1 // المدرسة اللاشعورية ( التحليل النفسي ) :
علم النفس من حيث هو دراسة الانسان كفرد يزخر بجملة من الميول والعواطف يمكن تقسيمه إلى ثلاث مدارس أو نزعات أو تيارات :
1 – المدرسة السلوكية ( سيكولوجية السلوك )
2 – المدرسة الشعورية ( علم النفس الاستبطاني )
3 – المدرسة اللاشعورية ( التحليل النفسي )
سنتكلم هنا عن المدرسة اللاشعورية :
* أبرز روادها : سيغموند فرويد
* تعريفها : يفترض فرويد أن هنالك جملة من الدوافع والميول والرغائب تزخر بها حياتنا النفسية، بعضها يصادف في طريقه حواجز وعوامل تحول بينه وبين التحقق والارواء.
أين تذهب هذه الميول والرغائب التي حيل بينها وبين التحقق هل تموت وتفنى ؟
كلا يجيب فرويد انها تكبت وتنزوي في منطقة غنية من حياتنا هي ما نسميه اللاشعور. وهذه المنطق هي أكثر منطقة فاعلة في حياتنا النفسية .
– من اين حصل لنا الوعي بهذه المنطقة ؟
يجيب فرويد أن أهم عامل لمعرفة هذه المنطقة تتجلى في فلتات اللسان و الأحلام التي تمردت على الرقاب العقلية لتكشف لنا رغباتنا التي كنا نحاول اخفائها وكبتها ولكنها فضحت نفسها رغم حرصنا وعنايتنا على اخفائها ..
– كيف يمكن الفصل بين الشعور و اللاشعور عند فرويد ؟
الشعور اذن هو هذا الجزء من حياتي الذي أبذل جهدا شاقا في جعله مطابقا للواقع الاجتماعي والعقلي الذي أحيا به مع الأخرين ..
واللاشعور هو ذاك الجزء أو المعتقل الذي أحبس فيه رغبات وميولا اعتبر أن تحريرها قد يسيء الى الكيان الذي أريد أرى فيه نفسي ويراني فيه الناس.
وعلى هذا النحو يميز فرويد ثلاث مناطق في النفس الانسانية :
1 – منطقة الـ ( هو ) :
وهي منطقة كثيفة ضبابية تتضمن كل دوافعنا وغرائزنا التي ورثناها عن الأجداد والتي كبت تحت تأثير فعل الحضارة وتقدم الانسان، وكلها متمركزة حول نزعة أساسية يسميها فرويد ” ليبيدو ” أو نزعة الجنس وهو يمثل قوة الحياة و اندفاعتها الأولى اذ كل همها اجتناء اللذة و اجتناب الألم. وما علينا إلا أن نلاحظ اندفاعات الوليد الأولى نحو اللذة، فهي تمثل حرارة الليبيدو حيث ما يزال يتلمس ويتحسس الدفء الذي كان ينم به في أحشاء أمه ويروي نزعة ” الليبيدو ” عنده ارواء كاملا.
2 – منطقة الأنا و الذات :
وتمثل هذه المنطقة سلطة الشعور : الجانب الذي يلامس الواقع من شخصيتنا وهو يتكون من جملة الأفعال الارادية ومن بعض الرغائب اللاشعورية التي افصحت عن نفسها وتلاءمت مع الواقع بصورة من الصور.
ان محتويات اللاشعور تموج بالحركة والغليان فهي تنزع الى التحقق دوما وترغب في الظهور على ساحة الشعور لتروي ظمأها في اللذة، ولما كان القسم الأكبر من اللاشعور يتألف من ميول كبتت خلال العصور، وميول كبت خلال عهد الطفولة، وكانت هذه الميول لا تتميز بوضوح وشفافية، فإن محنة الشعور تغدو شديدة. اذ عليه أن يراقب دوما هذه العفاريت الوحشية التي تحاول أن تتسلل اليه بطرق غير مشروعة لا يرضى عنها
لنا أن نتساءل لماذا يعيش الشعور أو ” الأنا ” في حالة حذر ويقظة دائمة ؟ ما ضره لو سمح لرغائب الشعور أن تعبر اليه، وبأية مقاييس يفرج عن بعض الرغائب ويحتفظ بالبعض في الأسر و الاعتقال ؟
3 – منطقة الأنا الأعلى : هذا الجانب من حياتنا النفسية و الذي يسمى الأنا العلوي يمثل سلطة المجتمع والدين والأخلاق وغيرها من المبادئ التي تنظم علائق الناس وتحكم سلوكهم. فالطفل ما أن ينشأ حتى يبدأ المجتمع متمثلا في الأب و الأم و المربي يلقنه العادات و الأعراف والتقاليد، أي جملة القوالب التي ينبغي أن يصب سلوكه فيها، انها سلسلة من الأوامر والنواهي تلقيناها جميعا ودرجنا عليها هي مرجعنا الأول والأخير منه نستوحي ما ينبغي وما لا ينبغي، ما يجوز أن يبدو على مساحة الشعور وما لا يجوز. وقد عمل الزمن الطويل على ترسيخ هذه المبادئ والقيم في نفوسنا حتى أصبحنا لا نعي أنها تمثل سلطة خارجية بل نشعر أنها انبعثت من صميم كياننا النفسي.
وليس من الضروري أن تكون هذه القيم واضحة ماثلة، فهي تعمل عملها أيضا بشكل خفي تمارس ضغطها من الداخل بحكم التحامها الوثيق بنسيج حياتنا النفسي.
– الانسان في نظر فرويد :
الانسان السوي في نظر فرويد هو الانسان الذي استطاع أن يقيم توازنا بين متطلبات الانا العلوي وميول واندفاعات اللاشعور، أما الانسان المنحرف والمريض فهو الذي اختل بنيانه النفسي حيث طغت نوازع اللاشعور وافلتت من كل رقابة عقلية أو اجتماعية وتجلت بشكل سافر ومفضوح.
وتعد آلية التسامي آلية مهمة عند فرويد لتحويل طاقة المكبوتات إلى طاقة خلاقة مبدعة و يمكن أيضا تصريف هذه الغريزة من خلال الرياضة و نشاطات ذهنية ..