منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   آيات من سورة الصافات بتفسير الزركشي (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=75576)

رحيل 04-01-2020 02:56 PM

آيات من سورة الصافات بتفسير الزركشي
 
آيات من سورة الصافات بتفسير الزركشي

د. جمال بن فرحان الريمي



﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾ [الصافات: 5]
قوله تعالى: ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾، أي: والمغارب[1].


قال رحمه الله: مما ورد في القرآن مجموعًا ومفردًا لفظ "المشرق والمغرب"، فقد ورد تارةً بالجمع نحو قول الله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾ [المعارج: 40] [2]، وأخرى بالتثنية نحو: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ [الرحمن: 17] [3]، وأخرى بالإفراد، قال تعالى: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المزمل: 9] [4]، وذلك لاختصاص كلُّ مقامٍ بما يقتضيه.


فحيث جُمِعَ كان المراد نفيُ المشرق والمغرب، وحيث ثُنِّيا كان المراد مشرقيْ صعودها وارتفاعها، فإنها تبتدئ صاعدةً، حتى تنتهي إلى غاية أوْجِها وارتفاعها، فهذا مَشرق صعودها وارتفاعها، وينشأ منه فصلا الخريف والشتاء، فجعل مشرق صعودها بجملته مشرقًا واحدًا، ومشرق هبوطها بجملته مشرقًا واحدًا ومقابلهما مغربًا.

وقيل: هو إخبار عن الحركات الفَلَكِية، متحركة بحركات متداركة، لا تنضبط لخطّة ولا تدخل تحت قياس؛ لأن معنى الحركة انتقال الشيء من مكان إلى آخر، وهذه صفة الأفلاك، قال تعالى: ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ﴾ [يس: 40] [5]، فهذا وجه اختلاف هذه الألفاظ بالإفراد والتثنية والجمع، وقد أجرى الله العادة أنَّ القمرَ يطلعُ في كل ليلة من مطلع غير الذي طلع فيه بالأمس، وكذلك الغروب، فهي من أول فصل الصيف في تلك المطالع والمغارب، إلى أن تنتهي إلى مطلع الاعتدال ومغربه عند أول فصل الخريف، ثم تأخذ جنوبًا في كل يوم في مطلع ومغرب، إلى أن تنتهي إلى آخر مثلها الذي يقدّر الله لها عند أول فصل الشتاء، ثم ترجع كذلك إلى أن تنتهي إلى مطلع الاعتدال الربيعي ومغربه، وهكذا أبدًا، فحيث أفرد الله له لفظ "المشرق والمغرب" أراد به الجهة نفسها التي تشتمل الواحدة على تلك المطالع جميعها، والأخرى على تلك المغارب من غير نظر إلى تعددها، وحيث جيء بلفظ "الجمع" المراد به كل فرد منها بالنسبة إلى تعدد تلك المطالع والمغارب، وهي في كل جهة مائة وثمانون يومًا، وحيث كان بلفظ التثنية فالمراد بأحدهما الجهة التي تأخذ منها الشمس من مطلع الاعتدال إلى آخر المطالع والمغارب الجنوبية، وبهذا الاعتبار مشرقان ومغربان.


وأما وجه اختصاص كلُّ موضع بما وقع منه، فأبدى فيه بعضُ المتأخرين معانيَ لطيفة فقال:
فجمع "المشارق" في قوله سبحانه: ﴿ وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾، لما جاءت مع جملة المربوبات المتعددة، وهي السموات والأرض وما بينهما، كان الأحسن مجيئها مجموعة، لتنتظم مع ما تقدم من الجمع والتعدد.


ثم تأمل كيف اقتصر على المشارق دون المغارب؛ لاقتضاء الحال ذلك، فإن المشارق مظهر الأنوار، وأسباب لانتشار الحيوان وحياته، وتصرفه في معاشه وانبساطه، فهو إنشاء شهود، فقدّمه بين يدي [الرد][6] على مبدأ البعث، فكان الاقتصار على ذكر المشارق - هاهنا - في غاية المناسبة للغرض المطلوب، فتأمل هذه المعاني الكاملة، والآيات الفاضلة، التي ترقص القلوب لها طربًا، وتسيل الأفهام منها رهبًا![7].


﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]
قوله تعالى: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ ﴾، أي: وحفظا فعلنا ذلك[8].


﴿ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ﴾ [الصافات: 8]
قوله تعالى: ﴿ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى ﴾، أي: لا يصغون[9].


﴿ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾ [الصافات: 10]
قال رحمه الله: "الخطف" و"التخطف" لا يفرّق الأديب بينهما، والله تعالى فرق بينهما فتقول: "خَطِفَ" بالكسر لما تكرر، ويكون من شأن الخاطف الخطف، و"خَطَف" بالفتح حيث يقع الخطف من غير من يكون من شأنه الخطف بكلفة، وهو أبعد من "خَطَف" بالفتح، فإنه يكون لمن اتفق له على تكلف، ولم يكن متوقعًا منه، ويدل عليه أن "فَعِل" بالكسر لا يتكرر، كعَلِم وسَمِع، و"فَعَل" لا يشترط فيه ذلك، كقَتَل وضَرَب، قال تعالى ﴿ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ﴾ فإن شغل الشيطان ذلك، وقال ﴿ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ﴾ [الحج: 31] [10]، لأن من شانه ذلك، وقال: ﴿ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ﴾ [الأنفال: 26] [11]، فإن الناس لا تخطف الناس إلا على تكلف، وقال ﴿ وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 67] [12]، وقال: ﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ﴾ [البقرة: 20] [13]، لأن البرق يخاف منه خطف البصر إذا قَوِي[14].


﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]
قوله تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ وقوله: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 6] [15]، مع قوله: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ﴾ [الرحمن: 39] [16]، قال الحليمي[17]: فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل، والثانية على ما يستلزم الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه[18].


وحمله غيرُه على اختلاف الأماكن؛ لأن في القيامة مواقف كثيرة، فموضع يسأل ويناقش، وموضع آخر يُرْحم ويُلْطَفُ به، وموضع آخر يعنّف ويوبّخ وهم الكفار، وموضع آخر لا يعنّف وهم المؤمنون[19].


﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 35]
قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾، فأخبر أنهم دخلوا النار من أجل استكبارهم وإبائهم من قول لا إله إلا الله، مفهوم هذا أنهم إذا قالوها مخلصين بها حرموا على النار، قال صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله حرمه الله على النار![20].


﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾ [الصافات: 47]
قوله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [الملك: 29] [21]، فإن الإيمان لما لم يكن منحصرًا في الإيمان بالله، بل لا بد معه من رسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر وغيره مما يتوقف صحة الإيمان عليه، بخلاف التوكل فإنه لا يكون إلا على الله وحده؛ لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين؛ قدَّم الجار والمجرور فيه ليُؤذِن باختصاص التوكل من العبد على الله دون غيره؛ لأن غيره لا يملك ضرًا ولا نفعًا فيتوكل عليه، ولذلك قدَّم الظرف في قوله: ﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ﴾؛ ليفيد النفي عنها فقط واختصاصها بذلك، بخلاف تأخيره في: ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [22]؛ لأن نفي الريب لا يختص بالقرآن بل سائر الكتب المنزلة كذلك[23].


قوله تعالى: ﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ ﴾، أي: ليس في خمر الجنة ما في خمرة غيرها من الغَوْل[24].


﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾ [الصافات: 48]
قوله تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾ [الصافات: 48]، أي: حور قاصرات[25].


﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الصافات: 49]
قوله تعالى: ﴿ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾، فإن العرب كانت عادتهم الكناية عن حرائر النساء بالبيض، قال امرؤ القيس:
وبَيْضَةُ خِدْرٍ لا يُرام خِباؤُها ♦♦♦ تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بها غير مُعْجَلِ[26]


﴿ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 57]
قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 57]، مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ [الروم: 16] [27].


﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ [الصافات: 62]
قوله تعالى: ﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ [الصافات: 62]، هذا من بديع التخلُّص، فإنه سبحانه خلص من وصف المخلصين وما أعد لهم، إلى وصف الظالمين وما أعد لهم[28].


﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الصافات: 65]
قوله تعالى:﴿ كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾، شبَّه بما لا نشك أنه منكر قبيح، لِمَا حصل في نفوس الناس من بشاعة صور الشياطين، وإن لم ترها عيانا[29].


قال الفراء[30] في قول الله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه جعل طلعها رؤوس الشياطين في القبح.
والثاني: أن العرب تسمى بعض الحيات شيطانًا وهو ذو القرن.
الثالث: أنه شوك قبيح المنظر يسمى رؤوس الشياطين.


فعلى الأول يكون تخييلاً، وعلى الثاني يكون تشبيهًا مختصًا[31].


﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 68]
قال رحمه الله: اختلفت المصاحف في حرفين: ﴿ لَإِلَى الْجَحِيمِ ﴾ و ﴿ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [آل عمران: 158] [32]، فمن رأى أن مرجعهم إلى الجحيم أشد من أكل الزقوم وشرب الحميم، وأن حشرهم إلى الله أشد عليهم من موتهم أو قتلهم في الدنيا، أثبت الألف، ومن لم ير ذلك -؛ لأنه غيب عنا فلم يستو القسمان في العلم بهما - لم يثبته وهو أولى[33].

لَـحًـــنِ ♫ 04-01-2020 03:04 PM

(’)
.
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ..
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
*
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك.., ,

http://3b8-y.com/vb/images/smilies/200 (44).gifhttp://3b8-y.com/vb/images/smilies/200 (52).gifhttp://3b8-y.com/vb/images/smilies/200 (44).gif

خالد الشاعر 04-01-2020 03:28 PM

الله يجزاكي كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم

لكي كل الود

نور القمر 04-01-2020 04:39 PM

موضوع في قمة الروعه

لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعةالاختيار

دمت لنا ودام تالقك الدائم

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥ 04-01-2020 05:13 PM

,,~

جزاك الله كل خير
جعله في ميزان حسناتك

,,~

روحي تبيك 04-01-2020 05:43 PM

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك


الساعة الآن 11:36 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع