عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-21-2022
Şøķåŕą متواجد حالياً
Egypt     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 8
 اشراقتي ♡ » May 2017
 كُـنتَ هُـنا » منذ 5 دقيقة (12:58 AM)
آبدآعاتي » 11,764,860
 تقييمآتي » 2491558
 حاليآ في » ☆بعالم الحب يا حب ❤️ ☆
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء 😄
تم شكري »  115
شكرت » 182
مَزآجِي  »  1
мч ммѕ ~
MMS ~
 
Q70 على أطراف الشمس



1- ماوراء الأفق :

رغم التبدل الهائل الذي جرى على أبنية المدينة ، وشوارعها واتجاهات السير وكل

مرافقها ، سواء بمساحاتها الشاسعة أو بأحجامها وارتفاعاتها ،إلاّ أن مدخلها الغربي

بطبيعة جغرافيته ، ظل محافظاً على شخصيته أو تكوينه ، كما هو لم تطاله يد الحداثة

أوالعصرنة ، فظل ّ مرتفعا كأنه هضبة ، ينزلق منه طريقاً عريضاً منحدراً بهدوء

وانسياب ،وهو يدخل أجزاء المدينة ، وتتدرج الأبنية على أطرافه بذات السهولة ، فالذي

ينظر إليه أو يكون ذاهباّ أو قاصداً ذلك المرتفع من المدينة ، يبدو له الكتف ملتحماً

بالأفق لامحالة ، وما فيه وما بعده لايرى منه شيئاً أبدا .

و هناك ماوراء الكتف أو الأفق تقبع صالة الشمس للفنون الجميلة ، فلا يرى البناء الذي

يحتويها، إلاّ إذا ارتقينا أعلى الطريق ، من نهاية تلك الأبنية المتناثرة على امتداده نحو

الغرب الممتد من هناك إلى البعيد .

لايعلم أحد لم اختير هذا المكان ليكون صالة الشمس ، وكذلك اختيار اسمها ، إلاّ أن

شدة سطوع الشمس وابيضاضها وهي في أوج تحصنها في كبد السماء ، قد يكون

السبب مثلما يرجح ذلك الذي بقي يحمل بعضاً من ذاكرة ، يقول : ومنذ زمن بعيد أنه

من كان يأتي إلى هنا ، يذوب ويتلاشى ، او تأخذه الشمس معها حين تغرب وتذهب إلى

البعيد إلى ما وراء الأفق .

و من كان يسمع هذا القول يجده غريباً ، فلايصدقه فينساه أو يتناساه ، و ربما كان

البعض منهم يضعه في خانة الأحلام ، لولا أن نوعاً من تلك الحكايا كانت مفزعة

وتفند ذلك ، منها حكايا مثل كوابيس الليل ،تأتي لبعضهم وهم في أوج يقضتهم .

ومثلما أن الصالة تذوب في النهار ، فلا تكاد ترى أبداً من شدة سطوع الشمس ،

و لاتجد أحداً يصل إليها في قارعة النهار إلاّ إذا كان يقصدها لأمرما في شأنه ،

فإن الليل حين يرخي سدوله ، ليغطي كل من يستسلم لظلامه في ذلك المرتفع ، بادئاً

أومنتهياً بهذه الصالة ، فإن الصالة والبناء الذي يحتويها يختفون كذلك في تلابيبه ،

وحتى إنارة أضوائها هي الأخرى ، لاتكاد تقاوم وحشة تكالب الظلام خارجها ،فتخجل

من الظهور علانية حتى لناظرها المباشر ، والأمر بظاهره لايكاد يصدق وما يقال عنها

، خاصة عندما يقابل مديرها الفنان التشكيلي الأستاذ نادرأي من الزائرين أو الروّاد ،

فهاهو يعمل فيها منذ سنوات ولم يذوب ، أو تاخذه الشمس إلى البعيد ، مثلما يشاع عن

هذا المكان ، شاهدا عليها صباح مساء . وكذلك من كان يقصدها هم عادة روادها الذين

يتوافدون إليها ، لتداول الآراء والتحليلات ، حول مايعرض أحدهم أوبعضهم من

لوحات فنية برسومات كل منها يعبّر صاحبها بما تكتنز نفسه من تأويلات وأفكار

وفلسفات ، يظل الزائر العادي في معزل وغربة مما يرى ويسمع .

2- لوحة الدمعة الحزينة :
يعلّق أحدهم على ما كان يسمعه من تفسيرلصاحب لوحة من الفن السيريالي

متسائلاً:

أين المسافة التي يتحدث عنها مابين حلم الفنان ، وواقعه الذي ينفر ويتأفف منه ؟

..لاأجدها مجسدة أو واضحة ، ولو في خط أوأي لون ! بل كأنه يتحدث عن وهم أو خيال

قابع في ذهنه الهلامي ! .

لم لا وهؤلاء الرواد يتبادلون هز الرؤس والإبتسامات وأحياناً الضحكات العالية

بالتوافق على مايسمع بعضهم من بعض ، ولكن عندما يشتد التركيز بالجدال عما يصل

إلى أسماعهم ،من ازدياد مضطرد في عدد الجولات التي يكسبها جفاء وقسوة الواقع

يوماً بعد يوم ، وبمقابلها انهزام محاولات أحلامهم ورؤآهم ، فيلاحظ فيهم التقهقر ، بل

يتعدى ذلك التقهقرإلى نقصان عددهم فيما بعد وتقلص جمعهم في الحضور ، وكذلك في

فتور حماستهم ، واندفاعهم مما بجعل قيمة ما تكوّن اللوحة المرسومة في آرائهم

وأذهانهم ، هي الأمثل في اجتياز أي صعوبة في أي من تكوينات اجتماعيتهم ! .

يعود مدير الصالةالأستاذ نادر ليعلق ، وكان الأبرز دائماً من بين كل الرواد بإصراره

على الإمساك برأس أي خيط ،يرى فيه شدّ انتباه ، كتلك الحوارات التي تمارس فيما
بينهم ،في تحليل رسوم اللوحات ، من أجل تعرية الواقع كما يقولون ، وإظهارترديه

المخيف اليومي ، باستمرار التدميرالمتعمد في كل مرافق الحيا ة :

- أين لوحة الدمعة الحزينة ؟... يسأله زائرغريب !

يجيب الأستاذ نادر :

- لست أدري ! من صاحبها ؟

- هو ذاته الذي أطلق أسم صالة الشمس !

- ومن يكون ؟
- لا أعرفه مطلقاً ، ولكن لا بد من أن أحداً ما وراء هذا الإسم !

ويقول ذاك الذي عنده بقية من ذاكرة ،وهو الغريب كذلك بينهم : لو أردت أن

أفسرمعنى اسم هذه الصالة ، لألفيت ذاتي متململاً من ثقل المعاني ، ذلك لأني

لو استعنت بما يتداول في التاريخ كأمثلة لأصبح هو الآخرعبئاً ثقيلاً ، فيعود إليّ

التأكيد مرة أخرى ، أن هذه الصالة تفتقر للوحة الدمعة الحزينة !

3- بقايا من الزمن الهارب :

أخذت الأيام بالتسارع ، حتى أصبحت بضع سنين مضت هاربة مسرعة، و أعداد

الروّاد آخذة بالتناقص المضطرد ، ومعها خبتت تلك الضجة والأصوات ، وكذلك

الحماسة في الآراء والتحليل ،ولم يبالغ بعضهم في صريح اندهاشهم وتعجبهم ، أن

أنوار مصابيح الصالة ، هي الأخرى قد اعتراها الفتور وخبتت إضاءتها ، وكأن ظلام

الليل خارجها ، أخذت تلابيبه تزحف إلى داخلها ، وفي مقابلها علت همهمات ممن

لازال متجلداً مقاوماً ما كان يسمعه ، وبمقدمتهم مدير الصالة ، فبلغت جولات

إنتصارواقع الحرب في البلاد ذروتها، ووصلت متفاخرة إلى قلبها ، وقد أختفى على

أثرها أوغاب أو ( ذاب )عدداً منهم ، فما كان من بقي متشبثاً وهم قلة ، إلاّ أن أظهروا

محاولتهم المستميتة ، فعبروا عنها برسم عدة لوحات لبيوت مدمرة ، وأجساد أطفال

مشوّهة ، وأجساد رجال معذبة حتى الموت ، ولوحة واحدة لصاروخ حربي ذكي

حديث لم ينفجر! ، وقالوا أن هذه الأعمال الفنية ، تنتمي بأساليب رسمها لعدة مدارس

فنية تقليدية ، نعرضها في الصالة تحت مسمّى (حوار السلام ) !!

لكن كوابيس الحكايا القديمة التي خزنتها الذاكرة وغشّاها النسيان ، بقيت تلقي بحبالها

وظلّت تتلوى وتسحر العيون ، إلاّ أن التحمت شدة أشعة الشمس ، مع طغيان النسيان

وفقد الذاكرة في ساعة كابوس عات ،غلب فيه الواقع كل ما رسم في لوحات صالة

الشمس المستميتة . وكأنّ وقائع هذا المكان الآن (مكان موقع الصالة ) ظلّت تكمّل دوراً

ما ، منذ ذلك الزمن الهارب الذي لازال تأثيره يتراءى من وراء الأفق .

ولا أحد يستطيع أن يحصر في تفكيره ، كيف يصل كل هذا الجمع الغفير من الناس ،

من رجال ونساء وشيوخ وشباب وأطفال ، يفدون من كل مكان ، من المدينة والبلدات

المجاورة والقرى والأرياف ، يتجمعون شيئاً فشيئاً ، في مشهد عظيم حزين وكئيب ،

تحت أشعة الشمس اللاهبة ، في قيض شديد الحرارة ، وإذا كان الشتاء فالبرد

والزمهرير ،صنوان ذلك ، لايوجد في هذا المكان كسرة ظل ، ولاحتى ظل حجرة أو

شجرة أوظل جدار .

في هذا المكان المنبسط الواسع الممتد إلى الأفق اللانهائي ،والذي تقبع فيه الآن صالة

الشمس ، كان هنا بناء قديم يقال له ( القشلة) ، يحتوي على غرفة يقال لها ( القاووش )

، كانت عالية وطويلة وجدرانها متصدعة ذات سقف من القرميد ، يحيط بها بقايا سور

مهدم ، يضم فناء كبيراً يقال له (حوش)، وفيه ينحشر كل هذا الحشد الغفير الهائل من

الشباب ، يعيشون في يوم كابوس ثقيل ،إنهم مساقون إجبارياًجنوداً إلى (السفر برلك) !.

تطلّ الحافلات البدائية وسيارات الشحن العسكرية المهلهلة ،وهي تترنح على الطريق

الترابي، آتية من الغرب البعيد ، ومع وصولها يعلو صراخ الناس والبكاء والعويل ،

من كل هؤلاء الذين جاء كل منهم يودع ولده الشاب الوداع الأخير ، وفي آخر النهار

تعود محملة بحمولتها الثقيلة الغالية ، من ذات الطريق وتظل تبتعد وتبتعد حتى تصبح

نقطة سوداء ، ثم لاتلبث أن تذوب وتتلاشى مع الأفق المتوهج الأحمر، فيزيد البكاء

والنحيب أكثر وأكثر ، على فلذة كبد أخذته الشمس معها ، وربما كما علق في الذاكرة ،

أن أغلبهم سيغيب ولن يعود لدياره أبداً ! .

في هذا المكان من كتف المدينة ، تكاملت كل الأحداث في الأدوار ، وصالة الشمس

للفنون الجميلة ، قد أكملت دور تلك القشلة بإسمها الجديد الغريب، وقد ودّعت مديرها

الجلد الأستاذ نادرآخرمتشبثيها ، مهاجراً إلى البعيد فيما وراء الأفق ، لم يستطع انجاز

لوحة الدمعة الحزينة ، وقد حمل الأمل بانتصار الحوار بجولة جديدة ،هناك على

أطراف الشمس ..!

............................ نهاية



 توقيع : Şøķåŕą

مواضيع : Şøķåŕą


رد مع اقتباس