطالبين بالدستور، وبعد ذلك يسأل بعضهم بعضا: ما معنى كلمة الدستور؟ وأخشى أن المرددين لمصطلح الديمقراطية في هذه الأيام، لا أقول لا يدركون معناها، ولكن هل يرون أن الديمقراطية (اليونانية- الأوربية) وبشتى أشكالها وألوانها يمكن أن تستورد دون نظر في محاسنها ومساوئها، ودون معرفة بأصولها وتطورها هل يمكن أن تزرع في أرضنا، يؤتى بها وبثقافتها المحيطة بها مثل فصل الدين عن الدولة ومثل الليبرالية والرأسمالية، أم يجب أن ينظر كل مجتمع وكل أمة فيما يناسبه من طرائق وطرق تمثيل الأمة. إن المعيار الذي تقوم عليه الديمقراطية هو العدد، فهي تقدم الكم على الكيف، وتقدم صندوق الاقتراع على صندوق الرأس، إنه طغيان المساواة الذي يتنافى مع الاختلاف في المواهب والذكاء والعلم، وهذا الطغيان هو الذي يقضي على التجديد ويسد الطريق أمام كل عبقرية، وكيف تبلغ الأمة أهدافها إذا لم تنتفع بأعظم رجالها؟! ولماذا يمجد صاحب أكثرية الأصوات بدلا من المتفوق النابغ؟! ومع أن الأكثرية لها أهميتها، فالكثرة أقل تعرضا للفساد من القلة، والماء الكثير أقل عرضة للفساد من الماء القليل، ولكن أليست أكثرية من الاختصاصيين والعلماء والخبراء هم الأجدر باتخاذ القرار واتخاذ المواقف؟ أليست هذه أجدى وأقوى من أكثرية الناس بشكل عام؟ ألا يشبه هذا تجمع أطباء عند مريض معين للتشاور في أمره أو مجموعة من الضباط كبار للتخطيط لأمر عسكري، وعندما يكون الأمر بيد أهل العلم والخبرة والاختصاص هنا تنفع الأكثرية ولا يطلب الإجماع الذي يعرقل العمل أحيانا، ويعرقل سير المؤسسات. خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 15-16 • العروبة والإسلام كلما هممت بالكتابة عن هذا الموضوع أحجمت وقلت في نفسي: لقد كتب الكثير حوله، بل قتل بحثا ونقاشا، ولكن ظهور النزعة الإقليمية الحادة في هذه الأيام وكذلك النزعة العرقية (الشعوبية) بعد أن ظننا أنها انتهت إلى غير رجعة بانتهاء الاستعمار (القديم) الذي أثارها في أوائل القرن الماضي، حاول ذلك في الجزائر والمغرب، حين أعلنت فرنسا أن (البربر) من جنس أوربي، وليسوا عربا ولا مسلمين، وقصة «الظهير البربري» في المغرب مشهورة معروفة. في ظل الهيمنة الأمريكية (الاستعمار الجديد) وفي ظل الهزيمة المروعة ثقافيا وحضاريا، أثيرت القضية مرة ثانية وبشكل أقوى وأسوأ، فعندما أثيرت في القرن الماضي كانت الأمة ما تزال بخير، فيها بقية من حياء، كان فيها علماء مثل ابن باديس، وهو من أعرق الأسر البربرية، ولكنه أعلنها صريحة واضحة: الجزائر عربية ودينها الإسلام، ماذا يكون البربر والأكراد والجركس و... ماذا يكونون بغير الإسلام، لأي حضارة ينتسبون، وبأي ثقافة يتغذون؟ لماذا يعتبرون أنفسهم أقلية وهم أكثرية بإسلامهم، وما يضرهم أن تكون اللغة العربية هي لغة العلم والثقافة، وهي لغة ارتضاها الله سبحانه وتعالى ليتنزل الوحي بها، وما الذي يوحدهم حتى بين بعضهم البعض غير الدين، وهل اللغة وحدها عامل توحيد وهي لم توحد الذين ينادون بالقومية العربية العنصرية، إن أي وحدة لا تمدها الوحدة الإيمانية فإنها تتحول إلى وثن يعبد من دون الله. وإن من يستخدم اللغة أو اللهجة المحلية لإقامة الحواجز والفوارق وإثارة الحمية الجاهلية، فإنه يقوم بدور تخريبي لا يقل عن الدور الذي يقوم به الأعداء في الخارج خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 13-14 • أعداء اليوم أعداء الأمس يقول الأمير شكيب أرسلان: