دره العشق |
04-10-2020 12:37 AM |
أهمية الصلاة وفضلها وخطر التهاون فيها
الحمد لله جعل الصلاةَ عمادَ الدين, وبرهانَ صدق الإيمان, ونورَ المؤمنِ في الدنيا والآخرة, أحمده
وأستعينه وأستغفره ، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله , أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه ولو كره المشركون .
أما بعد :
فيقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم :
( إِنّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )
ويقول :
( قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَة )
ويقول :
( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )
ويقول :
( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ َيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ )
ويقول :
( رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ )
أيها الإخوة الكرام : إنَّ أمرَ الصلاة عظيم , وشأنها عند الله كبير , فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين , وعليها يقومُ بناءُ الإسلام الشامخ , فهي رافدُ الإيمان , وغذاءُ الروح, وصلة العبد بربه, وهي سَكَنُ المؤمن , وسلوةَ الحزين ، وقرَّةَ عين الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام . .
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام في فضل الصلاة أنه قال :
« الصلواتُ الخمس , والجمعةُ إلى الجمعة , كفارةٌ لما بينهن ما لم تُغْشَ الكبائر »
وقال:
« ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة , فيُحسِنُ وضوءَها , وخشوعَها, وركوعَها , إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب , ما لم تُؤت كبيرة, وذلك الدهر كلَّه »
والصلاة أيها الإخوة بابٌ مفتوحٌ إلى الجنة , وطريقٌ عظيم من طرق الجنة , فقد رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« من توضأ فأسبغ الوضوء , ثم مشى إلى صلاةٍ مكتوبة , فصلاها مع الإمام , غُفرَ له ذنْبُهُ » .
أيها الناس : إن الذنوبَ عظيمة , والأخطاء جسيمة , والتقصير في جنب الله عز وجل قد رَكِبَنَا جميــعًا , والتفريـط في القيام بالواجبات لا يخفى .
فكم من نيران المعاصي والآثام نوقد في كلِّ ساعة , وكم من نظرات الحرام نكتسبُ في كل لحظة , وكم
من سماعٍ باطلٍ نلهو به في كل وقت , وكم من غيبةٍ ونميمة , وأكلٍ للأموال بالباطل نقترف في كل يوم .
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه أصابَ من امرأةٍ قُبلة , فأنزل الله عز وجل :
( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ )
فقال الرجل : « أليَ هذا ؟ فقال : لجميع أمتي كلِّهم » . .
فهذا فضل الله , وهذه رحمته , فأين المذنبون , وأين المقصِّرون , وأين الشاردون عن الله , أما آن لهم أن يعودوا إلى ربهم, ويرجون رحمته ويخافون عذابه , فإن عذابَهُ لا شك واقع , ما له من دافع .
إن الإنسان لا يقدِّر فضل هذه العبادات , وهذه الركعات , حتى يُلقى في تلكَ الحفرةِ الضيقة , حين يتمنى إنْ كان عاصيًا أنْ تاب وأناب , وإنْ كان مُحسنًا أنْ زاد واستزاد .
حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْـمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يبْعَثُونَ *
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ *
فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ *
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ *
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ *
أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ *
قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ *
رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ *
قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ *
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ *
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْـرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ *
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَـرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ *.
وقال أيضًا :
« لن يلجَ النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس , وقبل غروبها » " يعني ذلك الفجر والعصـر ". .
وقال أيضًا :
« إذا توضأ فأحسن الوضــوء , ثم خرج إلى المسجــد , لا يُخرجه إلا الصلاة , لم يخطُ خطوةً إلا رُفعت له
بها درجة , وحُطَّ عنه بها خطيئة, فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاهُ مالم يُحدث :
اللهم صلِّ عليه, اللهم ارحمه, ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة »
وقال أيضًا :
« من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل , ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله » . .
هذا فضل من الله عظيم , وأجرٌ كبير , فكيف يسوغ لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر , أن يفرِّط في هذا الثواب العظيم , ولا يبالي بهذا الخير الكبير , ويستمر في عناده , وإهماله للصلاة , خاصة صلاة الجماعة .
وقد رتَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأجر لكل عملٍ متعلق بالصلاة كالأذان , والوضوء , وبناء المساجد , وتطهيرها .
وقال :
« من قال حين يسمع المؤذن :
وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمدًا عبده ورسولُهُ
رضيتُ بالله ربًا , وبالإسلام دينًا , وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولًا ، غَفَرَ الله له ذنبَهُ »
وقال عليه الصلاة والسلام في فضل الوضوء :
« إذا توضأ العبدُ المسلمُ أو المؤمن فغسلَ وجههُ خرجَ من وجههِ كلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء , أو مع آخر قطْر الماء , فإذا غسل يديه خرج من يديه كلُ خطيئة كان بطشتها يداهُ مع الماء أو مع آخر قطْر الماء , فإذا غسل رجليه خرجت كلُ خطيئةٍ مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطْر الماء حتى يخرج نقيًا من الذنوب , فإذا هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجَّدَه بالذي هو أهلُهُ , وفرَّغ قلبَهُ لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه . . »
أيها الإخوة : أي فضل أعظمُ من هذا ، وأي ثواب أكبرُ من هذا ، إنه فضلُ الله يؤتيه من يشاءُ من عباده .
ومن الأعمال اليسيرة التي رتَّب عليها الإسلام الأجرَ والثواب العظيم , قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما منكم من أحدٍ يتوضأُ فيسبغُ الوضوء , ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء »
وحول نظافة مكان الصلاة , وما رتَّب عليها الإسلام من الأجر والثواب , فقد رَوى ابن عباس رضي الله عنهما :
« أن امرأةً كانت تلْقُطُ القذى من المسجد, فتوفيت, فلم يُؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بدفنها " أي لم يُخبر بدفنها "
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات لكم ميتٌ فآذنوني , وصلى عليها , وقال : إني رأيتها في الجنة بلقْطِ القذى من المسجد » ؛ أي بسبب تنظيفها للمسجد .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم , ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، وأصلح الله منا ومنكم الظاهر والباطن , إنه جواد كريم , أقول هذا القول , وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم . .
|
|