يقول حذيفة اليمانيّ: « في حرب الخندق أخذ الخوف والجوع والتّعب منّا كلّ مأخذ ورأينا من الأهوال ما يعلمه الله تعالى. في هذه الأثناء وقع خلاف في معسكر الأعداء بين المشركين واليهود فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « من يذهب إلى معسكر الأعداء ويأتنا بخبرهم، وأنا أضمن له أن يكون معي في الجنّة ».
يقول حذيفة: فوالله لم ينهض أحد من القوم من شدّة الخوف والجوع والتّعب، فلمّا رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك، قال لي: يا حذيفة! إذهب إلى معسكر المشركين وأتنا بالخبر، لكن إيّاك أن تقوم بأيّ عمل حتّى ترجع إلينا، ثمّ إنّي نهضت وتوجّهت نحو مخيّم العدوّ، وفي هذه الحال هبَّت عاصفة مجلجلة وعظيمة، بحيث قلعت الخيام ونشرت الأواني وبعثرت مشاعل النّار وأطفأت قسمًا منها.
عندما اقتربت من معسكرهم سمعت أبا سفيان يقول: يا قريش كلّ واحد منكم ينضمّ إلى جماعته الّذين يعرفهم، لا يندسّنّ غريبٌ بينكم، يقول حذيفة عند ذلك: دخلت في جماعة وسألت أحدهم عن اسمه، فقال: أنا فلان، فقلت: ونعم النّسب، ولكن أحد لم يسأل عن اسمي.
بعد قليل سمعت أبا سفيان يصرخ ويقول: قسمًا بالرّب لا يمكن البقاء هنا، فقد أضعنا الخيول والإبل، وهؤلاء يهود بني قريضة نكثوا عهدهم وخانونا ولم تُبْقِ العاصفة لنا شيئًا ثمّ تقدّم من جواده، وكان موثوق الأرجل، فحلّها ونسي رِجْلاً موثوقة فوقف الحصان على ثلاثة أرجل، لذلك سار وهو مضطرب مختلّ التّوازن.
يقول حذيفة اليمانيّ، في هذه اللّحظات وضعت سهمًا في قوس وصوّبته نحو أبي سفيان أريد قتله لكنّي تذكّرت وصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين قال لي لا تُقْدِم على عمل حتّى ترجع إلينا، فانصرفت عن قتله. ثمّ توجّهت عائدًا إلى الرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأخبرته بالقصّة، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « اللّهمّ أنت منزّل الكتاب، سريع الحساب، أهزم الأحزاب، اللّهمّ اهزمهم وزلزلهم »