ومن الغريب أن مصر عرضت أثناء الحرب العالمية الأولى أن تقاتل إلى جانب الحلفاء بشرط الجلاء الإنكليزي عن مصر فأبت انكلترة، بل عرضت تركيا أن تكون مع الحلفاء بشرط لأن تأمن شرورهم في المستقبل فأبى الحلفاء، لأن الحلفاء كانوا قد قرروا التقسيم فيما بينهم، فلو تحالفوا مع تركيا لما كان ممكنا أن يقتسموا أقاليمها، ولا يريدون إعطاء مصر أي ثمن مثل الجلاء عن أراضيها، وكل وعودهم للشريف حسين الذي تحالف معهم ذهبت أدراج الرياح. ويتابع الأمير شكيب أرسلان ليقول: إن الحلفاء طلبوا العون من كل دولة في العالم إلا العالم الإسلامي لما ينوونه في المستقبل، وليعلم المسلمون أن الدول المستعمرة لا تقبل من الإسلام حتى ولا الصداقة، وأنها لا ترضى من المسلمين إلا بذل الأرواح والأموال مجانا. خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 12 • العلم والسياسة وقد مدح الإسلام العلم كي يبتعد الناس عن الأوهام والأساطير ولا يتعلقوا بالسراب، كما يتعلق المسلمون اليوم بأسطورة الأمم المتحدة التي سميت بغير اسمها، وحليت بغير صفتها، وما هي إلا مجمع يقوده أقوياء ضعفاءه، ويسوق أغنياؤه فقراءه.. أو بأسطورة النظام العالمي أو الضمير العالمي. العلم هو الذي يجب أن يجر السياسة من أنفها، حتى يتمكن صاحب الفكر والمبادئ من التغيير المطلوب. خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 9 • السياسة عندنا وعندهم إن الغرب رغم ما يحمله من فكر ذرائعي يبرر الوسيلة في سبيل الغايات، ولكنه لا يتصرف سياسيا دون نظريات فكرية توجه العمل، وخزانات التفكير ومراكز الدراسات هي التي يعتمد عليها في توجيه السياسة. السياسي في الغرب يدعمه (مكتب دائم) يمده بالمعلومات وكل ما يحتاج إليه، وهو يتمم عملا مسبوقا ويمشي في سبيل مطروق. الناس عندنا يظنون أن السياسة هي الانتهازية والقفز على الحبال، والتحالف مع هذا أو ذاك، ثم يتركون هذا التحالف عندما يجدون من هو أسمن وأغنى. والنتائج الضعيفة لهذه السياسة التي يسميها مالك بن نبي: «البوليتيكا» هي وزارة خدمية أو عضوية برلمان أو جاه فارغ وربما يبرر أحدهم هذه الأفعال بـ (المصلحة) وهو لا يعني مصلحته الخاصة (وإن كانت داخلة في الهوى الخفي) بل المصلحة العامة، ولكن ما المصلحة العامة؟ إنها فتات الموائد (وزارة صناعة أو وزارة الثروة السمكية)!! إن المشكلة التي هي أكبر من هذه النفعية المتطرفة هي أن هذه الاسطوانة المشروخة تعود بنغماتها الشاذة، ولا أحد يستفيد من الماضي، أو يراجع نفسه، وهكذا تتوالى الأخطاء والأخطار، يتحالفون مع أمريكا في أفغانستان وتكون النتيجة أن يظهروا في الاحتفالات الرسمية مع الرئيس الذي نصبته أمريكا، ويتحالفون مع أمريكا في مناطق أخرى، ولا يحصدون إلا التلاوم ونقد الآخرين. خواطر في السياسة د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 7-8 |
رصد الحدقة (5)
• أين مشكلتنا؟! هل مشكلتنا أننا مارسنا الإرهاب ونمارسه ؟ أم أننا لم نمارسه بالقدر الكافي ؟؟ لن أجيب أنا يا قراء … سأترك العلامة الفرنسي «فرانسوا بورجا» يجيب، حين سئل مرة أثناء محاضرة له عما إذا كان العنف الذي لجأت له بعض الجماعات الإسلامية هو توجه أصيل فيها أم هو وليد الظروف ؟ فأجاب أعطني أي حزب سياسي في الغرب وأنا أحوله لك خلال أسابيع إلى الجماعة الإسلامية المسلحة باتباع نفس الأساليب التي اتبعت صد الحركات الإسلامية بل هي حرب على الإسلام د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص94 • جيش التحرير الفلسطيني إن قرار تشكيل جيش التحرير الفلسطيني كان له آثار سلبية وأخرى إيجابية، فمن الآثار الإيجابية: أنه أحيا حركة الجهاد لتحرير فلسطين، وكان لذلك أثر واضح في إرباك العدو اليهودي المغتصب، وتشتيت جهده، وجعله في حالة استنفار دائم داخل الأرض المحتلة وعلى جميع الجبهات السورية والأردنية واللبنانية والمصرية، ولو استمر ذلك لفترة طويلة كان يمكن أن يؤدي إلى إنهاك موارد العدو وقدرته المادية والبشرية وتوقف الهجرة ( بل كان يمكن أن يؤدي إلى هجرة عكسية ) وذلك يعني أن هذه الأحداث وضعت الأمة على الطريق الصحيح لتحرير المقدسات وأدركت شعوب العالم الإسلامي أن إنهاء العدوان اليهودي وغيره على ديار الإسلام سهل ميسور لو تحررت الأمة وأحسنت الاستفادة من طاقاتها العقدية والبشرية والمادية، لو أحسنت تفجير هذه الطاقات بالإسلام، وأن تحرير فلسطين ما كان يحتاج أكثر من تدريب الشباب الراغب في الجهاد سواء من أبناء فلسطين أو من أبناء العالم الإسلامي، وتزويدهم بالسلاح، وفتح الجبهات العربية أمامهم إلى الأرض المحتلة، ولو اقترن ذلك بحماية من الجيوش العربية والإسلامية لظهور المجاهدين، مع استخدام الأسلحة المتيسرة في يد الأمة العربية مثل منع البترول عن كل من يدعم العدو اليهودي وخاصة أمريكا وأوروبا، وقفل الأسواق العربية والإسلامية في وجه منتجاتها المدنية والعسكرية، وضرب المصالح الأمريكية والأوروبية في العالم العربي والإسلامي، وقفل سفارات وقنصليات الدول التي غرست الكيان اليهودي على أرض فلسطين وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية وغيرها، لعجلت الأمة بتحرير فلسطين بل وغيرها من ديار الإسلام ولركعت أوروبا وأمريكا بين يدي أمة الإسلام، ولكن أني لأمة لا تملك حريتها ولا تملك زمام نفسها أن تفعل ذلك ؟ ! ومن الإيجابيات أيضا أنها أظهرت القاعد من المجاهد، والخبيث من الطيب، والمخلص من العميل، وأظهرت للأمة أن هذا الطريق – طريق الجهاد – هو الطريق الذي خطه بدمائه الشهداء أمثال محمد جمجوم وعز الدين القسام وعبد القادر الحسيني ويوسف طلعت ومحمد فرغلي وغيرهم، هو الطريق لتحرير بيت المقدس وغيرها من ديار الإسلام، بل إنه الطريق لتحرير الإنسان كل الإنسان ومن الآثار السلبية: أنها مهدت أمام العدو اليهودي الذي تدعمه الدول الاستعمارية (الاسخرابية) وكل قوى الشر والعدوان، مهدت له الظروف لمعرفة عناصر المقاومة الفلسطينية وقدراتها ومراكز تجمعها ومنابع تمويلها وتسليحها، وفي ضوء هذا قاموا بإعداد الخطط اللازمة لتفتيت وحدتها وتصفية أفرادها وقادتها وإشاعة الفتن والصدام بين بعض فصائلها، وتأليب الأنظمة والشعوب العربية عليها، تمهيدا لمهاجمتها والقضاء عليها، وكانت هذه من أخطر سلبيات تشكيل جيش التحرير الفلسطيني وظهوره على الأرض وعدم الأخذ بالاحتياطات الأمنية الكافية في مثل هذه الظروف لهذا السبب وغيره انطلقت أجهزة الإعلام الغربية تضخم من العمل على أرض فلسطين، وتحذر من إحياء روح الجهاد في المنطقة كلها، وتحريرها من نفوذ الاستعمار الأجنبي وضرب مصالحه وحرمانه من ثروات وخيرات العالم العربي وهكذا … نجح اليهود عبر أجهزة الإعلام التي يسيطرون عليها في تأليب الرأي العام الأوروبي والأمريكي الاستعماري على ضرورة العمل لتصفية الحركة الجهادية الفلسطينية كتاب ( الطريق إلى بيت المقدس ) د. جمال عبد الهادي مسعود دار التوزيع والنشر الإسلامية ص 584-585 • ينفجر الغضب من قلبي ينفجر الغضب من قلبي … حتى يكاد يقتلني …. وليته قتل … !! تتأجج النار بين جوانحي … حتى تكاد تخنقني … وليتها تخنق …!! فلم أعد يا رب أحتمل كل هذا الذل والمهانة والعار … لم أعد أحتمل … ويخيل إلي أحيانا أن كل يوم جديد أعيشه هو وزر جديد … إذ كيف أرى هذا الذي يحدث ولا أقدم على الاستشهاد يا رب دفاعا عن أمتك وعن دينك … وكيف أراه فلا ينفجر قول الحق مني لأصف الكافر أنه كافر، والفاسق أنه فاسق، والخائن أنه خائن … كيف أراه فلا أسمي الأمور بأسمائها ويمر اليوم وراء اليوم وتتضاعف أوزاري.. كل يوم بوزر …. كل يوم بوزر …. كل يوم بوزر …. كتاب ( بل هي حرب على الإسلام ) د. محمد عباس نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 83 • لماذا الدموع على أحداث 11 سبتمبر علي ديون من الدموع هي حق لثمانية ملايين ونصف من أهلي … ثم تريدون مني أن أترك كل هذا لأبكي خمسة آلاف أمريكي … فإن لم أفعل كنت إرهابيا ووحشا تريدون مني دموعا على مصرع مدنيين مسالمين … فهل كانت سلوى حجازي جنرالا، أم كان أطفال بحر البقر مشاة في البحرية، أم كان عمال أبي زعبل طيارين، أم كانت السويس التي لم يبق فيها منزل قائم أم الإسماعيلية التي شهدت دمارا رهيبا أم ليبيا أم العراق أم مصنع الشفاء في السوران أم … أم … أم تريدون مني دموعا عاجلة على عمارتين أو ثلاث … يا له من أمر مضحك … فكيف يأسى على عمارتين من عرف منكم وبكم كيف تهدم أوطان وتمحى مدن … وتقصف ملاجئ هرع إليها الناس التماسا للحماية والأمان أم نسينا قانا والعامرية …. كتاب ( بل هي حرب على الإسلام ) د. محمد عباس نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 17 |
رصد الحدقة (6)
الوطنية والأدب الإسلامي يعيب كثير من أدباء الحداثة على بعض شعرائنا الإسلاميين، ذوي الأصالة الشعرية، في عدم التغني للوطن. ويعدون هذا نقصا في الانتماء للوطن، بل يضيفون أنها خيانة وطنية. ظهر ذلك في ضجيج وهالة إعلامية: مرة في ( صحفنا )، ومرة في مجلاتهم، ومرة في مواقعهم على الشبكة العالمية، يتخلل ذلك رمي لذلك الشاعر بأنه " شاعر بلا شاعرية " أو " كاتب بلا هوية " إلى غير ذلك من الدعاوى التي تساق بلا بينات أو براهين، لأنهم يعرفون حين يسوقون ذلك أن السحر سينقلب على الساحر. والدعاوى إذا لم يقيموا --- عليها بينات فأهلها أدعياء فصاحب الدعوى له وصفان: إما صادق بدليله وبرهانه، أو دعي في كذبه وبهتانه، يصاحب تلك الدعاوى أنهم يصفون أنفسهم بأنهم هم الأوفياء وحدهم لوطنهم، في زمن خانه البعض من الأدباء الإسلاميين ( على حد زعمهم ) ولعلي أسأل هؤلاء سؤالا: ما مفهوم الوفاء للوطن في الأدب بشكل عام ؟؟؟؟ - هل مفهوم الوفاء للوطن أن أسخر من قيمه وعاداته وتقاليده ؟ بنبذ ما هو قديم جملة وتفصيلا، والولوج إلى عالم الحداثة، كما في قول أحدهم: " يجب أن نكون مع الحداثة، وإن لم نكن معها فإننا سنعود إلى زمن الجمل وصفين وكربلاء ". ويتهم جامعاتنا بشكل عام " بأنها تحولت إلى نوع من القيد على الفكر ". - هل من الوفاء للوطن السخرية بأجهزته الحكومية ؟ فنسخر مثلا من جهاز الحسبة في قول إحداهن: " جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة … ". - هل من الوفاء للوطن الاستهزاء بشرفه وعفته وحجابه ؟ في قصيدة كاملة لأحدهم بعنوان " انزعيه " … يقصد الحجاب. إن كان هذا هو مفهوم الوفاء للوطن عندكم، فأقول ويقول كل كاتب يستقي تصوره لهذه القضية من تصور الإسلام له. أنا لي صوتي الذي هو صوتي --- وركوبي موج الصدى مستحيل محمد بن سعد الدكان مجلة ( منارات ) السعودية العدد 27 صفر 1429 هـ فبراير 2008 من رحم التاريخ …. لماذا دخلت سورية لبنان النظام السوري يحرك قواته إلى لبنان، ويحتل مواقع عديدة منه تمهيدا لتصفية المقاومة الفلسطينية وضرب طموح مسلمي لبنان، لماذا لم يفعل ذلك لسحق المارون والكتائبيين والشمعونيين الذين ظلموا المسلمين، إنه اقتحم لبنان لكي يبقي على امتيازات المارون الاستعمارية، ويبقي في نفس الوقت على المظالم التي حرمت مسلمي لبنان من حقوقهم المشروعة في قمة السلطة وفي مناصب الجيش والتمثيل النيابي وغير ذلك !! اقتحم البعث السوري لبنان لكي يضرب الوجود الفلسطيني أي لكي يؤدي المهمة التي عجز عنها فرنجية والجميل وشمعون وشربل قسيس واليهود. وبعد تدخل النظام السوري في لبنان بساعات أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تأييدها لهذا التدخل ووصفته بأنه خطوة عملية بناءة. بعد التدخل بساعات أعلن رئيس وزراء العدو اليهودي إسحاق رابين عن ارتياحه العميق لخطوة النظام السوري وقال: " إن إسرائيل لا تجد سببا يدعوها لمنع البعث السوري من التوغل في لبنان، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم المساعدة للفلسطينيين ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين، فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحقة بالنسبة لنا " وأعلن الاتحاد السوفيتي وفرنسا ترحيبهما بالتدخل السوري في لبنان، والأنظمة العربية الحانقة أيدت التدخل السوري بسكوتها عن النظام السوري وهو يضرب مسلمي لبنان والمقاومة الفلسطينية وحقق نظام حافظ الأسد أمل الأعداء فيه، ذكر كريم أدوني سكرتير حزب الكتائب: " أعتقد بعد سنين سيظهر بأن حرب لبنان لم تكن بالفعل إلا أعمالا تمهيدية لمؤتمر جنيف وتحت عنوان ( أحداث لبنان ) نشرت جريدة المجتمع مقالا تكشف حجم المؤامرة التي شارك فيها النظام السوري النصيري بقيادة حافظ الأسد مع الكتائبيين والموارنة في لبنان للقضاء على الحركة الوطنية في لبنان وعلى فصائل المقاومة الفلسطينية تحت سمع وبصر المنظمات الدولية والدول الأوروبية وحكام وشعوب العالم العربي وجامعة الدول العربية. وهذه بعض الفظائع التي ارتكبها أشخاص ينتسبون إلى الإسلام والعروبة في الظاهر بالتعاون مع الصليبيين " قام الكتائبيون وحلفاؤهم بخطف مائة طفل وامرأة من تل الزعتر، وأعدموهم بطريقة بربرية أطلقت عليهم نيران الرشاشات عشوائيا بعد تجميعهم قرب مناطق تل الزعتر. وفي جسر الباشا هتك علوج الروم أعراض المسلمات، وفعلوا أشنع من ذلك في مجزرة الكرنتينا حيث هدموا البيوت وأبادوا الأطفال وسلبوا الأموال واعتدوا على الحرائر المسلمات، ومما نقله القادمون من بيروت أن الأوغاد كانوا إذا اعتدوا على كرامة الأبكار من الفتيات تركوهن يعدن إلى أهلهن عاريات كيوم ولدتهن أمهاتهن " هذا مثال نقلته الأخبار يا دعاة القومية العربية، يا دعاة التقدمية، هل أدركتم أنها حرب صليبية يهودية مجوسية رافضية ضد الإسلام، وكل هذا يحدث تحت سمع وبصر شعوب وحكام الأمة العربية وبمساعدة النظام السوري الحاكم كتاب ( الطريق إلى بيت المقدس ) د. جمال عبد الهادي مسعود دار التوزيع والنشر الإسلامية ص 500-501 |
الساعة الآن 12:43 PM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع