11-14-2020
|
#4
|


(سنن الترمذي)
فالمعاصي تِلوَ المعاصي والمخالفات والانغماس في الدنيا والتطاول على خلق الله وترك العبادات وترك الذكر، و ينتهي بقلب مغلف:
ï´؟خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)ï´¾
(سورة البقرة)
إنَّ ختمُ حكمي، فإذا امتلأ القلب من حب الدنيا، فليس هناك محل لشيء آخر فيه، إذاً ختم القلب ختماً حُكمياً، فالقبض والضيق والوحشة الناتجة عن المعاصي هذه علاجها الطاعات والتوبة أما القبض الذي ليس له سبب ظاهر لمن يمشي في طريق الإيمان فهذا القبض معالجة إلهية لطيفة، وقد قال العلماء في عدة مصادر " إنه على المؤمن أن يصبر حتى تنجلي هذه الحالة بتقدير الله عز وجل ".
وهناك تعريف لطيف جداً للقابض للقشيري، يقول: " القابض الذي ملك زمام كل شيء "، ومن معاني القابض القدير، فأحياناً أنت لا تستطيع أن تدس الحزن بقلب إنسان إذا كان سعيداً، ولو كلمته لا يبالي بكلامك، لكن ربنا عز وجل قدير ومعنى قدير أنه ملك زمام كل شيء يقبض ويبسط كيف يشاء يقبض العقل فلا يفهم يقول لك ما فهمت.
دخل طالب مغرور على امتحان، وهو صديق لي، فجاء سؤال مؤتمر برلين في التاريخ، قال بقيت ساعة وأنا أفكر أين عقد هذا المؤتمر؟ وهو اسمه مؤتمر برلين عقد في برلين..!، أحياناً يرى الشيء على خلاف ما هو عليه في الامتحانات، فالإنسان إذا اعتزَّ بعقله وتاه بذكائه يرتكب حماقات يترفع عنها الحمقى، ليُرِيَهُ الله عز وجل أنه هو القابض، يقبض عنك الفهم، ويقبض العقل فلا يفهم ويقبض القلب فلا يغنم، تراه يقول: " ضاق قلبي "، هذه المشاعر ليس لها سبب واضح، فالبيت واسع والزوجة ممتازة والأولاد أصحاء والدخل يسير فلا مشكلة، ويقول:
" يضيق قلبي، وأكاد أموت ضيقاً " فتقول له قلبك بيده، القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن، هو الذي يسعدك وهو الذي يقبض عنك كل سعادة. وقد ملك زمام كل شيء، إذْ يقبض العقل فلا يفهم، يقبض القلب فلا يغنم
وهناك قلب كبير، مفعم بالسعادة والرضى وبالإشراق الرباني وقلب متصحر، كالصخر لا يرحم ولا يلين ولا يتأثر ولا يبكي وإن يقبض القلب فلا يغنم ويقبض الصدر فلا يفرح، ويقبض الرزق فلا يمنح، " فيقول أرمي بالطلب يميناً فيرتد شمالاً "، وهذا أحد الشعراء المهجريين ترك لبنان إلى بلاد المهجر إلى أمريكا، فقال:
أغرب خلف الرزق وهو مشرق وأقسم لو شرقت راح يغرب
***
يعني فإذا أراد الله عز وجل ألا يرزقك لو ذهبت إلى أقصى الدنيا لو ذهبت إلى بلاد الغنى وإنك تعيش فيها فقيراً، وقد يرزقك في بلدك في أصعب الظروف، لأنه هو الرزاق، هذا هو الإيمان.
قال: ويقبض الروح فلا تفرح، فيأتي " التشاؤم والسوداوية " ويقبض النفس فلا تمرح، ولا يفرُّ من حكمه وقضائه خلق من خلقه، حكيم في فعله وتقديره، لذلك قال ربنا عزَّ وجل:
ï´؟وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)ï´¾
(سورة الأعراف)
كلمة متين هذه صفة الأجسام التي تتحمل قوى الشد، وأما القساوة فصفة الأجسام التي تتحمل قوى الضغط، فالماس قاسٍ أما الفولاذ المضفور فمتين، ولذلك فبعض الحبال العظيمة تحمل الجسور الكبيرة فالتل فريك مثلاً على أي شيء يُحمل ؟ على حبال من الفولاذ المضفور فالفولاذ المضفور من أمتن المعادن والماس من أقساها، وربنا عزّ وجل وصفَ كيدَهُ بأنه متين، وكأن الله عز وجل شبه كيده بحبل متين لا يمكن أن يُقطع والكافر مربوط به، ولكن هذا الحبل مرخى فالكافر يتوهم أنه طليق، فهو يتحرك ويؤذي ويتكلم ويتبجّح ويتفلسف ويتحدى ويتطاول، ويوقع الأذى بزيد وعبيد وهو يظن أنه يفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير، في لحظة واحدة يشد الله الحبل فإذا هو في قبضته، وهذا الحبل لا يمكن أن يُقطع، وهذا معنى قول الله عز وجل:
ï´؟وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)ï´¾
و معنى القابض يمكن أن يغلق عليك عقلك، وأن يجعل قلبك متصحراً وأن يصيِّر نفسك سوداوية المزاج متشائمة، وهناك حالات كآبة تدفع أصحابها إلى الانتحار، لكن المؤمن بالله عز وجل في منجىً من ذلك
رأي آخر للقشيري، قال " القبض والبسط حالان يهذب الله بهما الذاكرين "، ألم يقل النبي الكريم:
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|