![]() |
دليل الاستغاثة
(المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول)
قال المصنف رحمه الله: (وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9]. الشرح الإجمالي: (ودليل) أن (الاستغاثة) من أنواع العبادة: (قوله تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾؛ أي: حين تستجيرون ربكم يوم بدر، وتطلبون منه الغوث والنصر، ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ ﴾، فأمدكم بالنصر على عدوكم، وظهر الإسلام، وسُمي يوم الفرقان[1]. الشرح التفصيلي: ذكر المصنف دليل العبادة الثانية عشرة، وهي: الاستغاثة، والاستغاثة: طلب الغوث، والغوث في اللغة: الإعانة والنصرة عند الشدة[2]. والاستغاثة أخص أنواع الدعاء؛ لأنها لا تكون إلا عند وقوع الشدةوالمكروب، أما الدعاء فيكون من المكروب وغيره، ولذا فإن دعاء المكروب يقال له: استغاثة [3]. والاستغاثة كالاستعاذة تتضمن كمال الافتقار إلى الله واعتقاد كفايته، والفرق بينهما أن الاستعاذة طلب دفع الشر قبل وقوعه، والاستغاثة طلب رفعه بعد نزوله[4]. والاستغاثة الشركية، هي: الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كغفران الذنوب، والهداية، وإنزال المطر، أو الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه المستغاث به؛ كالاستغاثة بالغائب أو الميت أو الحي الحاضر الذي لا يقدر على الإغاثة؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًّا في الكون، فيجعل لهم حظًّا من الربوبية[5]. وضابط ذلك أن يستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه المستغاث به، أي: يستغيثُ بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فالاستغاثة بغير الله تكون شركًا إذا كان قد استغاث بما لا يقدر عليه المستغاث به حال الاستغاثة، لكونه ميتًا أو غائبًا، أو أن يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله جل وعلا، كما لو استغاث بحي حاضر لينزل المطر[6]، وإن استغاث بالمخلوق فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين، لكن هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء المعين، فإنه لا يكون شركًا؛ لأنه لم يعتقد في المخلوق شيئًا لا يصلح إلا لله جل وعلا، كمن وقع في غرق واستغاث برجل لا يُحسن السباحة، فهذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه، ولكن لا تعتبر استغاثته به شركًا؛ لأن الإغاثة من الغرق ونحوه، يصلح في الغالب أن يكون المخلوق قادرًا عليها، فالاستغاثة عمل ظاهر وليست عملًا قلبيًّا كالاستعاذة، ولذا تجوز بالمخلوق بشرطين: الأول: أن يكون المستغاث به حيًّا وحاضرًا، فإذا كان المستغاث به ميتًا أو غائبًا، فالاستغاثة به شرك؛ لأن الأموات جميعًا والغائبين لا يقدرون على الإغاثة؛ فالاستغاثة بهم فيها تعلق قلب المستغيث بأنهم يستطيعون ويقدرون أن يغيثوه، واعتقاده فيهم ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه؛ والاستغاثة عبادة، ولا مُغيث على الإطلاق إلا الله جل جلاله. الثاني: أن يكون المستغاث به الحي الحاضر قادرًا على ما طُلب منه، فإذا لم يكن قادرًا فالاستغاثة به شرك [7]. فالمقصود: أنه لا تجوز الاستغاثة بميت، أو بحي غائب، أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله جل جلاله [8]. قال المصنف: (ودليل كون الاستغاثة عبادة قوله تعالى: (وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾، وكان ذلك في غزوة بدر حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين في ألف رجل، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، فدخل العريش يناشد ربه عز وجل رافعًا يديه مستقبل القبلة يقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)، وما زال يستغيث بربه رافعًا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: (يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك وعدك)، فأنزل الله تعالى هذه الآية[9]، ووجه الاستدلال منها على كون الاستغاثة عبادة: أن الله جل وعلا أتى بالاستغاثة في معرض الثناء، ورتب عليها الإجابة، وما دام أنه رتب على فعلهم، وهو الاستغاثة به إجابته جل وعلا، فإن ذلك يعني أن ذلك الفعل يحبُّه الله ويرضاه، فنتج أنه عبادة، إذ العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة[10]، فدلَّ قولُ اللهِ تعالى:﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ على أنَّ الاسْتِغاثةَ عبادة من وجهين: الأول: مدح المؤمنين بهذا، إذ أخبر الله تعالى عنهم بأنهم استغاثوا به؛ في قوله: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾، ومَدْحُ العامل على عمله مؤذنٌ بكون العمل محبوبًا عند الله، وكل ما أحبه الله فهو عبادة. الثاني: ترتيِبُ الاستجابَة عليها؛ في قوله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾[11]. والاستغاثة والاستعاذة تتعلق بالربوبية؛ ولذلك جاء فيما استدل به المصنف ذكر الربوبية: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 9]، وفي الاستعاذة: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾؛ وذلك لأن الغياث، والعياذ من مقتضيات الربوبية، فالذي يُغيث ويُعيذ هو الرب المالك المدبر جل جلاله[12]. |
جزاك الله كل خير
.. |
انار الباري طريقكم بنوره المبين طرح ايماني مبارك سلمت الايادي اسال الله لكم التوفيق والرضا وسداد الخطى https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/redroseplz.pnghttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/100%20(19).gifhttps://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/redroseplz.png |
جَزآك الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ بآرَكَ الله فيك عَلى روعة طَرحك آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمك بآلريآحينْ دمْت بِ طآعَة الله http://www6.0zz0.com/2014/01/15/04/632083662.gif |
جزاك الله خيراً على انتقائك القيم وجعلها ربي في ميزان حسناتك وفي انتظار المزيد :f17::f17::f17: |
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره ويحمل الابداع في محتواه سلمت يمينك |
الساعة الآن 02:52 AM |
Powered by vBulletin Hosting By
R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع