وله ما في السموات والأرض وله الدين : الآية رقم 52 من سورة النحل
تفسير الوسيط: تفسير الآية
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على كمال قدرته، ونفاذ إرادته، فقال- تعالى-: وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلَهُ الدِّينُ واصِباً .
.
.
والمراد بالدين هنا: الطاعة والخضوع بامتثال أمره واجتناب نهيه، وقد أتى الدين بمعنى الطاعة في كثير من كلام العرب، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم في معلقته:وأياما لنا غرا كراما .
.
.
عصينا الملك فيها أن نديناأى: عصيناه وامتنعنا عن طاعته وعن الخضوع له.
قوله «واصبا» من الوصوب بمعنى الدوام والثبات، يقال: وصب الشيء يصب- بكسر الصاد- وصوبا، إذا دام وثبت.
ومنه قوله- تعالى- دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أى: دائم.
أى: ولله- تعالى- وحده ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا، لا شريك له في ذلك، ولا منازع له في أمره أو نهيه.
.
وله- أيضا- الطاعة الدائمة، والخضوع الباقي الثابت الذي لا يحول ولا يزول.
والآية الكريمة معطوفة على قوله «إنما هو إله واحد» .
والاستفهام في قوله «أفغير الله تتقون» للإنكار والتعجيب، والفاء للتعقيب، وهي معطوفة على محذوف، والتقدير، أفبعد أن علمتم أن الله- تعالى- له ما في السموات والأرض، وله الطاعة الدائمة.
.
تتقون غيره، أو ترهبون سواه؟إن من يفعل ذلك لا يكون من جملة العقلاء، وإنما يكون من الضالين الجاهلين.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون قوله تعالى : وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا الدين : الطاعة والإخلاص .
وواصبا معناه دائما ; قاله الفراء ، حكاه الجوهري .
وصب الشيء يصب وصوبا ، أي دام .
ووصب الرجل على الأمر إذا واظب عليه .
والمعنى : طاعة الله واجبة أبدا .
وممن قال واصبا دائما : الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك .
ومنه قوله - تعالى - : ولهم عذاب واصب أي دائم .
وقال الدؤلي :لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه بذم يكون الدهر أجمع واصباأنشد الغزنوي والثعلبي وغيرهما :ما أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصباوقيل : الوصب التعب والإعياء ; أي تجب طاعة الله وإن تعب العبد فيها .
ومنه قول الشاعر :لا يمسك الساق من أين ولا وصب ولا يعض على شرسوفه الصفروقال ابن عباس : واصبا واجبا .
الفراء والكلبي : خالصا .
أفغير الله تتقون أي لا ينبغي أن تتقوا غير الله .
فغير نصب ب تتقون .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|