منتدى رواية عشق

منتدى رواية عشق (https://r-eshq.com/vb/index.php)
-   ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ (https://r-eshq.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   وقفة بيانية مع سورة المسد (https://r-eshq.com/vb/showthread.php?t=86712)

سمارا 07-13-2020 01:28 PM

وقفة بيانية مع سورة المسد
 
وقفة بيانية مع سورة المسد

قال تعالى: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 1 - 5].

توطئة:
في هذه السورة الكريمة يبيِّن لنا الحقُّ - سبحانه وتعالى - مصير الجاحد لنعم الله - تعالى - ومشاركة زوجه إياه في الجريمة النكراء، فحكم الحقُّ عليهما بالعذاب والخلود في جهنم وهما أحياء، مما يدل على صدق نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم.

بين يدي اسم السورة:
المسَدُ، بالتحريك يعني: اللِّيف، وقيل: المَسَدُ: حبل من ليفٍ، أو خُوص، أو شعر، أو وبَر، أو صوف، أو جلود الإِبل، أو جلود، أَو من أيِّ شيء كان، وقد يكون من جلود الإِبل أو من أَوبارِها، وأَنشد الأَصمعي لعمارة بن طارق - وقال أَبو عبيد: هو لعقبة الهُجَيْمِي -:
فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طارِقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لَسْنَ بَأَنْيَابٍ وَلَا حَقَائِقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


يقول: اعْجَلْ بدَلْوٍ مثلِ دلْو طارِقٍ، ومَسَدٍ فُتِلَ من أَيانق، وأَيانِقُ: جمع أَيْنُق، وأَينق: جمع ناقة، والأَنْيابُ: جمع ناب، وهي الهَرِمةُ، والحقائق: جمع حِقَّة، وهي التي دخلت في السَّنة الرابعة، وليس جلدها بالقويِّ؛ يريد ليس جلدُها من الصغير ولا الكبير، بل هو من جلد ثنيَّة، أو رَباعِية، أو سَديس، أو بازِل؛ وخصَّ به أبو عبيد الحبل من الليف، وعلى العموم فإن المسد هو الحبل المضفور المحكمُ الفتْل من جميع ذلك.

وقال الزجاج في قوله - عز وجل -: ﴿ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾: جاء في التفسير أَنها سلسلة طولها سبعون ذراعًا يُسلك بها في النار، والجمع: أَمساد ومِسادٌ، وقيل أيضًا: هي السلسلة التي ذكرها الله - عز وجل - في كتابه، حيث قال - سبحانه وتعالى - في (سورة الحاقة): ﴿ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ﴾ [الحاقة: 32]؛ يعني - جلَّ اسمه -: أن امرأة أبي لهب تسْلك في سلسلة طولها سبعون ذراعًا.

﴿ حبل من مَسَدٍ ﴾؛ أَي: حبل مُسِدَ أَيَّ مَسْدٍ؛ أَي: فُتِل فلُوِيَ؛ أي: إنها تسلك في النار؛ أي: في سلسلةٍ ممسودة، قال الزجاج: المسد في اللغة: الحبل، إِذا كان من ليف المُقْل، وقد يقال لغيره، وقال ابن السكيت: المَسْدُ: مصدر مَسَدَ الحبل يَمْسُدُه مَسْدًا، بالسكون، إذا أجاد فتله، وقيل: حبل مَسَدٌ؛ أي: ممسودٌ قد مُسِدَ؛ أَي: أُجِيدَ فَتْلُهُ مَسْدًا، فالمَسْدُ المصدر، والمَسَدُ بمنزلة المَمْسُود، كما تقول: نفَضْت الشجر نَفْضًا، وما نُفض فهو نَفَضٌ، ودل قوله - عز وجل -: ﴿ حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾: أَن السلسة التي ذكرها الله فُتِلت من الحديد فتلًا محكمًا، كأَنه قيل: في جيدِها حبلُ حديدٍ قد لُوِيَ لَيًّا شديدًا؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أُقَرِّبُها لِثَرْوةِ أَعْوَجِيٍّ ♦♦♦ سَرَنداةً، لها مَسَدٌ مُغارُ

فسَّره، فقال: أي: لها ظهر مُدْمَج كالمَسَد المُغار؛ أَي: الشديد الفتل.

ومَسَدَ الحبلَ يَمْسُدُه مَسْدًا: فتله.

وكل هذا يوصلنا إلى معنى عظيم، مفاده: أن الله - سبحانه - عاقب هذه المرأة التي اعترضت سبيل الدعوة، وحاكت المتاريس الكثيرة في طريق النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم - بما يناسب عملها الشائن، وهي عبرة لكل مَن يحاول أن يقف حجرَ عثرةٍ أمام قافلة الدعوة الإسلامية، مهما كان نسبه، أو منزلته، أو ماله، وفي هذا عظة ودرس عظيم لمَن يدَّعي أن الإسلام بالنسب وليس بالعمل.

وجاء في "المعاجم العربية": جارية مَمْسُودةٌ: مَطْويّةٌ مَمْشوقةٌ، وامرأة مَمْسُودةُ الخَلْق: إِذا كانت مُلتفّة الخَلْق ليس في خلْقها اضطراب، ورجل مَمْسُود: إِذا كان مَجْدُولَ الخَلْق، وجارية ممسودة: إِذا كانت حَسَنة طَيِّ الخلق.

الجزاء من جنس العمل:
سبب نزول هذه السورة: هو قول أَبي لَهَبٍ لنبي - صلى الله عليه وسلم -: تَبًّا لكَ سائرَ اليَوْمِ، فما معنى التب؟ ولماذا عاقبه الله بنفس كلامه؟

جاء في "المعاجم العربية": أن التَّبَّ هو الخَسارُ، والتَّبابُ أيضًا: هو الخُسْرانُ والهَلاكُ، و"تَبًّا له" على الدُّعاءِ نُصِبَ؛ لأَنه مصدرٌ محمول على فِعْلِه، كما تقول: سَقْيًا لفلان، معناه: سُقِيَ فلان سَقْيًا، ولم يجعل اسمًا مُسْنَدًا إِلى ما قبله، وتَبًّا تَبيبًا على المُبالَغَةِ، وتَبَّ تَبابًا وتَبَّبَه: قال له: تَبًّا، كما يقال: جَدَّعَه وعَقَّره، تقول: تَبًّا لفلان، ونصبه على المصدر بإضمار فعل؛ أي: أَلْزَمه اللّهُ خُسْرانًا وهَلاكًا، وتَبَّتْ يَداهُ تَبًّا وتَبابًا: خَسِرتَا، وكأَنَّ التَّبَّ المَصْدرُ، والتَّباب الاسْمُ، وتَبَّتْ يَداهُ: خَسِرتا، والخسران المقصود: هو أنه لا يرى الفلاح أبدًا في أي شيء يعمله بيده، بل أصبح الخسران لصيقًا به على الأبد، والعياذ بالله.

ومن هنا نفهم ما جاء في التنزيل العزيز: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ﴾؛ أي: ضَلَّتا وخَسِرَتا، وقال الراجز:
أَخْسِرْ بِهَا مِنْ صَفْقَةٍ لَمْ تُسْتَقَلْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تَبَّتْ يدَا صَافِقِهَا، مَاذَا فَعَلْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وهذا مَثَلٌ قِيل في مُشْتَري الفَسْوِ، والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّتْبِيبُ: الهَلاكُ.

وفي قول أَبي لَهَبٍ: "تَبًّا لكَ سائرَ اليَوْمِ، أَلِهذا جَمَعْتَنا؟!" التَّبُّ: الهَلاكُ، فالبداية كانت تبًّا، والنهاية كذلك.

وتَبَّبُوهم تَتْبِيبًا؛ أَي: أَهْلَكُوهم، والتَّتْبِيبُ: النَّقْصُ والخَسارُ، وفي التنزيل العزيز: ﴿ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴾ [هود: 101]؛ قال أَهل التفسير: ما زادُوهم غيرَ تَخْسِير.

ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾ [غافر: 37]؛ أَي: ما كَيْدُه إِلا في خُسْرانٍ؛ فكل مَن تكبَّر عن الحق كان مآله الخسران والهلاك في الدنيا والآخرة، وتَبَّ إِذا قَطَعَ، والتابُّ: الكبير من الرجال، والأُنثى تابَّةٌ، والتَّابُّ: الضعِيفُ، والجمْع أَتْبابٌ، هذلية نادرة، واسْتَتَبَّ الأَمرُ: تَهَيَّأ واسْتَوَى، واسْتَتَبَّ أَمْرُ فلان، إِذا اطَّرَد واسْتَقامَ وتَبَيَّنَ، وأَصل هذا مِن الطَّرِيق المُسْتَتِبِّ، وهو الذي خَدَّ فيه السَّيَّارةُ خُدُودًا وشَرَكًا، فوَضَح واسْتَبانَ لمن يَسْلُكه، كأَنه تُبِّبَ مِن كثرة الوطءِ، وقُشِرَ وَجْهُه، فصار مَلْحُوبًا بَيِّنًا من جَماعةِ ما حَوالَيْهِ من الأَرض، فَشُبِّهَ الأَمرُ الواضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به.

حاصلة:
إن الزوجة "أم جميل" اختارت الحبل، فقد كانت تحمل حزمة مِن الشوك والحسك، فتنثرها بالليل في طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - لإيذائه، فقد كانت خبيثة مثل زوجها، وقد كانت تنشد:
مُذَمَّمًا عَصَيْنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَأَمْرَهُ أَبَيْنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَدِينَهُ قَلَيْنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أي: أبغضنا، فكان لها الحبل المفتول المحكم في نار جهنم.

والزوج "أبو لهب" اختار التبَّ - الذي هو الهلاك والخسران - فكان له في الدنيا والآخرة، فالجزاء من جنس العمل.



رُّوحي بروحهُ 07-13-2020 01:33 PM

جزاك الله كل خير


..

شيخة الزين 07-13-2020 02:06 PM

أَثابَك الْلَّه خَيْر الْثَّوَاب ,,
وَلَا حَرَمَك,,اجْر مَاقَدَّمَت وَاجْر مِن اسْتَفَاد مِنْهَا
دُمْت بِحِفْظ الْلَّه وَتَوْفِيْقِه,,

خالد الشاعر 07-13-2020 02:52 PM

جزاكي الله خيراً
وجعله بموازين حسنااتكِ
لا عدمناا حضووركِ
لروحكِ احترامي وتقديري

روحي تبيك 07-13-2020 05:43 PM

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

نور القمر 07-13-2020 07:41 PM

جلب راقي وانتقاء مميز
بوركت جهودك المثمرة
ولا حرمنا عطائك
ودي ..


الساعة الآن 07:54 PM

Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع