ولدي..تفاءل من فضلك!

ولدي..تفاءل من فضلك!
سحر يسري



كانت الأم منهمكة في الإعداد لرحلة الغد التي تتوجه فيها الأسرة إلى الإسكندرية لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في نزهة جميلة.. وأثناء ذلك لفت انتباهها علامات الضيق وعدم الارتياح تبدو على وجه ابنها "مازن" ذو الخمسة أعوام، فبادرته بالسؤال:
الأم: مابك يا مازن؟ ألست سعيداً بنزهة الغد؟
مازن: لا يا أمي.. بل خائف!
الأم: وممّ تخاف؟
مازن: أشعر أن حادثاً سيقع لسيارتنا ونموت جميعاً!
كان من الصعب جداً على الأم أن تسمع مثل هذه الكلمات التي تحمل توقعات غير سارة، ولأن هذه التعليقات كانت تتكرر من "مازن" أدركت الأم أنها تنم عن بوادر شخصية متشائمة، فبدأت تبحث عن الأسباب والعلاج لحالة الطفل ذا النظرة التشاؤمية.




أعزائي المربين..
بداية نود أن نقرر أن خوف الطفل من فقدان أحد أفراد أسرته خصوصاً الوالدين يعتبر أمر طبيعي يتكرر في ذهن الأطفال جميعاً؛ وذلك لأن الأسرة تمثل للطفل الحصن الآمن الذي يركن إليه، وينزعج بشدة إذا ورد عليه خاطر فقدان أحد أفرادها.
أما إذا كان الغالب على الطفل هو توقع الفشل وحدوث الكوارث، والخوف منها، وتكررت منه هذه المواقف وتلك التعليقات المتشائمة؛ فإن الأمر يحتاج إلى وقفة وإعادة نظر في بيئة الطفل ومدى عمق التربية الإيمانية التي يتلقاها، وما هي درجة الإيجابية والتفاؤل التي يتمتع بها الأفراد الذين يعيشون معه.. !




ولنبدأ منذ الآن تطبيق خطوات عملية لتربية طفل متفائل...
ماذا يعني التفاؤل؟
إنّ التفاؤل يفوق مجرد التفكير الإيجابي، ويعرّف بأنه: " إنه عبارة عن ميل أو نزوع نحو النظر إلى الجانب الأفضل للأحداث أو الأحوال، وتوقع أفضل النتائج".
وطبقاً لما أورده عالم النفس "مارتن" مؤلف كتاب "الطفل المتفائل"، فإن التفاؤل ليس مجرد صورة ذاتية جذابة، وإنما يمكن أن يكون التفاؤل نوعاً من الحصانة النفسية ضد مجموعة من مشكلات الحياة..
ويكمن الفرق الكبير بين الأفكار التفاؤلية والتشاؤمية في الطريقة التي يفسر بها كل من المتفائلين والمتشائمين أسباب ما تأتي به الأحداث من خير أو شر.. ويعتقد المتفائلون أن الأحداث الإيجابية السعيدة تفسر بالأشياء الدائمة الحدوث والانتشار؛ ولذا يأخذ المتفائلون على عاتقهم مسئولية إحداث الأشياء الطيبة، وفي حالة حدوث شيء سيء فإنهم يرون أنه مؤقت ومتعلق بموقف ما.




أهمية تربية الأبناء على التفاؤل:
لأن التفاؤل خلق هام لكل ناجح.. ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وبه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات.
كما أنه يمثل الوقاية للنفس من الهم والكآبة، فقد أشار "سليجمان" إلى أن أكثر من ألف دراسة أجريت على نصف مليون طفل وشاب، أظهرت أن المتفائلين من الناس أقل عرضة للكآبة، وأكثر ميلاً للنجاح في الدراسة والأعمال، بل وأفضل صحة من الناحية الجسمانية بشكل مذهل عما هو الحال عليه بالنسبة للمتشائمين.
كما أثبتت العديد من الأبحاث أن الإنسان المتفائل يكون شعوره بالضغوط أقل، ويكون أكثر نجاحا، ويتمتع الإنسان المتفائل أيضا بصحة جيدة بخلاف الشخص المتشائم.. !




عزيزي المربي..
عندما يبدأ طفلك في تعلم كيف يكون متفائلا فإنه سيكون أكثر نجاحاً، وحتى إن ولد الطفل بلا نزعة تفاؤلية فبالإمكان أن يكتسبها باعتبار التفاؤل أحد مهارات الذكاء العاطفي.
وإليك بعض النصائح والأفكار التي تساعدك على تربية طفل متفائل:
- العناية بالتربية الإيمانية
إن تركيز الوالدين في تعميق أصول الإيمان بالله - تعالى -في نفس الولد، وخصوصاً عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، يجعله يشعر بالاطمئنان والثقة في أن الله - تعالى -لا يريد للمؤمن إلا الخير حتى لو كان مؤلماً فإنه مأجور عليه؛ فترتاح نفسه ولا تسيطر عليه المخاوف والوساوس حول المستقبل، لعلمه بأن الله - تعالى- حكيم عليم لا يصدر عنه شيء إلا بمقتضى الحكمة والعلم، وبذلك ينجو من المخاوف والقلق، ويكون صبره على المصائب التي قد تقع للأسرة أكبر وأقوى.
ولقد أشار بعض علماء النفس إلى أن الإيمان يزيد من شعور الإنسان بالأمن ويزيد من قدرته على التحمل والصبر عند النوازل والمصائب، وأن معظم حالات المرض النفسي ترجع على فقدان الثقة في الله - تعالى -.. ! (د. عدنان حسن باحارث: مسئولية الأب المسلم في تربية الولد، ص: 140).
إضافة إلى تعليم الطفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن التشاؤم وأمرنا بالتفاؤل، عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل)) يعني الكلمة الحسنة، والطيرة هي التشاؤم [متفق عليه].




- إعطاء الطفل قدوة حسنة في التفاؤل:
ففي الغالب يتعلم الطفل التشاؤم ممن حوله، ولا يولد متشائماً، فعندما يتربى الطفل في بيئة يغلب عليها التشاؤم فيكتسبه من الأفراد الذين يعيشون معه في بيئته، وهنا لابد أن ينتهي المربي عن هذا الخلق أولاً مقتدياً في ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بعثه الله - تعالى- بشيراً ونذيراً، إذ كان - صلى الله عليه وسلم - في أصعب الظروف والأحوال يبشر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ومنها تفاؤله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الغار مع صاحبه، والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: (( كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما)) [متفق عليه].




- إذا كانت الأسرة تمر بظرف متوتر، والصغار يشعرون بذلك فعليك أن تتحدث دائما أمام طفلك عن توقعاتك الإيجابية، وثقتك الكبيرة في الله - تعالى-، وليشاهدك أبناؤك حال الدعاء والتضرع.. إنك بذلك تغرس في نفوسهم أعظم عبادات القلوب وسرّ التفاؤل الأكبر عند المؤمنين إنه التوكل على الله - تعالى -، ولتردد دائماً على أسماعهم قول الله - تعالى-: ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [التحريم: 3]، وفي الشدائد تردد أمامهم صابراً مبتسماً قول الله - تعالى-: ( فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسراً) [الشرح: 6ـ5] مؤكداً لهم أن الأفضل هو ما سيحدث حتى ولو كانت الأمور على غير ما يرام.
- اسمح لطفلك بأن يقوم ببعض الأمور وينجز بعض الأعمال بنفسه، مثل تنظيم غرفته وألعابه، أو إنجاز رسم أو تلوين، بينما تقوم أنت بتدعيمه لفظياً، وبعد ذلك تعترف بنجاحه وتهنئه على ذلك.. أو تشكره على مجهوده حتى يشعر الطفل بقيمة ما فعل، مما يبث في نفسه التفاؤل والظن الحسن في قدرته على النجاح.
- ربِّ طفلك على حسن استغلال الفرص، المتفاءل كثيرا ما ينظر إلى الفرص الصغيرة السانحة التي يراها غيره من التوافه على أنها منح يجب استغلالها، يقول وليام ارثورد: (إنّ أبواب الفرص تفتح أمام المتفاءل).




- تشجيع الطفل وبث الأمل في نفسح خصوصاً في مواقف التعلم ومحاولات الوصول للأهداف، ويتأكد ذلك إذا كان الطفل ضعيفاً في قدراته الحركية أو الدراسية، أو به عيب خَلقي، فقد يكون الإحساس بالنقص المتولد من أحد هذه الأمور هو سبب النظرة التشاؤمية لدى الطفل.
- عندما يحقق طفلك نجاحا ما فعليك أن تجعله يركز على عوامل نجاحه مع إخباره أنها نقاط قوة بالنسبة له، وفي حالة واجه طفلك فشلا أو موقفا سلبيا فعليك أن تعترف بإدراكك لمشاعره، ثم تشرح له المشكلات التي أدت للفشل بكلمات ومصطلحات واقعية تبين فيها أن السبب محدد وقابل للتغيير، وذلك حتى يتعلم كيف يكون واقعياً في أسلوب تفكيره. (د. توفيق الواعي: الإبداع في تربية الأبناء، ص: 114).
- كن رقيباً على البرامج وأفلام الكارتون التي يشاهدها طفلك، إذ أن الكثير من أفلام الكارتون والألعاب الالكترونية تروّج لأفكار ومصطلحات متشائمة، مثل (الدمار قُوى الشر- سوف ندمر العالم) فقد تسيطر عليه واحدة من تلك الأفكار المتشائمة؛ فيظل متوقعا لحدوث أمر سيء في المستقبل.




- تكلم مع أبنائك عن التفاؤل، وبين لهم فوائد هذا الخلق وأهميته، فالتفاؤل يعني
حسن الظن بالله، والاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفيه تقوية للعزائم ومعونة على الظفر وباعث على الجد، لأنه يقوي إرادة الشخص لتحقيق أهدافه وغاياته؛ فيجلب السعادة إلى النفس والروح. (موسى بن راشد البهدل: الفنون العشرة، بتصرف).
وأخيراً عزيزي المربي
إذا كنت إنسان تحسن التوكل على الله - تعالى -فإنك ولابد ستكون معلماً للتفاؤل لكل من حولك وليس لطفلك فقط، وسيكبر طفلك ليصبح شخصا متفائلا في حياته وتفكيره.

سلمت.. أنــآآملكـ..ع..الطرح..الرائع
دامت..صفحاتكـ..بهذا..الرُقي
بانتظــآآر.. قـآآدمِكـ.. الأجمل
كــــــل ..الـــوود..بعبق. الورد

يعطيك العافيه علي الطرح
بإنتظآر جديدك وعذب أطروحآتك

مُزْنٌ يَهْطُل وشَلآلٌ يَتَدَفَقْ
بَطِرُوحَآتِكْ الْرَآئِعَةْ الْجَمِيلَةَ
بِإخْتِيَآرْ يَفُوقْ الْوَصْفْ والْتَعْبِيِرْ
فَإلَى الأَمَآمْ بِإنْتِظآرِ جَدِيِدِكْ بِشَوقْ
وفَقِكْ الْلَه تَعَآلَى

سلم ذوقكـ على حسن الانتـــــــقاااء
بـ إنتظآر جديدك

وعذب أطرٌوحآتك

ربي يسعدك

سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دام لنا روعه مواضيعك
لك خالص احترامي